Skip to main content

ذكرت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم أن القوات الأمريكية وقوات التحالف إذ تعد لشن هجوم على مدينة كركوك الواقعة في شمالي العراق، فإن القوات الأمريكية تقع عليها مسؤولية منع اندلاع العنف الطائفي في المدينة.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن احتمال وقوع أعمال القتل واسعة النطاق بدافع الانتقام والنزوح القسري الانتقامي وغيرها من أعمال العنف التي ترتكب ضد الأسر المستوطنة سيصبح قائما فور عودة عشرات الآلاف ممن أجبروا فيما مضى على النزوح، ومحاولتهم استعادة ديارهم التي سبق أن غادروها. وقد كانت كركوك الغنية بالنفط، والتي تقع حاليا تحت سيطرة الحكومة العراقية، هدفا للقصف الجوي الأمريكي على مدى الأيام الأخيرة، كما تم إنزال مظليين أمريكيين في كردستان العراق، ومن المحتمل أن تدخل القوات البرية الأمريكية والمتحالفة معها إلى المدينة في المستقبل القريب.

وقالت هانية المفتي، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بفرع منظمة هيومن رايتس ووتش في لندن، والتي تعمل حاليا في أربيل
"إن كركوك تترقب وقوع كارثة، فإذا لم توضع خطة للعودة المنظمة والتدريجية لهؤلاء المدنيين النازحين سريعا وإذا لم تنفذ هذه الخطة قبل بدء الهجوم البري، فهناك احتمال كبير أن تسقط المدينة في هاوية العنف الطائفي".
وكانت الحكومة العراقية منذ حرب الخليج عام 1991 قد طردت بصورة منهجية ما يقدر بحوالي 120 ألفا من الأكراد والتركمان والآشوريين من كركوك وغيرها من المدن والقرى في تلك المنطقة الغنية بالنفط، فاستقر معظم هؤلاء في المحافظات الشمالية التي يسيطر عليها الأكراد. وفي الوقت نفسه قامت الحكومة العراقية بتوطين أسر عربية مكان المطرودين في محاولة لتقليص السلطة السياسية للأقليات العرقية والحد من وجودها، في إطار ما يعرف بسياسة "التعريب".

وكان النازحون قد أجبروا على ترك ديارهم، وجردوا من معظم ممتلكاتهم، وحرموا من جميع سبل كسب العيش. ووصف عشرات من الأكراد والتركمان المطرودين الذين التقت بهم بعثة هيومن رايتس ووتش في كردستان العراق في سبتمبر/أيلول 2002 الضغوط التي تبذلها الدولة بلا هوادة لإخراجهم من ديارهم عن طريق التضييق الشديد عليهم في حياتهم اليومية.

وقال باحثو منظمة هيومن رايتس ووتش المقيمون الآن في كردستان العراق إن الولايات المتحدة لم تعد العدة لإعادة أهالي كركوك النازحين.

وقالت هانية المفتي "لم نعثر على أي دليل على أن القادة السياسيين والعسكريين الأمريكيين استعدوا لمواجهة عواقب التدفق الضخم للعائدين الناقمين على من أخرجوهم من ديارهم، ومن يعيشون الآن في بيوتهم". وفي أثناء المحادثات التي عقدت في أنقرة في مارس/آذار 2003، ناقش مسؤولو المعارضة التركية والعراقية فكرة تشكيل لجنة ائتلافية للإشراف على القضايا المتعلقة بالجبهة الشمالية، ومنها العودة المنظمة للنازحين الداخليين إلى كركوك، ولكن هذه اللجنة لم تتشكل حتى اليوم. وذكر مسؤولون أكراد لمنظمة هيومن رايتس ووتش أنهم غير متأكدين ماذا سيكون دور قواتهم المسلحة في أثناء أي هجوم بري على كركوك. وقد اتفق كل من زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود البارزاني وزعيم الاتحاد الوطني الكردستاني جلال الطالباني على عدم إشراك قوات البيشمركة إلا في حالة موافقة الولايات المتحدة وتحت قيادتها. ولم تطلب الولايات المتحدة حتى الآن هذه المشاركة، إلا أن موقفها قد يتغير في ضوء رفض تركيا السماح للقوات الأمريكية بالمرور عبر أراضيها.
وقالت هانية المفتي
"من الضروري بمكان أن تتعامل الولايات المتحدة فورا مع العواقب المحتملة للهجوم على كركوك في المستقبل".
وحثت منظمة هيومن رايتس ووتش الولايات المتحدة على وضع خطط محددة لإعادة الأهالي المهجرين قسراً على نحو تدريجي ومنظم، وللسيطرة على التدفق الجماعي للسكان، وإزالة الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة، وتنفيذ التدابير الأمنية اللازمة للتعامل مع أي تفجر لأحداث العنف.

وقد التقى باحثو هيومن رايتس ووتش مؤخرا بممثلي المعارضة العراقية، ومن بينهم الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني والجبهة التركمانية العراقية والمؤتمر الوطني العراقي، وذلك لمناقشة الاستعدادات التي اتخذت لتنظيم عودة الأسر النازحة إلى كركوك. وأعرب بعض المسؤولين الأكراد عن قلقهم الشديد إزاء احتمال تفجر العنف الطائفي في المدينة، لكنهم قالوا إنه ليس بأيديهم شيء لمنع عودة النازحين على نطاق واسع؛ لأن الأسر النازحة لها كل الحق في المطالبة باستعادة بيوتها في أسرع وقت ممكن. كما قال بعضهم إن "عدداً كبيراً" من الأسر العربية التي تم توطينها في كركوك غادرتها، وإنهم يأملون أن تؤدي مغادرتها إلى التخفيف من حدة العنف. لكن المعلومات التي وردت أخيرا تشير إلى أن الحكومة العراقية أرغمت بعض الأسر العربية على العودة إلى كركوك وإلى عدد من القرى الواقعة في هذه المحافظة والتي كانت مدرجة في عملية "التعريب". ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش كل أطراف الصراع إلى مراعاة أمن وسلامة جميع المواطنين العراقيين واحترام حقهم في حرية التنقل، بما في ذلك الحق في اختيار مكان الإقامة والانتقال إلى مكان آمن داخل العراق أو خارجها.

وطبقا للقانون الإنساني الدولي يجب على القوات التي تقودها الولايات المتحدة استعادة وضمان النظام والأمن العام في المناطق الواقعة تحت سلطتها منذ لحظة فرض السيطرة الفعالة عليها. ولكي يتحقق ذلك، يجب عليها أن تخصص ما يكفي من الموارد البشرية ضمانا للأمن العام ومنح الحماية لغير المقاتلين جميعا ومنع وقوع أعمال العنف والانتقام.

ودعت منظمة هيومن رايتس ووتش الحكومة الأمريكية وشركاءها في التحالف إلى اتخاذ التدابير التالية على وجه السرعة للحيلولة دون تفجر العنف الطائفي في كركوك:
- الدعوة علناً إلى عودة النازحين الداخليين بصورة تدريجية ومنظمة إلى كركوك والمناطق الأخرى المضارة.
- تشكيل لجنة من شركاء الولايات المتحدة في التحالف للتعامل مع المسائل المتعلقة بعودة أهالي كركوك السابقين، ومنها السيطرة على التدفق السكاني وإزالة الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة ومنع وقوع العنف الطائفي.
- بذل كل جهد ممكن لتأمين المباني الحكومية في كركوك التي قد تحتوي على وثائق حكومية عراقية تتعلق بسياسة "التعريب"، مثل حجج الملكية وسجلات توثيق الجنسية؛ فهذه الوثائق ستكون ضرورية لتسوية جميع دعاوى المطالبة بالبيوت والأملاك بصورة سريعة وعادلة، وكذلك جهود اقتفاء أثر الأسر ولم شملها، والمحاسبة المستقبلية عن الجرائم التي ارتكبها مسؤولون عراقيون.

كما دعت هيومن رايتس ووتش السلطات الكردية إلى عدم الاكتفاء بتوجيه النداءات العامة التي تناشد الأسر العائدة عدم القيام بأعمال انتقامية ضد الأسر العربية التي وطنتها الحكومة العراقية في كركوك؛ بل يجب على السلطات الكردية القيام بما يلي:
- وضع خطة يعلن عنها في أقرب وقت ممكن للعودة التدريجية والمنظمة للأسر النازحة إلى كركوك، ومن ذلك على سبيل المثال تنظيم عودة مجموعات من المدنيين النازحين حسب المناطق التي طردوا منها.
- الاستمرار في جمع السجلات التي تثبت الأصل العرقي للمدنيين النازحين ومكان ميلادهم، ومنها نسخ استمارات تصحيح الجنسية وأوامر الطرد المصادرة وبطاقات التموين.
- توفير خدمة وسجلات توثيق عامة ومتاحة للجميع لاقتفاء أثر الأسر ولم شملها.

وأخيرا دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة للعودة إلى شمال العراق للمساعدة في هذه الجهود الإنسانية وغيرها، حيث ينبغي على الأمم المتحدة القيام بما يلي:
- إعداد خطة للإسراع في إرسال مراقبي حقوق الإنسان إلى العراق، بما في ذلك كركوك، فور انتهاء القتال.
- تقديم المساعدات الفنية والمالية للسلطات الكردية لإنشاء جهاز مركزي لتوثيق النازحين على أساس الانتماء العرقي ومكان الميلاد ودعاوى المطالبة بالأملاك، إلى جانب إنشاء خدمة عامة وسجلات لاقتفاء أثر الأسر ولم شمل أفرادها.
- إنشاء آلية للفصل في المنازعات في كركوك وغيرها من المناطق المضارة فيما يتعلق بدعاوى المطالبة بالأملاك وغيرها من الأصول.
للرجوع إلى مزيد من المعلومات الأساسية عن سياسة "التعريب" التي اتبعتها الحكومة العراقية في المناطق الشمالية الغنية بالنفط، ومن بينها كركوك، انظر التقرير الذي أصدرته هيومن رايتس ووتش مؤخرا بعنوان "العراق:
الطرد القسري للأقليات العرقية"، المنشور في مارس/آذار 2003، على الموقع التالي:
https://www.hrw.org/reports/2003/iraq0303/
وللاطلاع على الوثائق الصادرة حديثا عن منظمة هيومن رايتس ووتش عن الحرب في العراق، يرجى الرجوع إلى الموقع التالي:
https://www.hrw.org/campaigns/iraq/

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة