السيد فرانسوا فيون
رئيس الوزراء
فندق ماتينيون
57شارع دو فارين
75700باريس
فرنسا
السيد رئيس الوزراء،
تُكاتبكم هيومن رايتس ووتش فيما يتعلق بالسيد مراد دهينة، وهو مواطن جزائري، تعتقله السلطات الفرنسية منذ 16 يناير/كانون الثاني 2012،بينما تُحدد المحكمة مدى قانونية تسليمه إلى الجزائر بناء على مذكرة توقيف دولية صادرة عن الجزائر في عام 2003.
يتطلب الترحيل من هذا النوع، بموجب القانون الفرنسي، توقيع رئيس الوزراء. إننا ندعوكم إلى عدم توقيع هذا الأمر لأنه من خلال قيامكم بذلك، ستكونون قد أرسلتم السيد دهينة إلى بلد سيكون فيه عرضة للتعذيب أو الإدانة على أساس أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب. هذا من شأنه أن يشكل انتهاكا لالتزامات فرنسا القانونية بموجب المادتين 3 و6 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة (يشار إليها فيما بعد باتفاقية مناهضة التعذيب).
أقام السيد دهينة منذ أوائل التسعينياتفي سويسرا، حيث ربى هو وزوجته ستة أطفال، خمسة منهم مواطنين سويسريين والسادس مواطن أمريكى. وهو حاصل على الدكتوراه في الفيزياء من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وعمل كفيزيائي في المركز الأوروبي للأبحاث النووية(CERN) في جنيف. ومنذ أن أوقفت طغمة مدعومة عسكريا في الجزائر الانتخابات وحظرت الجبهة الإسلامية للإنقاذ(FIS) في عام 1992، كان السيد دهينة نشيطا في المعارضة السياسية في الخارج، ولفترة معينة كعضو بارز في الجبهة الاسلامية للإنقاذ. قدم طلبا باللجوء في سويسرا عام 1994، واستمر في العيش هناك قانونيا في حين درست السلطات السويسرية طلبه باللجوء.
السيد دهينة هو حاليا المدير التنفيذي لمؤسسة الكرامة، وهي منظمة لحقوق الإنسان ومقرها جنيف والتي تتعاون معها هيومن رايتس ووتش في بعض الأحيان في مبادرات حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. السيد دهينة هو أيضا أحد مؤسسي حركة رشاد، وهي منظمة سياسية معارضة هدفها المعلن، وفقا لموقعها على شبكة الإنترنت، هو إقامة، من خلال الوسائل السلمية، "دولة الحق والعدل والقانون، دولة تسودها المبادئ الديمقراطية والحكم الراشد"، في الجزائر.
إننا قلقون من أن الدافع الحقيقي وراء الملاحقة القضائية للجزائر ومحاولة ترحيل السيد دهينة قد يكون أنشطته الحقوقية والسياسية المعارضة التي يقوم بها، بينما يعيش في الخارج، بدلا من حيازة الجزائر لأدلة قابلة للتصديق على أنه ارتكب أية أفعال يمكن اعتبارها جرائم، في دولة تحترم حقوق الإنسان.
في عام 1996، وفقا لمعلوماتنا، أدانت محكمة جزائرية السيد دهينة غيابيا بتهمة "العمل في منظمة إرهابية تعمل في الخارج"، وحكمت عليه بالسجن عشرون عاما. وتتضمن وثائق الترحيل التي قدمتها الجزائر، أيضا حسب ما ورد، إدانة ثانية غيابيا، في عام 2005. إذا عاد إلى الجزائر، سيواجه السيد دهينة محاكمة جديدة على أساس إدانات غيابية، بالإضافة ربما إلى اتهامات جديدة.
وينص قرار محكمة الاستئناف في باريس باعتقال السيد دهينة على أن مذكرة التوقيف الدولية الصادرة عن الجزائر تسعى إلى ترحيله بسبب عضويته المفترضة في جماعة إرهابية في الخارج بين عامي 1997 و1999 في سويسرا، وفقا للمادة 87 محرر 6من قانون العقوبات الجزائري.
ومن الجدير بالذكر في هذا الصدد أن السلطات السويسرية لم تحاكم السيد دهينة على أية اتهامات، وفي عام 2002 رفضت طلبا كانت الجزائر قد تقدمت به في عام2001 لترحيل السيد دهينة.
ونقلت صحيفة "لاتريبيون دو جنيف"، في 11 أكتوبر/تشرين الأول 2002، عن فولكو جالي، المتحدث باسم مكتب العدل الاتحادي قوله: "لا يمكننا الموافقة على هذا الطلب لسبب بسيط، هو أن الجرائم المزعومة لا يعاقب عليها بموجب القانون السويسري".
واعتقلت السلطات الفرنسية السيد دهينة بينما كان يستقل طائرة من باريس متجهة إلى جنيف يوم 16 يناير/كانون الثاني. ومنذ ذلك التاريخ وهو رهن الاحتجاز في انتظار ترحيله، ويوجد حاليا في سجن "لاسونتي – La Santé" في باريس. وصرح السيد دهينة، حين مثل أمام قاضي التحقيق يوم 15 فبراير/شباط، بأنه لن يعود طوعا إلى الجزائر. وحددت محكمة الاستئناف في باريس موعد جلسة بشأن طلب الترحيل مقرر عقدها في21 مارس/آذار.
هناك أدلة كثيرة على ممارسة التعذيب من قبل الأجهزة الأمنية الجزائرية، وخاصة في حق الأشخاص رهن التحقيق والذين يشتبه في ارتكابهم جرائم أمنية، سواء في الجزائر أو وهم في الخارج. وجاء في تقرير منظمة العفو الدولية، "الجزائر: سلطات بلا حدود: التعذيب على يد الأمن العسكري في الجزائر" الذي نشر في 9 يوليو/تموز 2006:
تستمر ممارسة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة في الجزائر من دون عقاب في حالات توقيف الأشخاص المتهمين بمزاولة أنشطة إرهابية واعتقالهم. ويستند هذا التقرير إلى العشرات من حالات التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة على يد دائرة الاستعلام والأمن والتي تلقت منظمة العفو الدولية معلومات حولها في السنوات الأخيرة. وينتمي المعتقلون إلى مجموعة متنوعة من الخلفيات. وقد اعتقل بعضهم بسبب مشاركته المزعومة مع الجماعات المسلحة في الجزائر، وكان البعض الآخر مقيما في الخارج، وألقي القبض عليه للاشتباه بتورطه في شبكات إرهابية دولية.
أعربت لجنة الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب،في ملاحظاتها الختامية بتاريخ 26 مايو/أيار 2008، عن قلقها إزاء استمرار ورود تقارير عن مراكز اعتقال سرية "خارج نطاق سيطرة المحاكم".
وهناك أيضا احتمال أن يتم استخدام معلومات تم الحصول عليها تحت التعذيب ضد السيد دهينة في المحاكم الجزائرية. وعبرت لجنة مناهضة التعذيب في عام 2008 عن قلقها من كون قانون الإجراءات الجزائية الجزائري لا يحظر صراحة استخدام أدلة تم الحصول عليها عن طريق التعذيب خلال المتابعة، كما هو مطلوب بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب، ويعطي القضاة سلطة تقديرية لتقييم الاعترافات "كما هو الحال مع أي دليل". وسجلت اللجنة أنها تلقت معلومات بقبول اعترافات تم الحصول عليها تحت التعذيب خلال التحريات والتحقيقات.
ودعت لجنة مناهضة التعذيب الجزائر إلى منح إذن بزيارة للمقرر الخاص المعني بالتعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، وهو الأمر الذي رفضت الجزائر القيام به منذ أن تقدم المقرر الخاص بهذا الطلب في عام 1997. لقد علمنا أن المقرر الخاص قد أرسل إلى فرنسا إخطاراً عاجلا حول ترحيل محتمل للسيد دهينة إلى الجزائر، ونحن ندعوكم إلى أخذه بعين الاعتبار خلال مداولاتكم.
قدم ائتلاف علائلات المفقودين في الجزائر (CFDA)،وهي منظمة غير حكومية، في أبريل/ نيسان 2008 "تقريرا موازيا" إلى لجنة مناهضة التعذيب، عن التعذيب في الجزائر. يحتوي تقرير ائتلاف عائلات المفقودين على مقابلات مع جزائريين يصفون تعرضهم للتعذيب أثناء استجوابهم بين عامي 2006 و 2008.الأساليب الأكثر شيوعا هي الضرب ومحاكاة الغرق ("Le chiffon")".
وذكرت المحكمة العليا في المملكة المتحدة، في حكم صادر بتاريخ 7 مارس/آذار 2012، في قضية تتعلق بجزائريين يطعنون على قرار ترحيلهم إلى الجزائر، أنه كان "من المشترك في عدة قضايا أمام [لجنة طعون الهجرة الخاصة] - أن الجزائر بلد يتم فيه ممارسة التعذيب بشكل منهجي من قبل دائرة الاستعلام والأمن، وأنه لم يسبق أن تعرض أي ضابط بدائرة الاستعلام والأمن للمساءلة القضائية بسبب ذلك."قضية Wو (FC)وآخرون ضد وزير الدولة للشؤون الداخلية، المصدر: (W (Algeria) (FC) and others v Secretary of State for the Home Department, [2012] UKSC 8, paragraph 4
من وجهة نظرنا، فإن الأدلة تدعم رأينا بأنه إذا كانت فرنسا سترسل السيد دهينة إلى الجزائر، فإن ذلك سيشكل انتهاكا لاتفاقية مناهضة التعذيب، التي تنص في المادة 3 منها على الآتي:
1- لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص أو أن تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب.
2- تراعى السلطات المختصة لتحديد ما إذا كانت هذه الأسباب متوافرة، جميع الاعتبارات ذات الصلة، بما في ذلك، في حالة الانطباق، وجود نمط ثابت من الانتهاكات الفادحة أو الصارخة أو الجماعية لحقوق الإنسان في الدولة المعنية.
تعتزم هيومن رايتس ووتش مراقبة جلسة محكمة الاستئناف المقرر عقدها في 21 مارس/آذار. ويحدونا الأمل في أن تصدر المحكمة حكمها ضد طلب الترحيل. ونأمل أيضا أن تأمر المحكمة بالإفراج عن السيد دهينة سريعا ما لم تكن هناك أدلة مقنعة على أنه قد يكون ارتكب أفعالا تدخل في عداد الجرائم في فرنسا.
مهما كانت النتائج التي تتوصل إليها المحكمة، فإننا ندعوكم إلى الامتثال لالتزامات فرنسا بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب والاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، من خلال رفض التوقيع على أي أمر بترحيله إلى الجزائر.
نشكركم على اهتمامكم ونرجو ألا تترددوا في إرسال أي استفسارات لديكم إلينا.
وتفضلوا بقبول فائق الاحترام،
جان ماري فاردو
مدير فرنسا
هيو ويليمسون
المدير التنفيذي
قسم أوروبا وآسيا الوسطى
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية
قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا