(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن عمان انضمت إلى الاتفاقية الدولية لحظر الألغام الأرضية المضادة للأفراد في 20 أغسطس 2014. وعمان هي البلد العربي الثامن والدولة الـ162 من جميع أنحاء العالم التي تنضم إلى الاتفاقية. وينبغي أن تشجع هذه الخطوة الدول الـ11 المتبقية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على الانضمام إلى اتفاقية حظر الألغام واحترام أحكامها.
يتضرر أكثر من نصف دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من جراء الألغام الأرضية ومخلفات الحرب المتفجرة غير المزالة. وقد تم رصد إصابات جديدة سببتها الألغام الأرضية ومخلفات الحرب المتفجرة في عام 2012 – وهو أحدث الأعوام التي تتوفر فيها معلومات كاملة – تم رصدها في الجزائر ومصر وإيران والعراق والكويت ولبنان وليبيا وفلسطين وسوريا واليمن.
قالت سارة ليا ويتسن، المدير التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في هيومن رايتس ووتش، "لقد أدركت عمان أخيرا أن الألغام الأرضية تشكل تهديدا طويل الأمد للمدنيين يفوق بكثير أي فائدة عسكرية يمكن أن توفرها هذه الأسلحة. وقرار سلطنة عمان بالتخلي عن هذه الأسلحة يبعث بإشارة قوية إلى الحكومات الأخرى في جميع أنحاء المنطقة مفادها أن الوقت قد حان للانضمام إلى اتفاقية حظر الألغام الأرضية".
تحظر اتفاقية حظر الألغام لعام 1997 استخدام وإنتاج ونقل وتخزين الألغام الأرضية المضادة للأفراد، ويتطلب هذا تطهير المناطق الملغومة الخاضعة لها في غضون 10 سنوات، فضلا عن تقديم المساعدة لضحايا الألغام الأرضية. تضم المعاهدة ثماني دول من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، هي الجزائر، والعراق، والأردن، والكويت، وعمان، وقطر، وتونس، واليمن، وكافة دول الاتحاد الأوروبي، وجميع أعضاء حلف الناتو، باستثناء الولايات المتحدة، وجميع الدول في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، وجميع البلدان في نصف الكرة الأرضية الغربي باستثناء كوبا والولايات المتحدة، والعديد من البلدان في منطقة آسيا والمحيط الهادي، والعديد من بلدان كومنولث الدول المستقلة.
في مارس/أذار، أبلغ وزير الشؤون الخارجية العماني، يوسف بن علوي بن عبد الله، مبعوث اتفاقية حظر الألغام، أبلغ الأميرة استريد، أميرة بلجيكا، أن حكومته اتخذت قرارا بالانضمام إلى اتفاقية حظر الألغام. أودعت عمان رسميا صك انضمامها إلى المعاهدة في الأمم المتحدة في نيويورك يوم 20 أغسطس/آب 2014. وستدخل اتفاقية حظر الألغام حيز التنفيذ في عمان بعد فترة انتظار إلزامية مدتها ستة أشهر.
وأشار مسؤولون حكوميون إلى أن عمان لم تنتج أو تصدر الألغام المضادة للأفراد من قبل، ولكن يعتقد أنها قد تكون استوردتها واستخدمتها في الماضي. وستحتاج عمان لأن تعلن عن أي ألغام أرضية مخزنة وذلك في تقرير الشفافية السنوي المطلوب بموجب اتفاقية حظر الألغام. ويعتقد أن عمان لديها مشكلة بسيطة مع الألغام الأرضية غير المزالة، والذخائر غير المنفجرة التي يرجع تاريخها لنزاع مع جماعة انفصالية من 1964 إلى 1975. ويعتقد أن المشكلة تتركز في الغالب في منطقة ظفار في جنوب البلاد، ولكن المدى الدقيق لتلوث المنطقة بتلك الألغام لا يزال غير معلوما.
ومازال العديد من بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي لم تنضم بعد إلى اتفاقية حظر الألغام، يعارضون بشدة الانضمام إليها. ومن بين هذه البلدان، مصر وهي منتج سابق للألغام الأرضية، وإيران، وهي منتج حالي لهذه الألغام، وإسرائيل وسوريا وهما من مستخدمي الألغام الأرضية.
لكن دولا أخرى من غير الموقعين على الاتفاقية بالمنطقة، أعربت عن اهتمامها. ففي ديسمبر/كانون الأول 2012، أعلنت فلسطين عن رغبة قوية في الانضمام إلى اتفاقية حظر الألغام في أقرب وقت ممكن، هي الآن مؤهلة للانضمام إلى تلك المعاهدة. أما ليبيا، فبعد امتناعها عن التصويت على كل قرار سنوي من الجمعية العامة للأمم المتحدة يحث البلدان للانضمام إلى اتفاقية حظر الألغام منذ عام 1997، فقد غيرت موقفها في عام 2013 بالتصويت لصالح القرار. وذكرت المغرب أنها تلتزم طوعا بأحكام الاتفاقية، وتشارك بصفة مراقب في الاجتماعات الرئيسية لاتفاقية حظر الألغام بصورة منتظمة جنبا إلى جنب مع غيرها من عدد آخر من دول المنطقة غير الموقعةهي البحرين، ولبنان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن الامتثال العام بأحكام اتفاقية حظر الألغام كان ممتازا. ومنذ دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 1 مارس/آذار 1998، تم تدمير أكثر من 47 مليون لغم مضاد للأفراد، وأكملت 27 دولة إزالة الألغام لتصبح خالية من الألغام، وانخفض العدد السنوي من ضحايا الألغام الأرضية ومخلفات الحرب المتفجرة بشكل كبير. وأكملت الدول الأطراف باتفاقية حظر الألغام والتي كانت أعلنت وجود مخزونات من الألغام لديها، أكملت تدمير مخزونها خلال المهلة التي حددتها المعاهدة بأربع سنوات.
لكن لا تزال هناك تحديات. ففي نوفمبر/تشرين الثاني، اعترف اليمن بوقوع "انتهاك" في 2011، خلال الانتفاضة الشعبية التي أدت إلى الإطاحة بـ علي عبد الله صالح، رئيس البلاد آنذاك. وجاء ذلك في أعقاب تقارير من هيومن رايتس ووتش وغيرها أفادت أن قوات الحرس الجمهوري التابعة للحكومة السابقة وضعت الآلاف من الألغام الأرضية المضادة لأفراد في 2011 في بني جرموز بالقرب من صنعاء، ما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين. واعتبارا من يونيو/حزيران 2014، تم تقديم التوعية بمخاطر تلك الألغام إلى السكان المحليين، ولكن لم تجر عملية إزالة الألغام بعد.
وفي مارس/أذار، رفضت السلطات اليمنية منح باحث هيومن رايتس ووتش تأشيرة دخول إلى اليمن للتحقيق في الخطوات التي تتخذها الحكومة لمعالجة استخدام الألغام الأرضية في عام 2011. واليمن ملزم بموجب اتفاقية حظر الألغام، بتحديد المناطق المتأثرة بالألغام، وتحذير السكان من مخاطرها، وإزالة الألغام، ومساعدة الضحايا. ويعتقد أن أيا من هذه الإجراءات لم يتم تنفيذها، على الرغم من إقرار اليمن والتزامه بإجراء تحقيق حول استخدام الألغام الأرضية.
تولت الجزائر منصب رئيس اتفاقية حظر الألغام حتى المؤتمر الاستعراضي الثالث للاتفاقية الذي تم عقده في مابوتو، في موزمبيق في يونيو/حزيران 2014. ويتولى الأمير الأردني مرعد بن رعد الحسين منصب المبعوث الخاص لاتفاقية حظر الألغام، وهو مسؤول عن عن تعزيز الالتزام العالمي بالاتفاقية وتنفيذ أحكامها.
وتعد هيومن رايتس ووتش عضوا مؤسسا في الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية، والتي حصلت بسببها على جائزة نوبل للسلام عام 1997، جنبا إلى جنب مع منسقها جودي ويليامز، وذلك لجهودها في التوصل إلى اتفاقية حظر الألغام المضادة للأفراد، ومساهمتها في تقديم دبلوماسية دولية جديدة تستند إلى الضرورات الإنسانية.