أعدت هذا التقرير منظمة شريكة هي "التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات"، وتوزعه "هيومن رايتس ووتش"
(نيويورك) – قال التحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات في تقرير يصدر اليوم بعنوان "الاعتداءات على التعليم 2024"، إن نحو 6 آلاف اعتداء قد وقع على التعليم بين 2022 و2023، وهي زيادة بواقع نحو 20 بالمئة مقارنة بالعدد في العامين السابقين على التاريخ المذكور. هناك أكثر من 10 آلاف طالب ومعلم وأكاديمي تعرضوا إما لأضرار أو إصابات أو للقتل في هذه الهجمات، وهي الاعتداءات التي وقعت في نزاعات مسلحة في جميع أنحاء العالم.
سجّل باحثو التحالف العالمي أعلى أعداد هجمات على التعليم في كل من فلسطين وأوكرانيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية، على مدار العامين الماضيين. في كل من البلاد المذكورة، تعرضت المئات من المدارس إما للتهديد أو النهب أو الحرق أو الاستهداف بأجهزة متفجرة، أو هي أصيبت في أعمال قصف أو غارات جوية. زاد عدد الهجمات في بلاد منها فلسطين والسودان وسوريا وأوكرانيا، في حين رصد التحالف العالمي تراجع الأعداد في جمهورية أفريقيا الوسطى وليبيا ومالي وموزمبيق.
وقالت ليزا تشونغ بيندر المديرة التنفيذية للتحالف العالمي لحماية التعليم من الهجمات: "في أماكن مثل قطاع غزة، وإضافة إلى أهوال الخسائر في الأرواح، يتعرض التعليم نفسه للهجوم. لقد تم إغلاق المدارس والجامعات، وفي بعض الحالات دُمّرت بالكامل. سيكون لهذا عواقب طويلة الأجل على التعافي الاجتماعي والاقتصادي، إذ أن البنية التحتية المطلوبة لتعميق السلام والاستقرار قد استُهدفت".
إضافة إلى الوفيات والإصابات، فقد أضرّت الهجمات على التعليم بمئات المرافق التعليمية أو هي دمرتها بالكامل، وأدت إلى الإغلاق المؤقت أو الدائم لأسابيع وشهور من فقدان الطلاب للتعليم. كما تعرض بعض الطلاب للأذى النفسي بسبب الهجمات، وخاف البعض العودة إلى المدرسة، كما تبيّن التحالف العالمي. وتضررت الفتيات والطلاب أصحاب الإعاقات بصورة خاصة بسبب الاعتداءات على التعليم، حيث كابدت الفئتان صعوبات أكبر في استئناف عملية التعلم بعد تعرض المرافق التعليمية للهجمات.
سجّل الباحثون أكثر من 475 هجوماً على المدارس في فلسطين خلال عام 2023، وكانت الكثير من هذه الهجمات عبر غارات جوية وقصف برّي بأسلحة متفجرة. وبلغ عدد الهجمات أقصاه بعد تصاعد أعمال القتال في أكتوبر/تشرين الأول، عندما شنّ مقاتلون بقيادة حماس هجمة موسعة على إسرائيل، ونفذت القوات المسلحة الإسرائيلية عملية عسكرية عدائية مشددة على قطاع غزة. واستمرت الهجمات في 2024. في غزة، تضررت جميع الجامعات وأكثر من 80 بالمئة من المدارس أو هي دُمّرت بحلول أبريل/نيسان، طبقاً لمجموعة التعليم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكان للأسلحة المتفجرة – التي ظهرت في نحو ثلث تقارير الهجمات على التعليم على مستوى العالم في 2022 و2023 – آثاراً مدمرة كبرى، إذ قتلت وأصابت أعداداً لا تُحصى من الطلاب والمعلمين، وأضرّت بمئات المدارس والجامعات. في مثال واحد فقط، تسببت الشظايا المتطايرة جراء هجوم على مسكن للطالبات بجامعة الجنينة في غرب دارفور، السودان، في إصابة امرأة بالعمى في عين من عينيها، في يونيو/حزيران 2023.
وشاركت في الهجمات على التعليم قوات مسلحة وجماعات مسلحة غير تابعة لدول، قامت بقصف وإحراق المدارس والجامعات، وقتلت وأصابت واغتصبت واختطفت واعتقلت تعسفاً وجندت الطلاب والمعلمين في المؤسسات التعليمية وبالقرب منها، أثناء النزاعات المسلحة. في بعض الحالات، هوجمت مدارس الفتيات والطالبات أنفسهن في محاولات لإبقاء البنات بعيداً عن التعليم والمشاركة فيه. وفي حالات أخرى، استُهدفت المدارس الطلاب والمعلمين بالعنف العشوائي واستهدفوا لأسباب سياسية أو عسكرية أو أيديولوجية، أو لأسباب أخرى.
كذلك احتلت القوات المسلحة وجماعات مسلحة غير تابعة لدول المدارس والجامعات، لاستخدامها على سبيل المثال كثكنات للمقاتلين والجنود، وكمراكز احتجاز، أو مواقع لإطلاق النار، ما عرّض الطلاب للخطر وانتهك حقهم في التعليم. يؤدي الاستخدام العسكري للمدارس إلى تعريض المنشآت التعليمية لخطر الهجمات بصورة زائدة من قِبل القوات أو المجموعات المناوئة.
ويستمر استهداف الطلاب والمعلمين والعاملين بالتعليم. في نيجيريا، استمر اختطاف الطلاب والمعلمين أثناء الفترة التي يغطيها التقرير، رغم أن معدّل هذه الفئة من الهجمات قد تراجع قياساً إلى السنوات السابقة. في الوقت نفسه، هُددت واختطف وأصيب وقُتل طلاب ومعلمين في فلسطين والكاميرون والعراق بين 2022 و2023.
كما استهدفت الأطراف في النزاعات المسلحة المدارس لتجنيد الأطفال، في كل من جمهورية الكونغو الديمقراطية والصومال وسوريا واليمن. في كولومبيا، جُند 25 طالباً على الأقل من المدارس وفي الطرق إلى المدارس ومنها في الفترة 2022 و2023، والكثير من المجندين كانوا طلاباً من مجموعات الشعوب الأصلية. كذلك تناقلت التقارير ارتكاب القوات المسلحة وقوات الأمن والمجموعات المسلحة الأخرى لجرائم العنف الجنسي في المدارس والجماعات وفي الطرق منها وإليها، في ثماني دول على الأقل، منها الكاميرون والنيجر وجنوب السودان.
وشكّلت الهجمات على المدارس أكثر من نصف الهجمات المبلّغ بها على التعليم والاستخدام العسكري للمنشآت التعليمية، بحسب تقديرات التحالف العالمي. كانت أوكرانيا وفلسطين هما الدولتان الأكثر تضرراً، إذ تعرضت أوكرانيا لنحو 700 هجمة على مدارس، وتعرضت فلسطين لـ 640 هجمة على الأقل بين 2022 و2023، وتليهما في الترتيب جمهورية الكونغو الديمقراطية، وبوركينا فاسو، واليمن. بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أضرت الغارات الجوية والقصف المدفعي والهجمات بمسيّرات بالمدارس، ومنها مدارس كانت تخدم طلاباً مصابين بالعمى، وتضررت بصورة خاصة مناطق شرق وجنوب أوكرانيا.
ولقد زادت بقدر كبير وقائع الاستخدام العسكري للمدارس والجامعات من قِبل القوات المسلحة والجماعات المسلحة غير التابعة لدول في الفترة 2022-2023. توصل التحالف العالمي إلى أكثر من ألف تقرير حول احتلال مدارس وجامعات عبر 30 دولة، وهي زيادة في عدد الوقائع وفي المناطق المتأثرة بالنزاعات. مقارنة بالتقرير السابق "الاعتداءات على التعليم 2022"، الذي اشتمل على 570 واقعة، كانت الزيادة في كل من أفغانستان وكولومبيا ونيجيريا والسودان وأماكن أخرى.
كذلك تعرضت بنايات الجامعات وطلابها والأكاديميين فيها للاعتداءات أثناء العامين الماضيين، بواقع أكثر من 360 تقريراً بمثل هذه الهجمات. رُبع الهجمات المبلغ بها كانت ضد منشآت جامعية، والبقية استهدفت الطلاب والعاملين. وأصيب واختطف وقتل نحو 760 طالباً جامعياً وعاملاً بالجامعات، في حين تعرضت أكثر من 1700 للاحتجاز والتوقيف.
ولقد توصل باحثو التحالف العالمي أيضاً إلى صلات أوّلية بين التغير المناخي والهجمات على التعليم. على سبيل المثال، في بوركينا فاسو ومالي – حيث التصحّر وتدهور الأراضي والنزاعات تتشابك في أنماط معقدة – استهدفت الجماعات المسلحة مقاصف المدارس لنهب مخزونات الطعام.
حتى مايو/أيار 2024، صدّقت 120 دولة على إعلان المدارس الآمنة، وهو التزام سياسي بحماية التعليم في النزاعات المسلحة. بالتوقيع على الإعلان، تلتزم الدول باتخاذ خطوات ملموسة نحو حماية التعليم، وتشمل احترام القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، واستخدام "الأدلة الإرشادية لحماية المدارس والجامعات من الاستخدام العسكري أثناء النزاعات المسلحة". وعلى ضوء الإعلان، أحرزت الحكومات والأطراف الشريكة معها تقدماً ملحوظاً في القوانين والممارسات، مثل إصدار الأوامر العسكري بتقييد استخدام القوات المسلحة للمدارس لأغراض عسكرية.
وقال جيروم مارستن، باحث أول في التحالف العالمي: "في المتوسط، سُجّلت ثماني هجمات على التعليم كل يوم على مدار العامين المنقضيين، ما يعني حرمان أعداد كبيرة للغاية من الطلاب من تحقيق أحلامهم بالتعلم، أو تطوير المهارات التي يعدهم بها التعليم". وأضاف: "يجب أن تكون المدارس ملاذات آمنة، لا أهدافاً عسكرية، ولهذا على جميع الحكومات التصديق على إعلان المدارس الآمنة".