Skip to main content
تبرعوا الآن

(نيويورك) – الناظر إلى هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بعد عشر سنوات من وقوعها سيدرك حجم الضرر الجسيم الذي ألحقه هذا الحادث بقضية حقوق الإنسان. هناك أولاً الخسارة غير القابلة للتعويض للأرواح التي أزهقت في ذلك اليوم – إذ قُتل نحو 3000 شخص من دول كثيرة. والإرهاب – الاستهداف المتعمد للمدنيين لأغراض سياسية – هو إهانة لحركة حقوق الإنسان. وقيم حقوق الإنسان تحترم في جوهرها الفرد، أما الإرهاب فيعامل الأفراد كقطع على رقعة الشطرنج، يمكن التخلص منهم لأغراض سياسية.

ولطالما كانت الهجمات الانتحارية أداة للإرهابيين، لكن ضخامة اعتداء 11 سبتمبر/أيلول حفزت على زيادة الهجمات الإرهابية. وقد أصيب أغلب الناس بالجزع من أعمال القتل هذه، لكنها ألهمت عدداً كافياً من الأفراد أيضاً أسهموا في انتشار الهجمات الانتحارية إلى حد كبير ضد المدنيين خلال السنوات العشر التالية، وتضاعف عدد الضحايا في بلدان كثيرة. كما أن زيادة قابلية البعض للتضحية بأنفسهم من أجل قضية ما أدى لزيادة صعوبة الدفاع عن الإرهاب. كما أن السعي لوقف الهجمات الإرهابية أصبح أكثر إلحاحاً مع إدراك أنه لا يوجد مدى لما يمكن أن يحاول الإرهابيون عمله.

إلا أن ميراث الخسارة الثقيل لـ 11 سبتمبر/أيلول ظاهر أيضاً في رد الفعل على الهجمات؛ إذ أدرك البعض أن أفضل علاج للإرهاب هو التأكيد على القيم الإنسانية التي ينتهكها الإرهاب، وأن أنجح السبل لمواجهة جاذبية أعمال القتل الجماعي هو الاحترام التام والشديد لحقوق الإنسان وسيادة القانون. إلا أنه وفي أحيان كثيرة تبنى أولئك الذين يتولون زمام المبادرة في جهود مكافحة الإرهاب أسلوب "الغاية تبرر الوسيلة" الذي يتبناه الإرهابيون أنفسهم. وكانت النتيجة سلسلة من الممارسات التي تعتبر اليوم مرادفة لعدم الاحترام الفادح لحقوق الإنسان: غوانتانامو، اللجان العسكرية، "المواقع السوداء" التابعة للاستخبارات المركزية الأمريكية، تمثيل الإغراق و"تقنيات الاستجواب المحسنة" الأخرى، وعمليات التسليم الفائقة للعادة من أجل التعذيب والتي تتم تغطيتها بـ "الضمانات الدبلوماسية" الجوفاء، من بين ممارسات أخرى.

وبحجة أنها أساليب مناسبة وملائمة للمواجهة، فربما أدت هذه الانتهاكات لهجمات إرهابية جديدة. أما الذين استخدموا هذه الأساليب فهم قد فقدوا التفوق الأخلاقي، وقوضوا الثقة في مسؤولي تنفيذ القانون، وتجاهلوا الأساليب القانونية المستخدمة لاختراق التنظيمات الإجرامية السرية التي لطالما ثبتت فعاليتها.

كما أدت هذه الأساليب إلى قيام حكومات - يهمها استخدام الحجج المقنعة في إسكات المعارضة السياسية أكثر من وقف الإرهاب – بالخروج بحجج مماثلة. تم وصف المعارضين السلميين على أنهم إرهابيين، وتعرضوا للاحتجاز دون محاكمات. وأصبح من الأصعب مكافحة التعذيب والاحتجاز التعسفي لأن "بوش فعلها". وهناك حكومات كثيرة كانت قادرة على التراجع عن هذه المسارات الضارة، وأسكتها تواطئها فيها، وميلها للترحيب بأي شيء يُقال باسم مكافحة الإرهاب.

هناك اليوم تقدم عالمي تم إحرازه على مسار حصار وتقليص انتهاكات مكافحة الإرهاب، إلا أن القابلية لمحاسبة المسؤولين المنتهكين للحقوق قليلة. على سبيل المثال، قول الرئيس أوباما بأنه "سينظر للأمام وليس للوراء"، تلاه قرار بوقف لجوء العاملين بالحكومة الأمريكية للتعذيب، لكنه رفض مقاضاة من أمروا بالتعذيب في المقام الأول. كما لم تقم أغلب الحكومات بالتحقيق – دعك من الملاحقة القضائية – مع مسؤوليها المنتهكين للحقوق. هذا الإخفاق في احترام سيادة القانون يحمل في طياته خطر تحويل التعذيب وغيره من انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة من جرائم لا لبس فيها، إلى سياسات يمكن اللجوء إليها واستخدامها في أي وقت.

 

من ثم، فإن الذكرى العاشرة لهجمات 11 سبتمبر/أيلول تعد فرصة لتذكر ضحايا الهجمات، وفرصة للتأكيد على أهمية حقوق الإنسان، ورفض الإرهاب الذي يقتل المدنيين باسم القضية، والمسؤول الذي "يُخفي" أو يعذب المشتبهين باسم مكافحة الإرهاب.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة