(بيروت) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن المملكة العربية السعودية عاقبت سبعة من منتقدي الحكومة بالسجن في 24 يونيو/حزيران 2013 على مزاعم تفيد بأنهم حرضوا على التظاهر والمساس بالنظام العام باستخدام موقع "فيسبوك". حكمت محكمة الجزائية المتخصصة على السبعة، وكلهم من المنطقة الشرقية بالمملكة، بأحكام سجن تتراوح بين 5 و10 سنوات والمنع من السفر إلى الخارج لمدد إضافية.
على كاثرين آشتون، الممثلة السامية للاتحاد الأوروبي، وممثلي دوله الأعضاء الذين يجتمعون في 30 يونيو/حزيران في البحرين مع نظرائهم من دول الخليج، أن يدينوا أحكام الإدانة، بحسب هيومن رايتس ووتش.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يبعث الزج بالناس في السجون بسبب تعليقات سلمية على موقع ’فيسبوك‘ برسالة قوية مفادها أنه لا يوجد سبيل آمن للتعبير الحر في السعودية، حتى على مواقع التواصل الاجتماعي. إذا لم يثر الاتحاد الأوروبي هذه القضايا مع المسؤولين السعوديين في العطلة الأسبوعية القادمة فإن صمته سيوحي بالتواطؤ الخانع مع دولة سلطوية تنتهك الحقوق".
اعتقلت السلطات السعودية الرجال السبعة بين 23 و26 سبتمبر/أيلول 2011، ثم احتجزتهم بسجن المباحث العامة في الدمام لمدة سنة ونصف قبل توجيه الاتهام إليهم ومحاكمتهم في 29 أبريل/نيسان. حوكم السبعة أمام محكمة الجزائية المتخصصة التي أنشئت في 2008 للتعامل مع القضايا المتعلقة بالإرهاب. لم تتهم السلطات الرجال السبعة بالمشاركة المباشرة في المظاهرات، وأخفقت المحكمة في التحقيق في مزاعمهم بأن ضباط المخابرات أجبروهم على توقيع الاعترافات بالتعذيب.
دعت هيومن رايتس ووتش مراراً إلى إلغاء تلك المحكمة بسبب افتقارها إلى الاستقلال وإجراءاتها غير العادلة.
في حكم المحكمة، الذي حصلت عليه هيومن رايتس ووتش، تباينت التهم الموجهة إلى الرجال السبعة، لكن المحكمة أدانتهم جميعاً بتهمة الانضمام إلى صفحات على موقع "فيسبوك" "المحرضة على التظاهر والتجمهر والخروج على ولي الأمر" و"التأييد لتلك الدعوات وتشجيعها والتواصل مع أتباعها [تلك الصفحات على الموقع] والتستر عليهم". أدين السبعة أيضاً بمخالفة المادة 6 من نظام مكافحة الجرائم المعلوماتية التي تحظر إنتاج أو إرسال أو تخزين أية مواد على الشبكة المعلوماتية "ما من شأنه المساس بالنظام العام".
فرضت المحكمة أقسى عقوبة ـ وهي السجن لمدة 10 سنوات ـ على عبد الحميد العامر. اتهمه الادعاء بإنشاء مجموعتين على موقع "فيسبوك"، يُزعم أنه قام من خلالهما بـ"تجنيد الآخرين للانضمام إلى التحركات" و"أعطاهم الأفكار والتوجيه حول المواقع الهامة للتظاهر، وحدد مواقيت [المظاهرات]".
لم يرد في لائحة الاتهام أن أحداً من الرجال السبعة استخدم العنف أو نادى به، كما أكد رئيس المحكمة في حكمه حين قال، "إن الخروج على ولي الأمر يكون بالسلاح، ويكون بالتظاهر والمسيرات ونشر المقالات والمطبوعات... وسلوك السبيل الثاني... أحياناً ما يكون الأخطر والأخبث".
نشأت مجموعات "فيسبوك" التي استشهد بها الادعاء، والتي تشمل "حركة شباب 4 مارس الأحسائية"و"أحرار الأحساء"، في مطلع 2011 بعد اعتقال السلطات للشيخ الشيعي البارز والزعيم الديني في منطقة الأحساء بالمنطقة الشرقية توفيق العامر، الذي طالب علناً بملكية دستورية. استفزاعتقاله احتجاجات واسعة النطاق واعتقلت السلطات عشرات من مؤيديه في الأحساء في مارس/آذار 2011. حكمت نفس المحكمة على الشيح بالسجن لمدة 4 سنوات في أبريل/نيسان 2013 ومنعته من الكتابة والخطابة العلنية.
اعترف الرجال السبعة جميعاً بالمشاركة في صفحات "الفيسبوك" تأييداً للعامر، لكنهم قالوا للمحكمة إنهم لم يكونوا يعرفون بأنها جريمة، كما أنكروا أية نية للخروج على ولي الأمر أو المساس بالنظام العام.
إلا أن الادعاء قدم اعترافات وقع عليها كل من الرجال السبعة أثناء الاحتجاز على ذمة المحاكمة، وقبلتها المحكمة كأدلة ثبوتية رغم أن عدداً من المتهمين قالوا إن ضباط المخابرات أرغموهم على التوقيع على الاعترافات بالتعذيب. أسقط رئيس المحكمة ادعاءات التعذيب كلية، واصفاً مزاعم المتهمين بأنها "غير مقبولة" خاصةً بسبب "عجزهم عن إثبات ما أدعوا به من الإكراه والتعذيب".
قال جو ستورك: "إن إسقاط القاضي لمزاعم المتهمين بالتعرض للتعذيب يظهر مدى انصراف اهتمامه عن التوصل إلى الحقيقة. ما كان ينبغي توصيف أفعال هؤلاء الرجال كجرائم من الأساس، فقد كانت النتيجة مقررة منذ اليوم الأول".
قال شخص من أقارب أحد الرجال السبعة لـ هيومن رايتس ووتش إن أحداً منهم لم يكن معه المال الكافي لتوكيل محام. وقانون الإجراءات الجنائية السعودي لا يمنح المتهمين حق التمثيل القانوني، ولا يوجد به نص لتوكيل محام عام لمن يعجز عن تحمل أتعاب محام. قال أقارب السبعة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم ينوون استئناف الحكم بإدانتهم. وإذا لم يربحوا الاستئناف فإن المدة التي قضوها في السجن ستخصم من عقوباتهم، كما ينص حكم المحكمة.
تخلو المملكة العربية السعودية من قانون عقوبات مكتوب، ويتمتع ممثلو الادعاء والقضاة بسلطة تقديرية في تجريم الأفعال بناءً على تفسيرهم الخاص للشريعة الإسلامية. ويمثل غياب قانون جنائي واضح ويمكن التنبؤ به انتهاكاً للمبادئ الدولية لحقوق الإنسان، كتلك التي تحظر الاعتقال التعسفي وتضمن عدالة المحاكمات. وتقرر المادة 15 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدقت عليه السعودية في 2009، أنه "لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص تشريعي سابق، ويطبق في جميع الأحوال القانون الأصلح للمتهم". كما أن المعايير الدولية لحقوق الإنسان تحظر تجريم التعبير السلمي.
وتكفل المادة 32 من الميثاق العربي الحق في حرية الرأي والتعبير، ونقل الأخبار إلى الغير بأية وسيلة.
تأتي إدانة الرجال السبعة وسط سلسلة من الإدانات للمعارضين السلميين ونشطاء حقوق الإنسان في يونيو/حزيران. حكمت نفس المحكمة على ناشط حقوقي، هو مخلف الشمري، بالسجن لمدة 5 سنوات في 17 يونيو/حزيران لـ"إثارة الفتنة" وحشد من التهم الأخرى النابعة من نشاطه السلمي. وقبل يومين كانت محكمة في الخبر قد حكمت على ناشطتي حقوق المرأة، وجيهة الحويدر وفوزية العيوني، بالسجن لمدة 10 أشهر لمزاعم بـ"تأليب زوجة على زوجها". في 24 يونيو/حزيران حكمت محكمة في بلدة بريدة الواقعة في وسط نجد على الناشط الحقوقي عبد الكريم الخضر بالسجن لمدة 8 سنوات بتهم تشمل "القدح في ولي الأمر" و"الانضمام إلى جمعية غير مرخصة".
قال جو ستورك: "على الاتحاد الأوروبي ممارسة الضغط العلني على السعودية للتوقف عن سجن نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السلميين، واحترام التزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان".
الرجال المدانون بتهمة التحريض على التظاهر من خلال "فيسبوك"
- صالح بن عبد المحسن بن علي الشايع: السجن لمدة 5 سنوات والمنع من السفر لمدة 5 سنوات؛ و
- حسين بن سلمان بن ياسين السليمان: 7 سنوات و7 سنوات منع من السفر؛ و
- محمد بن أحمد بن عبد الهادي الخليفة: 8 سنوات و8 سنوات منع من السفر؛ و
- مصطفى بن حاج بن حسين المجاهد: 6 سنوات و6 سنوات منع من السفر؛ و
- حسين بن علي بن محمد الباثر: 5 سنوات و5 سنوات منع من السفر؛ و
- علي بن حسن بن علي الهدلاق: 7 سنوات و7 سنوات منع من السفر؛ و
- عبد الحميد بن عبد المحسن بن عبد الله العامر: 10 سنوات و10 سنوات منع من السفر.