Skip to main content

شركات المملكة المتحدة تواجه الواقع القبيح لطموحات قطر العالمية

نُشر في: opedDemocracy.net

تواجه شركات المملكة المتحدة تحديا خطيرا - كيف تمتثل لأفضل ممارسات الصناعة، التي لطالما دعت اليها هذه الشركات، في بلد لديه معايير الممارسة ضعيفة جدا؟

قامت العائلة المالكة البريطانية والقطرية الأسبوع الماضي بافتتاح "الشارد"، وهو برج مدينة لندن الجديد الذي يعد الأطول في أوروبا، وهو حدث مهم لم يحظى باهتمام عام كاف في أنحاء المدينة. ربما قد حاز البرج الممول من قطر، صاحب ال 310 مترا "الشارد"، على مساحات  في أعمدة الصحافة وعلى تعليقات اعترضت في مجملها على نواحى جمالية، ولكن صناعة التشييد في المملكة المتحدة قد ركزت انتباهها على قطر نفسها، وعلى قيمة العقود التي تقدر بـ 140 بليون دولار، والتي تم مناقشتها في مؤتمر مشاريع قطر للبنية التحتية في فندق برج جميرا كارلتون بلندن. ينبغي على الصناعة البريطانية أن تتوخى الحذر: فهي تصطف لدخول سوق تتميز بقصور في النواحي التنظيمية وباستغلال خطير.

يرجع تعاظم صناعة التشييد في قطر الى فوزها بمناقصة كأس العالم لسنة 2022، والتي التزمت من أجلها ببناء تسعة ملاعب رياضية جديدة ، وأيضا الى تنفيذ مشاريع ضخمة للبنية التحتية.ووفقا لتقرير يونيو/حزيران 2012 للأمانة العامة القطرية للتخطيط التنموي،فإن تعداد قطر هو 300,000نسمة فقط، ومع ذلك تخطط الدولة لإنفاق 39 بليون دولار (اي ما يعادل 10 بالمائة من اجمالي الناتج المحلي) على المشاريع وعلى البنية التحتية هذا العام و في العام المقبل. وتشير التقديرات إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى ما يقرب من مليون عامل إضافي من دول مثل الهند وبنغلاديش ونيبال، لتلبية الطلب على العمالة على مدى السنوات العشر القادمة.    

في المؤتمر الذي عقد بلندن، والذي تم تنظيمه من قبل القطاع الخاص عوضا عن الحكومة القطرية، ذكر كتيبا يوضح كيفية القيام بأعمال تجارية في قطر أنه "يتم معاملة عامل البناء منخفض الأجر، من الناحية النظرية، بنفس الطريقة التي تتم بها معاملة محام مرتفع الأجر".  إن النظرية صحيحة تماما، ولكنها تنافي تحقيق أجرته هيومن رايتس ووتش مؤخرا، أظهر أن هذه المقولات لاعلاقة لها بالواقع. يقوم عامل جنوب اسيا بالعمل لمدة 10 ساعات في اليوم، لستة أيام في الأسبوع، في درجات حرارة قد تتجاوز أحيانا 40 درجة مئوية. يتحمل الكثير من العمال عدم دفع رواتبهم المستحقة، والاقتطاعات غير القانونية ، والمعسكرات السكنية المزدحمة وغير الصحية.

يحظر القانون القطري مصادرة جوازات السفر، ومع ذلك أفاد كل العمال تقريبا الذين قامت هيومن رايتس ووتش بمقابلتهم، أنه تم مصادرة جواز سفرهم عند وصولهم. كما يحظر القانون القطري على أرباب العمل ووكلاء القوى العاملة، فرض رسوم على عملية التوظيف، وعلى الرغم من ذلك فإن 69 من أصل 73 عاملا قابلتهم قامت هيومن رايتس ووتش دفعوا رسوماً على عملية توظيفهم  تتراوح  ما بين 726 دولار و 3651 دولار. وجدت دراسة للبنك الدولي لعام 2011، أن العمولات التي تتراوح ما بين 17 و 34 مليون دولار، تتدفق سنويا من نيبال (الدخل القومي الإجمالي/للفرد 438 دولار) الى قطر (الدخل القومي الإجمالي/للفرد 61,532دولار). وصف أحد الأكادميين هذا النظام بإنه " قادر على حرمان (العمال) بالكامل من الثروات الضئيلة التي قاموا وعائلاتهم باستثمارها، عندما أرسلوهم الى الخليج في المقام الأول".    

تفرض الحكومة القطرية بصرامة وبشكل روتيني بعض قوانينها – تلك التي تمنح أرباب العمل سيطرة واسعة على العمال المهاجرين. وتتضمن أكثر قوانينها إثارة للجدل، نظام الكفالة الذي يعتمد على الموالاة في العمل، حيث يربط العمال برب عمل واحد، ويشترط موافقة الكفيل للحصول على تأشيرة خروج، مما يسمح لأرباب العمل بمنع العمال من مغادرة البلاد بدون.    

قالت وزارة العمل القطرية لـ هيومن رايتس ووتش، أنه "من غير المعقول" أن يكون العمل القسري موجود في البلاد. إن العكس تماما هو الصحيح.

في ضوء القصور في الإطار القانوني والتنظيمي في قطر، فإنه سيتحتم على شركات البناء المملكة المتحدة أن تتخذ خطوات إيجابية لضمان أن حالة العمال لا تصل إلى حد العمل القسري.

مع ضعف القطاع داخليا، تتطلع الشركات البريطانية بشغف إلى السوق القطرية. انخفض النشاط المحلي في قطاع التشييد والبناء الشهر الماضي في المملكة المتحدة بأسرع وتيرة له منذ أكثر من سنتين ونصف السنة ، وانخفض الانتاج والطلبيات الجديدة بشكل ملحوظ منذ بداية العام. لذلك يعد التحدي بالنسبة لشركات المملكة المتحدة مسألة خطيرة - كيف تمتثل لأفضل ممارسات الصناعة، التي طالما دعت إاليها هذه الشركات، في بلد لديه معايير الممارسة ضعيفة جدا؟

يتحتم على هذه الشركات الاستعداد لمواجهة هذا التحدي في حالة رغبتها في أن تكون مسؤولياتها والتزاماتها تجاه الجمهور أي شئ عدا الكلام. هناك ما يدعو للتفاؤل الحذر، إذ تقول الحكومة القطرية أنها تأخذ في الاعتبار تعديل بعض قوانين العمالة. يمثل "الشارد" الان التذكير الأوضح على الإطلاق على الثروة القطرية. تواجه قطرعقبات مالية قليلة لإصلاح سوق العمل الخاص بها، ولكن تلك الإصلاحات لن تحدث بين عشية وضحاها، و لا تفي المجالات التي تعهدت الحكومة بإصلاح خططها بها المعايير الدولية.  

يتمثل الواقع المحرج لشركات المملكة المتحدة في كونها ستضطر لتجاوز القوانين والمعايير القطرية إذا أرادت أن تلتزم بقواعد السلوك الخاصة بها، وأن تحمي سمعتها وأن تضمن حقوق القوى العاملة لديها. يجب أن يعني هذا، التزام الشركات بعلنية المعاملة العادلة على أقل تقدير: لن يتم فرض رسوم على العمال من أجل الحصول على وظيفة، وأنه سيتم تعويض من يتعرض لدفع هذه الرسوم، وأن العمال سيحتفظون بجوازات سفرهم، وأنه سيتم إخضاع جميع المشاريع لرقابة مستقلة لضمان حصول العمال على رواتبهم الشهرية من دون استقطاعات غير قانونية، وأنه يمكنهم ترك وظائفهم دون خوف من السجن والترحيل.

أثار برج "الشارد" رد فعل عنيف من أصحاب الحساسية الشديدة تجاه الجمال، لكن الواقع القبيح للعمال الأجانب في الدوحة في ظل طموحات قطر العالمية يبقى الأكثر وضوحاً. 

يعمل نيكولاس ماك جيهن كمستشار خاص لـ هيومن رايتس ووتش في حملتها لتحسين حقوق العمال المهاجرين في قطر في الفترة التي تسبق كأس العالم 2022. 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة