Skip to main content

رسالة إلى سيادة اللواء حبيب العادلي.. وزير الداخلية

وحسب روايات القرويين ومحاميهم، إضافةً إلى المعلومات التي جمعتها منظمات حقوق الإنسان المصرية، فإن حصار ساراندو والمنطقة المحيطة بها على علاقة بالخلاف المستمر بين أسرة مالك الأرض صلاح نوّار وبين القرويين المحليين. حيث يصر القرويون ومحاموهم على أن لهم حقاً قانونياً بالبقاء في الأرض التي قام كثيرٌ منهم بفلاحتها لعدة أجيال ، لكن أسرة نوار استخدمت التخويف والاحتيال في محاولة لإجبار القرويين الذين يفلحون الأرض المتنازع عليها على توقيع وثائق تنازل عن ذلك الحق.
وفي الواقع، فقد حدثت الهجمات الحالية عندما شرع المحامون بمحاولة الحصول على نسخ من وثائق ملكية يقولون أنها تؤيد دعوى القرويين بالأرض المتنازع عليها. وأفادت التقارير بأن رئيس مركز شرطة دمنهور قد استخدم الاحتجاز العشوائي والتهم الجنائية الكاذبة والتخويف لمساعدة أسرة نوار في مسعاها لإجبار الفلاحين على الخروج من الأرض المذكورة. ويقدر "ناشطو حقوق الإنسان" من "مركز الأرض لحقوق الإنسان" و"مركز الدراسات الريفية"، الذين يتابعون القضية منذ يناير/كانون الثاني 2005، أن حوالي عشرة آلاف من أهالي ساراندو والمزارع التابعة لها يمكن أن يكونوا قد تأثروا بهذا النزاع.
في 10 مارس/آذار 2005، حاول العقيد محمد عمار من مكتب تحقيقات الشرطة في وزارة الداخلية منع وفد مكون من ناشطي حقوق الإنسان ومن الصحفيين، بمن فيهم ممثل هيومن رايتس ووتش، من دخول ساراندو وقرية عزبة البحيرة التابعة لها، قائلاً بأن عليهم الحصول على إذن من وزارة الداخلية أولاً. وقد هدد عمار باعتقال أعضاء الوفد الذين أصروا على الدخول. ورغم هذه التهديدات، قام الوفد بزيارة ساراندو وسكان عزبة البحيرة في 10 مارس/آذار 2005 بهدف جمع المعلومات عن هذه الأحداث. ولقد وجدوا المنطقة مليئةً برجال الشرطة كما وجدوها خاليةً من السكان الذكور. وجمع الفريق من النساء والأطفال الباقين شهادات (مفصلة أدناه) عن الهجمات التي وقعت في القرية أثناء غارة الرابع من مارس/آذار إضافةً إلى الإساءات اللاحقة.

4 مارس/آذار 2005: اعتقالات عشوائية وهجمات شنها مسلحون وعنف الشرطة
أفاد القرويون بأنه في حوالي الساعة الرابعة من صباح 4 مارس/آذار 2005، قامت قوة من الشرطة يقودها العقيد محمد عمار بمهاجمة القرية واقتحام المنازل واعتقال 7 رجال. وتم تقديم المعتقلين لمكتب النيابة في 5 مارس/آذار، وتم اتهامهم استناداً إلى تقرير الضابط عمار بسرقة محاصيل نوار ومنعه من زيارة أرضه، وذلك رغم أن ملكية الأرض المقصودة هي موضع نزاع . وبالمناسبة، فقد بقي الضابط عمار في منصبه رغم كونه خاضعاً للتحقيق بسبب ضربه لامرأة حامل (خيرية عبد المنعم) متسبباً بنزيف استدعى نقلها إلى المستشفى . وتم الادعاء بأن حادثة الضرب وقعت خلال غارة مشابهة على القرية قامت بها قوات الأمن في 5 يناير/كانون الثاني.
وأفاد الفلاحون بأنه وفي الساعة السابعة صباحاً تقريباً، وصل إلى القرية عدد كبير من الرجال المسلحين بالبنادق والسيوف يقودهم أعضاء من أسرة نوار، وكان معهم شاحنات وجرارات. وبدأت المجموعة بإتلاف المحصول. قاوم القرويون الباقون تلك الهجمة، وكان من بينهم عدد كبير من النساء والأطفال، وقد تم ضربهم من قبل المهاجمين. وقد أدى صراخهم إلى مجيء الرجال من المزارع المجاورة وتمكنت كثرة عددهم من إجبار المسلحين على الفرار. لكن أحد المسلحين قُتِلَ في العراك وتفيد التقارير بأنه قتل بعيارٍ ناري، وقد جُرحَ عدد غير معروف من القرويين الذين أفادت التقارير بأن بعض إصاباتهم كانت بفعل عيارات نارية، كما تم إحراق بعض الجرارات . أما الذكور الباقين من القرويين فقد هربوا من المنطقة خوفاً من العقاب.
وصلت القرية أعداد كبيرة من الشرطة بقيادة محمد عمار في حدود الساعة العاشرة صباحاً وبدأت باعتقال القرويين ومضايقتهم. وقد وصفت النساء اللواتي قابلهن ناشطو حقوق الإنسان كيف اقتحم رجال الشرطة المنازل، وسرقوا الطعام والممتلكات القيّمة، وأتلفوا الأثاث، وضربوا النساء اللواتي حاولن حماية أزواجهن وأبنائهن، وكيف احتجزوا النساء والأطفال عندما لم يتمكنوا من العثور على أقاربهم من الرجال المطلوبين.
وحسب أقوال القرويين وناشطي حقوق الإنسان، فقد تم اعتقال ما لا يقل عن 13 امرأة في غارة 4 مارس/آذار، إضافةً إلى خمسة أطفال على الأقل: فتاة في التاسعة وصبي في السادسة وفتاة في الخامسة وفتاة في الثانية وصبي في الثانية من عمره. ومازال مكان احتجاز هؤلاء غير معروف. وقد أفيد بأن امرأة واحدة على الأقل من النساء اللواتي احتجزن في غارةٍ لاحقة قد أجبرت على المغادرة وترك رضيعها الذي يبلغ يومين من العمر.
وأفيد بأن الشرطة أهانت النساء والبنات أثناء الغارة، وقامت بربط المحتجزات منهن بواسطة ضفائرهن إضافةً إلى تقييد الأيدي، وفي بعض الحالات تم ضربهن على الوجه بالأحذية.

4- 10 مارس/آذار 2005: حصار وإساءات وتخويف
قالت نساءٌ تمت مقابلتهن في ساراندو أن الشرطة قد أجبرتهن على ملازمة المنازل بعد غارة 4 مارس/آذار، ومنعتهن من تفقد الحقول والحيوانات التي مات كثيرٌ منها بسبب نقص الرعاية. وقلن أيضاً بأن الشرطة قطعت الخطوط الهاتفية القليلة في القرية مما زاد من عزلتهن.
وأضافت النساء بأن الطعام كان قليلاً في كثيرٍ من البيوت بسبب سرقات رجال الأمن وبسبب إتلاف المواد الغذائية أثناء الغارات، إضافةً إلى حظر التجول الذي منعهن من الوصول إلى الحيوانات والحقول والأعمال الزراعية خارج القرية.
وروت بعض النساء، اللواتي تم احتجازهن بشكلٍ غير قانوني، تجاربهن المخيفة أثناء الاعتقال. وتحدثت امرأة عن أنها كانت من ضمن مجموعة من 14 امرأة، بينهن ثلاثٌ عجائز، قامت الشرطة بعصب عيونهن ونقلهن من مركز شرطة إلى آخر لمدة خمسة أيام حيث كنّ يفترشن الأرض العارية دون بطانيات ودون طعامٍ أو ماء. وقد وصفت امرأة أخرى كيف احتجزت في العراء مع أطفالها الثلاثة الصغار لمدة ثلاثة أيام دون طعام ودون بطانيات لإجبارها على الإدلاء بشهادة كاذبة تقول بأن زوجها قد شارك في حرق أحد الجرارات.
وعندما انتقل الوفد من ساراندو إلى عزبة البحيرة، والمسافة هي 500 متر تقريباً، قام العقيد عمار والعقيد فؤاد شاهين من مديرية شرطة دمنهور، وضابطي شرطة من رتبةٍ أدنى، بتأخير انتقالهم بأن مشوا أمام سيارتهم ببطء إلى أن غادرت سيارتا نقل، من أصل ثلاث سيارات تابعة للشرطة كانت مرئية من الطريق، عزبة البحري. وعندما وصل الوفد بعد عدة دقائق وجدوا مجموعة من النساء الباكيات اللواتي أخبروهم بأن سيارة الشرطة قد رحلت لتوها حاملةً خمس نساء وفتيات كنّ محتجزات في بيتٍ مجاور.
وقد صفت نساء من عزبة البحيرة الغارات الليلية المتواصلة التي يقوم بها رجال الشرطة بحثاً عن الرجال المطلوبين. وقالت إحدى النساء أنهن قد أرسلن البنات للنوم في الحقول خشية أن يقوم رجال الشرطة بالإساءة إليهن جسدياً أو جنسياً.
ونظراً لاختباء عدد كبير من رجال القرية، فقد كان من الصعب معرفة العدد الدقيق للمحتجزين. لكن الباحثين في مركز الدراسات الريفية يقدرون أن عدد الرجال الذين مازالوا محتجزين لا يقل عن 52 رجلاً. وقد أخبرت النساء في ساراندو وعزبة البحيرة ناشطي حقوق الإنسان أنهن لا يعرفن مكان احتجاز أزواجهن وأبنائهن، وأنهن قلقات على سلامتهم.
ويتزايد خوف النساء بفعل "الاختفاء" المحتمل في الحجز لأبو زيد محمود الفقي الذي كان المدعي العام في دمنهور قد أمر بإطلاق سراحه في 6 مارس/آذار 2005. كان الفقي محتجزاً منذ إغارة الشرطة على ساراندو في 5 يناير/كانون الثاني 2005. ولا يوجد في السجلات ما يشير إلى إصدار مذكرة توقيف إدارية بحقه، كما أن الشرطة تنكر وجوده رهن الاعتقال، ولم يسمع أحد عن مغادرته مركز الشرطة، كما أنه لم يشاهد منذ صدور قرار إطلاق سراحه.
15 مارس/آذار 2005: موت نفيسة زكريا محمد المراكبي
قام وفد من ممثلي تسع منظمات لحقوق الإنسان، بمن فيهم أطباء من مركز النديم، بزيارة ساراندو في 16 مارس/آذار 2005 . وتبعاً لشهود العيان الذين تمت مقابلتهم فقد اعتقلت قوات الأمن نفيسة زكريا محمد المراكبي، 38 عاماً، من منزلها في ساراندو . ثم اقتادوها إلى أحد بيوت ساراندو الذي حوّلوه إلى مركز اعتقال مؤقت. وأخبرت النساء المحتجزات معها الوفد بأن عناصر الشرطة قد أرهبوا المراكبي وأهانوها بأن نزعوا نقابها وأمسكوا بصدرها وبطنها بينما كانوا يوجهون لها تهديدات جنسية. تعرضت نساء المجموعة إلى نفس الإهانات والمعاملة المؤلمة. وبعد ذلك أخذت قوات الأمن كل واحدة من النساء بشكلٍ منفصل إلى خارج المنزل لفترة من الزمن. لا يوجد شهود على ما حدث للمراكبي خارج المنزل، لكن الذين شاهدوها بعد إطلاق سراحها في الثالثة بعد الظهر وصفوا حالتها الجسدية والنفسية بأنها كانت سيئة جداً. في ذلك المساء، أخذها عددٌ من أفراد عائلتها إلى مستشفى دمنهور العمومي، وأعلن عن وفاتها في صباح 15 مارس/آذار 2005. ولم يتم إجراء تشريح للجثة التي أعادها رجال الأمن إلى الأسرة وتم دفنها في اليوم نفسه.
ولم يتمكن أطباء "مركز النديم" من الإطلاع على السجل الطبي للمراكبي فقد قال العاملون في المستشفى أن موظفي مكتب النيابة قد أخذوه. لكن العاملين الطبيين في المستشفى أخبروا "النديم" أن المراكبي كانت في غيبوبة عندما وصلت في الساعة التاسعة من مساء 14 مارس/آذار، لكنهم لم يتمكنوا من نقلها إلى وحدة العناية المركزة بسبب نقص الأسِرّة. واستمرت المساعي لإنعاشها حتى السادسة من صباح 15 مارس/آذار حيث أعلنت وفاتها. ويتحدث السجل الوحيد الباقي على الحاسب الخاص بالمستشفى، عن تشخيص أولي لصدمةٍ خمجية.
وقد أخبر القرويون الوفد أن الشرطة هددتهم، قبل وصول الوفد، بالاعتقال إذا تحدثوا معه، وأن غالبية رجال الشرطة الموجودين في القرية قد تم نقلهم في سيارات تابعة للشرطة قبل وصول الوفد مباشرةً في محاولةٍ واضحة لإخفاء وجودهم.

معالي الوزير، إن هيومن رايتس ووتش تدعوكم إلى اتخاذ تدابير فورية لإنهاء حصار ساراندو والمزارع المحيطة بها. ونطالب بشكلٍ خاص، باتخاذ الإجراءات التالية:
• إنهاء القيود على الحركة ضمن قرية ساراندو ومنها وإليها، إضافةً إلى مزارعها.
• إطلاق سراح كل المحتجزين بدون تهمة.
• التأكد من عدم احتجاز أحد في مكان غير قانوني، والسماح لمحامي جميع المحتجزين وأفراد عائلاتهم بزيارتهم في أسرع وقت وبشكلٍ منتظم.
• سحب قوات الأمن المتمركزة حالياً في القرية والمزارع التابعة لها.
• وقف العقيد محمد عمار وغيره من الضباط المسؤولين عن الهجمات على ساراندو والمزارع التابعة لها عن العمل بانتظار البت في الادعاءات المذكورة أعلاه. واتخاذ التدابير التأديبية المناسبة بحق الأفراد المسؤولين عن الإساءات بما في ذلك إحالتهم إلى المحاكمة حيث يكون ذلك مناسباً.
• تقديم تعويض عاجل وعادل إلى القرويين لقاء الأضرار التي حدثت نتيجة غارات الشرطة أو حظر التجول.

نشكركم على اهتمامكم بهذا الأمر العاجل، ونتطلع لمعرفة التدابير التي يتخذها مكتب النيابة للتحقيق في الإساءات المذكورة أعلاه، ولمعرفة نتائج التحقيق.
مع بالغ الاحترام

لاشون ر. جيفرسون
المديرة التنفيذية
لقسم حقوق المرأة

لويس ويتمان
المديرة التنفيذية
لقسم حقوق الأطفال

سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة