Skip to main content
تبرعوا الآن

تكتب إليكم منظمة هيومن رايتس ووتش هذا الخطاب تعبيرا عن قلقها الشديد بشأن قرار السيد/ أسامه عبد المنعم علي القائم بأعمال المحامي العام لنيابة أمن الدولة العليا الصادر بتاريخ السابع من أغسطس/آب 2003 بتوجيه الاتهام إلى أشرف إبراهيم الناشط المناهض للحرب وأربعة متهمين آخرين، وإحالة قضيتهم إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.

حيث تشعر المنظمة بالقلق لأن التهم المنسوبة إلى أشرف إبراهيم وناصر فاروق البحيري ويحيى فكري أمين زهرة ومصطفى محمد البسيوني وريمون إدوارد جندي مرجان قصد بها عقابهم على ممارستهم المشروعة لحقوقهم الأساسية في التعبير عن الرأي، وتكوين الجمعيات والانضمام إليها، والتماس المعلومات وتبادلها حول الدفاع عن حقوق الإنسان وحرياته. كما إننا نشعر ببالغ القلق لأن المتهمين الخمسة سيخضعون للمحاكمة بموجب أحكام قانون الطوارئ المصري، الأمر الذي يمثل انتهاكا للمعايير المعترف بها دوليا للإجراءات القضائية العادلة.
ومن ثم فإننا نحثكم على ضمان الإفراج عن أشرف إبراهيم دونما إبطاء، وعلى إسقاط التهم الموجهة إليه وإلى الأربعة الآخرين بدوافع سياسية. وإننا لنطرح هذه التوصية انطلاقا من قلقنا بشأن تبعات هذه الملاحقات القضائية لممارسي المعارضة السلمية في مصر، وبشأن عدم قدرة محكمة أمن الدولة العليا طوارئ على تلبية المعايير الدولية للمحاكمة العادلة، وبشأن صحة أشرف إبراهيم وسلامته في الحبس.
تجريم المعارضة السلمية
اتهم المتهمون الخمسة جميعا بموجب المادة 80 (د) والمادة 86 مكرر من قانون العقوبات، وهي نصوص قانونية فضفاضة ومبهمة تجعل معظم أشكال المعارضة السلمية لسياسات الحكومة تندرج تحت عباءة ما يمكن أن يعد إجراما؛ وهكذا فإن استخدام هاتين المادتين في هذه القضية ينطوي على انتهاك للحق في حرية التعبير وحرية التجمع (1). وقد اتهم أشرف إبراهيم وناصر البحيري ويحيى زهرة على وجه التحديد بأنهم "تولوا مسؤولية اللجنة القيادية لجماعة الاشتراكيين الثوريين"، بينما اتهم البسيوني ومرجان بالانضمام إلى عضوية هذه الجماعة. كما اتهم أشرف إبراهيم بأنه "حاز مطبوعات تتضمن ترويجاً وتحبيذاً لأغراض الجماعة"، و"تعمد إرسال معلومات كاذبة لجهات خارجية - منظمات أجنبية لحقوق الإنسان - على خلاف الحقيقة تتضمن انتهاك حقوق الإنسان بالبلاد وكان من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة واعتبارها."

وتنص المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي أصبحت مصر طرفا فيه عام 1982، على ضمان الحق في حرية التعبير عن الرأي، بما في ذلك حرية "التماس مختلف ضروب المعلومات والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين دونما اعتبار للحدود، سواء على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني أو بأية وسيلة أخرى يختارها"؛ كما يكفل العهد الحق في التجمع وفي حرية تكوين الجمعيات والانضمام إليها في المادتين 21 و22. ومن ثم فإن تحريك الدعوة القضائية ضد هؤلاء المتهمين بسبب ما زعم عن تعبيرهم عن آرائهم وممارستهم أنشطتهم السياسية يمثل انتهاكا صارخا لكل هذه النصوص.

ومما يبعث على الانزعاج بوجه خاص اتهام أشرف إبراهيم بالاتصال "بمنظمات أجنبية لحقوق الإنسان"؛ فالحق في الحصول على المعلومات وتبادلها حول حقوق الإنسان أمر ضروري لا للدفاع عن الحريات الفردية فحسب، بل أيضاً لبقاء المجتمع المدني ونهوضه بوظيفته. وجدير بالذكر أن إعلان الأمم المتحدة الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان (الذي اعتمدته الجمعية العامة في عام 1999) ينص في المادة الخامسة منه على أن "لكل شخص الحق، بمفرده وبالاشتراك مع غيره، على الصعيدين الوطني والدولي، في (أ) الالتقاء أو التجمع سلمياً؛ (ب) تشكيل منظمات أو رابطات أو جماعات غير حكومية أو الانضمام إليها والاشتراك فيها؛ (ج) الاتصال بالمنظمات غير الحكومية، أو بالمنظمات الحكومية الدولية. كما تكفل المادة 6 من الإعلان حق كل شخص في "معرفة المعلومات المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية"؛ و"نشر الآراء والمعلومات المتعلقة بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية ونقلها إلى الآخرين وإشاعتها بينهم"؛ و"دراسة ومناقشة وتكوين واعتناق الآراء بشأن مراعاة جميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية في مجال القانون وفي التطبيق على السواء، وتوجيه انتباه الجمهور إلى هذه الأمور، بهذه الوسائل، وبغيرها من الوسائل المناسبة". ومن ثم فإن التهمة الموجهة إلى أشرف إبراهيم تمثل انتهاكاً لهذه المبادئ كلها.

لذلك ينبغي على الحكومة أن تبادر فورا بإيقاف كل الإجراءات القضائية ذات الدوافع السياسية ضد أشرف إبراهيم وناصر فاروق البحيري ويحيى فكري أمين زهرة ومصطفى محمد البسيوني وريمون إدوارد جندي مرجان؛ إذ إن محاكمتهم على أساس هذه التهم تمثل انتهاكا لحقوقهم الأساسية في تكوين الجمعيات والانضمام إليها والتعبير عن الرأي؛ كما نحثكم على ضمان إسقاط التهم الموجهة إليهم بسبب ممارستهم لهذه الحقوق.
المحاكمات الجائرة
كما تشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق البالغ بسبب إحالة هؤلاء المتهمين إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ؛ إذ إن نظام محاكم أمن الدولة طوارئ هو نتاج لحالة الطوارئ التي تُحكم مصر في ظلها منذ صدور القانون رقم 162 لسنة 1958، باستثناء فترات متفرقة. وتُعتبر هذه المحاكم بمثابة نظام قضائي موازٍ معرض إلى حد كبير لتدخل الحكومة ونفوذها، ولا يكفل حق الاستئناف أمام هيئة قضائية أعلى درجة، الأمر الذي يعتبر انتهاكا للمادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تضمن لكل متهم الحق في محاكمته أمام محاكمة مختصة ومستقلة ومحايدة، بالإضافة إلى حقه في المراجعة القضائية للأحكام الصادرة ضده.

إن محاكمة أشرف إبراهيم والمتهمين الآخرين معه في نفس القضية أمام هذه المحكمة تخالف الوعود التي صدرت عن عدد من المسؤولين المصريين مؤخرا، ومنهم سيادتكم، حول تحسين سجل مصر في مجال حقوق الإنسان ودعم استقلال القضاء، وتشي باستمرار عزم الحكومة على اضطهاد المعارضين السياسيين وحرمانهم من الإجراءات القضائية العادلة. ومن ثم فإننا نحثكم على المبادرة فورا بإلغاء قرار إحالة هذه القضايا إلى محكمة أمن الدولة العليا طوارئ.

بواعث القلق المتعلقة بصحة أشرف إبراهيم وسلامته تشعر منظمة هيومن رايتس ووتش بالقلق لاحتجاز أشرف إبراهيم في ظروف تهدد صحته وسلامته؛ فقد داهم أفراد مباحث أمن الدولة منزله في غيابه يوم 17 أبريل/نيسان 2003، وصادروا جهاز الكمبيوتر الخاص به وبعض المعدات الإلكترونية الأخرى وكمية من الأوراق بعد تفتيش المكان دون إبراز إذن التفتيش. وطبقا لما قاله أحد محامي أشرف إبراهيم، فإن إذن التفتيش الذي أدرج في آخر الأمر في ملف القضية كان مؤرخا بتاريخ 18 أبريل/نيسان. وفي 19 أبريل/نيسان سلم أشرف إبراهيم نفسه إلى مباحث أمن الدولة، وظل رهن الاعتقال منذ ذلك التاريخ، وهو الآن في سجن طرة المحكوم. وعلى مدى أكثر من ثلاثة أشهر ونصف الشهر، ظلت نيابة أمن الدولة تجدد حبسه بدون استدعاء الشهود لاستجوابهم أو توجيه الاتهام إليه بصفة رسمية. وورد أن النيابة أخبرت أشرف إبراهيم أثناء هذه الاستجوابات أن التحقيق يجري معه بسبب تنزيله معلومات عن حقوق الإنسان من الإنترنت على جهاز الكمبيوتر ونسخ مواد أخرى من موقع الخدمة الإخبارية لقناة "الجزيرة" الفضائية.

وفي 30 يوليو/تموز بدأ أشرف إبراهيم إضرابا عن الطعام احتجاجا على تمديد حبسه، ومع ذلك لم يعرض على طبيب طوال الأيام الخمسة الأولى من الإضراب، ولم يزره أي مسؤول من النيابة - التي يخولها القانون سلطة التأكد من حالات الإضراب عن الطعام ورصدها - إلا في اليوم السابع. وأثناء إضرابه عن الطعام، ورد أن أشرف إبراهيم كان محبوسا حبسا انفراديا في زنزانة عقابية سيئة التهوية مليئة بالحشرات والهوام. ولئن كان قد أنهى إضرابه عن الطعام الآن كما أفادت الأنباء، بعد أن تم توجيه الاتهام إليه بصفة رسمية، فإن منظمة هيومن رايتس ووتش لا تزال تشعر بالقلق البالغ بشأن حالته الصحية، ولذلك فإنها تحث النيابة على القيام بما يلي:
- الأمر بنقل أشرف إبراهيم فورا إلى منشأة يمكن أن يتلقى فيها الرعاية الطبية المناسبة؛
- السماح لأطباء مستقلين بزيارة أشرف إبراهيم لتقييم حالته الجسمانية والنفسية؛
- ضمان قيام ممثلي النيابة بزيارات منتظمة إلى المحبوسين لتفقد أحوالهم في الحبس والتحقيق في شكاواهم.
وأخيرا فإننا نأمل أن نتلقى من سيادتكم ردا بشأن هذه القضايا الهامة في أقرب فرصة تتاح لكم.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام
جو ستورك
مدير مكتب واشنطن /قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة