Skip to main content

لا بد من تحقيق العدالة بشأن جرائم الحكومة العراقية

لجنة المتابعة والتنسيق المنبثقة عن مؤتمر المعارضة العراقية تضم بعض الجناة المزعومين

قالت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" اليوم إن زعماء المعارضة العراقية المجتمعين في لندن لم يكترثوا لقضية جديرة بالاهتمام، وهي تقديم المتهمين باقتراف انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تحت قيادة صدام حسين إلى ساحة القضاء؛ جاء ذلك في تقرير جديد للمنظمة عن ضرورة إقامة العدل في العراق.

ومنظمة "مراقبة حقوق الإنسان" لا تتخذ موقفاً أو آخر إزاء مسألة تنحية صدام حسين من السلطة باستخدام القوة؛ ولكن مع تصاعد احتمالات الصراع المسلح وحدوث تحول في العراق، فقد بات لزاماً على المجتمع الدولي والقيادة المستقبلية للعراق النظر في كيفية مقاضاة مقترفي الجرائم الخطيرة مثل الإبادة الجماعية.

وقد أعربت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" عن ترحيبها بالعديد من التوصيات الواردة في البيانات الصادرة عن مؤتمر المعارضة العراقية، بما في ذلك السعي لإحالة مقترفي جريمة الإبادة الجماعية وقتل الأكراد بالغاز السام في حلبجة إلى محكمة دولية؛ بيد أن المؤتمر لم يتناول قضية المساءلة عن جرائم أخرى لا تقل خطورة، بما في ذلك الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وإن كان المؤتمر قد ندد بها.

كما أعربت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" عن قلقها لأن لجنة التنسيق والمتابعة التي شكلها المؤتمر، والمؤلفة من 65 عضواً، تضم بعض الأعضاء السابقين في أجهزة القمع العراقية المتورطة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان؛ ومن بينهم وفيق السامرائي الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية السيئ ِالصيت في العراق، وهو الجهاز الذي يُعتقد أنه تورط في بعض الجرائم في الوقت الذي اقتُرفت فيه انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان في إطار سياسة تنتهجها الحكومة العراقية. وحيث أن السامرائي كان يشغل مثل هذا المنصب الرفيع ذي المسؤولية، فمن الواجب إجراء تحقيق مستفيض لتحديد مدى تورطه في هذه الجرائم.
ويقول هاني مجلي المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة "مراقبة حقوق الإنسان": "إن تحقيق العدالة بشأن الجرائم السابقة سوف يكون قضية هائلة إذا ما سقط نظام صدام حسين؛ ومن الواضح أن مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا مكان لهم في أي حكومة جديدة". وقالت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" إنه لا يجوز منح أي عفو عن جرائم الإبادة الجماعية، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو جرائم الحرب، ولا بد أن تتولى محكمة دولية التحقيق مع المتهمين بارتكاب هذه الجرائم من المسؤولين ذوي المناصب العليا والمتوسطة ومحاكمتهم.

وقد ألمحت بعض الشخصيات في المعارضة العراقية وكذلك بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية إلى أنهم يحبذون مقاضاة عدد قليل نسبياً من نخبة القادة العراقيين لتشجيع كبار المسؤولين العراقيين من المدنيين والعسكريين على نقض الولاء للحكومة العراقية.

وقال مجلي: "هناك تخوف لا مبرر له من أن الإصرار على إقامة العدل سوف يعرِّض أي تحول حكومي في العراق للخطر؛ غير أن سجل مثل هذه التحولات في إفريقيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا واضح كل الوضوح: ذلك أن التحول الذي ينطوي على عملية لمساءلة مرتكبي الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان هو السبيل الوحيد الذي يؤدي إلى إقامة مجتمع يسوده العدل والوئام".
وتشمل الجرائم المرتكبة في ظل حكومة صدام حسين، على سبيل المثال لا الحصر، قتل نحو 5000 من القرويين الأكراد بالغاز السام في هجوم واحد بالأسلحة الكيميائية في حلبجة، وأعمال القتل وحالات الاختفاء التي راح ضحيتها أبناء طائفة الشيعة وغيرها من الطوائف السكانية - ومن المعتقد أن عدد الضحايا الذين سقطوا خلال العقدين المنصرمين يتراوح بين 250 ألفاً و290 ألف شخص، من بينهم 100 ألف على الأقل من المعتقد أنهم هلكوا إبان حملة "الأنفال" ضد الأكراد؛ واستخدام الأسلحة الكيميائية في الحرب الإيرانية العراقية؛ والجرائم التي وقعت أثناء احتلال الكويت.

وقالت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في تقريرها إن هذه الجرائم تشمل الإبادة الجماعية، والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية، وجرائم الحرب. وأكدت المنظمة ضرورة محاكمة مرتكبي هذه الجرائم أمام محكمة دولية لأن نظام القضاء العراقي قد أصبح في وضع لا يؤهله لإصدار الأحكام على نحو يتسم بالنزاهة والعدل والاستقلال، في حين أن المحاكم العسكرية سوف تقترن في الأذهان بالعدل الذي يقيمه المنتصرون. وتقول منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" في تقريرها إن الآليات الدولية أخرى، مثل المحكمة الجنائية الدولية أو المحاكمات التي تجري في بلد ثالث، يمكن أن تكون مكمِّلة لمحكمة دولية، ولكنها لا يمكن أن تحل محلها.
كما أن الآليات التي قد تنشئها أي حكومة عراقية انتقالية، من قبيل لجنة للحقيقة، يمكن أن تنهض بوظيفة حيوية في عملية المصالحة بالاشتراك مع المحكمة.

وقال مجلي: "في الفترات الانتقالية تعزز الحقيقة والعدالة إحداهما الأخرى؛ فكلتاهما ضرورية في إطار مساعٍ حقيقية للمساءلة؛ ولكن إنشاء لجنة للوقوف على الحقيقة لا يجعل أي سلطة عراقية جديدة في حلٍ من التزامها بموجب القانون الدولي بالتحقيق في أبشع الجرائم وتقديم مقترفيها إلى ساحة القضاء".

كما حذرت منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" من أن إصدار قرارات عفو عن مرتكبي هذه الجرائم سوف يشكل خرقاً للقانون الدولي، ولن يؤدي إلى إرساء أساس متين لإعادة إقامة المجتمع المدني وسيادة القانون في العراق.
للاطلاع على آراء منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشأن التعامل مع العراق، انظر "سياسة منظمة 'مراقبة حقوق الإنسان' بشأن العراق" على الموقع التالي:
بيان منظمة "مراقبة حقوق الإنسان" بشأن العراق

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة