عندما زعمت حكومة البحرين أن لاعب كرة القدم اللاجئ حكيم العريبي لن يكون في خطر في حال أعيد إلى بلده الأم – مشيرة إلى نزاهة القضاء البحريني – كان الأمر ليبدو مضحكا لو لم يكن مأساويا إلى هذه الدرجة.
العريبي، وهو لاجئ معترف فيه ومقيم دائم في أستراليا، معتقل ظلما في بانكوك لأكثر من شهرين، بانتظار أن تقدم البحرين طلبا رسميا إلى المحكمة التايلاندية لاسترداده. وهو يواجه اليوم تمديد سجنه شهرين إضافيين بعد أن قررت المحكمة التايلاندية النظر في طلب الاسترداد، رافضة الإفراج عنه مقابل كفالة، وحددت موعدا لجلسة الاستماع في أبريل/نيسان.
بدأ كابوس العريبي حين سافر وزوجته إلى تايلاند لقضاء شهر عسلهما. فكانت فرقة من الشرطة في استقبالهما، واعتقلت العريبي بموجب "إنذار أحمر" كان الإنتربول قد أصدره خطأ بناء على طلب البحرين ثم ألغاه بعد فترة وجيزة.
في أول تصريح رسمي علني منذ اعتقال العريبي في نوفمبر/تشرين الثاني، نكرت الحكومة البحرينية مزاعم العريبي والمنظمات الحقوقية بشأن الخطر الذي قد يواجهه لاعب كرة القدم في حال أعيد إلى البحرين. على العكس، شرحت أن هيئاتها "المستقلة" القضائية والمختصة بالتحقيق الداخلي هي ضمان لتطبيق القانون والحقوق الفردية، ورفضت التشكيك في نزاهة قضائها.
لكن سجل هذه المؤسسات يثبت العكس.
تزعم الحكومة البحرينية أن العريبي أدين وحكم عليه بالسجن 10 سنوات غيابيا بتهم "تتعلق بالإرهاب، من بينها هجوم على مركز شرطة". لكن البحرين لم تذكر كيف تجاهلت المحكمة دليلا يؤكد مشاركة العريبي في مباراة كرة قدم نقلها التلفزيون الوطني قبل دقائق من ارتكاب الجريمة المزعومة.
وثقت هيومن رايتس ووتش ومجموعات أخرى كيف يسيء عناصر الأمن معاملة المعتقلين في البحرين بشكل ممنهج وشائع، لا سيما خلال التحقيقات. وصف معتقلون كيف تعرضوا للصدمات الكهربائية، وعُلقوا بوضعيات مؤلمة، وأجبروا على الوقوف لفترات طويلة، وتعرضوا للاعتداء الجنسي. تتشابه هذه النتائج مع ما وصفه العريبي من سوء معاملة تعرّض له على يد السلطات البحرينية بعد اعتقاله في 2012.
كما خلص تقرير "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" (اللجنة البحرينية) – وهي الهيئة التي عينها الملك حمد بن عيسى بن سلمان الخليفة للتحقيق في مزاعم ارتكاب انتهاكات حقوقية – إلى أن كُلّا من وزارة الداخلية و"جهاز الأمن الوطني" اتبعت "ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية، والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات، قِبل عدد كبير من المحتجزين في مراكز التوقيف". عزا تقرير اللجنة البحرينية 5 وفيات إلى التعذيب خلال الاحتجاز في 2011 وحدها.
عاينت هيومن رايتس ووتش جثمان أحد هؤلاء الرجال، وكانت تظهر عليه آثار تعذيب مروعة.
كما أظهرت الحكومة البحرينية أنها تتبع سياسة لا تتسامح إطلاقا مع حرية الإعلام، والفكر السياسي المستقل، والمعارضة السلمية. منعت الحكومة البحرينية وحلّت جميع الأحزاب والجمعيات المعارضة. كما حظرت كافة وسائل الإعلام المستقلة وسجنت العديد من الناشطين والحقوقيين والصحفيين – معظمهم تحدثوا عن تعرضهم للتعذيب – لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير.
وساهم القضاء في تعزيز تجريم المعارضة وترسيخ الإفلات من العقاب. بينما انهمكت السلطات في ملاحقة الأفراد لمجرد أنهم يمارسون حقهم في حرية التعبير، لم تُحاسب سوى قلّة من عناصر الأمن المتورطين في انتهاكات خطيرة وشائعة ضد المعتقلين. اقتصرت هذه الملاحقات المحدودة المتعلقة بسوء المعاملة على محاسبة عناصر ذوي رتب منخفضة وخلصت، بدون استثناء، إلى التبرئة او إصدار الأحكام الخفيفة غير المتناسبة. فمن قتل متظاهرا بإطلاق النار عن كثب بدون أي مبرر، ومن ضرب معتقلا حتى الموت، لم يستحقوا سوى أحكام بالسجن 6 أشهر وسنتين على التوالي.
تقاعست هيئات رقابة الحكومة البحرينية مرارا عن التحقيق في المزاعم الموثوقة بالتعرض للتعذيب في السجن، أو عن محاسبة مسؤولين شاركوا في التعذيب وأمروا به خلال التحقيقات منذ 2011. وتعرضت الهيئات لانتقادات عالمية، منها صدرت عن "لجنة مناهضة التعذيب" التابعة للأمم المتحدة، شككت في استقلالها وفعاليتها.
على الرغم من تاريخ البحرين الحقوقي المروع، لم يستخدم حلفاؤها نفوذهم بعد للضغط لإحداث تحسين، ما شجع الحكومة البحرينية على ارتكاب الانتهاكات خارج حدودها. حان الوقت ليوضح المجتمع الدولي، أستراليا ضمنا، للبحرين أنها لا تستطيع الإفلات من عواقب تعذيب وإسكات جميع من يتنقد الانتهاكات بشجاعة. على تايلاند، تحت أي ظرف، ألا تسلم العريبي إلى البحرين، وأن تطلق سراحه فورا.