(القاهرة) - قالت كل من منظمة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية اليوم إن القرار الجديد الصادر عن وزارة الداخلية المصرية بالاعتراف بحق أتباع الديانات "غير المعترف بها" في الحصول على الوثائق الثبوتية الضرورية والخدمات الأساسية هو خطوة إيجابية تأخرت كثيراً. ويضع القرار نهاية للسياسة الرسمية التي قامت على إجبار المصريين البهائيين على ادعاء اعتناق الإسلام أو المسيحية.
وقد نشرت الجريدة الرسمية في عددها الصادر في 14 إبريل/نيسان نص القرار، الذي وقعه وزير الداخلية اللواء حبيب العادلي في 19 مارس/أذار الماضي، ودخل القرار حيز النفاذ صباح اليوم. وقد أصدر الوزير القرار بعد ثلاثة أيام من صدور حكم المحكمة الإدارية العليا بتأييد حق أعضاء الأقلية البهائية في مصر في استخراج الوثائق الرسمية، كبطاقات الهوية وشهادات الميلاد، دون الكشف عن معتقداتهم الدينية أو الاضطرار إلى ادعاء أنهم مسلمون أو مسيحيون.
وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "بصدور هذا القرار تكون وزارة الداخلية قد أقدمت على حل مشكلة خطيرة كانت هي السبب في نشأتها من الأصل. وسنراقب على مدى الأسابيع القادمة كيف سيقوم المسئولون بتنفيذ التعليمات الجديدة لنتأكد من تطبيقها بسرعة ودون تعقيدات."
وكان الحكم النهائي الذي أصدرته المحكمة في دعوى أقامتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد قضى بإنهاء سياسة تعسفية طبقتها مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية على مدى الأعوام التسعة الماضية، وحرمت بموجبها جميع المصريين البهائيين من الحصول على أي من الوثائق الثبوتية الضرورية ما لم يصرحوا باعتناقهم لواحدة من الديانات الثلاث المعترف بها، وهي الإسلام أو المسيحية أو اليهودية.
يذكر أن الوثائق الثبوتية ـ وخاصة شهادات الميلاد وبطاقات الهوية ـ إلزامية لجميع المصريين، ولا يمكن بدونها الحصول على التعليم أو التوظيف أو الزواج أو تسجيل الأطفال وتطعيمهم ضد الأمراض، أو ممارسة أي من المعاملات اليومية الأساسية كإنشاء حساب مصرفي، أو الحصول على رخصة قيادة، أو تلقي المعاش أو الميراث، أو الدخول في أي تعاملات تجارية.
وينص القرار الوزاري (رقم 520 لسنة 2009) على إدخال فقرة جديدة على اللائحة التنفيذية لقانون الأحوال المدنية الصادر عام 1994. وسيكون على مسئولي مصلحة الأحوال المدنية بموجب التعديل وضغ علامة شرطة (ــ) أمام الخانة المخصصة للديانة في الوثائق الثبوتية الرسمية لجميع المصريين الذين يملكون مستندات تثبت انتماءهم أو انتماء آبائهم إلى معتقدات دينية بخلاف الديانات المعترف بها من الدولة. ويعني التعديل في الواقع أن البهائيين وغيرهم من أتباع الديانات "غير المعترف بها" لن يكون عليهم تسجيل معتقداتهم في الأوراق الثبوتية.
وحثت منظمة هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية الحكومة على ضمان ألا تؤدي القواعد الإجرائية التي سيطبقها موظفو مصلحة الأحوال المدنية إلى تأخيرات غير مبررة أو إلى وضع عقبات تعيق قدرة المصريين البهائيين على الحصول على هذه الوثائق الضرورية.
وقال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "إن القرار الجديد يقضي بإسقاط سياسة من الانتهاك قامت على التمييز ضد مواطنين على أساس معتقداتهم الدينية دون أي أساس في القوانين المصرية. ونتمنى أن يعني هذا القرار وجود نية لدى الحكومة لإنهاء كافة السياسات المؤدية إلى التمييز الديني ولتعزيز حق جميع المصريين في حرية المعتقد."
وكان تقرير مشترك أصدرته هيومن رايتس ووتش والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية عام 2007 قد قام بتوثيق سياسة وزارة الداخلية القائمة على الامتناع عن إصدار الوثائق الثبوتية الإلزامية ـ التي يشترط فيها إثبات الديانة ـ للمصريين البهائيين أو المواطنين الذين يتحولون من الإسلام إلى المسيحية. كما قام التقرير ـ الذي حمل عنوان (هويات ممنوعة: انتهاك الدولة لحرية المتقد) ـ بإظهار أن هذه السياسة لا تستند إلا إلى تفسير الحكومة الانتقائي والضيق للشريعة الإسلامية، وأنها \ تخالف التزام الدولة بموجب الدستور المصري واتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي صدقت عليها بحماية الحق في حرية الدين والمعتقد، والخصوصية، ومنع التمييز.