قال ستيف غوس، مدير قسم الأسلحة وحقوق الإنسان في هيومن رايتس ووتش: "يخلو إنكار سوريا من المعنى مع تراكم الأدلة على انهمار القنابل العنقودية كالمطر فوق البلدات والقرى. إن القوات الجوية السورية تفرض سلطان الرعب على المدنيين في معاقل المعارضة بأنحاء البلاد، بإلقاء القنابل العنقودية وغيرها من الأسلحة الانفجارية من الطائرات"..
تلقت هيومن رايتس ووتش معلومات عن أكثر من 35 موقع لهجمات القنابل العنقودية. وتبرهن هذه المواقع على اتساع مدى استخدام القنابل العنقودية. كما تبين صور القنابل العنقودية والمقاطع المصورة التي تظهر بها أن القوات الجوية السورية استخدمت على الأقل 46 قنبلة عنقودية. تعرفت هيومن رايتس ووتش على ما لا يقل عن 136 ذخيرة عنقودية صغيرة غير منفجرة تخلفت عن الهجمات، جميعها تهدد المدنيين بخطر داهم. تمثل هذه الأرقام مجموع الغارات والقنابل المستخدمة والقنابل غير المنفجرة التي أمكن التعرف عليها من المصادر المتاحة، لكن الأرجح أنها مجرد مؤشر جزئي على الأرقام الفعلية.
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع اثنين من ضحايا القنابل العنقودية في بلدة البويضة الشرقية، وكذلك مع بعض سكان بلدات الرستن وتلبيسة والباب والقصير، ممن شهدوا غارات القنابل العنقودية الجوية أو صوروا آثارها، وزودوا هيومن رايتس ووتش بالصور والمقاطع المصورة.
حرصت هيومن رايتس ووتش، للتأكد من فرادة الوقائع الواردة في المقاطع المصورة المنشورة، على تحليل أنواع الذخائر العنقودية الصغيرة المستخدمة، وبيانات المصنع وبيانات الإنتاج الظاهرة على القنابل العنقودية والذخائر العنقودية الصغيرة المفردة، وخصائص المواقع التي حدثت فيها الهجمات، والتلف المحدد الذي تعرضت له القنابل والذخائر العنقودية الصغيرة التي تم العثور عليها. في عدد من الوقائع، أدت المقابلات الهاتفية مع الشهود والضحايا إلى توفير تأكيد إضافي للهجمات. باستخدام هذه النقاط التحليلية، تم بناء قاعدة بيانات لوقائع الهجمات الفريدة، تبين التصاعد الدرامي في استخدام الذخائر العنقودية من طرف القوات السورية على مدار الأسبوعين الماضيين.
تبين مراجعة العلامات الظاهرة على القنابلالعنقودية والذخائر العنقودية الصغيرة التي تحتوي عليها، إضافة إلى المقارنة بالكتيبات السوفييتية الخاصة بالأسلحة، أنها صنعت في سبعينات وأوائل ثمانينات القرن العشرين في مصانع الذخائر الحكومية السوفييتية. كانت الذخائر الصغيرة الأوفر عدداً ضمن ما تم التعرف عليه هي ذخائر "إيه أو-آي إس سي إتش" الانشطارية المضادة للأفراد، ويبدو أنها قد صنعت كلها في مصنع سوفييتي يشير إليه رمز 55 الوارد ضمن العلامات.
في 15 أكتوبر/تشرين الأول، أنكر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، استخدام قنابل عنقودية "روسية الصنع" في سوريا. قال لافروف إنه "ليس هناك تأكيد" للاستخدام، وأنه "من الصعب" التيقن من مصدر الذخائر العنقودية.
رغم أن كيفية وتوقيت حصول سوريا على ترسانتها ليسا في حيز المعرفة العامة فإن الاتحاد السوفييتي السابق كان ينتج قنابل "آر بي كيه" العنقودية ويصدّرها بكميات كبيرة. ويقرر ناشرو أدلة العتاد العسكري المتخصصة، مثل "آي إتش إس جينز"، علاوة على المواد التي نشرها المجمع الصناعي العسكري الروسي، يقررون أن القنابل العنقودية من طراز "آر بي كيه" كان يجري تسويقها بواسطة شركة "بازلت للأبحاث والإنتاج" الحكومية في موسكو. لا يوجد بلد سوى الاتحاد السوفييتي يُعرف عنه إنتاج القنابل العنقودية من طراز "آر بي كيه-250"، أو الذخائر العنقودية الصغيرة طراز "إيه أو-آي إس سي إتش" و"بي تي إيه بي-2,5 إم".
قال ستيف غوس: "بينما يمكن لوزير الخارجية لافروف تبرير إنكاره بانطباقه الضيق على القنابل العنقودية الحديثة "روسية الصنع"، فإن كافة الأدلة حتى الآن تبين أن الأسلحة التي تلقيها طائرات القوات الجوية السورية النفاثة والمروحية نشأت في الاتحاد السوفييتي. وعلى روسيا أن تبدي القلق من استخدام الذخائر العنقودية في سوريا، وليس التشكيك في الأدلة المقنعة على استخدام ذخائر عنقودية سوفييتية الصنع".
في الأيام الأخيرة سارعت عدة حكومات إلى إدانة استخدام سوريا للقنابل العنقودية، منها النمسا وبلجيكا والدنمارك وفرنسا وألمانيا والنرويج وقطر.
قال ستيف غوس: "على كافة البلدان المعنية بحماية المدنيين من الآثار الضارة للذخائر العنقودية وغيرها من الأسلحة الانفجارية أن ترفع أصواتها مطالبة بإنهاء الحملة الجوية".