Skip to main content

العراق: لابد من مراجعة مشروع القانون الذي يضيق على حريات التظاهر والتعبير

السلطات تسعى للحد من الحقوق تحت مسمى "الآداب العامة"

(بغداد) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على العراق مراجعة مشروع قانون حرية التعبير وحرية التجمع لإبعاد الأحكام القانونية الواردة فيه التي تضيق على هذه الحريات. مشروع القانون يسمح للسلطات بالتضييق على الحقوق المحمية بدعوى "المصلحة العامة" و"النظام العام أو الآداب العامة" دون وضع حدود أو تعريفات لهذه المصطلحات.

حصلت هيومن رايتس ووتش على نسخة من مشروع القانون. هذه الأحكام، وكذلك التجريم المقترح لحرية التعبير فيما يخص "الإهانات" للرموز "المقدسة" أو الأشخاص، يعتبر مما يخرق بوضوح القانون الدولي، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وتدفع الحكومة بهذا التشريع في الفترة التي شهدت زيادة في الهجمات على المتظاهرين السلميين والتضييق على الصحفيين.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هذا القانون يقوض من حق العراقيين في التظاهر والتعبير عن أنفسهم بحرية. بدلاً من إعداد قوانين تقييدية، على الحكومة أن تكف الهجمات عن المعارضين من قبل قوات الأمن والموالين لها".

وقال مجلس الوزراء في تصريح له يعود لـ 16 مايو/أيار 2011 إنه وافق على "قانون حرية التعبير عن الرأي والتجمع والتظاهر السلمي" في مايو/أيار وقدم القانون إلى مجلس النواب للموافقة البرلمانية. تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى عدة أعضاء من البرلمان بشأن مشروع القانون، وقالوا إنه لم يتم عرضه عليهم بعد أو تقديمه. دعت هيومن رايتس ووتش البرلمان إلى عدم الموافقة على القانون دون مراجعته لإبعاد الأحكام المقيدة للحقوق منه.

حرية التجمع
التشريع يقر صراحة بحق العراقيين في "التظاهر السلمي للتعبير عن آرائهم أو المطالبة بحقوقهم" (مادة 10)، لكن هناك مواد أخرى تقيد من هذه الحقوق.

بموجب المادة 7 (1)، فإن على منظمي التظاهرات الحصول على تصريح بإقامة المظاهرة، قبل خمسة أيام من موعدها على الأقل. لابد أن يشمل الطلب "موضوع وغرض" التظاهرة وأسماء المشاركين في لجنتها التنظيمية. مشروع القانون لم يذكر المعايير التي تطبقها السلطات العراقية خلال عملية الموافقة على الطلبات أو رفضها، مما يمنح الحكومة عملاً سلطة مطلقة في تحديد من يحق له عقد التظاهرات، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

المادة 12 تسمح للسلطات بتقييد حرية التجمع والتعبير من أجل حماية "المصلحة العامة" أو مصلحة "النظام العام أو الأخلاق العامة" دون أي معايير. لا يعرض مشروع القانون أي أدلة إرشادية واضحة عن كيفية تفسير هذه القيود الفضفاضة، كما أن القانون لا يتناول العقوبات التي تنال من المنظمين للتظاهرات والمتظاهرين إذا تجمعوا دون موافقة حكومية.

القانون على صياغته الحالية يقوض من الضمانات الواردة في الدستور العراقي بحرية التجمع والتظاهر السلمي، وكذلك الحقوق الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي تعتبر العراق دولة طرف فيه. العهد يوضح أن القيود على التظاهرات السلمية لابد أن تكون استثنائية، ولا تُفرض إلا إذا تبين أنها "ضرورية في مجتمع ديمقراطي" لصيانة "الأمن الوطني أو السلم العام أو النظام العام أو لحماية الصحة أو الآداب العامة أو لحماية حقوق وحريات الآخرين". مشروع القانون العراقي يضم بعض هذه القيود دون أي مبررات أو أسباب من المذكورة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إنه بمنح سلطة الموافقة المطلقة للحكومة والسماح لمسؤوليها بتقييد الحق في حرية التجمع بموجب اعتبارات فضفاضة غير واضحة تخص "الآداب العامة" أو "المصلحة العامة" ودون اقتصار هذه القيود على "الضروري في مجتمع ديمقراطي"، فإن مشروع القانون من ثم يخفق في التقيد بالمعايير الضيقة الواردة في القانون الدولي للسماح بفرض القيود على الحق في التجمع.

ويعمل منظمو التظاهرات في العراق في ظل بيئة غير آمنة إطلاقاً. خلال الأسابيع الماضية، قامت السلطات العراقية باحتجاز واستجواب وضرب العديد من منظمي التظاهرات في بغداد. هذا يجعل المطلب المقترح بأن يقدم المنظمون طلبات فيها أسمائهم لدى تقديم طلب الموافقة على التظاهرة، تهديد قائم لأمنهم الشخصي.

منظمو التظاهرات الراغبون في البقاء مجهولين لابد من السماح لهم بذلك، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وعلى الأقل، فإن على الحكومة ضمان أن اسماء المتقدمين بالطلبات ستكون سرية وتقتصر معرفتها على مكتب التصاريح. لابد من تعديل القانون فيما يخص هذا المطلب.

وقال جو ستورك: "كيف تتوقع السلطات من المنظمين أن يتقدموا إليها بالطلبات بينما قوات الأمن لا يقتصر إخفاقها على عدم حماية التظاهرات من العنف، لكن في بعض الأحيان تستهدفها هي بنفسها".

حرية التعبير
القانون يضم بعض الأحكام التي تجرم حرية التعبير، بعقوبات تصل في حدها الأقصى للسجن عشر سنوات. بموجب المادة 13، فإن أي شخص، يهاجم معتقد أي طائفة دينية أو يُظهر الازدراء لشعائرها أو يهين علنا رمز ديني أو شخص يحظى التقديس أو التقدير أو الاحترام من قبل طائفة دينية، يواجه عقوبة بالسجن لمدة عام وغرامات تصل إلى 10 ملايين دينار (8665.52 دولارا). لا ينص القانون على أي معايير واضحة لما يعتبر إهانة غير قانونية.

يكفل القانون العراقي حرية التعبير، وينص العهد الدولي على أن لكل شخص الحق في "في التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما اعتبار للحدود". المعايير الدولية لا تسمح بالقيود على المحتوى إلا في ظل توفر شروط جد صعبة، مثل حالات السب والذم ضد أفراد أو الخطاب الذي يهدد أمن الدولة. القيود لابد أن تكون معرفة بشكل واضح، وضرورية، ومتناسبة مع حجم المصلحة المكفولة لها الحماية.

خلفية
اتخذت السلطات العراقية عدة خطوات خلال الشهور الأخيرة لإبقاء التظاهرات في بغداد بعيدة عن أعين الرأي العام. في 13 أبريل/نيسان أصدر المسؤولون أنظمة تحظر التظاهر في الشوارع ولا تسمح بالتظاهر إلا في ثلاث ملاعب كرة قدم، رغم أنه لم يتم إنفاذ هذه الأوامر.

وفي 21 فبراير/شباط، سمحت الشرطة العراقية للعشرات من المعتدين، بعضهم يحملون السلاح الأبيض والهراوات، بضرب وطعن متظاهرين سلميين في بغداد. أثناء التظاهرات التي شملت أنحاء العراق في 25 فبراير/شباط، قتلت قوات الأمن 12 متظاهراً على الأقل في شتى أنحاء البلاد وجرحت أكثر من مائة آخرين. في ذلك اليوم، راقبت هيومن رايتس ووتش قيام قوات أمن بغداد بضرب صحفيين ومتظاهرين عزل، وحطمت الكاميرات وصادرت بطاقات الذاكرة الإلكترونية.

وفي 10 يونيو/حزيران، قام معتدون مدعومون من الحكومة يحملون ألواحاً خشبية ومواسير حديدية وغير ذلك من الأسلحة، بضرب وطعن المتظاهرين السلميين، واعتدوا جنسياً على متظاهرات في بغداد. راقبت هيومن رايتس ووتش - وقال شهود إن - قوات الأمن وهي واقفة تشاهد ما يجري دون تدخل في عدة حالات.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة