سيجمع "مؤتمر الأمم المتحدة السنوي الـ 28 لتغير المناخ" (كوب 28)، الدول الأطراف في "اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ" (الاتفاقية الإطارية)، بالإضافة إلى آلاف الخبراء، والصحفيين، ونشطاء المناخ وأفراد المجتمعات المحلية، وممثلي الشركات، والمجموعات غير الحكومية. وهو منتدى تناقش فيه الدول سبل مواجهة أزمة المناخ التي يتزايد أثرها السلبي على حقوق الإنسان حول العالم.
رغم الإلحاح المتزايد، لم تسفر الاجتماعات عن الانخفاض الضروري في انبعاثات غازات الدفيئة أو تقديم الدعم الكافي للانتقال إلى الطاقة المتجددة، وحماية الأشخاص الأكثر تضررا من الفيضانات، أو الجفاف، أو الأعاصير، أو الكوارث الأخرى المرتبطة بالمناخ. ستستضيف الإمارات كوب 28 من 30 نوفمبر/تشرين الثاني إلى 12 ديسمبر/كانون الأول 2023، وهو ما يبعث على القلق نظرا إلى السياسات المناخية التي تنتهجها الإمارات وسجلها في حقوق الإنسان.
1. لماذا تشكل أزمة المناخ أزمةً حقوقية أيضا؟
2. ما المخاطر التي تحدق بحقوق الإنسان في كوب 28؟
3. ما الذي يجعل التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري ضروريا لإعمال حقوق الإنسان؟
6. ما هي المخاوف الحقوقيّة المرتبطة باستضافة كوب 28 من قبل الإمارات؟
8. هل عُقدت قمم مناخيّة سابقا كانت فيها مشاركة المجتمع المدني مقيّدة؟
9. لماذا تشكّل المشاركة الهادفة للمجتمع المدني والشعوب الأصليّة ضرورة لنجاح كوب 28؟
10. ما الذي يجب على الحكومة الإماراتيّة فعله لتحقيق مشاركة كاملة وهادفة في كوب 28؟
12. ما هي مسؤوليّة الأمانة العامّة للاتفاقيّة الإطارية في دعم حقوق الإنسان في كوب 28؟
الحق في العيش في بيئة صحية هو حق من حقوق الإنسان معترف به في جميع أنحاء العالم. تُؤثر أزمة المناخ أيضا على العديد من حقوق الإنسان الأخرى، منها الحق في الحياة، والحق في السكن والغذاء والماء.
من الحرائق التي تلتهم الغابات إلى المدن التي تشهد حرا شديدا، وصولا إلى جفاف الأراضي الزراعية والسواحل التي تجتاحها العواصف، تتسبب أزمة المناخ في خسائر متزايدة في الأرواح وسبل العيش في جميع أنحاء العالم. التركيز المتزايد لغازات الدفيئة في الغلاف الجوي للأرض، والناتجة بشكل رئيسي عن حرق الوقود الأحفوري، يحبس الحرارة، ما يؤدي إلى عواقب وخيمة. أصبح الضرر ملموسا بالفعل، وستتزايد سرعته وحجمه بشكل كبير وعشوائي في المستقبل المنظور.
حذّرت "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ" مؤخرا من أن حوالي 3.5 مليار شخص يعيشون بالفعل في سياقات معرضة بشدة لتغيّر المناخ. بحلول 2050، من المتوقع أن يتعرض أكثر من مليار شخص يعيشون على جُزر صغيرة وفي تجمعات سكانية ساحلية منخفضة لخطر ارتفاع مستوى سطح البحر والظروف الجوية المتطرفة. يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية الحالي. الكوارث الحادة والتغيّرات طويلة الأجل مثل الجفاف الذي يستمر لسنوات عديدة هي أسوأ بكثير بالنسبة للمجتمعات ذات الدخل المنخفض والمهمشة التي تتقاعس حكوماتها أصلا عن حمايتها.
الأشخاص الذين تتقاطع فيهم الهويات المهمشة ومَواطن الضعف قد يكونون أكثر عرضة للوفاة، أو زيادة الفقر، أو فقدان موارد مهمة بسبب تغير المناخ. من بين المتضررين الأشخاص ذوو الدخل المحدود، والسود والشعوب الأصلية وغيرهم من الأشخاص ذوو البشرة الملونة، والمسنون، والأشخاص ذوو الإعاقة، وأفراد مجتمع الميم، والنساء والأشخاص الحوامل، والأطفال، والعمال المهاجرون. هذه المجموعات هي أيضا الأكثر عرضة للإهمال عند وقوع الكوارث. ينبغي للحكومات أن تضع ميزانية لحماية حقوق الإنسان من الأضرار المناخية. قد تتعرّض قدرة الحكومات منخفضة ومتوسطة الدخل على إعمال حقوق السكان الأكثر عرضة للخطر لضغوط شديدة، بل وقد تنهار في العديد من الأماكن. من المرجح أن تعتمد قدرة الحكومات على مواجهة أزمة المناخ، إلى حد كبير، على ما تفعله الحكومات اليوم لدعم حقوق الذين يعانون أصلا من تأثير تغيّر المناخ والتصدي للقطاعات والسياسات الاقتصادية المسببة له.
تتطلب أزمة المناخ دعم الاقتصادات غير القائمة على الوقود الأحفوري والأنظمة السياسية التي تُركّز على إنهاء التهميش الاقتصادي، والعنصرية، والتمييز ضد الأشخاص ذوي الإعاقة، والتمييز على أساس السن، وكراهية النساء، وأشكال التمييز الأخرى.
- ما المخاطر التي تحدق بحقوق الإنسان في كوب 28؟
في مارس/آذار 2023، أكّدت الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيّر المناخ، وهي المرجعية الرائدة في العالم في العلوم المناخية، أن درجات الحرارة في العالم ترتفع إلى مستويات قياسية، وحذرت من أن الحكومات لم تتخذ الإجراءات الكافية لتقليص انبعاثات غازات الدفيئة. حثّت الهيئة الحكومات على خفض الانبعاثات عن طريق التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ووقف إزالة الغابات، وتوسيع نطاق الطاقة المتجددة.
للوفاء بالتزاماتها الحقوقية بالتصدي لتغيّر المناخ، ينبغي للحكومات المشاركة في كوب هذا العام ضمان الانتقال العادل والمنصف إلى الطاقة المتجددة، ومساعدة الناس على التكيّف مع تأثير أزمة المناخ. يمكنها فعل ذلك بالدعوة في نتائج المؤتمر إلى التخلص من كافة أشكال الوقود الأحفوري بطريقة عادلة وتحترم الحقوق.
ينبغي للحكومات في كوب28 الالتزام بعدم ترخيص مشاريع جديدة للوقود الأحفوري. بالإضافة إلى ذلك، عليها إنهاء جميع أشكال الدعم، منها الإعانات والتمويل الدولي، لمشاريع النفط والغاز والفحم، بغية خفض الانبعاثات بسرعة والحد من آثار تغير المناخ.
ينبغي أن تلتزم الحكومات أيضا بدعم حقوق المجتمعات المتأثرة بشكل مباشر بالعمليات المتصلة بالوقود الأحفوري، ومنهم أولئك الذين يعيشون في مواقع استكشاف الوقود الأحفوري وحوله، وإنتاجه، وتخزينه، ونقله، وتكريره، واستخدامه، والتخلص منه. ينبغي للحكومات أن تضمن مشاركتهم وتمثيلهم في صنع القرار بشأن عمليات الوقود الأحفوري وتغيّر المناخ. من المهم بشكل خاص ضمان مشاركة المجموعات المستبعدة تاريخيا، مثل الأشخاص ذوي الإعاقة.
قبل عامين، في كوب 26 في غلاسكو، تعهدت الحكومات بالخفض التدريجي لاستخدام الفحم. لكن العام الماضي، في كوب 27 في مصر، قامت مجموعة مكونة من 81 دولة بمحاولة باءت في نهاية المطاف بالفشل لإدراج التخلص التدريجي من جميع أنواع الوقود الأحفوري في النص النهائي للوثيقة الختامية. أفادت "الغارديان" أن السعودية ودول الخليج الأخرى هي التي أحبطت هذه المحاولة.
هناك إجماع متزايد، بما فيه من "الوكالة الدولية للطاقة" والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، على أن تلبية الحكومات أهداف المناخ العالمية مشروطة بعدم وجود مشاريع جديدة للنفط أو الغاز أو الفحم.
حرق الوقود الأحفوري هو الدافع الرئيسي لأزمة المناخ، حيث يساهم بأكثر من 80٪ من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية. وفقا للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، تتجاوز مشاريع الوقود الأحفوري الحالية بالفعل قدرة المناخ على الصمود للحد من الاحتباس الحراري إلى زيادة لا تتجاوز 1.5 درجة مئوية لمنع انهيار المناخ العالمي.
مع ذلك، تستمر الحكومات في ترخيص بناء البنية التحتية للوقود الأحفوري ودعمه ماليا، وعدم فرض تنظيم كاف على العمليات القائمة. يعمل قطاع الوقود الأحفوري على تحييد الضغوط العامة والسياسية عن عملياته الأساسية، وكان آخر هذه المساعي الادعاء بأنه يمكنها خفض الانبعاثات جراء عملياتها إلى مستويات "الصِفر الصافي" (net zero).
ينبغي لـ كوب28 أن يضمن التنظيم الصارم لسوق الكربون العالمي المُشار إليه في المادة 6.4 من "اتفاقية باريس" لدعم الحقوق والعمل المناخي، وتوفير سبل انتصاف عن الأضرار. هذه قضايا حيوية نظرا لأن الدول الأطراف في الاتفاقية والشركات والكيانات الخاصة الأخرى تعمل بسرعة على تطوير وجودها في السوق، حتى عندما تتراوح الضمانات في معظم البلدان من غير كافية إلى غير موجودة.
تُتاجر أسواق الكربون بأرصدة الكربون، والتي يُفترض أنها تُمثّل ثاني أكسيد الكربون المُزال من الغلاف الجوي أو الذي مُنع انبعاثه إليه عبر مشاريع الحفاظ على الغابات أو الطاقة النظيفة أو غيرها. تشتري العديد من الشركات والحكومات أرصدة الكربون لتزعم أنها تعوّض التلوث الذي تنتجه.
لكن العديد من أرصدة الكربون المتداولة في هذه الأسواق لا تُمثّل في الواقع الكربون المزال بشكل دائم أو الانبعاثات التي تم تفاديها. هذه الأرصدة الزائفة تقوّض العمل المناخي عند استخدامها لتعويض التلوث، حيث لا يحصل فعليا أي تخفيض إجمالي في الانبعاثات. بالإضافة إلى ذلك، انتهكت بعض مشاريع تعويض الكربون حقوق الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية بتهجيرهم من أراضيهم وتجريم سبل عيشهم.
في 2022، وجّهت الدول الأطراف في اتفاقية باريس مجموعة من الخبراء، "الهيئة الإشرافية" بموجب المادة 6.4 من اتفاقية باريس، لاقتراح قواعد لسوق الكربون المتوقعة في هذه الآلية الجديدة. في 2022، حثّت "هيومن رايتس ووتش" الهيئة الإشرافية على اعتماد المتطلبات الأساسية المعيارية للتشاور والتي تتماشى مع المعايير الدولية وأفضل الممارسات بشأن حق الشعوب الأصلية في الموافقة الحرة والمسبقة والمستنيرة، والوصول إلى المعلومات والمشاركة. كرّرت هيومن رايتس ووتش أيضا توصيات منظمات المجتمع المدني بإنشاء إجراء جوهري للتظلم والاستئناف يكون فعالا قبل أن توافق الهيئة الإشرافية على أي مشروع.
ستُصوّت الأطراف على القواعد التي اقترحتها الهيئة الإشرافية خلال كوب 28. ينبغي للهيئة الإشرافية، قبل كوب 28 وأثناءه، أن تقترح قواعد صارمة لضمان التنظيم الصارم لسوق الكربون المنشأ بموجب اتفاقية باريس لدعم الحقوق، ودعم العمل المناخي، وتوفير سبل الانتصاف عن أي ضرر.
يبدو بشكل متزايد أن الإمارات، وهي إحدى أكبر منتجي النفط في العالم وذات حكومة سلطوية تستخدم جزءا من ثروتها الناتجة عن الوقود الأحفوري لتمويل قمعها، تسعى إلى استغلال المؤتمر لتلميع صورتها، مع استمرارها بدعم توسع قطاع الوقود الأحفوري، ما يقوّض جهود مواجهة أزمة المناخ وحماية حقوق الإنسان.
الإمارات فيها واحد من أعلى معدلات انبعاث الغازات الدفيئة للفرد والتي تؤجج أزمة المناخ، وتشكل أموال قطاع الوقود الأحفوري الواسع معظم الإيرادات الحكومية الإماراتية. "شركة بترول أبو ظبي الوطنية" (أدنوك) هي الشركة الحكومية الرئيسية للوقود الأحفوري، وأعلنت مؤخرا أنها توسع جميع جوانب عملياتها – رغم الإجماع المتزايد على أنه لا يمكن تطوير استثمارات جديدة في النفط أو الغاز أو الفحم إن أرادت الحكومات تحقيق أهداف المناخ العالمية وحماية حقوق الإنسان.
في حين قدّمت الإمارات مساهمة محددة وطنيا ومعززة حديثا في الاتفاقية الإطارية في 2023، وجدت منظمة "كلايمت أكشن تراكر"، التي تُقدم تحليلا علميا مستقلا، أنه كانت هناك "إجراءات ضئيلة في الاقتصاد الحقيقي" وأعطت الدولة تصنيف "غير كاف"، خاصة وأن الإمارات ما تزال تخطط لزيادة إنتاج الوقود الأحفوري، وأن المشاريع المخطط لها في مجال الوقود الأحفوري ستجعل هدفها غير قابل للتحقيق. تتعارض هذه السياسات مع الحد من ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية.
في 12 يناير/كانون الثاني، عيّنت الإمارات سلطان أحمد الجابر رئيسا لـ كوب 28. الجابر هو الرئيس التنفيذي لـ أدنوك، الشركة رقم 11 في العالم من حيث إنتاج النفط والغاز، والمسؤولة عن كمية كبيرة من الانبعاثات العالمية في العقود الأخيرة، وأسس شركة "مصدر" للطاقة المتجددة المملوكة للدولة عام 2006. سيحتفظ الجابر بمنصبه في أدنوك أثناء دوره كمبعوث خاص للإمارات للتغير المناخي وقيادة المؤتمر. بعد أن نالت الإمارات حق رئاسة كوب 28، سارعت إلى توظيف عدد من شركات العلاقات العامة الأمريكية باهظة التكاليف، للترويج لدورها كمضيف على ما يبدو.
كغيرها من كبار منتجي النفط والغاز، تُساهم شركات الوقود الأحفوري الإماراتية في التأثيرات السلبية على حقوق الإنسان المرتبطة بتغير المناخ من خلال إنتاجها. أعلنت أدنوك مؤخرا عن توسيع جميع جوانب عملياتها وزيادة طاقتها الإنتاجية من 4 ملايين إلى 5 ملايين برميل يوميا - رغم الإجماع العلمي المتزايد على ضرورة حظر مشاريع النفط أو الغاز أو الفحم الجديدة إذا أرادت الحكومات تحقيق أهداف المناخ العالمية وحماية حقوق الإنسان. تتوافق 10% فقط من توسعات أدنوك مع سيناريو وكالة الطاقة الدولية للوصول إلى صافي انبعاثات كربونية صفري بحلول 2050.
أفادت "نيويورك تايمز" في سبتمبر/أيلول عن تسجيل مُسرّب من اجتماع بين فريق تواصل كوب 28 ومسؤولة حقوقية من ديوان الرئاسة الإماراتي، والتي كشفت أن السلطات الإماراتية لا ترغب في الاجتماع والتفاعل مع المنظمات الحقوقية، ومنها هيومن رايتس ووتش و"منظمة العفو الدولية".
- ما هي المخاوف الحقوقيّة المرتبطة باستضافة كوب 28 من قبل الإمارات؟
تخشى المنظمات الحقوقيّة أن يتسبّب قيام الإمارات بتجريم حريّة التجمّع وغلق الفضاء المدني وقمع المنتقدين في منع النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان من تحقيق مشاركة فعّالة في مفاوضات المناخ. قد يتعرّض الأشخاص المتواجدون في الإمارات الذين يتحدثون علنا عن مخاطر توسّع الوقود الأحفوري أو حتى إجراء أبحاث حوله إلى المراقبة غير القانونيّة والاعتقال والاحتجاز وسوء المعاملة.
على مدى العقد الماضي، ارتكبت السلطات الإماراتيّة اعتداءات متواصلة على حقوق الإنسان والحريات، شملت استهداف النشطاء الحقوقيين، وسنّ تشريعات قمعيّة، واستخدام نظام العدالة الجنائيّة وسيلةً للقضاء على حركة حقوق الإنسان. أدّت هذه السياسات إلى إغلاق الفضاء المدني بالكامل، وفرض قيود صارمة على حريّة التعبير، سواء على الإنترنت أو خارجها، وتجريم المعارضة السلميّة. تعتمد السلطات الإماراتيّة سياسية لا تتسامح مطلقا مع المعارضة، وتستخدم تقنيات مراقبة متطوّرة لمراقبة الفضاءات العامة والنشاط على الإنترنت وهواتف الأفراد وحواسيبهم.
منذ أكثر من عشر سنوات، تحتجز الإمارات ظلما أكثر من 60 مواطنا إماراتيا من المدافعين عن حقوق الإنسان ونشطاء المجتمع المدني والمعارضين السياسيين الذين اعتقلوا في 2012 بسبب مطالب تتعلق بالإصلاح والديمقراطيّة أو لانتمائهم إلى "جمعيّة الإصلاح والتوجيه الاجتماعي" (الإصلاح). تعرّض بعض هؤلاء الإماراتيين المحتجزين بشكل غير قانوني، فيما بات يُعرف بقضيّة "الإمارات 94"، في إشارة إلى عدد المتهمين في المحاكمة الجماعيّة، إلى الإخفاء القسري والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. حُكم عليهم بالسجن بين سبع سنوات و15 سنة في محاكمة جرت في 2013 ولم تراع المعايير الدنيا للمحاكمة العادلة. تستمرّ السلطات الإماراتيّة أيضا بسجن ما لا يقلّ عن 51 شخصا في إطار قضيّة الإمارات 94 رغم انقضاء عقوباتهم، بعضهم منذ 2019.
مارست الإمارات أيضا القمع خارج حدودها، بما يشمل استرداد معارض إماراتي من الأردن واعتقاله، وتصنيف أربعة معارضين إماراتيين بارزين في المنفى كداعمين "للإرهاب"، واختطاف كلّ من شمسة ولطيفة، ابنتي الشيخ محمد راشد آل مكتوم، رئيس الوزراء وحاكم دبي، خارج البلاد وإعادتهما قسرا.
يُستخدم قانون الجرائم الإلكترونية الإماراتي – "القانون الاتحادي رقم 34 في شأن مكافحة الشائعات والجرائم الالكترونية" – لإسكات المعارضين والصحفيين والنشطاء وكل من تعتبره السلطات منتقدا للحكومة أو سياساتها أو ممثليها. يحتوي القانون على أحكام منتهكة ذات صياغة غامضة ومثيرة للقلق، ويقيّد المساحة المحدودة للغاية أصلا على الإنترنت في الإمارات والتي تخضع لمراقبة شديدة، ويُشكّل تهديدا خطيرا لحريّة المعارضين السلميين، ما يُصعّب على المواطنين العاديين، والمقيمين، والزوار تحديد أنواع الأنشطة الإلكترونيّة التي قد تؤدّي إلى الاعتقال والمحاكمة.
تجريم الإمارات العلاقات الجنسيّة خارج إطار الزواج، و"اللواط"، والإجهاض، وجرائم "الآداب" الفضفاضة، واستمرارها في اعتماد نظام ولاية الرجل له تأثير غير متناسب على النساء ومجتمع الميم. ما تزال السلطات أيضا تُعقّد حصول الأشخاص غير المتزوّجين على بعض أشكال الرعاية الصحيّة الجنسيّة والإنجابيّة، مثل رعاية ما قبل الولادة واختبارات الصحّة الجنسيّة. هذا يؤثر على الأشخاص الحوامل وكذلك ضحايا العنف الجنسي اللواتي يحتجن إلى الحصول على وسائل منع حمل طارئة، وفحوصات الأمراض المنقولة جنسيا، والعلاج الوقائي بعد الإصابة بفيروس نقص المناعة البشريّة.
تعتمد الإمارات بشكل كبير على العمال الوافدين، الذين يشكلون أكثر من 88% من سكّان البلاد. يخضع العمّال في الإمارات لنظام كفالة يربط تأشيراتهم بأصحاب العمل ويضعهم في موقع ضعف يُمكن لصاحب العمل أن يستفيد منه، وكثيرا ما يحصل ذلك، لاستغلالهم بشكل غير مبرّر. التجاوزات في إجراءات التوظيف، مثل سرقة الأجور وفرض رسوم توظيف بشكل غير قانوني، متفشيّة أيضا، وتشمل عمالا يعملون في قطاع البناء والخدمات في "مدينة إكسبو دبي"، حيث سيقام كوب 28. العمّال الوافدون الذين يواجهون هذه الانتهاكات العمّالية الواسعة سيعملون أيضا في كوب 28 كموظفين، وعمال ضيافة، ومديري مرافق، وعناصر حراسة، وسائقين، من بين وظائف أخرى.
كذلك، تعزز الإمارات غياب العدالة المناخية بتقاعسها عن حماية العمّال من التعرّض للحرارة الشديدة، وهو ما يشكّل خطرا على صحتهم يفاقمه تغيّر المناخ. يتعرّض العمّال في الهواء الطلق، مثل عمّال البناء، إلى هذه المخاطر بشكل غير متناسب. مثل بقيّة دول الخليج، تفرض الإمارات حظرا على العمل منتصف النهار في فصل الصيف، ما يفرض على أصحاب العمل عدم الاستمرار في العمل في الهواء الطلق خلال أوقات وأشهر محددة، رغم وجود أدلّة قويّة على عدم توفير حماية كافية للعمّال من الحرارة.
الضرر الناجم عن الحرارة ليس معزولا عن الانتهاكات الشائعة الأخرى، فالازدحام في أماكن السكن، وغياب أماكن الراحة المظلّلة وخدمات النقل المكيّفة تؤثر أيضا على قدرة العمّال على الاستراحة وتناول الماء والتعافي. وجدت دراسات متعدّدة حول مخاطر التعرّض للحرّ في دول الخليج وجود علاقة قويّة بين الإجهاد الحراري والوفيات الناجمة عن مشاكل القلب والأوعية الدمويّة، وأشارت إلى أنّ الأيّام التي تكون فيها الحرارة مرتفعة جدا يكون فيها خطر الوفاة أكبر، والعمّال المهاجرون معرّضون لذلك بشكل غير متناسب. كما أنّ الحظر الذي تفرضه الإمارات على النقابات العماليّة وقيامها بتقييد حريّة التعبير يمنعان العمّال المهاجرين من المطالبة الجماعية بحماية أفضل من الحر، وغيرها من الضمانات.
يُمكن القول إنّ أحمد منصور هو الحقوقي الأكثر شهرة في الإمارات. فقد حصل على "جائزة مارتن إينالز" المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان في 2015، وهو عضو في "اللجنة الاستشاريّة" لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. قبل اعتقاله، كان منصور آخر حقوقي إماراتي ظلّ يعمل علنا. على الإمارات إطلاق سراح منصور فورا دون شروط، وعلى جميع الحكومات المشاركة في كوب 28 وهيئات الأمم المتحدة أن تدعو بشكل متكرر وعلني إلى إطلاق سراح منصور.
داهمت قوّات الأمن منزله واعتقلته في 20 مارس/آذار 2017. ومنذ ذلك الحين، تحتجزه السلطات الإماراتيّة انفراديا في زنزانة صغيرة، وتحرمه من مواد القراءة، والسرير، والفراش، والأساسيّات الأخرى. وهو محروم أيضا من أيّ اتصال فعلي مع السجناء الآخرين أو العالم الخارجي، بما فيها الزيارات أو المكالمات المنتظمة من زوجته وأبنائه الأربعة، في خرق واضح لحقوق السجناء بموجب المعايير الدوليّة، التي تدّعي الإمارات كذبا أنها تحترمها.
في مايو/أيار 2018، حكمت دائرة أمن الدولة التابعة لمحكمة الاستئناف في أبو ظبي على منصور بالسجن عشر سنوات بتهم تتعلق بأنشطته الحقوقيّة فقط. وفي 31 ديسمبر/كانون الأول 2018، أيّدت "المحكمة الاتحاديّة العليا"، محكمة الملاذ الأخير، العقوبة الجائرة، وقضت على فرصته الأخيرة في إفراج مؤقت. جرت كلتا المحاكمتين في سريّة تامة، ورفضت الحكومة طلبات نشر لائحة الاتهام وأحكام المحكمة.
تغريدات منصور بشأن الظلم، ومشاركته في مؤتمرات دولية لحقوق الإنسان على الإنترنت، ومراسلاته الإلكترونية ومحادثاته على "واتساب" مع منظمات دولية لحقوق الإنسان، منها هيومن رايتس ووتش و"مركز الخليج لحقوق الإنسان"، استُخدمت أدلّةً على وجود نشاط إجرامي لدعم التهم الزائفة الموجهة إليه.
في أغسطس/آب 2016، استُهدف منصور ببرمجيّة التجسس السيئة الصيت "بيغاسوس" التي طوّرتها "شركة إن أس أو غروب"، وفقا لمختبر "سيتيزن لاب" ومقرّه تورونتو. وفي 2011، استُهدف ببرمجية "فين سباي" التابعة لشركة "فين فيشر"، وفي 2012 استُهدف ببرمجية تجسس خاصة بنظام التحكم عن بعد من إنتاج شركة "هاكنغ تيم". بمجرّد تثبيت بيغاسوس على الجهاز، يستطيع العميل تحويله إلى أداة مراقبة قويّة من خلال الوصول إلى جهاز الكاميرا، والمكالمات، والوسائط، والميكروفون، والبريد الإلكتروني، والرسائل النصية، وغيرها من الوظائف، ما يُتيح مراقبة الشخص المستهدف واتصالاته.
اعتداء الإمارات على الحق في حريّة التعبير يتجاوز المواطنين الإماراتيين ليشمل غيرهم ممن يتواجدون في الإمارات. اعتقلت قوات الأمن الإماراتيّة الأكاديمي البريطاني ماثيو هدجز في 2018 بعد رحلة بحثية لإجراء عمل ميداني في إطار أطروحته للدكتوراه. احتُجز تعسفا لعدّة أشهر انفراديا، ثم أطلق سراحه تحت ضغط من الحكومة البريطانية. تُبرز قضيّة هدجز التهديدات المحتملة التي تُشكّلها الحكومة الإماراتيّة على الأشخاص الذين سيحضرون كوب 28.
تستمرّ الإمارات في توسيع قدراتها الرقابيّة، على الإنترنت وخارجها. تنشر السلطات تكنولوجيا مراقبة متطوّرة لمراقبة الأماكن العامة باستخدام كاميرات مراقبة والذكاء الاصطناعي. كما تتم مراقبة العديد من المواقع الإلكترونية، والمدوّنات، وغرف الدردشة، ومنصات التواصل الاجتماعي لحجب المحتويات التي تعتبرها الحكومة ناقدة لحكّام الإمارات والحكومة والسياسات الإماراتية، وغيرها من المواضيع التي تعتبرها السلطات حسّاسة.
لطالما ناضل ممثلو المجتمع المدني والشعوب الأصليّة من أجل حقهم في المشاركة في مفاوضات المناخ. مثلا، في كوب 25 في كاتوفيجي، منعت الحكومة البولندية بعض نشطاء المناخ من دخول البلاد، وفتشت بعضهم في غرفهم بالفنادق. وفي كوب 26 في غلاسكو، واجه المراقبون صعوبة في الوصول إلى قاعات المفاوضات، على الإنترنت وحضوريا. وفي كوب 27 في شرم الشيخ، فرضت الحكومة المصريّة قيود تسجيل تعسفيّة على المنظمات الحقوقيّة والنشطاء الحقوقيين، وكثفت المراقبة والاعتقالات، وضايقت نشطاء المناخ، ومنعت ناشطا واحدا على الأقل من الدخول (ثم رحّلته).
العمل المناخي الذي يحترم الحقوق يتطلّب مشاركة كاملة وهادفة للصحفيين، والنشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والمجتمع المدني، والمجموعات الشبابيّة، وممثلي الشعوب الأصليّة. وهذا يشمل الموجودين على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ والسكان الأكثر عرضة لتأثيرات التغيّر المناخي.
على الحكومة الإماراتية تخفيف قبضتها على الفضاء المدني واحترام التزاماتها الحقوقية من خلال دعم الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيّات والاحتجاج. على السلطات الإماراتيّة إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفا بسبب ممارسة حقهم في حرية التعبير، فورا ودون قيد أو شرط، بمن فيهم أحمد منصور وكل من اعتُقل ظلما في قضية الإمارات 94. على الحكومة الإماراتيّة تعديل قانون الجرائم الإلكترونيّة ليتلاءم مع التزاماتها بشأن الحق في حرية التعبير وبموجب القانون الدولي.
على الإمارات أيضا إلغاء تجريم العلاقات الجنسيّة بالتراضي خارج الزواج، والتعبير الجندري غير المعياري، وغير ذلك من الأعمال المعرّفة بشكل غامض والتي تُشكّل خطرا على المثليين/ات وذوي/ات التوجه الجنسي المزدوج وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم). يشكّل تجريم العلاقات الجنسيّة خارج الزواج والأفعال المعرّفة بشكل غامض تهديدا خطيرا لسلامة وأمن النساء وأفراد مجتمع الميم الذين سيحضرون كوب 28.
على الإمارات ضمان أن قوانينها وسياساتها تتيح حصول المرأة على رعاية صحيّة وإنجابية بغض النظر عمّا إذا كانت متزوّجة، بما في ذلك وسائل منع الحمل الطارئة، وفحوصات الأمراض المنقولة جنسيا، والعلاج الوقائي بعد التعرّض لفيروس نقص المناعة البشريّة، وهو أمر مهم لضحايا العنف الجنسي.
ينبغي للدول الأعضاء في الاتفاقيّة الإطاريّة التأكيد على أهميّة وجود مجتمع مدني مزدهر ومستقل للمطالبة باتخاذ إجراءات مناخيّة طموحة والضغط على حكومة الإمارات في العلن والسرّ لاحترام التزاماتها الحقوقية، والإفراج الفوري وغير المشروط عن النشطاء والحقوقيين المحتجزين تعسفا.
وقعت الأمانة العامّة على اتفاق استضافة الدورة 28 لمؤتمر الأطراف (كوب 28) مع الحكومة الإماراتية يوم 1 أغسطس/آب 2023، لكنها لم تنشر هذا الاتفاق للعلن.
يتعيّن على الأمانة العامّة نشر اتفاق الاستضافة والتأكد من أنّه "يعكس أهداف ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وكذلك الالتزامات ذات الصلة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان"، كما اشترطت ذلك الدول الأطراف في اتفاقية تغيّر المناخ في قرار صدر في يونيو/حزيران 2023.
كما شجعت الدول الأطراف في الاتفاقية الأمانة العامّة على الاستمرار في دعم "قانون حقوق الإنسان وضمان نزاهة وكرامة وسلامة جميع المراقبين في مؤتمرات الاتفاقية". لذلك، على الأمانة العامّة الضغط على الحكومة الإماراتية لاحترام التزاماتها الحقوقية لتُبرهن عن نيتها تسهيل مفاوضات قويّة تحترم الحقوق قبل كوب 28 وأثناءه وبعده.