Skip to main content

غزة: التحقيق في إطلاق النار يجب أن يؤدي إلى الملاحقة القضائية

مقتل سبعة أشخاص وإصابة أكثر من 90 آخرين جرّاء نيران عشوائية كثيفة

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الحكومة التي تديرها حماس في غزة أن تشكل لجنة تقصي حقائق مستقلة بعيدة عن الانتماءات الحزبية لمحاسبة قوات الأمن على استخدامها للقوة المفرطة والعشوائية ضد متظاهرين مناصرين لفتح في مدينة غزة يوم الاثنين. وقد أصيب أكثر من 90 متظاهراً وتوفي سبعة آخرين حينما فتحت قوات الأمن التابعة لحماس النيران عليهم.

وفي خطاب له يوم الخميس أعلن زعيم حماس إسماعيل هنية عن تشكيل لجنة "نزيهة وعادلة وتتمتع بالشفافية" للتحقيق في أحداث عنف يوم الاثنين. كما أمر بإطلاق سراح أعضاء فتح ومناصريهم الذين تم اعتقالهم بعد المظاهرة، بخلاف من "تورطوا في أعمال عصيان وشغب".

وقالت سارة ليا ويتسن المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إننا نرحب بلجنة تقصي الحقائق، لكن يجب أن تكون حقاً مستقلة وفيها أعضاء يتمتعون بالاحترام وبعدم الانتماء الحزبي، ويجب أن يؤدي التحقيق إلى ملاحقة قضائية لأي من عناصر قوات الأمن أو عناصر فتح الذين خالفوا القانون".

وكانت هيومن رايتس ووتش قد قابلت ثلاثة من ضحايا إطلاق النيران في المظاهرة وخمسة شهود عيان، وكذلك مسؤولين من المستشفى ووزارة الصحة والداخلية بغزة. وتكشف الشهادات عن أن قوات الأمن التابعة لحماس، التي هاجمها المتظاهرون المسلحون بالحجارة في بعض الأحيان، قد فتحت النيران بشكل عشوائي على أجزاء من التجمهر؛ لتتسبب في مقتل سبعة أشخاص وإصابة الكثيرين غيرهم.

وقال واحد فقط من بين شهود العيان، وهو أحد ضحايا إطلاق النيران، إنه رأى بعضاً من أعضاء من فتح أو مناصري فتح معهم أسلحة بين المتظاهرين أو حولهم. وهؤلاء الرجال كانوا، على حد قوله، حرس شخصيين معهم مسدسات وكان أحدهم يحمل سلاحاً آلياً. إلا أن هذا الشاهد قال أيضاً إن هؤلاء الرجال غادروا في بداية المظاهرة دون استخدام أسلحتهم.

وقال إيهاب الغصين المتحدث باسم وزارة الداخلية التي تديرها حماس، لـ هيومن رايتس ووتش إن مسلحو فتح أطلقوا النيران على التجمهر وعلى الشرطة من فوق أسطح البيوت كجزء من خطة معدة مسبقاً. وأصيب ستة رجال شرطة في ذلك اليوم على حد قوله، لكن كان هذا في أجزاء أخرى من غزة وليس على صلة بالمظاهرة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن ما توصلت إليه من نتائج، والتي كانت منسجمة مع نتائج منظمات حقوق الإنسان المحلية، لا يدعم مزاعم الغصين.

وقالت سارة ليا ويتسن: "ربما لن يتسنى معرفة متى بدأ العنف المسلح على وجه الدقة، لكن الواضح أن قوات حماس استخدمت قوة مفرطة وعشوائية ما إن بدأ العنف".

وقد جاء في المعايير القانونية الدولية بشأن استخدام القوة، بما في ذلك مبادئ الأمم المتحدة الأساسية الخاصة باستخدام القوة والأسلحة النارية من قبل مسؤولي إنفاذ القانون، أنه يجب على ضباط الشرطة قدر الإمكان استخدام وسائل غير عنيفة قبل اللجوء إلى استخدام القوة والأسلحة النارية. وحينما يصبح استخدام القوة والأسلحة النارية القانوني لا مفر منه، فيجب أن تكون القوى المستخدمة متناسبة مع درجة خطورة الاعتداء وإنجاز الهدف المشروع من الاستخدام، مع تقليل الضرر والإصابات.

وقالت سارة ليا ويتسن: "يجب أن تتم محاسبة المسلحين وقادتهم في قوات الأمن على أي استخدام مفرط للقوة".

وفي الأيام التالية على المظاهرة، اعتقلت قوات حماس أعداد كبيرة من أعضاء ومناصري فتح، وهم 450 شخصاً طبقاً لفتح، لكن العدد غير مؤكد. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية لـ هيومن رايتس ووتش إن هؤلاء المحتجزين "ليسوا أكثر من 100 شخص". وهم محتجزون في مركز احتجاز يدعى المشتل، حسب قوله، والذي يديره جهاز الأمن الداخلي التابع لحماس.

وفي أكتوبر/تشرين الأول حققت هيومن رايتس ووتش في معاملة الأشخاص المحتجزين من قبل قوات حماس في غزة، خاصة أعضاء ومناصري فتح وقامت بتوثيق نسق من الإساءة الخطيرة، خاصة في المشتل.

وقالت سارة ليا ويتسن: "المشتل معروف بسمعته السيئة في العنف والإساءة إلى المحتجزين، بما في ذلك التعذيب". وأضافت: "وأي محتجزين تابعين لفتح متواجدين هناك الآن، فهم في خطر داهم".

أحداث العنف بمدينة غزة في 12 نوفمبر/تشرين الثاني
في 12 نوفمبر/تشرين الثاني نظمت فتح مظاهرة في مدينة غزة في الذكرى الثالثة لوفاة مؤسس فتح ياسر عرفات. وشارك ما يقدر بـ 250000 شخص من جميع أنحاء غزة، في أكبر إظهار لدعم فتح منذ استيلاء حماس على السلطة في يونيو/حزيران. وقد منحت حماس التصريح بعقد المظاهرة، وكان مقرراً لها أن تبدأ في الواحدة ظهراً في الكتيبة، بالقرب من جامعة الأزهر.

وفي وقت متأخر من الصباح تجمعت الحشود حول الجامعة. وقال شهود العيان إن الأجواء كانت سلمية ولكنها متوترة، وإن قوات أمن حماس وضعت نقاط تفتيش وتمركز رجال مسلحون على أسطح البنايات العالية. واختلط عناصر من حماس في ثياب مدنية بالحشد، على حد قولهم. وراح المتظاهرون يوبخون عناصر الأمن بغناء "شيعة، شيعة"، وهو قول شائع في غزة لتوجيه الإهانة، في إشارة إلى الدعم الذي تتلقاه حماس من إيران، وهي دولة شيعية بالأساس. وغالبية الفلسطينيين، بمن فيهم أعضاء ومناصري حماس، من السُنة.

وطبقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان ومقره غزة (http://www.pchrgaza.ps) وقع الصدام الأول حوالي الساعة 11:30 صباحاً. إذ فتحت قوات حماس النيران وقتلت طارق محمود النجار، 29 عاماً، برصاصات اخترقت صدره ويده اليمنى. وقال المتحدث باسم الداخلية إنه قد قتل على أيدي مسلحي فتح المتمركزين على أسطح المنازل القريبة بشارع الصناعة، الواقع على بعد 300 متر من موقع المظاهرة.

وتدهورت حالة العنف بحلول الساعة الواحدة ظهراً، بعد أن أنصتت الحشود الغفيرة لخطابات من زعماء فتح ثم وهم في طريقهم للعودة إلى بيوتهم. وواجهت مجموعة من مناصري فتح المسلحين بالأحجار قوات الأمن التابعة لحماس، الذين، وحسب التقارير، فتحوا نيران الأسلحة الآلية في الهواء ثم، وطبقاً للشهود، أطلقوا النيران عشوائياً تجاه الحشود. وطبقاً لرجل أصيب فقد بدأ العنف حينما حاولت قوات الأمن اعتقال ثلاثة من مناصري فتح كانوا يلتقطون الصور من هواتفهم النقالة، رغم أنه لم يشاهد هذا بنفسه.

وطبقاً لمسؤول من مستشفى الشفاء (أكبر مستشفى بمدينة غزة)، وطبقاً لوزارة الصحة التي تديرها حماس، فبالإضافة إلى طارق محمود النجار، فالتالين هم من توفوا:

  1. إبراهيم محمود أحمد، 13 عاماً، من بيت حانون
  2. حسام بدر العوضي، 26 عاماً، مدينة غزة
  3. كمال زيارة، 19 عاماً، مخيم لاجئين الشاطئ
  4. محمد أحمد المصري، 67 عاماً، خان يونس
  5. أيوب أبو سمرا، السن غير معروف، دير البلح

ويوجد شخص سابع، هو مروان النونو، 21 عاماً، توفي بعد يومين متأثراً بإصابته بطلقات نارية.

وأخبر مسؤول بمستشفى الشفاء هيومن رايتس ووتش بأن كل الضحايا ماتوا متأثرين بطلقات نارية، ومعظمهم أصيبوا في الرأس. وطبقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، كانت الإصابات بالأعيرة النارية التي أصيب بها الأشخاص الخمسة المذكورين أعلاه في العنق، والرأس، والصدر، والصدر والرأس على التوالي. والمصاب السابع، النونو، توفي يوم الأربعاء، وكان مصاباً بطلق ناري في الرأس.

وقال شهود العيان لـ هيومن رايتس ووتش إنه بعد إطلاق النار شاهدوا أعضاء حماس في الثياب المدنية يضربون الناس بالعصي والهراوات.

وطبقاً لسجلات المستشفى، تلقى 94 شخصاً رعاية طبية جراء الإصابات التي لحقت بهم أثناء وبعد المظاهرة. ومن بين هؤلاء الأشخاص، تم علاج 50 شخصاً في مستشفى الشفاء والباقين في مستشفى القدس جنوبي مدينة غزة.

ويوم الثلاثاء قابلت هيومن رايتس ووتش ثلاثة من المتظاهرين المصابين في مستشفى الشفاء. (ي. ج.)، صبي في السادسة عشرة من العمر، قال إنه سمع الأعيرة النارية وهو ذاهب إلى بيته عند طرف المظاهرة:

عند التقاطع [لدى جامعة الأزهر] رأيت رجلاً سقط على الأرض بعد أن أصيب. هرعت لأساعده لكن ما إن وصلت حتى أصبت برصاصة في ذراعي. ولا أعرف من أين جاءت الرصاصة، وكان يوجد مبنى من سبعة طوابق يطل على التقاطع، ومسلحو حماس يطلقون النيران من فوق السطح ورجال شرطة آخرين يطلقون النار بدورهم، وبعض الرصاصات في الهواء وبعضها موجهة إلى المتظاهرين. وبعيني شاهدت ثلاثة رجال شرطة عند التقاطع يتخذون أوضاع تشبه أوضاع القناصة ويطلقون النار على الناس.

وبدأ الناس في الصياح: شيعة شيعة... نحوهم، ثم ألقوا بالأحجار على شرطة حماس. لم يكن بين رجال فتح مسلحين، بل مجرد حرس شخصيين لأبو ماهر حلس [من زعماء فتح في غزة] وكانوا مسلحين بالمسدسات وأحدهم يحمل كالشنيكوف لكنهم غادروا قبل نشوب أحداث العنف.

ورحت أركض كأنني صبي مجنون بسبب الألم في ذراعي. لم تكن هناك سيارات. وتناوب الناس على حملي لإخراجي من الميدان. عرفت فيما بعد أن المشكلات بدأت حينما حاولت الشرطة اعتقال ثلاثة من مناصري فتح كانوا يستخدمون هواتفهم النقالة في التصوير قرب التقاطع حيث كان يوجد عدد كبير من رجال الشرطة والمسلحين في ثياب مدنية متمركزين. وحاول الناس منع حماس من اعتقال الرجال الثلاثة وبدأ إطلاق النار في ذلك الحين.

وشرح أحد مناصري فتح من دير البلح، ويبلغ من العمر 22 عاماً، كيف تعرض للإصابة:

حضرت إلى المسيرة قادماً من دير البلح. وحين انتهت حوالي الساعة 12:30، سمعت فجأة بعض الأعيرة النارية التي جاءت من خلفي. وذهبت إلى هناك عند تقاطع [جامعة الأزهر] على مسافة حوالي 50 متراً من مجمع الشرطة الرئيسي في غزة، ووجدت عشرات من قوات الشرطة [حماس] وكانوا في كامل انتباههم وأسلحتهم مصوبة إلى الناس.

وراح الناس يصيحون: شيعة، شيعة، في حماس. واقتربت لكن فجأة فتح أحد رجال الشرطة النيران بشكل عشوائي في الناس. وأردي قتيلاً على الفور شاباً كان يقف إلى جواري وأصبت برصاصة في ساقي اليسرى. ووصلت إلى المستشفى بعد حوالي ساعتين لأن سيارات الإسعاف لم تتمكن من الحضور إلى الموقع ولم تكن هناك سيارات كافية لكل هذا العدد من الأشخاص.

أ. هـ.، 17 عاماً، شرح كيف تعرض للإصابة برصاصة في بطنه:

هرعت بحثاً عن ساتر كما فعل غالبية الناس الذين كانوا متواجدين وقت إطلاق النار فجأة لدى نهاية المظاهرة. وفيما كنت أجري، أصابني طلق ناري في بطني. ولا أعرف من أين كانت الرصاصات تأتي، لكن أجزم أنني لم أر أسلحة مع أحد من طرف فتح. وحين هاجمت الشرطة المسيرة، ألقى الناس عليهم بالحجارة.

وطبقاً للمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، احتجزت شرطة حماس مؤقتأ ما لا يقل عن ثلاثة صحفيين كانوا يغطون المظاهرة. وفُرض الاحتجاز المؤقت على مراسل أجنبي واحد على الأقل وهو بول مارتن من صحيفة تايمز الصادرة في لندن.

وطبقاً لإيهاب الغصين، المتحدث باسم وزارة الداخلية، فاللوم على أحداث العنف التي وقعت يوم الاثنين يقع على فتح. وقال إن أربعة رجال شرطة قد تم إطلاق النار عليهم وأصيبوا إصابات خفيفة في شمالي غزة قبل المظاهرة وأصيب اثنين آخرين في تبادل لإطلاق النار في منطقة النصيرات، جنوبي مدينة غزة. وأثناء المظاهرة، حسب قوله، تمركز مسلحو فتح على أسطح البيوت المطلة على المظاهرة وعلى بنايات جامعة الأزهر.

وقال المتحدث باسم الداخلية: "كانت توجد خطة مسبقة لفتح في إحداث المشكلات والعصيان استغلالاً للأعداد الغفيرة". واضاف: "وأجل، بالطبع بعد انتهاء المتحدثون من خطاباتهم أطلق المسلحون النيران من فوق [أسطح] جامعة الأزهر على الناس والشرطة. واقتربت الشرطة من الموقع لرؤية من يطلق النار لكن المسلحون استمروا في إطلاق النار واستمرت الحوادث المؤسفة وانتهت بموت وإصابة عدد كبير من الفلسطينيين".

واعتقلت الشرطة اثنين من مسلحي فتح، حسب قوله، بالإضافة لعدد من "مثيري الشغب" الذين تم اعتقالهم في المظاهرة. كما صادرت الشرطة قنابل ومسدسات حسب قوله.

ويوم الثلاثاء، زارت هيومن رايتس ووتش وحدة الرعاية المركزة في مستشفى الشفاء، حيث يتلقى المذكورين أدناه الرعاية:

  1. محمود محمد الرفاعي، 23 عاماً، أصيب برصاصة في العنق
  2. يوسف الديري، 18 عاماً، رصاصة في الرأس
  3. مروان النونو، 21 عاماً، رصاصة في الرأس (توفي يوم الأربعاء)
  4. أحمد الوادية، 20 عاماً، رصاصة في البطن

كما قدمت وزارة الصحة تفاصيل عن المصابين:

  • أربعة أشخاص، بمن فيهم طفل في الخامسة من العمر، وهو عاطف الغار، أصيبوا بأعيرة نارية في الرأس.
  • ستة مصابين تلقوا الرعاية الطبية للإصابة بكسور في العظام.
  • تلقى ثمانية أشخاص العلاج من الصدمة.
  • تلقى خمسة أشخاص العلاج من الضرب المبرح: محمد ماضي، 20 عاماً، من خان يونس، وناجي سليمان، 24 عاماً، من مخيم الشاطئ للاجئين، وعلا عدنان شعث، 20 عاماً من خان يونس، ويحيى أحمد النجار، 23 عاماً من جباليا، وبسام أبو عبيد، 22 عاماً من رفح.

للاطلاع على المزيد من تقارير هيومن رايتس ووتش حول العنف في الأراضي الفلسطينية المحتلة:
• "الأراضي الفلسطينية المحتلة: على الجماعات معاملة الأسرى بشكل إنساني"، يونيو/حزيران 2007:
https://www.hrw.org/english/docs/2007/06/16/isrlpa16199.htm
• "غزة: الفصائل الفلسطينية المسلحة ترتكب جرائم خطيرة"، يونيو/حزيران 2007:
https://www.hrw.org/arabic/docs/2007/06/13/isrlpa16170.htm

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.