Skip to main content

أفغانستان: مئات النساء والفتيات في السجن بسبب الجرائم الأخلاقية

يجب أن تستهدف الحكومة المعتدين وليس الضحايا

 

(كابول) ـ قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد أصدرته اليوم إن على الحكومة الأفغانية الإفراج عن نحو 400 سيدة وفتاة سجينات في أفغانستان بتهمة ارتكاب "جرائم أخلاقية". وأضافت أنه ينبغي على الولايات المتحدة والدول المانحة الأخرى الضغط على الحكومة الأفغانية التي يرأسها حامد كرزاي، لوضح حد للحبس غير القانوني للنساء والفتيات اللاتي يقعن ضحايا جرائم ولسن مجرمات.

التقرير الصادر في 120 صفحة تحت عنوان "اضطررت إلى الهروب: نساء وفتيات مسجونات في ‘جرائم أخلاقية‘ في أفغانستان"، استند إلى 58 مقابلة أجريت في ثلاثة سجون وثلاثة مرافق لاحتجاز الأحداث مع سيدات وفتيات اتهمن بارتكاب "جرائم أخلاقية". جميع الفتيات في مراكز احتجاز الأحداث الأفغانية تقريباً يتم اعتقالهن بتهمة "الجرائم الأخلاقية". هذه "الجرائم" عادة ما تكون هروبا من الزواج القسري غير القانوني أو العنف الأسري. وبعض السيدات والفتيات تمت إدانتهن في قضايا الزنا، أي ممارسة الجنس خارج نطاق الزواج، بعد أن تم اغتصابهن أو أجبرن على التورط في الدعارة.

وقال كينيث روث، المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش: "من الصادم أنه بعد 10 أعوام من الإطاحة بحركة طالبان، لا تزال السيدات والفتيات يودعن السجن بسبب هروبهن من العنف الأسري أو الزواج القسري. يجب ألا يُسجن أحد بسبب الهروب من وضع خطير حتى ولو كان في منزله. ينبغي على الرئيس كرزاي وحلفاء أفغانستان التصرف بحزم لإنهاء هذه الممارسات التعسفية والتمييزية".

سقوط حكومة طالبان في 2001 أفسح المجال لحقبة جديدة لحقوق المرأة. طرأ تحسن كبير في مجال التعليم، وانخفض معدل وفيات الأمهات على صلة بالولادة،  والتوظيف، ودور المرأة في الحياة العامة والحكومة. إلا أن حبس السيدات والفتيات بسبب "جرائم أخلاقية" مجرد علامة على ما تواجهه المرأة والفتاة الأفغانية في الحاضر الصعب والمستقبل المثير للقلق، فيما يتحرك المجتمع الدولي لتقليص التزاماته في أفغانستان.

التقت هيومن رايتس ووتش فتيات كثيرات ممن ألقي القبض عليهن بعد فرارهن من الزواج القسري وسيدات ممن هربن من الأزواج والأقارب المعتدين. وبعض من السيدات اللاتي التقتهن هيومن رايتس ووتش قد ذهبن إلى الشرطة التماسا للمساعدة، وبدلا من مساعدتهن، تم إلقاء القبض عليهن.

لا يعتبر "الهروب" أو الفرار من المنزل دون إذن جريمة بموجب القانون الجنائي الأفغاني، ولكن المحكمة العليا الأفغانية وجهت قضاتها إلى معاملة النساء والفتيات اللاتي يقمن بالفرار كمجرمات. الزنا جريمة وفقا للقانون الأفغاني، و يعاقب عليها بعقوبة السجن لمدة تصل إلى 15 عاما.

النساء والفتيات اللاتي التقتهن هيومن رايتس ووتش وصفن الانتهاكات بما فيها الزواج القسري وزواج القاصرات، والضرب، والطعن، والحرق، والاغتصاب، والدعارة القسرية، والاختطاف، والتهديد بالقتل. وعمليا لم تؤد أي من تلك القضايا إلى التحقيق في الاعتداء، ناهيك عن المقاضاة أو الإدانة.

وقالت سيدة، بروانه س. (ليس اسمها الحقيقي)، 19 عاما، لـ هيومن رايتس ووتش، وهي قد أدينت بتهمة "الهروب" بعد فرارها من زوجها وأمه الذين ضرباها: "سأحاول أن أصبح مستقلة وأحصل على الطلاق منه. أكره كلمة ‘زوج‘. قلبي أسود تماما ناحية زوجي.. لو كنت أعرف شيئا عن السجن أو أي شيء (مما سيحدث لي) كنت سأقفز في النهر لأنتحر".

قالت هيومن رايتس ووتش إن النساء والفتيات المتهمات بـ "جرائم أخلاقية" يواجهن نظام عدالة متحيز ضدهن في كل مرحلة من مراحله. فالشرطة تقبض عليهن لمجرد صدور شكوى من الزوج أو القريب بحقهن. ويتجاهل الادعاء أدلة تدعم تأكيدات السيدات بالبراءة. وكثيراً ما يدين القضاة السيدات والفتيات بناء على "اعترافات" تم الإدلاء بها في غياب المحامين وتم "توقيعها" دون أن تقرأها السيدات غير القادرات على القراءة والكتابة. وبعد الإدانة، تواجه السيدات في أغلب الحالات عقوبات بالسجن المطول، وتصل في بعض الحالات لأكثر من 10 سنوات.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن القانون الأفغاني الصادر في 2009 بشأن القضاء على العنف ضد المرأة يجعل من العنف ضد المرأة جريمة جنائية. لكن الشرطة نفسها، والادعاء، والقضاة الذين يعملون بحماس لحبس النساء المتهمات بارتكاب "جرائم أخلاقية" غالبا ما يتجاهلون الأدلة على سوء المعاملة الممارسة ضد النساء المتهمات.

وقال كينيث روث: "المحاكم ترسل النساء إلى السجن بسبب ‘الجرائم‘ المشكوك في صحتها، بينما المجرمين الحقيقيين ـ المعتدين عليهن ـ مطلقي السراح". وتابع: "حتى أبشع الانتهاكات التي تعاني منها المرأة تبدو أنها لا تنتزع شيئا أكثر من لا مبالاة أعضاء النيابة العامة، رغم القوانين التي تجرم العنف ضد المرأة".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن المحاكمة التعسفية بسبب "الجرائم الأخلاقية" من الأهمية بمكان للكثير من النساء والفتيات، أكثر بكثير من الـ 400 سيدة وفتاة في السجن وعلى ذمة المحاكمة. ففي كل مرة تهرب فيها امرأة أو فتاة تزوجت بالإكراه أو واجهت العنف الأسري ثم ينتهي أمرها وراء القضبان، فهذا بمثابة رسالة واضحة للآخرين بالاعتداء على من يبحثن عن المساعدة من الحكومة لأنهن من المرجح أن يتعرضن للعقاب، وليس الإنقاذ.

وأضافت هيومن رايتس ووتش أن معاناة النساء اللاتي يواجهن العنف الأسري تفاقم منها قوانين الطلاق العتيقة التي تسمح للرجل ببساطة أن يعلن طلاقه لنفسه، في حين يصعب الأمر للغاية على المرأة للحصول على الطلاق. قدمت الحكومة الأفغانية تعهدا بتعديل هذه القوانين في 2007 في إطار خطة العمل الوطنية لشئون المرأة في أفغانستان، وتشكيل لجنة من الخبراء لصياغة قانون جديد للأسرة والتي من شأنها تحسين حقوق المرأة. ومع ذلك، فهذا القانون الجديد، توقف مع مجيء الحكومة الجديدة منذ 2010، مع عدم وجود أي مؤشر على التحرك نحو إقراره.

وقال كينيث روث: "حان الوقت أن تتخذ أفغانستان إجراءات بشأن الوفاء بوعدها لإصلاح القوانين التي تجعل المرأة الأفغانية مواطنة من الدرجة الثانية". وأضاف: "القوانين التي تجبر المرأة على تحمل الإساءة من خلال حرمانها من حق الحصول على الطلاق ليست فقط عتيقة، لكنها قاسية".

بحفاظها على القوانين التمييزية قائمة، وفشلها في معالجة انتهاكات إجراءات التقاضي السليمة والمحاكمة العادلة في قضايا "الجرائم الأخلاقية"، تنتهك أفغانستان التزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان. دعت هيئات خبراء تابعة للأمم المتحدة ومقررين خاصين لإلغاء قوانين "الجرائم الأخلاقية" الأفغانية. وطالب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالعنف ضد المرأة أفغانستان بـ "إلغاء القوانين، بما في ذلك التي تتعلق بالزنا، التي تنطوي على تمييز ضد النساء والفتيات، وتؤدي إلى حبسهن، وإلحاق عقوبات قاسية ولا إنسانية ومهينة بهن". وحثت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل أفغانستان على "إلغاء ما يسمى بالجرائم الأخلاقية باعتبارها جريمة والإفراج عن الطفلات المحتجزات على هذا الأساس".

وقال كينيث روث: "يجب على الحكومة الأفغانية وشركائها الدوليين التحرك سريعاً لحماية حقوق المرأة وضمان عدم انتكاسها". وأَضاف: "وأخيرا فعلى الرئيس كرزاي والولايات المتحدة وغيرهم اتخاذ خطوات ملموسة للوفاء بالوعود الجريئة التي قطعتها تجاه المرأة الأفغانية منذ عقد عن طريق إلغاء السجن على خلفية "الجرائم الأخلاقية"، وتنفيذ التزامها المعلن لدعم حقوق المرأة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد
الموضوع

الأكثر مشاهدة