الأسطورة: سوريا أوقفت جميع العمليات العسكرية وعمليات الشرطة
الواقع: راح حوالي 49شخصًا ضحية عمليات قامت بها القوات السورية منذ 17أغسطس/آب 2011
أكد الرئيس بشار الأسد في اتصال هاتفي أجراه مع الأمين العام للأمم المتحدة بان غي مون يوم 17أغسطس/آب، انتهاء العمليات العسكرية والعمليات التي تقوم بها الشرطة. ولكن خلال نفس اليوم والأيام التالية قامت القوات السورية بمهاجمة متظاهرين سلميين في حمص واللاذقية وبعض البلدات في محافظة درعا وريف دمشق. واستنادًا إلى بعض النشطاء السوريين، قامت قوات الأمن السورية بقتل 19شخصًا يوم 19أغسطس/آب كان بينهم ثلاثة أطفال. وفي 22أغسطس/آب، قامت القوات السورية بإطلاق النار على حشد من المتظاهرين السلميين وقتلت أربعة أشخاص بعد أن غادر المنطقة فريق الأمم المتحدة الذي جاء لتقييم الوضع الإنساني.
الأسطورة: تحتاج القوات السورية إلى استعمال القوة المميتة لصد هجمات الجماعات المسلحة
الواقع: في الوقت الذي استعمل فيه عدد محدود من المحتجين القوة، فإنه لا وجود لمعارضة مسلحة، وأغلب الذين قتلوا كانوا محتجين سلميين
قال الرئيس الأسد إنه يخوض معركة ضد "الجماعات الإرهابية" و"العصابات المسلحة" وزعمت السلطات السورية أنها "تمارس أقصى درجات ضبط النفس في محاولتها للسيطرة على الوضع"، هذان الادعاءان زائفان. لقد قام بعض المحتجين باستعمال العنف ضد قوات الأمن السورية كرد فعل على إطلاق النار من طرف هذه القوات أو لضمان إطلاق سراح المتظاهرين الذين تم اعتقالهم، ولكن هؤلاء الأشخاص لا يمثلون إلا أقلية صغيرة من مجموع عدد المشاركين في المظاهرات. وعمدت هذه الأقلية إلى استعمال زجاجات المولوتوف الحارقة والحجارة وبنادق الصيد وكلها لا تُقارن بالأسلحة التي استعملتها القوات السورية، ومنها الدبابات. وفي الوقت الذي يجب فيه فتح تحقيق في حوادث العنف الصادرة عن المتظاهرين وتقديم المتورطين للعدالة، فإن الاستعمال المكثف والمتواصل للقوة المميتة من طرف قوات الأمن لم يكن متناسبًا مع حجم التهديد الذي شكّله المحتجون الذين كانوا في الأغلب الأعم سلميين وغير مسلحين.
إن الغالبية العظمى مما يقارب 2000حالة قتل، قامت مجموعات حقوقية محلية بتوثيقها، تمت في ظروف لم تشهد تهديدًا للقوات السورية. وتوجد تقارير شاملة وموثقة تثبت استعمال القوة المميتة ضد متظاهرين سلميين في درعا وحمص ودوما واللاذقية والرستن ودير الزور وادلب ومعرّة النعمان (أنظر تقرير هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران 2011: لم نر مثل هذا الرعب من قبل: جرائم ضد الإنسانية ارتكبتها قوات الأمن السورية). وقد أكد منشقون عن قوات الأمن السورية أنهم تلقوا أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين غير المسلحين.
الأسطورة: قامت العصابات المسلحة بقتل المئات من عناصر قوات الأمن السورية
الواقع: توجد روايات معقولة تؤكد أن العديد من عناصر القوات السورية قُتلوا على أيدي عناصر أخرى من هذه القوات
قُتل بعض عناصر قوات الأمن على أيدي المحتجين المناوئين للحكومة والذين استعملوا السلاح في درعا وتل الكلخ وجسر الشغور. ولكن تبقى ملابسات وعدد عمليات القتل غير محددة، وتوجد أسباب كافية للاعتقاد بأن بعض عمليات القتل التي شملت عناصر من قوات الأمن قد تمت على أيدي عناصر أخرى من هذه القوات. على سبيل المثال، تحدث بعض المنشقين من عناصر قوات الأمن لـ هيومن رايتس ووتش عن حالات قتل قام بها ضباط في حق جنود انشقوا أو رفضوا حمل السلاح. وفي حين لم تقم الحكومة السورية بنشر قائمة بأسماء عناصر قوات الأمن الذين قُتلوا، قام نشطاء يعارضون الحكومة بنشر قائمة تضمنت 394اسمًا.
الأسطورة: استعملت قوات الأمن السورية القوة المفرطة في بداية الأزمة ولكن الوضع تحسّن الآن
الواقع: وقعت المئات من عمليات القتل خلال الشهر الأول من الأزمة ولكن الهجمات على المحتجين السلميين تواصلت بوتيرة عالية
أقر الرئيس الأسد بأن "قوات الأمن ارتكبت أخطاء في بداية الاضطرابات وأنه توجد جهود لعدم تكرار ذلك"، ولكن الواقع يشهد على أن الاعتداءات التي بدأت في مارس/آذار تواصلت دون انقطاع. واستنادًا إلى قوائم بأسماء القتلى أعدها نشطاء حقوقيون سوريون وقامت هيومن رايتس ووتش بمراجعتها، فقد لجأت قوات الأمن إلى قتل 300مدني في شهر يونيو/حزيران، وما لا يقل عن 300آخرين خلال يوليو/تموز. وحتى 20أغسطس/آب، قتلت ما لا يقل عن 332آخرين، بالإضافة إلى تواصل الممارسات القمعية الأخرى دون انقطاع، مثل الاحتجاز التعسفي بمعزل عن العالم الخارجي، والتعذيب المتواصل، ورفض الرعاية الطبية.
الأسطورة: تحقق السلطات السورية في الهجمات على المتظاهرين من خلال لجنة قضائية تأسست في مارس/آذار
الواقع: لم تُرفع أية قضية ضدّ أيّ من المسؤولين عن استعمال القوة المفرطة ضد المحتجين
شكلت سوريا في 31مارس/آذار لجنة قضائية "للتحقيق في جميع الجرائم المرتكبة في حق المتظاهرين ورجال الأمن" في درعا لتشمل بعد ذلك باقي أنحاء سوريا. ورغم ذلك، لم يتم إلى الآن فتح تحقيق أو مقاضاة أي مسؤول بتهمة الاعتداء على المتظاهرين. ويبقى ذلك كله في إطار الإفلات من العقاب لأن السلطة القضائية في سوريا غير مستقلة وقوات الأمن محمية بالقانون من أي متابعة قضائية. وينص المرسوم التشريعي رقم 14الصادر في 15يناير/كانون الثاني 1969المنشئ لإدارة المخابرات العامة، وهو واحد من أكبر الأجهزة الأمنية في سوريا، ينص على أنه " لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم... إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة"، ولكن لم يبلغ إلى علم هيومن رايتس ووتش أن مدير المخابرات العامة قد أصدر أمرًا مماثلا مطلقاً. وفي 30سبتمبر/أيلول 2008، قام الرئيس الأسد بإصدار المرسوم التشريعي رقم 69والذي وسّع من الحصانة التي صارت تشمل عناصر من قوات الأمن الأخرى وأصبحت مقاضاة عناصر الأمن الداخلي والأمن السياسي وشرطة الجمارك، تحتاج مرسوما من القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة.
الأسطورة: تقوم سوريا بإصلاحات ملموسة وهو ما سيحل الأزمة الحالية إذا توفر لها الوقت الكافي
الواقع: الحملة المتواصلة التي تشنها قوات الأمن السورية قوّضت الإصلاحات التي وعد الرئيس الأسد بتحقيقها
منذ بداية الاحتجاجات المعارضة للحكومة والتي اندلعت في منتصف مارس/آذار، وعدت السلطات السورية وقامت، في بعض الأماكن، بإجراء عدد من الإصلاحات. ولكن تواصل القمع قوّض هذه الإصلاحات وأثار تساؤلات حول نية السلطات الحقيقية فيما يخص الإصلاحات. وفي 28يوليو/تموز، تبنت السلطات السورية قانونًا جديدًا للأحزاب السياسية وقامت بعد ذلك بإصدار مرسوم متعلق بقانون الانتخابات العامة، ولكن الأجهزة الأمنية واصلت اعتقال النشطاء السياسيين وإجبار أغلب نشطاء المعارضة على الاختباء. وفي ظل هذه الأجواء التي تبقى فيها قوات الأمن السورية فوق القانون وخارجة عنه، فإنه يستحيل الاعتقاد بأن السلطات السورية سوف تتسامح مع من يخالفها سياسيًا.