بينما يجتمع قادة العالم في غلاسكو لحضور "مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي" في دورته السادسة والعشرين (المعروف أيضا بـ’COP26‘) هذا الأسبوع، وصلت المخاطر إلى حد غير مسبوق. من الحرائق التي تلتهم الغابات، والمدن التي تشهد حرا شديدا وصولا إلى الأراضي الزراعية الجافة والسواحل التي تجتاحها العواصف، تتسبب أزمة المناخ في خسائر متزايدة في الأرواح وسبل العيش في جميع أنحاء العالم. ما لم تتصرف الحكومات بجرأة - وبسرعة - للحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الدفيئة، قد يزداد الوضع سوءا بشكل يفوق الوصف.
في السنوات القادمة، يهدد ارتفاع مستوى سطح البحار والنقص الهائل في الغذاء بدفع مئات الملايين من الناس إلى مغادرة مساكنهم. قد تتضاعف أيضا النزاعات على الموارد المتناقصة باطراد مما يؤجج العنف والنزعة القومية الفتاكة وكراهية الأجانب والحكم الاستبدادي. كما قد تضعف قدرة الدول على حماية حقوق السكان الأكثر عرضة للخطر، أو تتلاشى هذه القدرة في العديد من الأماكن.
من المرجّح أن تعتمد قدرتنا على تجنب هذا المستقبل البائس، إلى حد كبير، على الخطوات التي تتخذها الحكومات اليوم لحماية حقوق الناس. لإنقاذ الغابات المطيرة في العالم - التي تلعب دورا حاسما في تخزين الكربون – ينبغي للدول دعم حقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، وهم الأكثر شراسة وفعالية بين حراس هذه الغابات.
لوقف استخدام الفحم - المسؤول عن 30% من انبعاثات غازات الدفيئة - يتعيّن على الدول أن تمنع مناجم الفحم ومحطات الطاقة من تسميم هواء ومياه السكان المحليين من خلال وضع قوانين تحمي حقهم في بيئة صحية، وأن تزيد في الوقت نفسه تكاليف الفحم مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى الأكثر نظافة.
لضمان استماع المسؤولين المُنتخبين والقادة الصناعيين لمطالب العامة من أجل اتخاذ إجراءات مناخية أكثر طموحا، على الدول أن تضمن حقوق الناس في كل مكان، وبخاصة حقوق النشطاء الشباب المتزايدة أعدادهم في جميع أنحاء العالم، كي يتحدثوا عن الحاجة الملحة لخفض انبعاثات غازات الدفيئة وحماية السكان المعرضين للخطر.
من المتوقع أن يُسفر مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي لهذا العام عن التزامات جديدة مهمة من قبل البلدان الأكثر إطلاقا للانبعاثات على مستوى العالم، لكن من المرجح أن تبقى هناك أسئلة حرجة بلا إجابة. ستلتزم الحكومات بدعم الجهود الرامية إلى مكافحة إزالة الغابات ــ لكن هل ستحظر استيراد السلع الزراعية التي تساهم في تدمير أكبر الغابات المطيرة على مستوى العالم؟ سوف يلتزم بعضها بالتخلص التدريجي من التمويل العام الدولي للوقود الأحفوري ــ لكن كم سيكون عدد الحكومات الملتزمة؟ هل ستتوقف الحكومات أيضا عن تقديم الإعانات المحلية للوقود الأحفوري التي تُخرب جهودها الرامية إلى خفض الانبعاثات في الداخل؟ من المرجح أن يتعهد البعض بمليارات الدولارات في "تمويل المناخ" لدعم سياسات المناخ في البلدان النامية ــ لكن هل سيتخذون الخطوات اللازمة لضمان وصول هذا الدعم إلى الأشخاص الأكثر عرضة للخطر؟
بينما يعكف قادة العالم على معالجة هذه القضايا في غلاسكو هذا الأسبوع، يتعين عليهم أن يدركوا أن أزمة المناخ هي أزمة حقوق إنسان، وأن حماية حقوق الإنسان أساسية لتعزيز الجهود العالمية الرامية إلى احتواء أزمة المناخ.