Skip to main content

سوريا: القمع يتزايد وسط تجنّب أوروبي وأميركي لمناقشة قضايا حقوق الإنسان

على ممثلة الاتحاد الأوروبي استغلال زيارتها لدمشق لإدانة مضايقة واعتقال النشطاء والصحفيين

(نيويورك- 11 مارس/آذار، 2010)- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه على كاثرين آشتون، ممثلة الاتحاد الأوروبي العليا للشؤون الخارجية، مناقشة قضايا حقوق الإنسان مع المسؤولين السوريين والحصول على تعهدات محددة بتحسين سجل سوريا في مجال حقوق الإنسان خلال الزيارة التي تعتزم القيام بها لدمشق الأسبوع المقبل. وقالت المنظمة انه حتى اليوم، لم تسفر زيادة الإنفتاح الغربي على سوريا عن أية مكاسب في مجال حقوق الإنسان، لأن الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي فشلتا في الضغط من أجل ذلك.

في الأشهر الثلاثة الماضية، وفي حين ازدادت زيارات مسؤولون غربيون لسوريا، اعتقلت أجهزتها الأمنية العديد من نشطاء حقوق الإنسان والصحافيين والطلبة، الذين حاولوا ممارسة حقوقهم في حرية التعبير والتجمع. في فبراير/ شباط وحده، زار دمشق كل من رئيس الوزراء الفرنسي فرانسوا فيون، ووكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، وليام بيرنز.

وقالت سارة ليا ويتسن، مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "برهنت الأشهر القليلة الماضية أن التحدث إلى سوريا دون التطرق إلى سجلها في مجال حقوق الإنسان يشجع الحكومة على الإعتقاد أنه بإمكانها أن تفعل لشعبها ما تشاء، دون عواقب"، وأضافت: "رسالة إلى سوريا مفادها "نحن نهتم فقط بسياستك الخارجية"، هي بمثابة ضوء أخضر للقمع".

في 2 مارس/آذار، 2010، داهمت المخابرات العسكرية في حلب شقة عبد الحافظ عبد الرحمن، عضو مجلس إدارة منظمة حقوق الإنسان الكردية ماف ("ماف" تعني الحق باللغة الكردية)، واعتقلته مع نادرة عبده، عضو مجلس إدارة آخر في المنظمة. وقال أعضاء آخرون في ماف أن الإعتقال مرتبط بنشاطات عبد الرحمن مع المنظمة. وفي حين أطلقت أجهزة الأمن سراح عبده يوم 6 مارس/ آذار، فإن عبد الرحمن لا يزال قيد الإعتقال.

كما اعتقلت أجهزة الأمن أيضا المدونين والصحافيين والطلاب. وفي 27 ديسمبر/ كانون الأول 2009، استدعى جهاز مخابرات أمن الدولة طل الملوحي، 19 عاماً، وهي طالبة في الثانوية، لإستجوابها، وفقاً للتقارير، عن مقالات كتبتها ونشرتها على مدونتها. وبعد بضعة أيام، صادرت أجهزة الأمن جهاز الكمبيوتر الخاص بها واعتقلتها. وأخبر ناشط حقوقي سوري هيومن رايتس ووتش أنها لا تزال قيد الاعتقال. ولم تتمكن هيومن رايتس ووتش من تحديد ما هي المادة التي أثارت حفيظة الأجهزة الأمنية.

وفي 22 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقل جهاز مخابرات أمن الدولة، ودون أي تفسير، معن عاقل، الصحافي في صحيفة الثورة. وقال ناشط سوري متابع للقضية أن عاقل تم اعتقاله على ما يبدو بسبب تحقيق كان يجريه عن الفساد الحكومي, قبل ان تفرج عنه أجهزة الأمن أخيراً في 23 فبراير/ شباط دون اتهامه بإرتكاب أية جريمة. وفي 7 يناير/كانون الثاني، اعقتلت أجهزة الأمن صحافي آخر، علي طه، والمصور علي أحمد، في حي السيدة زينب في دمشق. وأفرج عنهما في 7 شباط/ فبراير دون توجيه أية تهمة لهما. يعمل الإثنان لصالح فضائية روتانا، التي تركز أساساً على موضوعات الحياة الإجتماعية.

وفي 10 فبراير/ شباط، اعتقلت شرطة الحدود راغدة سعيد حسن، سجينة سياسية سابقة في التسعينيات بسبب إنتمائها لحزب العمل الشيوعي، بينما كانت تحاول عبور الحدود إلى لبنان. بعد ثلاثة أيام، قام مجهولون بدخول شقتها ومصادرة نسخة من "الأنبياء الجدد"، وهي مخطوطة وصفت فيها تجربتها كمعتقلة سياسية، فضلاً عن المنشورات الصادرة عن مختلف الأحزاب المعارضة السورية، ولا تزال[حسن] قيد الإعتقال.

وقالت سارة ليا ويتسن: "إن الحكومة التي لا تحترم حقوق مواطنيها لا يمكن الإعتماد عليها في إحترام أي إلتزام دولي آخر، لأي طرف"، وأضافت: "وضع حد لإضطهاد المواطنين السوريين يجب أن يكون جزءاَ لا يتجزأ من أي خطة لإعادة تأهيل هذه الحكومة من عزلتها".

ولا يزال اثنان من محاميي حقوق الإنسان، مهند الحسني، رئيس المنظمة السورية لحقوق الإنسان (سواسية)؛ وهيثم المالح، 79 عاماً، محام حقوق إنسان بارز سجن عدة مرات سابقاً؛ لا يزالان قيد المحاكمة. في 18 فبراير/شباط، مثل الحسني أمام محكمة جنايات دمشق للإستجواب بتهمة "إضعاف الشعور القومي" و "نشر معلومات كاذبة أو مبالغ فيها" فيما يتعلق برصده لنشاط محكمة أمن الدولة العليا، وهي محكمة إستثنائية لا تتمتع المحاكمات أمامها بأي ضمانات إجرائية تقريباً.

مثل المالح أمام قاض عسكري في 22 فبراير/ شباط ليواجه تهماً جديدة هي "إهانة رئيس الجمهورية" و "الإفتراء على هيئة حكومية". ووفقاً لأسرته، فإن وضعه الصحي آخذ في التدهور منذ أن منعت إدراة سجن عدرا العائلات من إحضار الدواء للسجناء في 11 فبراير/ شباط. ورفض المالح، الذي يعاني من السكري ومن فرط نشاط الغدة الدرقية، أخذ دواء من صيدلية السجن لإعتقاده بأنه دواء رديء النوعية.

وقالت سارة ليا ويتسن: "في حين يستقبل المسؤولون السوريون الدبلوماسيين الغربيين في صالات مذّهبة، فإنهم يسجنون أي شخص يجرؤ على التلفظ بأي كلمة نقد في زنازين أقبية سجونهم".

كما اتخذت أجهزة الأمن إجراءات صارمة أيضاً بحق النشطاء السياسيين، وبخاصة القياديين الأكراد. في 26 ديسمبر/كانون الأول، اعتقل الأمن السياسي أربعة أعضاء بارزين في حزب يكيتي الكردي: حسن صالح، محمد مصطفى، معروف ملا أحمد، وأنور ناسو. والأربعة لا يزالون قيد الإعتقال بمعزل عن العالم الخارجي. وفي تقرير صدر مؤخراً، وثقت هيومن رايتس ووتش القمع المتزايد للأكراد في سوريا في أعقاب المظاهرات الكردية واسعة النطاق في مارس/ آذار 2004.

وسعت السلطات السورية من نطاق حظر السفر على النشطاء, إذ منعت أجهزة الأمن في 24 فبراير/ شباط، رديف مصطفى، رئيس مجلس إدارة اللجنة الكردية لحقوق الإنسان، ومنسق التحالف السوري لمناهضة عقوبة الإعدام، من السفر إلى جنيف لحضور المؤتمر السنوي الرابع لمناهضة عقوبة الإعدام. ووفقاً لدراسة نشرت في فبراير/ شباط 2009 صدرت عن المركز السوري للإعلام وحرية التعبير، فإن ما لا يقل عن 417 ناشط سياسي وحقوقي ممنوعين من السفر.

وقال محام سوري طلب عدم ذكر اسمه لهيومن رايتس ووتش عبر الهاتف: "عدنا إلى الأيام القديمة السيئة التي كان عليك فيها أن تراقب كل كلمة تقولها".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.