Skip to main content

لا جدوى من الحملة الإعلامية المحمومة للحكومة السعودية

بدون إصلاحات حقيقية في مجال حقوق الإنسان

قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم إن الحملة الإعلامية الجديدة التي قامت بها السعودية في الولايات المتحدة لن تفلح في تغيير الرأي العام بشأن المملكة بدون إصلاحات أساسية في مجال حقوق الإنسان.

وقال هاني مجلي، المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في منظمة هيومن رايتس ووتش
"إن استمرار تكبيل حقوق الإنسان الأساسية بالقيود في السعودية ليس سراً ولا يخفى على أحد؛ وشن حملة دعائية وتسويقية باهظة التكاليف لا يصلح أن يكون بديلاً لتغييرات مجدية في الأسلوب الذي تعامل به الحكومة مواطنيها وعمالها المهاجرين البالغ عددهم 5.5 ملايين نسمة"
. ففي 9 يونيو/حزيران، أعلنت السفارة السعودية في واشنطن عن إطلاق حملة دعائية واسعة في معظم الأسواق الإعلامية الرئيسية بالولايات المتحدة، البالغ عددها خمسة وعشرين؛ وقال مسؤولون سعوديون إن هذه الإعلانات تستهدف توعية الرأي العام الأمريكي بالسعودية، وإظهار التزامها الثابت بمحاربة الإرهاب. ونقل عن السفير السعودي الأمير بندر بن سلطان، وهو من الدبلوماسيين السعوديين ذوي النفوذ، قوله:
"بالرغم من كل الاهتمام الذي تلقيناه، فلا يكاد أحد يعرف كيف تبدو السعودية، أو يدرك مدى ما أحرزناه من تقدم خلال السنوات الثلاثين الأخيرة؛ إن المملكة العربية السعودية تشهد حالياً تغيرات كبرى، ونحن نريد إطلاع الأمريكيين عليها".
وكان بعض كبار المسؤولين في الحكومة السعودية قد ذكروا لوفد من منظمة هيومن رايتس ووتش، أثناء زيارته للسعودية في يناير/كانون الثاني 2003، إن المملكة بصدد إجراء بعض الإصلاحات، من بينها نظام جديد للإجراءات الجزائية، وفرض بعض الضوابط والقيود على أفراد الشرطة الدينية، البالغ عددهم 4500، الذين تدفع الدولة رواتبهم، وإنشاء منظمة مستقلة لحقوق الإنسان؛ ولم يشر المسؤولون السعوديون إلى أي خطط لرفع القيود الشديدة على حقوق المرأة، أو كفالة الحرية الدينية للمسلمين وغير المسلمين، أو وضع حد للإجراءات العقابية التي تتخذ ضد الأفراد الذين تعتبرهم الحكومة من منتقديها، مثل مصادرة جوازات السفر والفصل من العمل.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إن معظم الإصلاحات الموعودة لم تتحقق حتى اليوم؛ وأشارت المنظمة، على سبيل المثال، إلى إجراء قمعي اتخذته الحكومة مؤخراً ضد أحد الصحفيين. ففي 27 مايو/أيار، فُصل الصحفي المرموق جمال خاشقجي، رئيس تحرير صحيفة "الوطن" الإصلاحية، من عمله فصلاً فورياً؛ وفي 28 مايو/أيار، أفادت وكالة الأسوشيتد برس للأنباء نقلاً عن بعض الصحفيين العاملين في الصحيفة، التي تملكها مؤسسة خاصة، أن مدير الصحيفة هو الذي فصل خاشقجي، ولكن ذلك جاء امتثالاً لقرار من وزارة الإعلام؛ وجدير بالذكر أن وزارة الإعلام تتحكم في تعيين وعزل كبار المحررين في السعودية.

وكانت صحيفة "الوطن" قد درجت على انتقاد المؤسسة الدينية المحافظة في المملكة، بما في ذلك الشرطة الدينية. وفي أعقاب التفجيرات الانتحارية التي شهدتها الرياض في 12 مايو/أيار، لم يلقِ خاشقجي باللائمة على منفذي هذه الهجمات فحسب، بل ذهب إلى أبعد من ذلك، إذ قال في عموده المعتاد: "الذين ارتكبوا جريمة البارحة ـ التي ستترك أثرها المؤلم على طبيعة وطننا الآمن ـ ليسوا بالإرهابيين الانتحاريين وحدهم وإنما كل من حرض، وكل من برر، وكل من وصفهم بالمجاهدين، بل كل من سكت عن هذا التوجه الشاذ على ديننا وطبيعتنا وبحث لهم عن الأعذار".

وقد جاء فصل خاشقجي بعد فترة وجيزة من موافقة الحكومة على إنشاء تنظيم نقابي للصحفيين السعوديين، وهو واحد من عدة إصلاحات تباهت بها الحكومة وبالغت في الثناء عليها؛ وأفادت صحيفة "آراب نيوز" اليومية السعودية، في عددها الصادر في 26 مايو/أيار، بأن كبار المحررين عقدوا أول اجتماع لهم في مارس/آذار 2003، وأعلنوا أن أهداف الهيئة الجديدة تشمل الارتقاء بمعايير المهنة، وتنظيم أنشطتها، وحماية حقوق الصحفيين.
وقال مجلي
"إن الإصلاحات المدونة على الورق لا يعتد بها كثيراً ما لم تغير الحكومة من ممارساتها في الواقع الفعلي؛ صحيح أن السماح للصحفيين بممارسة حقهم في التنظيم النقابي هو تطور إيجابي، ولكن بشرط ألا يكون مصحوباً بالتخويف المستمر للمستقلين من أعضاء المهنة".
كما أعربت هيومن رايتس ووتش عن قلقها بشأن سرعة إجراء الإصلاحات القانونية، ومن بينها تنفيذ نظام الإجراءات الجزائية في المملكة، الذي أصبح قانوناً ساري المفعول في مايو/أيار 2002. ويكفل هذا النظام حق المتهمين في الاستعانة بمحامين أثناء التحقيقات والمحاكمة، ويتضمن أحكاماً تضفي مزيداً من الشفافية على نظام القضاء الجنائي؛ ولكن من غير الواضح كيف يجري تنفيذ هذا النظام في الواقع الفعلي. وتشعر المنظمة بالقلق بوجه خاص على الآلاف من العمال المهاجرين، من الرجال والنساء، المسجونين حالياً في شتى أنحاء المملكة، وليست لديهم أي دراية تُذكر بالحقوق التي يكفلها لهم نظام القضاء، ولا يتسنى لهم في الواقع الفعلي الاستعانة بمحامين.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه يتعين على الحكومة السعودية، في إطار مساعيها في مجال العلاقات العامة، أن توضح بجلاء للولايات المتحدة والمجتمع الدولي ما تتخذه حالياً من خطوات لتغيير الممارسات الفعلية المقيدة لحقوق الإنسان الأساسية.

وحثت منظمة هيومن رايتس ووتش ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز وغيره من كبار المسؤولين السعوديين على إعلان التزامهم بما يلي:

وضع حد للمضايقات التي يتعرض لها الصحفيون والكتاب، وضمان حرية التعبير.
منح جميع المقيمين في السعودية الحق في حرية تنظيم الجمعيات أو الانتماء إليها بدون أي سيطرة أو تدخل من جانب الحكومة.
السماح بإنشاء منظمات مستقلة تعنى بحقوق المرأة.
السماح للمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان برصد نظام القضاء الجنائي، ولا سيما حالات الأفراد المحكوم عليهم بالإعدام، أو الذين يواجهون تنفيذ هذه العقوبة أو عقوبة بتر الأطراف (تعارض منظمة هيومن رايتس ووتش عقوبتي الإعدام والبتر معارضة مطلقة، باعتبارهما عقوبتين قاسيتين بطبيعتهما).
ضمان الحرية الدينية لجميع الأفراد المقيمين في المملكة، والقضاء على التمييز القائم على المعتقدات الدينية.
منح مزيد من الحماية للعمال المهاجرين عن طريق المصادقة على الاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، وتنفيذ أحكامها.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة