Skip to main content

إسرائيل/الأراضي الفلسطينية المحتلة: لا تطلقوا النار على العناصر الطبية

ست هجمات على موظفي الإسعاف وسيارات الإسعاف الفلسطينية

قالت هيومن رايتس ووتش أن القوات الإسرائيلية شنت هجمات أدت إلى إصابة عناصر الطوارئ الطبية الفلسطينية وإلى إلحاق الضرر بسيارات الإسعاف في ستة حوادث منفصلة على الأقل في قطاع غزة بين 30 مايو/أيار و20 يوليو/تموز. ودعت هيومن رايتس ووتش القوات الإسرائيلية إلى احترام المكانة المحمية لعناصر الطوارئ الطبية والمرافق الطبية في جميع الأوقات، لدى قيامها بعمليات عسكرية في قطاع غزة.

لقد وقعت خمسة حوادث خلال العمليات العسكرية التي بدأت في غزة بتاريخ 25 يونيو/حزيران، ووقع ثلاثة منها خلال عمليات محيط مخيم المغازي التي بدأت في 18 يوليو/تموز.

وفي جميع الحوادث أفاد عناصر الطوارئ الطبية إنهم كانوا يلبون نداء الفلسطينيين المصابين في عملٍ عسكري سابق ولكنهم اضطروا للانتظار حتى يتوقف الجيش الإسرائيلي عن القصف قبل أن يتمكنوا من إخلاء المصابين.

وقد وقعت أربعة حوادث خلال ساعات النهار، اثنان منها في مناطق مكشوفة. وفي حالتين على الأقل نفذ الهجوم بواسطة طائرة استطلاع بدون طيار تستخدمها القوات الإسرائيلية لاستهداف أشخاص مطلوبين وأفراد مسلحين وهي تمتلك قدرة كبيرة على التصويب الدقيق.

وصرح جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "إن الهجمات التي تطال عناصر طبية واضحة للعيان تعتبر مسألة بالغة الخطورة. إن على إسرائيل أن تجري تحقيقاً نزيهاً وشفافاً في هذه الحوادث لمعرفة سبب استهداف العناصر الطبية. وعليها أن تذكّر قواتها بأن استهداف تلك العناصر ورجال الدين والأشياء التي تحمل رموز اتفاقيات جنيف أمر محظور".

لقد رفضت السلطات الإسرائيلية منذ 12 سبتمبر/أيلول الاستجابة للطلب الذي تقدمت به هيومن رايتس ووتش في 21 أغسطس/آب للحصول على معلومات عن هذه الحوادث. صحيح أن العناصر الطبية ووسائل النقل تفقد حمايتها إذا ارتكبت أو استخدمت في ارتكاب أفعال ضارة بالعدو، ولكن لا يوجد أي دليل ولم يتقدم أحد بأي زعم بأن سيارات الإسعاف قد استخدمت لأي غرض في القتال الجاري في غزة سوى لتأمين المساعدة الطبية الإسعافية ولنقل الموتى والجرحى إلى المستشفيات.

وأكدت هيومن رايتس ووتش إنه لو افترضنا أنه في بعض هذه الحالات تعرضت سيارات الإسعاف والعناصر الطبية للإصابة خلال هجمات القوات الإسرائيلية المتجددة على أهداف عسكرية، فإن كل الحالات تستوجب التحقيق لأن الجيش الإسرائيلي ملزم بعدم إعاقة العناصر الطبية وسيارات الإسعاف الظاهرة للعيان من القيام بوظائفها المناسبة.

وقد تحدث باحثو هيومن رايتس ووتش في قطاع غزة على انفراد مع ستة عناصر طبية وسائق سيارة إسعاف ومتطوع مع جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني. وقد جاء السائقون من مختلف أرجاء قطاع غزة وتحدثوا عن ستة حوادث منفصلة تعرضوا فيها للقصف أثناء استجابتهم لنداءات الإسعاف.

وأخبرنا الدكتور معاوية حسنين، رئيس دائرة الطوارئ وسيارات الإسعاف في الضفة الغربية وقطاع غزة في وزارة الصحة أن هناك 23 حادث تعرضت فيه فرق الإسعاف الطبية للقصف في غزة في يوليو/تموز 2006، لكن هيومن رايتس ووتش لم تحقق سوى في الحوادث الستة المذكورة هنا.

وقد وقعت أربعة من الحوادث خلال ساعات النهار. وحين تعمل عناصر المساعدة الطبية في الليل فإنهم يرتدون ملابس فوسفورية ويستخدمون مشاعل كهربائية ساطعة عندما يسيرون على الأقدام. كما أن عرباتهم تحمل كلمة "إسعاف" واضحة بالعربية والإنكليزية. وقد أظهر شريط فيديو لم يتعرض للتحوير سيارات إسعاف تجمع المصابين من مختلف المواقع في قطاع غزة خلال التوغل العسكري الإسرائيلي في يوليو/تموز حيث كانت هذه السيارات تستخدم بشكل ثابت أضواء لامعة حمراء على سطوحها. وقد قام باحثو المنظمة بزيارة ثلاثة مواقع حدثت فيها الهجمات وحصلوا على شريط فيديو للحادث الذي وقع في 29 مايو/أيار. وكانت الروايات التي قدمها السكان المقيمون في مكان وقوع الهجمات متوافقة مع الرواية التي قدمها سائق سيارة الإسعاف وموظفو الإسعاف.

وقد عرض لنا السائقون زي الهلال الأحمر الفلسطيني الذي كانوا يرتدونه، وهو عبارة عن سترة بيضاء عليها هلال كبير يغطي الظهر وعبارة "الهلال الأحمر الفلسطيني"، باللغتين العربية والإنكليزية. وهناك شعار أصغر على الصدر. كما تحمل الملابس شرائط فوسفورية تعكس الضوء في الليل. ويحمل موظفو الإسعاف في الهلال الأحمر الفلسطيني مشاعل كهربائية ساطعة في الليل ويعملون أزواجاً بشكل يسهل رؤيتهم.

وفيما يلي الحوادث الستة:

  • في 30 مايو/أيار، حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل، استهدفت المدفعية الإسرائيلية موظفي الإسعاف في شمال مدينة بيت لاهيا أثناء قيامهم بإخلاء المصابين، حيث أصيب أحد العناصر، وسجل شريط الفيديو الذي صور هذا الحادث أزيز وانفجار القذيفة التي جرحت العنصر الطبي. ولا يحتوي الشريط على أي صوت أو صورة لقتال بين القوات الإسرائيلية وبين هؤلاء أو بين فلسطينيين مسلحين آخرين.
  • في 12 يوليو/تموز تعرض عناصر الإسعاف الطبي لقصف إسرائيلي بينما هم يخلون المصابين في الكرارة جنوب قطاع غزة، في وقت مبكر من بعد الظهر.
  • في 19 يوليو/تموز حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل فتحت القوات الإسرائيلية النار على موقع كانت العناصر الطبية قد نزلت للتو من سيارة إسعاف لإنقاذ جريح في مخيم المغازي للاجئين.
  • وفي حادثٍ ثانٍ في صبيحة 19 يوليو/تموز أطلقت طائرة بلا طيار صاروخاً سقط بالقرب من أحد السائقين مما أدى إلى إصابته بجروح خطيرة، وكان هذا السائق جزءاً من قافلة من ثلاثة سيارات إسعاف في مخيم المغازي للاجئين، كانت تجمع المصابين جراء غارة إسرائيلية حدثت قبل وقت قصير. كما أدت القنبلة إلى جرح موظف إسعاف آخر بجروح أقل خطورة.
  • في 20 يوليو/تموز، بعد وقت قصير من منتصف النهار أصابت قذيفة، يبدو أنها أطلقت من قارب حربي، سيارة إسعاف وهي في طريقها لإسعاف جريح على طريق البحر جنوب مدينة غزة.
  • وفي حادثٍ ثانٍ في مساء 20 يوليو/تموز، أطلقت طائرة بلا طيار صاروخاً على مبنى كان بجواره سيارتا إسعاف واضحتان على الطرف الجنوبي من مخيم المغازي للاجئين مما أدى إلى جرح سائق وموظف إسعاف.

إن موظفي الإسعاف التابعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني ولدائرة الطوارئ والإسعاف في وزارة الصحة يلبون نداءات الإسعاف بما في ذلك الدعوة لإسعاف ضحايا العمليات العسكرية الإسرائيلية. وأفادنا د. محمد البردويل، رئيس خدمات سيارات الإسعاف في جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أنه لا يوجد خط اتصال مباشر بين خدمات سيارات الإسعاف الفلسطينية والجيش الإسرائيلي. لذلك عليهم الاعتماد على رموزهم الواضحة التي تميزهم كعناصر طبية من أجل سلامتهم، أو انتظار الضوء الأخضر من القوات الإسرائيلية عن طريق اللجنة الدولية للصليب الأحمر.

وقد أخبرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر هيومن رايتس ووتش أنها تعمل كصلة وصل بين القوات الإسرائيلية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من أجل "الحالات الملحة جداً". في هذه الحالات تنقل اللجنة طلباً من الهلال الأحمر الفلسطيني بدخول منطقة ما لمعالجة طارئ طبي إلى القوات الإسرائيلية، وتقوم هذه الأخيرة بإعطاء اللجنة ضمانات تسمح بدخول الهلال الأحمر الفلسطيني إلى المنطقة المعنية. قد تستغرق هذه العملية دقائق وقد تستغرق ساعات.

وفي الحالات الستة التي حققت فيها هيومن رايتس ووتش انتظرت سيارات الإسعاف وموظفو الإسعاف توقف العمليات العسكرية واتخذوا إجراءات وقائية لحماية السيارات والموظفين من خطر الدخول في منطقة قتال. إن لدى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني وقسم دائرة الطوارئ وسيارات الإسعاف في وزارة الصحة خبرة طويلة في العمل داخل مناطق العمليات العسكرية.

يتضمن القانون الإنساني الدولي مواداً من القانون الدولي العرفي الذي يجب أن تحترمه جميع الأطراف المتصارعة. إن أحكام القانون الدولي العرفي، التي تحمي الوحدات الطبية بما فيها سيارات الإسعاف وموظفي الإسعاف، تنص على أن هذه الوحدات "يجب أن تحظى بالاحترام والحماية في كل الظروف". وبالمثل "يجب احترام وحماية وسائل النقل الطبية التي تقتصر مهمتها على النقل الطبي في كل الظروف". ولا يخسر عمال الصحة الذين يقتصر عملهم على العمل الطبي في حضور المقاتلين، منزلتهم المحمية، بل "يخسرون الحماية إذا ارتكبوا، بعيداً عن وظيفتهم الإنسانية، أعمالاً تضر بالعدو".

وقال ستورك: "إنه من غير المقبول أن يحتاج سائقو سيارات الإسعاف وموظفو الإسعاف، الذين مهمتهم الإنسانية هي إخلاء الضحايا ومساعدة الجرحى، إلى الاستشفاء بسبب تأديتهم هذه الوظيفة". وأضاف: "على جميع الأطراف المتحاربة احترام العناصر الطبية، وفي هذه الحالات التي من الواضح فيها أن القصف وإطلاق النار جاء من الجانب الإسرائيلي، يجب إجراء تحقيق فوري ونزيه وفرض العقوبات المناسبة".

الشهادات:
قامت هيومن رايتس ووتش بالتحقيق في الحوادث الستة التالية:

  • 1) حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في 30 مايو/أيار، وبعد فترة من القصف الإسرائيلي في مدينة بيت لاهيا شمال غزة، خرج موظف الإسعاف محمد المقيد وزملاؤه في سيارة إسعاف أخرى، استجابة لنداء إسعاف. كان السكان قد استدعوا سيارة إسعاف بعد أن دخل مقاتلان مسلحان في وقت سابق في طريق ترابي قبالة المدرسة الأمريكية ولم يخرجا. وقال المقيد إنه انتظر وزملاؤه ربع ساعة للتأكد من سلامة الدخول في الطريق الترابي على الأقدام بحثاً عن مصابين. وأضاف أنه لم يكن ثمة طائرة أو قصف إسرائيلي طوال فترة انتظارهم تلك، وعندما دخلوا الطريق، كان أحدهم يحمل مصباحاً ساطعاً يضيء الطريق ويرتدون البدلة الفوسفورية الخاصة بعمال الإسعاف. وكان ثمة عدد من الصحفيين. بعد بضع دقائق عثر عمال الإسعاف على شخص فاقد الوعي؛ وقد أظهر شريط فيديو لوكالة أنباء فلسطينية واطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، أن الرجل يحمل بندقية أوتوماتيكية. نقله عمال الإسعاف إلى السيارة وعادوا يبحثون عن الضحية الثانية وعندها سمعوا أزيز قذيفة قادمة. ومن المعروف أن المقاتلين الفلسطينيين لا يملكون مدفعية ثقيلة. ويظهر شريط الفيديو كيف كان عمال الإسعاف يركضون باتجاه سيارة الإسعاف المتوقفة والأضواء الساطعة في أيديهم عندما وقع الانفجار. وقال المقيد: "سقطت القذيفة بيننا وبين السيارة، على بعد 20 متر تقريباً. عرفت في الحال أنني أصبت. شعرت بالإصابة في رأسي وصدري وبطني وساقي، ولكن لم أفقد الوعي وتابعت الركض. عندما وصلت إلى السيارة، لم يعد بمقدوري أن أتنفس، ولكني استطعت أن أضع قناع الأكسجين. كان في المكان صحفيون يصورون وصحفي من الإذاعة أيضاً. هم أيضاً أصيبوا".
  • 2) في 12 يوليو/تموز بين الساعة الواحدة والثانية بعد الظهر، استجاب موظف الإسعاف جهاد سالم لنداء من الكرارة، شمال شرق خان يونس في جنوب قطاع غزة، بصحبة متطوع وسائق سيارة الإسعاف. وقال إن ثلاث سيارات إسعاف وصلت بعد عدة دقائق مما فهم أنه انفجار قنبلة في منطقة مفتوحة قريبة من مطحنة حبوب محلية، تسببت بإصابات كما نقلت التقارير. كان المكان الذي وقفت فيه سيارة الإسعاف على طريق ترابي غير بعيد عن شارع صلاح الدين الرئيسي، محاطاً بالدبابات الإسرائيلية من جهات ثلاث، من الشمال والغرب والجنوب، على بعد حوالي 100-300 متر. لم يكن في المنطقة مقاتلون يطلقون النار حين وصوله، كما قال، وكان عدد من الأطفال يتجمعون حول ثلاثة مصابين. وقال سالم إن المصابين يبدون بعمر السابعة عشرة، أحدهم فتى معاق، وإنهم لم يكونوا مسلحين حين رآهم. (نقل تقرير لوكالة الأسوشيتد بريس للأنباء في 12 يوليو/تموز عن الجيش الإسرائيلي قوله: "إن الوحدات العسكرية فتحت النار على فلسطينيين مسلحين كانوا يزرعون متفجرات على إحدى الطرق التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لدخول وسط قطاع غزة"، فقتل أربعة قرب مطحنة للحبوب).

    وقامت سيارتا الإسعاف الأولى والثانية بنقل اثنين من المصابين الثلاثة بسلام. ولكن حين اقتربت سيارة سالم وخرج منها لنقل المصاب الأخير، تعرض لإطلاق النار، كما قال. وأضاف أن الجمع تفرق ولم يبق غيرهم في المكان. وذكر أن من أرسله إلى الموقع كان قد اتصل باللجنة الدولية للصليب الأحمر ولكنه لم يكن قد تلقى ترخيصاً بعد للمتابعة. وقال سالم إنه وزملائه كانوا قد اتخذوا كل الإجراءات الوقائية وتفحصوا المنطقة قبل دخولها، وما كان يمكن أن يدخلوها لو ظنوا أنها غير آمنة. "عندما بدأ الرصاص يتطاير، انبطحنا فوراً على الأرض وتشبثنا بها. كان الرصاص يتراقص أمامي على الرمل. بقينا على هذه الحال حوالي 10 دقائق. كانت الرشقات تأتي متباعدة قليلاً، رشقة كل حوالي 20 ثانية، وكانت تأتي من الغرب..أصابت السيارة ست رصاصات، ولكن نحن لم نصب بأذى. بقينا على الأرض حتى توقف إطلاق النار، ثم مضينا إلى السيارة وذهبنا". وقد أرانا محمد بردويل، مدير جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني في غزة، سيارة إسعاف اخترقها الرصاص وقال إن هذه هي السيارة التي تعرضت لهذا الحادث.

  • 3) في ليل 18 يوليو/تموز، حوالي الساعة العاشرة والنصف، استجاب موظف الإسعاف محمد أبو عمرا ومتطوع طوارئ طبية ومقرهما في بلدة دير البلح، لنداء من معسكر المغازي للاجئين، بضعة كيلومترات إلى الشرق، عقب التوغل الذي قامت به القوات الإسرائيلية تلك الليلة. وحسب أقوال مقاتل جريح التقته هيومن رايتس ووتش في المستشفى، شمل التوغل تقدم فريق من القوات الإسرائيلية تحت التغطية التي وفرتها الحوامات، تلته الدبابات. وقال أبو عمرا، موظف الإسعاف، إنه حين بلغ المنطقة كان هناك تبادل عنيف للنار في الحقول وراء المخيم وكانت الكثير من الطائرات بدون طيار تحوم في سماء المنطقة، قال إنه عرفها من الصوت. وأضاف أبو عمرا أنه انتظر في سيارة الإسعاف خارج المخيم في شارع صلاح الدين حوالي 3 ساعات، غير قادر على الاستجابة للنداء بسبب النيران. في حوالي الساعة الواحدة بعد منتصف الليل في 19 يوليو/تموز، تحرك إلى القسم الجنوبي الشرقي من مخيم المغازي، حيث كان ثمة شخص مصاب مستلقياً على الطريق. وقد تجمع حشد من الناس على بعد بضع مئات من الأمتار منه، وعندما تقدم أبو عمرا لم يلاحظ وجود مقاتلين أو أي نشاط قتالي في أي مكان قريب من الجريح. وقال أبو عمرا إنه أوقف سيارة الإسعاف وترك أضواءها ساطعة على بعد حوالي مترين من المصاب ونزل منها. وأخبر أبو عمرا هيومن رايتس ووتش قائلاً: "ما أن خرجنا من السيارة حتى فتحوا النار وبدأ الرصاص يتطاير. عدنا إلى السيارة وتحركنا إلى المكان الآمن الذي كان يتجمع فيه السكان". وقال أبو عمرا إن الرصاص لم يأت من منطقة المساكن داخل المخيم بل من المنطقة المكشوفة التي قال السكان إن الدبابات الإسرائيلية تتمركز فيها.

    وقد قام باحثو هيومن رايتس ووتش حين زاروا المنطقة في 27 يوليو/تموز بتفقد المواقع التي تركزت فيها الدبابات الإسرائيلية في الحقول الواقعة جنوب المخيم، بعد أن انسحبوا منها. يوجد هناك جدار بارتفاع 2-3 أمتار يحاذي الطريق الذي وقع فيه الحادث، وهذا الجدار يفصل المنطقة المأهولة عن الحقول الواقعة في الجنوب، حيث كانت تتمركز الدبابات الإسرائيلية ليل 18-19 يوليو/تموز. وأخبر سكان مخيم المغازي هيومن رايتس ووتش أنه خلال التوغل لم يخرج خرج الإسرائيليون من دباباتهم أو جرافاتهم أو ناقلات جندهم المصفحة بالكاد، وأنهم لم تطأ أقدامهم أرض المخيم كما لم يدخلوه بالسيارات. كانوا يعلمون أنه لا يوجد أي هدف إسرائيلي يمكن أن يستهدفه الفلسطينيون بالقرب من سيارة الإسعاف. إن إطلاق النار المستمر لا يدل على أنه حدث عارض، بل يدل على أنهم كانوا يستهدفون عمال الإسعاف أو شيء آخر إلى جوارهم مباشرة. وقال أبو عمرا: "انتظرنا ساعتين إضافيتين، قبل أن يهدأ القصف مجدداً. بعد ذلك دخلنا وأخلينا المصابين".

  • 4) بعد ذلك في صباح 19 يوليو/تموز، حوالي الساعة السادسة صباحاً، استجاب أبو عمرا لنداء إسعاف آخر، بعد أن كان قد أخلى الجرحى من مخيم المغازي. في هذه المرة استهدف صاروخ أو قنبلة إسرائيلية قافلة من ثلاث سيارات إسعاف. وقال أبو عمرا: "رأيت حوامات وطائرات استطلاع من دون طيار فوق رؤوسنا. وكنا في شارع لا نستطيع منه رؤية الدبابات المتمركزة في الحقل". وأفاد أحد الساكنين في بيت مجاور، الحاج أحمد، في حديث مع هيومن رايتس ووتش بأنه سمع صوت صاروخين، يفصل بينمها خمس دقائق. وقال العشرات من السكان المحليين إن الأول أصاب المقاتلين والثاني أصاب بعد ذلك بوقت قصير سيارات الإسعاف.

    وقال محمد الصالحي، وهو سائق سيارة إسعاف كان حاضراً حينها، إن الصاروخ الثاني أصاب أنور أبو حوله مباشرة، وهو سائق يبلغ الأربعين من العمر، وموظف إسعاف في سيارة الإسعاف الأخرى، بينما كان يساعد مجموعة من المصابين على الأرض، في حين توجه الصالحي إلى بيت مجاور كان فيه مصابون أيضاً. وقد تفقد باحثو هيومن رايتس ووتش الثغرات التي يقال أنها ناجمة عن صاروخ من طائرة بلا طيار. إحدى الثغرات تقع في جدار حديقة أمام أحد المنازل، وهي حالة تتطابق مع ما تمت مشاهدته في مواقع أخرى، في المغازي وفي مدينة غزة. في حوادث عديدة أخرى كان موظفو الإسعاف يندفعون مباشرة إلى مكان سقوط الصواريخ التي تطلقها الطيارات من دون طيار، في حين أنهم ينتظرون في حالات القصف الأخرى. تستخدم الطائرات دون طيار صواريخ موجهة وهي قادرة على التصويب الدقيق، ففي أكثر من 6 حالات حققت فيها هيومن رايتس ووتش، كانت تطلق صاروخاً واحداً فقط في كل حادث. أما القصف المدفعي فيستمر لفترة أطول ويطلق عادة عدداً من القذائف.

    وتابع أبو عمرا: "في هذا الحادث سقطت قذيفة على زاوية الشارع. كنا في ثلاثة سيارات إسعاف، لأنه كان هناك الكثير من المصابين بعد الغارة الأولى. توقفت السيارة الأولى على بعد حوالي 10 أمتار من مكان سقوط القذيفة. كنا نحن في السيارة الثانية مع موظفي إسعاف عندما سقطت قذيفة. كنت وقتها في السيارة وأصبت في يدي". كان أنور أبو حوله قد خرج من السيارة لمساعدة الجرحى، فأصيب بشظية في الساقة اليمنى وفي الجزء العلوي من جسمه. وقال أحد موظفي الإسعاف الذين كانوا في المكان لهيومن رايتس ووتش: "إن ساق أبو حوله قد بترت تماماً، ربما ظلت معلقة بقطعة من الجلد". فيما بعد تم نقل أبو حوله إلى مشفى إيخيلوف في تل أبيب.

  • 5) في حادث وقع في 20 يوليو/تموز، استجاب علاء السوسي، وهو موظف إسعاف، مع سائق سيارة الإسعاف هنادي المصري، لنداء من أجل إنقاذ جريح من هجوم وقع على سيارة على طريق البحر، جنوب قطاع غزة. وقال علاء السوسي إنه رأى زورقاً حربياً إسرائيلياً في عرض البحر، ويعتقد أن الزورق هو الذي استهدف السيارة. وحين اقترب من مكان الحادث حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف من بعد الظهر، رأى السوسي، كما قال، سيارة إسعاف أخرى من بلدة دير البلح، الواقعة بضعة كيلومترات إلى الجنوب، كانت قد سبقته. استدار علاء ليعود. وبعد حوالي 100 متر من المكان الذي استدار عنه، انطلقت قذيفة من جهة القارب الإسرائيلي إلى الغرب وأصابت مؤخرة سيارته من الجانب الأيسر، فحطمت الزجاج الخلفي. وقال السوسي إن سيارته كانت الوحيدة المتحركة على الطريق في ذلك الوقت، وأن سيارة الإسعاف الأخرى والسيارة التي كانت قد تعرضت أصلاً للقصف كانتا السيارتان الوحيدتان، إلى جانب سيارته، على الطريق. ولم يكن ثمة أحد في المكان، كما قال. وأضاف أن سيارته ظلت تعمل مع ذلك، فعاد أدراجه إلى مدينة غزة.
  • 6) في حادثة ثانية في 20 يوليو/تموز، استجاب محمد الصالحي، سائق سيارة إسعاف، ومحمد العزايزة، موظف إسعاف، لنداء في الساعة السابعة وعشرين دقيقة مساء، من الناحية الجنوبية من مخيم المغازي للاجئين. لم تكن الشمس قد غابت بعد، ولكنهما أشعلا أضواء السيارة. وقال سائق سيارة إسعاف على بعد 30-50 متر أمامهما للصالحي أن يتبعه، حيث لم يكن هناك دلائل على قتال جار فاعتبر أن التقدم آمن. ووصلا إلى مكان يبعد حوالي 200 متر من مكان سقوط قذيفة من طائرة بلا طيار. وقد قال كل من الصالحي والعزايزة لهيومن رايتس ووتش إنهما لم يلاحظا أي قتال أو أي فلسطيني مسلح في محيط المكان. في تلك اللحظة قال الصالحي إنه شاهد قذيفة تضرب مبنى سكنياً مؤلفاً من عدة طوابق على يسارهم مباشرة، من بين السيارتين، أدى إلى انهيار عامود من الخرسانة من السقف. وقال الصالحي إنهم كانوا يرتدون سترات مضادة للرصاص، ولكن الشظية جاءت من نافذة السائق وأصابته في كتفه الأيسر. وأصيب موظف الإسعاف، العزايزة، الذي كان على المقعد المجاور للسائق بجروح طفيفة في يده. وقال الصالحي إن الشارع كان ضيقاً جداً لا يمكن للسيارة أن تستدير فيه، لذلك رجع بالسيارة إلى الخلف حتى وصل إلى مكان أكثر أمناً. لا بد من إجراء تحقيق نزيه في هذه الحالة لمعرفة سبب عدم اتخاذ القوات الإسرائيلية الإجراءات الوقائية لعدم إصابة سيارة الإسعاف الواضحة للعيان، حتى لو كان المبنى هدفاً مشروعاً.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة