Skip to main content

كندا: اسمحوا للكنديين ذوي الأمراض الخطيرة بمغادرة شمال شرق سوريا

منع امرأة وطفل محتجزين من الحصول على الرعاية هو استخفاف بسياسة الحكومة

الكندية كيمبرلي بولمان في مخيم "روج" في شمال شرق سوريا.  © 2019 ماريا ألّروتسو/أسوشيتد برس

قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن كندا تمنع فعليا امرأة كندية وطفلا كنديا صغيرا محتجزين في شمال شرق سوريا من العودة إلى الوطن لتلقي الرعاية الطبية المنقذة للحياة، رغم وجود سياسة كندية تسمح بذلك. تسمح هذه السياسة لكندا بإعادة المواطنين المحتجزين في شمال شرق سوريا كمشتبه بانتمائهم لـ"تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ"داعش") وأفراد عائلاتهم إذا كانت لديهم حالات صحية قد تكون خطيرة ولا يمكن علاجها في المخيمات والسجون التي يُحتجزون فيها.

قال سفير أمريكي سابق أخرج عدة أجانب من شمال شرق سوريا نيابة عن بلدانهم الأصلية لـ هيومن رايتس ووتش إنه في أيام التبادلات التي انتهت في 15 فبراير/شباط 2022، رفضت السلطات الكندية عرضه بمرافقة المرأة والطفل إلى القنصلية الكندية في العراق.  ناشدت أسر الكندَييْن، واللذين لا توجد بينهما صلة قرابة، السلطات الحكومية مرارا وتكرارا لإعادة المرأة والطفل إلى كندا، وأرسلت إلى السلطات سجلات طبية تبيّن حاجتهما للرعاية المنقذة للحياة.

قالت ليتا تايلر، مديرة مساعدة في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "إلى أي مدى يجب على الكنديين أن يقتربوا من الموت حتى تقرر حكومتهم أنهم مؤهلون للعودة إلى الوطن؟ على كندا أن تساعد مواطنيها المحتجزين بشكل غير قانوني في شمال شرق سوريا، وألا تعيق قدرتهم على الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة".

المحتجزان هما من بين ما يقدر بنحو 40 كنديا محتجزين منذ ثلاث سنوات أو أكثر كمشتبه بانتمائهم إلى داعش وأفراد عائلاتهم في ظروف تهدد الحياة ومهينة للغاية وغالبا ما تكون غير إنسانية في شمال شرق سوريا. لم يمثل أي منهم أمام سلطة قضائية لتقرير ضرورة وقانونية احتجازهم كما يقتضي القانون الدولي. أكثر من نصف الكنديين هم من الأطفال، ومعظمهم تحت سن السابعة.

حثت السلطات الكردية في شمال شرق سوريا، والتي تحتجز الكنديين وغيرهم من الأجانب، مرارا وتكرارا البلدان الأصلية على إعادة مواطنيها. سمحت كندا لثلاثة فقط من الرعايا المحتجزين بالعودة – فتاة يتيمة عمرها خمس سنوات في 2020، وفتاة عمرها أربع سنوات في مارس/آذار 2021، وبعد ثمانية أشهر، والدة الفتاة الثانية، والتي لم توفر لها الحكومة وثائق سفر طارئة إلا بعد أن رفع محام القضية في المحكمة. قالت كندا إن إعادة رعاياها قد تشكل خطرا أمنيا وإنه من الخطورة جدا على دبلوماسييها السفر داخل منطقة شمال شرق سوريا الملتهبة لإخراجهم.

مع ذلك، قالت الحكومة إنه إذا وصل الكنديون إلى قنصلية كندية، فستساعدهم، بما في ذلك إذا طلبوا العودة إلى الوطن. بالإضافة إلى ذلك، اعتمدت "دائرة الشؤون الدولية الكندية" (وزارة الخارجية الكندية) إطارا سياساتيا في يناير/كانون الثاني 2021 يسمح لكندا "بالنظر" في عمليات إعادة مواطنيها المحتجزين في شمال شرق سوريا بحسب الحالة وفي ظل ظروف معينة. لم تعلن الحكومة أبدا عن الإطار السياساتي، المسمى "الإطار السياساتي لحكومة كندا من أجل تقييم تقديم المساعدة الاستثنائية: القضايا القنصلية في شمال شرق سوريا". لكنها قدمتها في وثائق محكمة في يناير/كانون الثاني 2022 ردا على قضية رفعتها أسر 26 محتجزا كنديا سعيا لإجبار كندا على إعادة أقاربهم إلى كندا.

الشروط تقييدية للغاية لكنها "يمكن أن تشمل" "حالة طبية خطيرة تهدد الحياة، في ظل غياب احتمال تلقي العلاج الطبي [في الموقع]"، بحسب نسخة من الإطار السياساتي راجعتها هيومن رايتس ووتش. أحد المبادئ التوجيهية لهذه السياسة هو أنه "يجب ألا يتم تعريض مسؤولي حكوميين كنديين للخطر".

قال بيتر غالبريث، السفير الأمريكي السابق، لـ هيومن رايتس ووتش إنه أثناء تواجده في شمال شرق سوريا في منتصف فبراير/شباط، أبلغ دائرة الشؤون الدولية الكندية بأنه على استعداد لإخراج الكندَيين المريضَين جدا، وهما كمبرلي بولمان (49 عاما)، وطفل عمره أقل من 12 سنة. هذا العرض يعني أنه لن يخاطر أي مسؤول كندي بدخول شمال شرق سوريا. حجبت هيومن رايتس ووتش المزيد من التفاصيل حول الطفل، بما في ذلك اسمه وحالته الطبية، لحماية خصوصيته. في 2021، قام غالبريث بإجلاء اثنين من الكنديين الثلاثة المحتجزين الذين عادوا الآن إلى كندا – الفتاة ذات السنوات الأربع ووالدتها.

قال غالبريث إن كل ما كان يحتاجه للمضي قدما هو أن ترسل دائرة الشؤون الدولية الكندية رسالة إلكترونية إلى مسؤول رفيع المستوى من السلطات الكردية في شمال شرق سوريا تنص على أن كندا لن تعارض إذا نقل بولمان والطفل عبر الحدود إلى أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراق، حيث يوجد لكندا قنصلية. قالت السلطات الكردية في شمال شرق سوريا لـ هيومن رايتس ووتش وآخرين إنها لن تطلق سراح الأجانب المحتجزين إلا بإذن من الدول التي يحملون جنسيتها.

رفضت دائرة الشؤون الدولية الكندية طلب غالبريث.

قال غالبريث، الذي غادر شمال شرق سوريا بعدما رفضت كندا عرضه، لـ هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن موقف كندا هو التالي: من الخطر للغاية إرسال دبلوماسيينا إلى سوريا لمساعدة المواطنين الكنديين المحتجزين في سوريا، لكننا سنقدم خدمات قنصلية لأي كندي يصل إلى لبعثة دبلوماسية كندية. لكن كندا أيضا لن تجعل من الممكن لكندي محتجز في سوريا أن يصل فعليا إلى بعثة دبلوماسية كندية".

في 10 فبراير/شباط، دعا أكثر من عشرة خبراء مستقلين تابعين لـ"الأمم المتحدة" كندا إلى إعادة بولمان على وجه السرعة لعلاج الأمراض التي تهدد حياتها بما في ذلك التهاب الكبد وأمراض الكلى واضطراب المناعة الذاتية. قال الخبراء إن الظروف في المخيمات المغلقة التي يُحتجز فيها كنديون وأجانب آخرون ترقى إلى حد التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة.

أقر مسؤولو الشؤون الدولية في أوراق المحكمة بأن بولمان مؤهلة للنظر في إعادتها بسبب حالتها الصحية، حسبما قال لورانس غرينسبون، وهو محامي معظم الكنديين في الدعوى لـ هيومن رايتس ووتش. قالت ألكسندرا باين، مؤسِسة منظمة "عائلات ضد التطرف العنيف" الكندية لـ هيومن رايتس ووتش إنه وبمساعدة أقارب بولمان، كان لدى منظمتها فريق من الأطباء الكنديين في إقليم كردستان العراق في الأسبوع الذي يبدأ في 14 فبراير /شباط لتقييم حالة بولمان إذا ما نجح غالبريث في عبور الحدود معها.

لم ترد دائرة الشؤون الدولية الكندية على طلب هيومن رايتس ووتش للتعليق.

قالت شقيقة بولمان إن تعنت حكومتها حطمها. قالت لـ هيومن رايتس ووتش: "إنه أمر مفجع بالنسبة لي. ليس فقط كشقيقتها، لكن ككندية".

الكنديون هم من بين أكثر من 40 ألف أجنبي من حوالي 60 دولة محتجزين إلى أجل غير مسمى، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، في مخيمات وسجون في شمال شرق سوريا لعناصر داعش المشتبه بهم وأفراد أسرهم، ومعظمهم من النساء والأطفال. لقي المئات من المحتجزين مصرعهم بسبب أمراض يمكن الوقاية منها أو حوادث أو عنف بين المحتجزين أو المحتجزين والحراس.

في يناير/كانون الثاني، هاجم تنظيم داعش سجنا في مدينة الحسكة يضم نحو أربعة آلاف معتقل من الذكور، بينهم 700 فتى، مما أشعل معركة استمرت 10 أيام أدت بحسب السلطات المحلية إلى مقتل مئات المحتجزين وعشرات المقاتلين الإقليميين، وأصبح العديد من المحتجزين في عداد المفقودين. كان ما لا يقل عن ثلاثة كنديين محتجزين في ذلك السجن، على حد قول مصادر بينهم محتجز وباين لـ هيومن رايتس ووتش.

في إطار سياستها، قامت دائرة الشؤون الدولية الكندية بترك مخرج لها، قائلة إنه ليتم النظر في إعادة المحتجز إلى الوطن، يجب أن يتغير "وضع" المحتجز بشكل كبير منذ أن دخلت السياسة حيز التنفيذ في يناير/كانون الثاني 2021. لكن الحالة الطبية لبولمان والطفل حدثت قبل وضع السياسة. مع ذلك، فإن السياسة لا تحدد "الوضع" الذي ينبغي أن يكون قد تغيّر. تدهورت الأوضاع في المخيمات والسجون بما في ذلك الخطر على الحياة بشكل كبير منذ يناير/كانون الثاني 2021.

كندا ملزمة بموجب القانون الدولي باتخاذ الخطوات الضرورية والمعقولة لمساعدة مواطنيها في الخارج الذين يواجهون انتهاكات جسيمة بما في ذلك المخاطر على الحياة والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة. كما يمنح القانون الدولي كل فرد الحق في العودة إلى بلده، دون أن تضع حكومته عوائق مباشرة أو غير مباشرة.

على كندا والدول الأخرى اتخاذ إجراءات عاجلة لإعادة جميع مواطنيها بأمان من شمال شرق سوريا، بدءا من أولئك الأكثر ضعفا. عليهم أن يوضحوا بشكل علني أنه يجب إطلاق سراح جميع مواطنيهم المحتجزين بشكل تعسفي. بمجرد العودة إلى الوطن أو إعادة توطينهم في بلدان أخرى آمنة، يمكن إعادة تأهيل المحتجزين السابقين وإعادة دمجهم، ويمكن محاكمة البالغين إذا لزم الأمر.

قالت تايلر: "ليس لدى كندا سبب معقول لعرقلة مساعدة مواطنيها، حتى أنها لن تُرسل بريدا إلكترونيا من شأنه أن ينقذ حياتهم. كندا ستتحمل اللوم إذا ماتت هذه المرأة الكندية والطفل في المخيمات والسجون المغلقة في شمال شرق سوريا".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة