Skip to main content
تبرعوا الآن

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم أن على السلطات الجزائرية إسقاط التهم التي تم توجيهها لدوافع سياسية إلى اثنين من محامي حقوق الإنسان، وذلك عند استئناف محاكمتهما يوم الأربعاء.

وتجري محاكمة كلٍّ من أمين سيدهم وحسيبة بومرداسي منذ أغسطس/آب بتهمة إعطاء موكلين لهما من السجناء وثائق غير مسموح بإعطائها، وهما يواجهان الحكم بالحبس لمدة قد تبلغ خمس سنوات إذا تمت إدانتهما.

وسيدهم وبومرداسي محاميان جزائريان معروفان بدفاعهما العلني عن حقوق الإنسان، وغالباً ما يمثلا المحتجزين المتهمين بالإرهاب والجرائم الأمنية، وكذلك عائلات الأشخاص "المختفين" على يد الأجهزة الأمنية خلال الاضطرابات الأهلية في التسعينات، إضافةً إلى المتهمين الذين يفيدون بتعرضهم للتعذيب على يد الشرطة أثناء الاستجواب.

وقالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تهدف هذه القضايا، في حقيقة الأمر، إلى ترهيب محامي حقوق الإنسان الذين يدافعون عن حقوق موكليهم".

وكثيراً ما ينتقد سيدهم وبومرداسي انتهاكات حقوق الإنسان عبر مقابلاتٍ مع وسائل الإعلام، وهما ثابتان على هذا النهج رغم صدور قانون عام 2006 يمنح الحصانة من الملاحقة القضائية لمرتكبي معظم الأعمال الوحشية التي جرت في التسعينات، ويفرض عقوباتٍ جزائية بحق من يتكلم أو يتصرف فيما يخص تلك الأحداث على نحوٍ "يضر بسمعة الذين خدموا [الدولة] بشرفٍ، أو يشوه سمعة الجزائر على المستوى الدولي"، وقد أقرت الحكومة "مرسوم تنفيذ ميثاق السلم والمصالحة الوطنية" في فبراير/شباط 2006.

وفي حادث متصل، حظرت السلطات الجزائرية في 7 فبراير/شباط عقد ندوةٍ حاولت منظمات حقوق إنسان مستقلة تنظيمها في الجزائر تحت عنوان "الحقيقة والسلم والمصالحة".

وتتهم النيابة العامة سيدهم بإعطاء أحد السجناء خمساً من بطاقاته الشخصية، في شهر يوليو/تموز، دون الحصول على موافقة إدارة السجن. ولا تحمل هذه البطاقات شيئاً عدا معلومات الاتصال الخاصة بسيدهم، ويقر سيدهم بإعطاء البطاقات إلى السجين، لكنه قال إنه فعل ذلك بناء على طلبه، ويشير إلى أن المحامين الجزائريين كثيراً ما يعطون السجناء بطاقاتهم عندما يطلبونها؛ وقال إن ذلك يكون لإعطائها إلى سجناء آخرين أحياناً، وليس في هذا خرقٌ لقوانين السجن وأنظمته، وإنه لا يمثل خطراً على أمن السجن.

أما في قضية حسيبة بومرداسي، فالنيابة تزعم أنها سلمت أحد موكليها في سجن سركاجي بالجزائر العاصمة يوم 27 يونيو/حزيران نسخةً عن محضر استجوابه في أول مثول له أمام قاضي التحقيق، وذلك دون طلب الإذن من الإدارة. لكن بومرداسي أنكرت التهمة وأوضحت أنها سلمت الوثيقة المعنية إلى واحدٍ من حرس السجن وعد بإعطائها إلى السجين ما إن يحصل على موافقة بتسليمها إليه.

وقد اتهمت النيابة بومرداسي وسيدهم بمخالفة المادة 166 من قانون السجون، والتي تعاقب كل من يزود الموقوف، أو يحاول تزويده، على نحوٍ غير قانوني، "بنقودٍ، أو رسائل، أو أدوية، أو أية مادة غير مسموح بها". وإذا كان المخالف شخصاً مُتاح له الاحتكاك المباشر بالموقوف، كالمحامي مثلاً، ينال العقاب بالحبس لفترة تتراوح من سنة إلى خمس سنوات وبغرامةٍ تتراوح من 10000 إلى 50000 دينار جزائري (141 – 705 دولار أمريكي)؛ ويمكن أن يتعرض المحامي الذي تتم إدانته بموجب هذه المادة إلى الحرمان من مزاولة المهنة.

وقضيتا بومرداسي وسيدهم منفصلتان، لكنهما تسيران جنباً إلى جنب أمام محكمة بداية الجزاء في باب العود، ويحضر بعض أعضاء نقابة المحامين الجزائرية جلسات هاتين المحاكمتين تضامناً مع زميليهما.

وتجري حالياً محاكمةٌ أخرى لأمين سيدهم بناء على اتهاماتٍ تبدو واهية الأساس وسياسية الدافع أيضاً؛ فطبقاً لشكوى قدمها وزير العدل، فقد ألحق سيدهم ضرراً بسمعة إحدى مؤسسات الدولة عندما أوردت صحيفة "الشروق اليومي" في عددها بتاريخ 30 مايو/أيار 2004 عن لسانه أن أحد موكليه "مضى عليه 13 شهراً في سجن سركاجي بعد حكمٍ صدر بحقه تعسفاً من المحكمة العليا". ويقول سيدهم بأن من الواضح أن الصحيفة أساءت نقل أقواله؛ وذلك لأن المحكمة العليا لم تكن قد فصلت في القضية بعد؛ ولأنها لم تفصل فيها حتى 28 إبريل/نيسان من العام التالي، وما تزال هذه القضية أمام قاضي التحقيق.

وفي 7 فبراير/شباط، فرقت السلطات ندوة "الحقيقة والسلم والمصالحة" التي نظمتها خمس منظمات جزائرية تمثل عائلات عدة آلاف من الأشخاص المختفين قسراً على يد رجال الأمن خلال التسعينات، إضافةً إلى عائلات من اختطفتهم الجماعات الإرهابية أو قتلتهم. وبعد رفض السلطات منح تأشيراتٍ لدخول البلاد إلى عددٍ من المدعوين الأجانب، احتشد رجال الشرطة في فندق ميركور بالجزائر صبيحة 7 فبراير/شباط ومنعوا انعقاد الندوة التي كان مقرراً لها أن تستمر مدة يومين.

وفي الساعة التاسعة من الليلة السابقة على ذلك اليوم، أبلغ والي الجزائر منظمي الندوة بمنع انعقادها، علماً بأنهم قدموا طلباً للحصول على موافقة على عقدها قبل خمسة أسابيع، ولم يبين الوالي أسباب قراره، إلا أن رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لحماية وترقية حقوق الإنسان الحكومية بالجزائر، فاروق قسنطيني، قال في 11 فبراير/شباط عبر صحيفة ليكسبرسيون اليومية الناطقة بالفرنسية إن منع انعقاد المؤتمر "يتفق مع بنود ميثاق السلم والمصالحة الوطنية"، وقال: "تمنع المادة 46 [من الميثاق] الاستمرار في إثارة قضية ’المختفين‘. فقد تم إغلاق هذه القضية، ولا يحق لأحدٌ أن يتحدث عنها".

وعندما سألت هيومن رايتس ووتش قسنطيني في 15 فبراير/شباط تأكيد ما أوردته الصحيفة عن لسانه قال إنه لم يكن يعبر عن رأيه الخاص، بل كان يحاول فقط تخمين السبب الذي جعل السلطات تمنع تلك الندوة، إلا أنه أقر بأن عليه أن ينتقد علناً، أو أن يأسف على الملأ على قرار منع الندوة، التي كان هو نفسه من بين من تم توجيه الدعوة إليهم للتحدث فيها.

وقبل يومٍ واحد من قرار السلطات منع الندوة، كان وزير الخارجية الجزائري يوقع في باريس على الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، وذلك ضمن مراسم فتح باب توقيع الدول على هذه الاتفاقية الجديدة.

وهذه المعاهدة الرامية إلى منع حالات "الاختفاء" والمحاسبة عليها، تلزم الدول في مادتها الرابعة والعشرين بأن "تكفل حق التشكيل الحر للمنظمات والجمعيات المعنية بمحاولة تبين ظروف الاختفاءات القسرية ومصير الأشخاص المختفين، والمشاركة الحرة في هذه المنظمات والجمعيات". كما يتمتع هذا النوع من نشاط الجمعيات السلمي بحماية العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، والجزائر من الدول التي صادقت عليه.

وقالت سارة ليا ويتسن: "معاهدة الأمم المتحدة حول حالات الاختفاء القسري واضحةٌ تماماً، إذ تقول بأن على جميع البلدان أن تسمح بنشاط حقوق الإنسان المستقل كجزءٍ من مساهمتها الواجبة في منع ’الاختفاءات‘".

وأضافت ويتسن تقول: "إذا أرادت الجزائر أخذ توقيعها على محمل الجد؛ فعليها بالسماح للمجموعات التي تمثل عائلات ’المختفين‘، ولمحاميهم من أمثال حسيبة بومرداسي وأمين سيدهم، بأن يعملوا بحريةٍ ومن غير مضايقات".

للحصول على خلفية عامة عن حالة حقوق الإنسان في الجزائر، يُرجى الاطلاع على:
https://www.hrw.org/doc/?t=arabic_mena&c=algeri

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة