Skip to main content

الأعمال العدائية في غزة تؤكد أهمية دور "الجنائية الدولية"

على الدول الأعضاء دعم المدعية العامة بشكل كامل

  

المقر الدائم للمحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، هولندا. © مارينا رييرا/هيومن رايتس ووتش  

شنت القوات الإسرائيلية غارات جوية دون هوادة على قطاع غزة، وأطلقت "حماس" والجماعات الفلسطينية المسلحة في غزة الصواريخ على مراكز سكانية إسرائيلية. قتلت الهجمات ما لا يقل عن 227 شخصا، بينهم 64 طفلا في غزة، وهجّرت 72 ألف شخص، وسببت دمارا واسعا للممتلكات. قتلت صواريخ حماس 12 شخصا بينهم طفلان في إسرائيل.

قد ترقى هذه الهجمات إلى جرائم حرب، كما أنها تشير إلى أهمية التحقيق الجاري الذي تجريه "المحكمة الجنائية الدولية" في الأفعال الإسرائيلية والفلسطينية. فتحت المدعية العامة للمحكمة فاتو بنسودة تحقيقا في جرائم خطيرة ارتكبت في فلسطين في مارس/آذار بعد قرار مفصلي من قضاة المحكمة.

تراقب المدعية العامة الوضع الحالي، رغم أن التحقيق سيغطي على الأرجح المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية وجرائم الحرب المزعومة التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية والجماعات الفلسطينية المسلحة خلال القتال في غزة عام 2014. ضغطت هيومن رايتس ووتش وآخرون لسنوات لإجراء مثل هذا التحقيق، ودعا مكتب المدعية العامة مؤخرا إلى التحقيق بشأن السلطات الإسرائيلية المتورطة في جريمتَي الفصل العنصري والاضطهاد المرتكبتين ضد الإنسانية. لكن دون مزيد من دعم المجتمع الدولي، قد يكون التحقيق مهددا.

تبذل الدبلوماسية الإسرائيلية جهودا كبيرة لحماية مواطنيها من تحقيقات المحكمة. تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بإيجاد سبل "لإلغاء" قرار المدعية العامة بإجراء تحقيق. دعا وزير الخارجية الإسرائيلي الدول إلى رفض التحقيق، وتحدث وزير دفاعها مع نظيريه الألماني والفرنسي، مشيرا إلى قدرة إسرائيل على معالجة أي جرائم محليا.

رغم أن إسرائيل ليست عضوا في المحكمة، إلا أن الأخيرة مخولة بملاحقة الجرائم الجسيمة المرتكبة في الأراضي الفلسطينية أو انطلاقا منها. انضمت فلسطين إلى المحكمة عام 2015.

ظهر استثناء بعض الدول لإسرائيل من مسؤولية مبادئ حقوق الإنسان بشكل صارخ. تعارض مثلا المملكة المتحدة وأستراليا - وكلاهما أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية – تدخّل المحكمة في فلسطين. عبرت الولايات المتحدة أيضا بوضوح عن قلقها، حتى بعد أن أشارت إلى أنها قد تستأنف التعاون في بعض القضايا الأخرى التي تعمل عليها المحكمة.

الحقيقة المزعجة هي أن الخسارة المروعة في أرواح المدنيين نتيجةٌ متوقعة لانتهاكات الماضي التي لم يُحاسب تقريبا أي شخص مسؤول عنها. الدول التي لا تحاول ردع الإفلات من العقاب تلعب دورا في العواقب الوخيمة التي تنجم عنها.

متابعةُ التحقيق في فلسطين بحزم أمرٌ حاسم أيضا لشرعية المحكمة، وإلا لن تكون المسألة سوى حالة واضحة لازدواج المعايير. على الدول الأعضاء في المحكمة خاصة ضمان حماية استقلاليتها، وأن تتضمن أجندة هذه الدول إتاحة الوسائل الكافية والتعاون والدعم السياسي لتتمكن المحكمة من أداء عملها الحيوي بشكل فعال نيابة عن ضحايا الانتهاكات الجسيمة.

أعلنت بنسودة بوضوح أن مكتبها سيتابع تحقيقه حتى دون تعاون إسرائيل. كل المعاناة المستمرة، وإراقة الدماء، وسلب الحقوق، والدمار يجب أن تنهي الفكرة البائدة أن المحكمة ليس لها دور في فلسطين.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.