Skip to main content
تبرعوا الآن

سوريا: حاجة ماسة إلى إيصال المساعدات إلى حلب

معاناة كبيرة بسبب نقص الغذاء والماء والأدوات الطبية

(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على سلطات الحكومة السورية ومجموعات المعارضة المسلحة تسهيل وصول المساعدات الإنسانية بدون شروط إلى الأجزاء التي تسيطر عليها المعارضة في حلب.

قال نشطاء وسكان في شرق حلب المحاصر لـ هيومن رايتس ووتش إن الوضع سيئ للغاية في المنطقة مع النقص في الغذاء والأدوية والقيود الشديدة على القدرة على تقديم المساعدة الطبية. وصفت الأمم المتحدة في 3 ديسمبر/كانون الأول 2016 الوضع الإنساني في شرق حلب بـ"الكارثي" حيث يحتاج ما لا يقل عن 400 مريضا أو مصابا بجروح خطيرة إلى الإخلاء الفوري. قالت منظمات الإغاثة إن سكان شرق حلب أصبحوا على شفير المجاعة، كما قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن أي مساعدة لم تصل إلى شرق حلب منذ يوليو/تموز بالرغم من دعوات مجلس الأمن الدولي إلى جميع أطراف النزاع بضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين.

مدني يجمع أغصان أشجار من بين الركام في موقع مدمر في حي قاضي عسكر في الجزء المحاصر الذي تسيطر عليه المعارضة. © 2016 رويترز

قالت لمى فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "رغم تراجع تقلص مساحة التي تسيطر عليها المعارضة، ، تظهر شهاداتن السكان أن النقص الحاد في الغذاء والماء والمواد الطبية مستمرة. ستكون العواقب أليمة إن لم يقم جميع الأطراف فورا بتسهيل وصول المساعدات، كما تقضي قوانين الحرب".

بدأت قوات تابعة للحكومة السورية في 27 نوفمبر/تشرين الثاني بالسيطرة على أحياء مهمة في شرق حلب  كانت تحت سيطرة مجموعات معارضة مسلحة. دفع الهجوم عشرات الآلاف إلى النزوح. الكثيرون منهم اتجهوا نحو غرب حلب الذي يسيطر عليه النظام وحي الشيخ مقصود الذي يسيطر عليه الأكراد، بينما نزح آخرون إلى أماكن أخرى ضمن شرق المدينة. بحسب مكتب المفوض السامي الأممي لحقوق الإنسان، منعت المعارضة المسلحة المدنيين من مغادرة المناطق التي تهزها أعمال العنف، وظهرت مزاعم عن قيام القوات الحكومية بأعمال انتقامية ضد المدنيين المشتبه بمناصرتهم المعارضة المسلحة وفصل الرجال عن النساء والأطفال. ظهرت تقارير تقول إن الحكومة السورية تجري فحصا أمنيا للمدنيين بينما كانوا يفرون نحو المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. أخبر سكان شرق حلب هيومن رايتس ووتش أن الناس الذين يهربون إلى المناطق التي لا تزال المعارضة تسيطر عليها يسكنون عشوائيا في المباني المهجورة أو يتكدسون في الأزقة مع الأطفال، وتنقصهم المواد الأساسية مثل الماء والطعام. وقالوا إن الخدمات الطبية محدودة في المنطقة وأسعار الحد الأدنى من الكهرباء والغذاء والمياه أصبحت باهظة جدا.

قالت هيومن رايتس ووتش إن قصف التحالف الروسي-السوري الكثيف للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة يزيد من فظاعة الوضع الإنساني. وجد بحث هيومن رايتس ووتش أن التحالف ارتكب جرائم حرب خلال جولة قصف دامت شهرا بين سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول.

قال الممرض أحمد سعيد لـ هيومن رايتس ووتش في رسالة "واتساب": "اليوم بكينا مريضا مات في المستشفى عندنا. لم يستطع الطبيب القيام بأي شيء، لم يتمكن أحد في كامل المستشفى من فعل أي شيء. أضاف:

لم يعد لدينا قوارير أكسيجن وبدأت المؤن تنفذ. ليس لدينا وحدة عناية مركزة. لا أعرف ماذا أقول، الوضع الطبي الذي نعيشه يرثى له. الناس يأكلون ما يجدون وما يزرعون في حدائق منازلهم. إنهم يطحنون الفاصوليا البيضاء مع القمح لصناعة الخبز.

قال الطبيب الشرعي في مديرية الصحة في شرق حلب محمد أبو جعفر إن الشوارع مليئة بالجثث:

يأتي الناس إلى شرق حلب بدون أي شيء، يسيرون لمسافات طويلة ويصلون إلى أحياء حيث يستقبلهم السكان ويقدمون لهم ما يستطيعون. المياه مقطوعة في أغلب الأحياء بسبب استهداف الجيش للأنابيب وتدميرها. المواصلات شبه معدومة والناس يتنقلون سيرا على الأقدام فقط. ليس لدينا أي سيارة لنقل المصابين، نقلنا بعضهم على عربات الخضار. ولم يعد لدينا الوقت لإحصاء وإعلان الضحايا كما قبل. الآن تصلنا 30، 40، 50 جثة يوميا، ما يفوق طاقتنا. الوضع صعب بما يفوق يخال، حلب تعيش كارثة اليوم.

قال بلال، أحد سكان حي المرجة في شرق حلب، إن الوضع بائس:

تحصل مجازر والعالم يتفرج. أصبح كل شيء خارج الخدمة الآن، قُطعَت المياه وقُصفَت المستشفيات والمخابز. المواد الغذائية باهظة الثمن فسعر كيلو الطحين 20 دولار أمريكي تقريبا وكيلو السكر 13 دولار... تحصل كل عائلة على 5 أرغفة خبز فقط. لم يعد هناك خضار ولا أدوية ولا محروقات للسيارات، إننا ننقل المصابين على العربيات.

قال عمر العرب، مصور يعيش في شرق حلب، إن العديد من الناس يخافون على حياتهم:

هناك مناطق تُقصَف يوميا في حلب. المدينة تعج بالنازحين والطرقات مليئة بالجثث. هناك عيادات صغيرة تحاول معالجة الضحايا المصابين بالصدمة. في المرة القادمة عندما نتكلم قد أكون خارج حلب، هذا إن لم أكن قد متّ.

قال يان إيغلاند، كبير مستشاري المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا، إن العنف المستمر في حلب جعل من المستحيل دخول المنطقة لتوزيع المساعدات. وقال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إنه حصل على تقارير غير مؤكدة بأن مجموعات المعارضة المسلحة تمنع السكان من مغادرة شرق حلب إلى غرب حلب.

بموجب القانون الإنساني الدولي، على جميع أطراف النزاعات المسلحة تسهيل وصول سريع وبدون عوائق للدعم الإنساني لجميع المدنيين المحتاجين والسماح لهم بمغادرة المناطق المحاصرة. فالمجاعة كخطة حربية محظورة.

في فبراير/شباط 2014 أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2139 لضمان وصول المساعدات داعيا جميع أطراف الحرب السورية إلى تسهيل وصول المساعدات الإنسانية إلى كل أجزاء سوريا. في ظل عدم التزام النظام السوري، أصدر مجلس الأمن القرار 2165 في 14 يوليو/تموز 2014 الذي يتيح لمنظمات الأمم المتحدة وشركائها على الأرض بتسليم المساعدات عبر 4 نقاط حدودية لا يسيطر عليها النظام.

يعيش نحو 4.9 مليون شخص في مناطق محاصرة أو يصعب الوصول إليها، حسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية. تعاني هذه المناطق من القصف وعدم كفاية المساعدات والغذاء والمياه والعناية الطبية.

بالرغم من استمرار عدم انصياع النظام لقرارات مجلس الأمن بالوصول الفوري للدعم الإنساني، وبالرغم من تأكيد مجلس الأمن التصعيد في القرار 2165 في حال عدم الانصياع، لم يتخذ الأخير أي تدابير جديدة. لجأت روسيا مرة جديدة في 5 ديسمبر/كانون الأول إلى الفيتو لعرقلة عمل مجلس الأمن في سوريا. كان في مسودة القرار دعوة إلى إيقاف الأعمال العدائية 7 أيام وطلب مدخل آمن إلى جميع المناطق للدعم الإنساني.

في ظل فشل مجلس الأمن في ردع الأعمال العدائية المستمرة في حلب، أطلقت هيومن رايتس ووتش وأكثر من 200 منظمة غير حكومية دعوة للجمعية العامة للأمم المتحدة بعقد دورة استثنائية طارئة للدعوة إلى إيقاف جميع الهجمات غير القانوينة على المدنيين في حلب وجميع أرجاء سوريا وتأمين مدخل، فورا وبدون عوائق، كي تصل المساعدات إلى جميع المحتاجين. أصدرت الجمعية العامة، كحل للجمود في مجلس الأمن، في 9 ديسمبر/كانون الأول قرارا غير ملزِم يدعو إلى إنشاء ممر إنساني آمن متصل بدون عوائق وغير مشروط في كل أنحاء سوريا.

قالت فقيه: "وقت المدنيين في حلب ينفذ، إن لم تتحرك الأمم المتحدة حالا سيكون قد فات الأوان".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع