(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات الإيرانية إطلاق سراح جميع الناشطات اللاتي تعرضن للمحاكمة بسبب احتجاجهن السلمي على القوانين التي تفرض الحجاب، وإلغاء جميع الإدانات بحقهن. الأسبوع الماضي، اعتقلت السلطات ناشطتين – أم وابنتها – بسبب احتجاجهما على القوانين التي تفرض الحجاب.
لاحق المسؤولون الإيرانيون 6 ناشطات على الأقل بسبب معارضتهن السلمية لقوانين الحجاب الإجباري. في 2 مارس/آذار 2019، قضت محكمة في طهران بسنة سجن في حق الناشطة ویدا موحدی، التي أطلقت شرارة الحركة لما خلعت غطاء رأسها احتجاجا على قوانين الحجاب الالزامي في 27 ديسمبر/كانون الأول 2017، بحسب ما قاله محاميها لـ "وكالة أنباء الجمهورية الإسلامية" (إيرنا) في14 أبريل/نيسان. كما قال مصدر لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة اعتقلت الناشطة ياسمن آرياني (23 عاما) من منزلها في كرج في 10 أبريل/نيسان. أضاف المصدر أن والدة أرياني، منيره عربشاهي، ذهبت في اليوم التالي إلى النيابة العامة في طهران لتسأل عنها، فاعتقلتها السلطات أيضا.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "من السخيف أن تعتقل السلطات الإيرانية النساء وتحاكمهن بسبب احتجاجهن على قوانين اللباس التمييزية. يتعين على السلطات الإفراج عن هؤلاء الناشطات فورا، وإصلاح قوانينها البالية والتمييزية".
في ديسمبر/كانون الأول 2017 ويناير/كانون الثاني 2018، خلعت العديد من النساء حجابهن أثناء وقوفهن على صناديق المرافق الكهربائية في جميع أنحاء البلاد احتجاجا على القوانين التي تفرض على المرأة تغطية رأسها. أصبحت الناشطات يُعرفن بـ "فتيات شارع الثورة"، ومنذ ذلك الحين استمرّت النساء في الاحتجاج على هذا القانون في كافة أرجاء البلاد، فردّت السلطات بالاعتقالات والمحاكمات.
نشطت أرياني في "حملة الأربعاء الأبيض"، وهي مبادرة على مواقع التواصل الاجتماعي أطلقتها مسیح علینژاد مسيح علي نجاد، ناشطة تعيش في بروكلين ومعارضة للحجاب الإجباري في إيران، وصارت هدفا لحملات تشويه مدعومة من الدولة. قال المصدر إن مسؤولا في النيابة العامة قال لأرياني إن اعتقالها سببه احتجاج حصل في 8 مارس/آذار، اليوم العالمي للمرأة، لما قدّمت هي ووالدتها زهورا لنساء يرتدين الشادور، وهو رداء أسود كامل، لحشد التضامن ضد الحجاب الإجباري. وكانت قد تعرضت قبل ذلك إلى الاعتقال أثناء احتجاج على الوضع الاقتصادي المتردي في 2 أغسطس/آب 2018 في طهران، وأمضت عدة أشهر في السجن.
أصبحت موحدي رمزا لـ "فتيات شارع الثورة" بعد أن اعتُقلت أول مرة في احتجاج 27 ديسمبر/كانون الأول 2017. كما قال محاميها في 14 أبريل/نيسان إنها اعتُقلت مجددا يوم 29 أكتوبر/تشرين الأول 2018 بعد أن وقفت دون حجاب وهي ترفع بالونات في شارع الثورة في طهران. حكم عليها "الفرع 1109 من مجمع التوجيه القضائي" [الإسلامي] بسنة سجن بتهمة التشجيع على الفساد والبغاء أثناء احتجاج 2018.
قال محامي موحدي إنه كان يتعين إطلاق سراحها بموجب مرسوم العفو الصادر عن آية الله خامنئي في عيد المبعث النبوي، وهو اليوم الذي يؤمن المسلمون أن النبي محمد بدأ فيه نبوته، ويحتفل به الشيعة بشكل أساسي. لكن يبدو أن السلطات تؤخر الإفراج عنها.
اعتقلت السلطات الإيرانية العديد من النساء الأخريات بسبب خلع غطاء الرأس احتجاجا على الحجاب الإجباري. كما استهدفت نشطاء آخرين، مثل المحامية الحقوقية البارزة نسرين ستوده؛ وزوجها رضا خندان؛ وفرهاد ميثمي، وهو أيضا مدافع حقوقي، بسبب جهودهم السلمية في معارضة قانون الحجاب الإلزامي.
في 11 مارس/آذار، أعلن خندان على حسابه على "فيسبوك" أن المحكمة الابتدائية قضت بسجن ستوده 33 عاما وجلدها 148 مرة في 7 جرائم. تقضي ستوده عقوبة بالسجن 5 سنوات، كانت قد صدرت في حقها غيابيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2016. إن أيدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر عن المحكمة الابتدائية، ستقضي ستوده عقوباتها بشكل متزامن، وستقضي ما مجموعه 12 عاما في السجن.
في 22 يناير/كانون الثاني، قال محامي خندان وميثمي لوكالة أنباء إيرنا إن الفرع 15 من المحكمة الثورية في طهران قضى بسجن كل منهما 6 سنوات بتهم التجمع والتواطؤ ضدّ الأمن القومي والدعاية ضد الدولة، لا سيما بسبب نشاطهما السلمي ضد قوانين الحجاب الاجباري.
إيران لها تاريخ طويل مع القوانين التي تحدد ما تستطيع ولا تستطيع المرأة ارتداءه، في انتهاك لحقوق المرأة الأساسية. في ثلاثينات القرن الماضي، حظر رضا شاه، الرئيس آنذاك، على النساء ارتداء الحجاب، وتلقت الشرطة أوامر بنزع غطاء الرأس عن النساء بالقوة. ولكن في مطلع الثمانينات - بعد الثورة الإيرانية في 1979 – فرضت السلطات قانونا يُلزم النساء بارتداء الحجاب.
قوانين اللباس الاجباري تنتهك حقوق المرأة في الحياة الخاصة والاستقلالية الشخصية وحرية التعبير، وكذلك حرية الفكر والدين والضمير. كما تعتبر هذه القوانين شكلا من التمييز على أساس النوع الاجتماعي المحظور في القانون الدولي. يكفل "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادقت عليه إيران، حق الناس في حرية التعبير والخصوصية وحرية الدين. انتقد خبراء أمميون مستقلون عديدون القوانين التي تفرض ارتداء لباس ديني في الأماكن العامة. قالت المقررة الخاصة الأممية المعنية بحرية الدين أو المعتقد، الراحلة أسماء جهانغير، إن " استخدام الأساليب القسرية وتطبيق العقوبات على من لا يرغبون في ارتداء اللباس الديني أو رمز معين يعتبر رادعا دينيا. تتعارض هذه الإجراءات التشريعية والإدارية عادة مع القوانين الدولية لحقوق الإنسان".
تعارض هيومن رايتس ووتش سياسات فرض الحجاب قسرا أو الحظر العام على ارتداء الملابس الدينية، وتراها تدخلا غير متناسب وتمييزيا في الحقوق الأساسية.
عارضت هيومن رايتس ووتش الحظر الذي فرضته فرنسا على النقاب، وكذلك حظر الحجاب الإسلامي وغيره من الرموز الدينية في مدارس الدولة، واعتبرت ذلك انتهاكا لحقوق الإنسان.
كما تعارض هيومن رايتس ووتش القوانين والسياسات المعتمدة في بلدان أخرى مثل السعودية وأفغانستان تحت حكم "طالبان"، التي تجبر النساء على تغطية الرأس والجسم وأحيانا الوجه، لأن هذه القيود تحرمهن من حقهن في الاستقلالية الشخصية وحرية التعبير والمعتقد والدين.
قالت فقيه: "حان الوقت لتدرك السطات الإيرانية أنّ المرأة في إيران وخارجها حرّة في ارتداء ما تريد، وهذا يشمل الاختيار بين ارتداء الحجاب أو تركه، بغض النظر عما يراه أصحاب السلطة".