Skip to main content

قطاع غزة/إسرائيل: هجمات حماس الصاروخية على المدنيين غير قانونية

الصواريخ المُطلقة من مناطق مأهولة بالسكان تعرض المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين للخطر

 

(القدس) - قالت هيومن رايتس ووتش في تقرير جديد أصدرته اليوم إن على حركة حماس أن تُعلن نبذ الهجمات الصاروخية غير القانونية التي تستهدف مراكز السكان الإسرائيليين، وأن تُحمّل المسؤولين عن إطلاقها المسؤولية. وقد أطلقت حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة على مدار السنوات، الآلاف من الصواريخ على المدن والبلدات الإسرائيلية، ومنها مئات الصواريخ التي تم إطلاقها أثناء العملية العسكرية الإسرائيلية على قطاع غزة، التي استغرقت ثلاثة أسابيع في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009. ومن المقرر أن تُعلن بعثة تقصي الحقائق الأممية تحت إشراف القاضي ريتشارد غولدستون، عن نتائجها، لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في شهر سبتمبر/أيلول المقبل.

وتقرير "صواريخ من غزة: الأضرار اللاحقة بالمدنيين جراء الصواريخ التي أطلقتها الجماعات الفلسطينية المسلحة" الذي جاء في 26 صفحة، يوثّق الهجمات التي شنتها حركة حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2008، والتي أسفرت عن مقتل ثلاثة مدنيين إسرائيليين وألحقت إصابات جسيمة بالعشرات غيرهم، وأضرت بالممتلكات وأجبرت السكان على مغادرة منازلهم. وقد أصابت الصواريخ - على نحو غير قانوني - مناطق مأهولة بالسكان حتى مسافة 40 كيلومتراً في العمق الإسرائيلي، مما يعرض 800 ألف مدني إسرائيلي للخطر. وقد سقطت بعض الصواريخ قبل بلوغ أهدافها في إسرائيل، لتسفر عن مقتل فتاتين وإصابة آخرين في قطاع غزة، أثناء تلك الفترة. كما أن الجماعات الفلسطينية المسلحة التي تطلق الصواريخ من مناطق كثيفة السكان تُعرّض المدنيين في غزة لخطر الهجمات الانتقامية الإسرائيلية.

وقال آيان ليفين، مدير البرامج في هيومن رايتس ووتش: "هجمات حماس الصاروخية التي تستهدف المدنيين الإسرائيليين غير قانونية ولا مبرر لها، وترقى لكونها جرائم حرب". وتابع قائلاً: "وبصفة حماس السلطة الحاكمة في قطاع غزة، فعليها أن تنبذ علناً اللجوء للهجمات الصاروخية بحق مراكز تجمع المدنيين الإسرائيليين وأن تعاقب المسؤولين عنها، ومنهم بعض العناصر من جناحها المسلح نفسه".

ويُركز تقرير "صواريخ من غزة" على الأحداث التي وقعت من بعد 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2008، وهو موعد استئناف الجماعات الفلسطينية المسلحة للقصف الصاروخي في أعقاب توغل عسكري إسرائيلي إلى القطاع. وبناء على مقابلات مع شهود على الهجمات الصاروخية وشهود على إطلاقها، وبناء على تحقيقات ميدانية لمواقع الهجمات في إسرائيل وقطاع غزة، بالإضافة إلى معلومات واردة في وسائل الإعلام وتقارير أخرى؛ يعرض التقرير تفصيلاً وقائع مقتل وإصابة المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين جراء الهجمات الصاروخية في ديسمبر/كانون الأول 2008 ويناير/كانون الثاني 2009. وفيما لم تتوصل هيومن رايتس ووتش إلى لجوء الجماعات الفلسطينية المسلحة إلى تعمد استخدام المدنيين كدروع بشرية تحول دون الرد على هجماتهم الصاروخية، فقد انتهت إلى أن هذه الجماعات تكرر خرقها لواجبها بموجب قوانين الحرب باتخاذ جميع الاحتياطات المستطاعة لتفادي الإضرار بالمدنيين، لدى إطلاقها الصواريخ من مناطق كثيفة السكان.

وقال آيان ليفين: "انتهكت قوات حماس قوانين الحرب بإطلاقها الصواريخ عمداً أو بشكل عشوائي على المدن الإسرائيلية، وايضاً بإطلاقها من مناطق مأهولة بالسكان وبتعريضها سكان غزة للخطر".

وقد قللت حركة حماس كثيراً من الهجمات الصاروخية في غضون الشهور الأخيرة، لكنها لم تعلن نبذ الهجمات التي تتعمد استهداف المدنيين أو تلحق بهم الأذى نظراً لطبيعتها العشوائية - وهو انتهاك جسيم لقوانين الحرب - أو هي قدمت للعدالة المسؤولين عن شن هذه الهجمات، أو من عرضوا المدنيين الفلسطينيين للخطر بإطلاقهم الصواريخ من مناطق كثيفة السكان في قطاع غزة. وقد أعلن جناح حماس المسلح المسؤولية عن مقتل ثلاثة إسرائيليين، حالاتهم موثقة في التقرير. وأثناء الهجوم الإسرائيلي على غزة في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، أعلنت الأجنحة المسلحة لحركة حماس والجهاد الإسلامي أنها أطلقت 820 صاروخاً.

ولا يمكن توجيه صواريخ قسام محلية الصنع وصواريخ غراد سوفيتية الصنع بأي قدر من الدقة، وهي الصواريخ التي تستخدمها حركة حماس وغيرها من الجماعات المسلحة. وبموجب قوانين الحرب، فمثل هذه الأسلحة تُعتبر ذات طبيعة عشوائية حين تُستخدم بحق أهداف في مناطق كثيفة السكان. وغياب القوات الإسرائيلية عن المناطق المستهدفة بالقصف، وكذلك تصريحات قيادات من الجماعات الفلسطينية المسلحة، هي قرائن على أن الجماعات المسلحة تعمدت استهداف المدنيين الإسرائيليين والأعيان المدنية الإسرائيلية. على سبيل المثال، قال أبو عبيدة، المتحدث باسم كتائب القسام التابعة لحماس، في تسجيل فيديو تم بثه في 5 يناير/كانون الثاني 2009 إن "استمرار العدوان لن يؤدي إلا إلى زيادة مدى صواريخنا [...]. سوف نُضاعف عدد الإسرائيليين المعرضين للصواريخ".

وبموجب قوانين الحرب، فإن الأشخاص الذين يُصرحون عمداً أو ينفذون عن عمد أو بعدم تمييز هجمات تصيب المدنيين، هم بذلك يرتكبون جرائم حرب.

وتستخدم إسرائيل نظام صافرة إنذار مبكرة تعطي المدنيين ما بين 10 إلى 45 ثانية للجوء إلى أحد المخابئ المجهزة، حسب المسافة التي تفصل نقطة إطلاق الصاروخ في غزة عن نقطة الانفجار، وقد حد هذا النظام كثيراً من عدد الإصابات في صفوف المدنيين في إسرائيل. إلا أن الهجمات المتكررة على مدار الشهور والسنوات، كان لها أثرها النفسي السيئ على السكان في المناطق القريبة من قطاع غزة. وتحظر قوانين الحرب الهجمات التي يكون هدفها الأساسي بث الذعر في السكان المدنيين. وبسبب الهجمات الصاروخية، انتقل الآلاف بعيداً عن مرمى الصواريخ، بعيداً عن مدن مثل بلدية سديروت.

وقالت الجماعات الفلسطينية المسلحة بأن الهجمات الصاروخية هي أعمال انتقامية مشروعة رداً على العمليات العسكرية الإسرائيلية والحصار الاقتصادي القائم المضروب على غزة، وأنها رد مشروع على سيطرة إسرائيل على قطاع غزة. كما وثقت هيومن رايتس ووتش الكثير من انتهاكات قوانين الحرب من قبل القوات الإسرائيلية في غزة، لكن انتهاكات أحد أطراف النزاع لا تبرر إطلاقاً انتهاكات الطرف الآخر التي يرتكبها رداً على أعمال الأول. ولا يُسمح إطلاقاً بالهجمات التي تستهدف المدنيين، في قوانين الحرب، التي تطالب الجماعات المسلحة باستهداف الأهداف العسكرية فقط، وأن تتخذ جميع الاحتياطات المستطاعة لإبعاد المدنيين عن مرمى الضرر، بغض النظر عن أساليب وأدوات الخوض في النزاع المسلح.

وبالمثل، فرغم أن العمليات العسكرية الإسرائيلية قد تسببت في أضرار أكبر بكثير لحقت بأرواح المدنيين - إذ قُتل المئات من المدنيين في الغارات الجوية والهجمات بالمدفعية والقصف بالدبابات وغيرها من الهجمات - والممتلكات، أكثر من أية عمليات شنتها الجماعات الفلسطينية المسلحة، فإن انتهاكات قوانين الحرب لا تُقدر بناء على عدد الضحايا من المدنيين، بل بما إذا كان طرف النزاع قد امتنع عن شن هجمات عمدية أو عشوائية على المدنيين، وإن كان قد اتخذ الاحتياطات المستطاعة لتقليص الخسارة في صفوف المدنيين.

وقال آيان ليفين: "هيومن رايتس ووتش مُلزمة بتوثيق أسوأ انتهاكات الحرب التي ترتكبها أي من أطراف النزاعات المسلحة في شتى أنحاء العالم". وأضاف: "ونحن ننشر هذه التقارير لأنه يجب ألا يُستهدف المدنيين بالهجمات، بغض النظر عن القوة النسبية للطرف المُهاجم قِبل الطرف الآخر".

ولا يبرر استخدام أسلحة بدائية الإخفاق في احترام قوانين الحرب، كما أن استخدام الخصم لأسلحة متطورة لا يعني التصريح للطرف الأضعف بتجاهل هذه القوانين، حسب ما قالت هيومن رايتس ووتش. وتوجد مثل هذه الفروقات الشاسعة في القدرات في حروب كثيرة، وإذا تم التذرع بها لتجاهل قوانين الحرب؛ فسوف تزيد الخسائر في صفوف المدنيين أثناء النزاعات المسلحة زيادة هائلة. ولا يمكن تقليص الخسائر في أرواح المدنيين جراء النزاعات إلا إذا أقر كل طرف بالتزاماته القانونية الخاصة بالتقيد بقوانين الحرب، بغض النظر عما لديه من أسلحة، متطورة كانت أو بدائية.

تقرير "صواريخ من غزة" هو الخامس في سلسلة تقارير (حياة الحرمان والخطر، أمطار النار، تحت غطاء الحرب، عين الخطأ)  أصدرتها هيومن رايتس ووتش عن العملية العسكرية الإسرائيلية التي بدأت في 27 ديسمبر/كانون الأول 2008. ومن المزمع إصدار تقريرين إضافيين عن الموضوع نفسه قريباً.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة