(نيويورك) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الانتخابات البرلمانية الإيرانية المُقررة ليوم 2 مارس/آذار لن تكون عادلة بسبب إلغاء ترشح بعض الأشخاص وفرض قيود أخرى بشكل تعسفي. وتأتي هذه الانتخابات، التي يتنافس فيها المرشحون على 209 مقاعد في البرلمان، عقب إلغاء ترشح مئات الأشخاص بناء على معايير غامضة وغير دقيقة، ومنع قادة المعارضة من المشاركة فيها وإصدار أحكام بالسجن جائرة في حقهم ومنعهم من الترشح رغم أنهم يعتبرونها انتخابات يشوبها التزوير.
وفي 21 فبراير/شباط، أعلن مجلس صيانة الدستور، وهو هيئة منتخبة تتكون من 12 فقيهًا دينيًا، أنه تمت الموافقة على ترشح أقل من 3500 شخص من أصل 5400 مُرشح في الانتخابات البرلمانية. وفي وقت سابق، ألغت وزارة الداخلية ترشح حوالي 750 شخصاً. وشمل إلغاء الترشحات الذي أعلن عنه مجلس صيانة الدستور ما لا يقل عن 35 نائباً في البرلمان الحالي. وكردّ على هذه التضييفات وقيود أخرى، دعت المعارضة والحركة الإصلاحية الإيرانيتين إلى مقاطعة الانتخابات.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "عمدت السلطات الإيرانية إلى سد المنافذ من خلال إلغاء ترشح بعض الأشخاص وسجن وجوه بارزة في الحركة الإصلاحية بشكل تعسفي، دون أن تتوفر أدنى مقومات الشفافية في دراسة ملفات الترشح واختيار المرشحين".
وتشتمل عملية التدقيق في المُرشحين للانتخابات البرلمانية والرئاسية الإيرانية مراحل كثيرة. وفي مرحلة أولى، تقوم وزارة الداخلية بتصفية المرشحين اعتمادًا على معايير محددة في القانون الانتخابي. وبينما توجد بعض المعايير الواضحة، من قبيل سنّ المرشحين ومؤهلاتهم التعليمية، تبقى أغلب المعايير الأخرى مبهمة وتسمح للسلطات باتخاذ قرارات تعسفية ومجحفة. ويتعين على المرشحين تقديم طلبات استئناف في قرارات وزارة الداخلية في أجل لا يتعدى أربعة أيام من تاريخ صدور قراراتها. وبعد أن تحدد الوزارة قائمة المُرشحين الذين قُبلت مطالبهم، يصدر مجلس صيانة الدستور قراره النهائي بشأن من يمكنه الترشح للانتخابات.
وفي 10 يناير/كانون الثاني، قامت لجنة الانتخابات التابعة لوزارة الداخلية بإلغاء العشرات من مطالب الترشح لأن أصحابها "لا يلتزمون بالإسلام والدستور". ومن بين المُرشحين الذين رُفضت مطالبهم العديد من المنتقدين لحكومة محمود أحمدي نجاد. وقال أحد هؤلاء المرشحين لـ هيومن رايتس ووتش إنه استلم إشعارا من السلطات المحلية يوم 10 يناير/كانون الثاني يُعلمه أنه قد تم رفض مطلب ترشحه بسبب مزاعم عن انتمائه أو مساندته لأحزاب ومنظمات ومجموعات "غير قانونية". كما قال المُرشح إن السلطات لم تقدم له أية معلومات إضافية حول أسباب رفض مطلب ترشحه، وقرر عدم الطعن في القرار.
وعلمت هيومن رايتس ووتش أن آخر قائمة أصدرها مجلس صيانة الدستور لأسماء المرشحين الذين رُفضت مطالبهم تتضمن عددا من ممثلي الكتلة السُنية داخل البرلمان وعددهم 15 نائباً. ومن بين الذين لن يتمكنوا من الترشح لعضوية البرلمان:جلال محمود زاده وإقبال محمدي، الزعيمان السابقان والحاليان للكتلة السنية. وفي 19 ديسمبر/كانون الأول 2011، بعث منتسبو المذهب السني برسالة إلى المرشد الأعلى آية الله خامنائي لمطالبته بحماية الحقوق السياسية والاجتماعية للأقلية السنية.
وخلال الأشهر القليلة الماضية، قامت السلطات بحظر بعض الأحزاب الإصلاحية، وفرضت قيودًا مشددة على أحزاب أخرى. وفي 27 سبتمبر/أيلول 2010، أعلن المدعي العام والمتحدث باسم السلطة القضائية عن قرار من المحكمة يقضي بحلّ حزبين إصلاحيين اثنين هما جبهة المشاركة الإسلامية الإيرانية وحزب مجاهدين للثورة الإسلامية. كما تقوم السلطات بمنع أعضاء من منظمات إصلاحية أخرى، مثل حزب مسيرة الحرية، من عقد اجتماعاتهم.
وجاءت قرارات إسقاط مطالب الترشح التي اتخذها مجلس صيانة الدستور عقب انتقاد نشطاء إصلاحيين ومعارضين، وبعضهم يقضي الآن عقوبات في السجن، للانتخابات المقبلة وتأكيدهم على عدم وجود دواعي لإسقاط مطالب الترشح. وفي 26 ديسمبر/كانون الأول، نقلت فاطمة كروبي رسالة عن زوجها مهدي كروبي، مرشح الرئاسة السابق الذي هو رهن الإقامة الجبرية، يصف فيها الانتخابات بـ "المزيفة". وبعد ذلك بأيام، أعلن القضاء الإيراني أن الدعوة إلى مقاطعة الانتخابات "عمل إجرامي". وفي 17 يناير/كانون الثاني، قال موقع سهم نيوز، موقع إخباري تابع لحزب مهدي كروبي، إن السلطات عمدت إلى احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي ومنعته من الالتقاء بعائلته انتقامًا منه بسبب انتقاداته للانتخابات المقبلة.
كما تواصل السلطات فرض الإقامة الجبريةعلى زعماء المعارضة حسين موسوي وزهرة رهنفارد، إضافة إلى مهدي كروبي لأكثر من سنة بسبب دعوتهم إلى التظاهر ومساندة الاحتجاجات الواسعة التي عقبت انتخابات الرئاسة لسنة 2009 المتنازع على نتائجها. ويقبع عشرات المعارضين الآخرين في السجن بعد أن تمت محاكمتهم بشكل غير عادل في جرائم متعلقة بـ "العمل ضد الأمن القومي" و"الدعاية ضد النظام".
وقال جو ستورك: "منذ ما يقارب ثلاث سنوات، على إثر الانتخابات الرئاسية المتنازع حولها، سار ملايين الإيرانيين في الشوارع ورددوا "أين صوتي؟". أما اليوم، فمازال صدى تلك الكلمات يتردد ليذكرنا بإصرار الحكومة على إنكار حق المواطنين في تقرير مستقبلهم".