Skip to main content

ليبيا: اسحبوا قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية القمعي

أطلقوا سراح الأشخاص المحتجزين لمجرد تعبيرهم السلمي

خريطة ليبيا. © هيومن رايتس ووتش

(بيروت، 3 أبريل/نيسان 2023) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على "مجلس النواب" الليبي إلغاء قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية لسنة 2022 الذي يقيّد حرية التعبير. يتعيّن على السلطات في شرق ليبيا الإفراج فورا عن أي شخص تحتجزه بموجب هذا القانون بسبب تعبيره السلمي.

في 16 فبراير/شباط 2023، أعلنت السلطات في شرق ليبيا أنها ستبدأ بتطبيق قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية الذي أقره مجلس النواب الليبي في سبتمبر/أيلول 2022. انتقد أربعة خبراء من "الأمم المتحدة" القانون باعتباره ينتهك حقوق حرية التعبير والخصوصية وتكوين الجمعيات، وقالوا إنه يجب إبطاله. في 17 فبراير/شباط، اعتقلت السلطات الليبية امرأتان، إحداهما مغنية والأُخرى صانعة محتوى على الإنترنت، بدعوى انتهاك هذا القانون والإخلال بـ"الشرف والآداب العامة".

قالت حنان صلاح، المديرة المشاركة لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي أن يتمتع الليبيون بالحق في حرية التعبير على شبكة الإنترنت أو خارجها. ليس من المقبول التعدي على هذا الحق باسم مكافحة الجرائم الإلكترونية".

قال خبراء الأمم المتحدة في تعليقهم في مارس/آذار 2022 إن مشروع القانون قيد النظر حينها "يمكن أن يكون له تأثير خطير على التمتع بالحق في حرية الرأي والتعبير والحق في الخصوصية". الخبراء هم المقررون الخاصون المعنيون بتعزيز وحماية الحق في حرية التعبير والرأي، وحرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات، وحالة المدافعين عن حقوق الإنسان، والحق في الخصوصية.

لم يستشر مجلس النواب في شرق ليبيا، الذي لا يزال السلطة التشريعية في البلاد منذ انتخابه عام 2014، الجماعات المدنية أو خبراء التكنولوجيا أو خبراء الجرائم الإلكترونية. رغم تسريب نسخة من مشروع القانون، لم تُنشر أي نسخة رسمية منه قبل اعتماده.

تتنافس سلطتان على الشرعية السياسية الوطنية والسيطرة في ليبيا، هما "حكومة الوحدة الوطنية" ومقرها طرابلس والتي رشحها مندوبون في مارس/آذار 2021 بعد المحادثات السياسية التي يسرتها الأمم المتحدة، و"حكومة الاستقرار الوطني"، الإدارة المنافسة في الشرق ومقرها سرت، والتي رشحها مجلس النواب في مارس/آذار 2022 والمتحالفة مع "القوات المسلحة العربية الليبية".

في 17 فبراير/شباط 2023، أعلنت وزارة الداخلية التابعة لحكومة الاستقرار الوطني في بنغازي، عن توقيف واحتجاز المغنية الشعبية أحلام اليمني والمدونة وصانعة المحتوى حنين العبدلي، في بنغازي بسبب "قضايا مُخلّة بالشرف والآداب العامة ولمُخالفتهما قانون الجرائم الإلكترونية رقم 5 لسنة 2022". لم يُقدم بيان الداخلية أي تفاصيل عن الاعتقال أو المحتوى المرفوض.

قالت الوزارة إنها ألقت القبض عليهما "لإساءتهما لمكانة المرأة الليبية العفيفة والكريمة في مجتمعنا المحافظ بأفعال وسلوكيات دخيلة علينا وتسيء لعاداتنا وتقاليدنا وديننا الحنيف". لم ترد أنباء أخرى عن وضعهما القضائي.

القانون المعتمد قريب من المسودة التي انتقدها خبراء الأمم المتحدة، رغم إدخال بعض التغييرات عليه مثل مدة السجن ومقدار الغرامات.

رغم عدم وجود فهم عالمي مشترك لما قد يُعتبر جرائم إلكترونية أو كيفية التصدي لها، قد تٌشكل هذه الجرائم تهديدات كبيرة لحياة الناس وسبل عيشهم مع تداعيات كبيرة على حقوق الإنسان. مع ذلك، استخدمت الحكومات، بذريعة مكافحة الجرائم الإلكترونية، قوانين غامضة تتعلق بجرائم الإنترنت لإغلاق منصات الإنترنت، وسجن المدونين، ومهاجمة أفراد المجتمعات المهمشة وقمع المعارضة.

الجهود المبذولة لمكافحة الجريمة الإلكترونية غالبا ما تُجرم التعبير والسلوك على الإنترنت المحميين بموجب المعايير الدولية، وتسمح باستخدام أدوات اقتحامية تنتهك الخصوصية للتحقيق في الجرائم دون ضمانات مناسبة مثل الإشراف القضائي ودعم الجهات الناظمة المستقلة لحماية البيانات. دفعت هذه الاتجاهات السلبية "الجمعية العامة للأمم المتحدة" إلى شجب إساءة استخدام قوانين الجرائم الإلكترونية الغامضة لاستهداف المدافعين عن حقوق الإنسان في مناسبتين منفصلتين.

تشمل أوجه القصور الرئيسية في القانون الليبي لمكافحة الجرائم الإلكترونية تعريفات غامضة وفضفاضة يمكن أن تدعو إلى الملاحقة القضائية للتعبير السلمي، ومعاقبته بالسجن لمدة تصل إلى 15 عاما وغرامات صارمة. في أحد الأمثلة، ينص القانون على أن استخدام الإنترنت والتقنيات الحديثة غير مشروع إلا في حالة احترام "النظام العام والآداب العامة".

يمنح القانون "الهيئة الوطنية لأمن وسلامة المعلومات" (الهيئة)، المسؤولة عن رصد ومراقبة تقنيات المعلومات والاتصالات، سلطة واسعة لمنع الوصول إلى مواقع الويب والرقابة على المحتوى في الإنترنت دون أمر قضائي في حالات "المتطلبات الأمنية أو العاجلة"، أو عندما يتعارض المحتوى المعني مع "الآداب العامة". لا يُعرّف القانون "الآداب العامة" في هذا السياق. يمكن للهيئة أيضا حظر المحتوى إذا اعتُبر أنه يحتوي على "النعرات أو الأفكار العنصرية أو الجهوية أو المذهبية التي من شأنها زعزعة أمن المجتمع واستقراره". لا يعرّف القانون هذه المصطلحات أيضا.

يمنح القانون الهيئة سلطات واسعة لإجراء مراقبة مستهدفة أو جماعية بطريقة يمكن أن تنتهك الحق في الخصوصية، لأنها تشمل مراقبة الرسائل الإلكترونية بين الأفراد أو المحادثات دون وصف واضح متى يُسمح بذلك. بالإضافة إلى ذلك، ينبغي أن تكون مؤسسات الدولة، بما فيها سلطات حماية البيانات والسلطة القضائية، مستقلة تماما. نظام العدالة في ليبيا ضعيف وغير فعال جزئيا، ويتعرض القضاة والمدعون العامون والمحامون لتهديد دائم بالمضايقة والترهيب والاعتداءات الجسدية من قبل الجماعات المسلحة والميليشيات، مما يحد من قدرتهم على العمل المحايد في حالات تجاوز السلطة التنفيذية.

يسمح القانون لليبيين باستخدام تقنيات التشفير أو الأدوات ذات الصلة فقط إذا أعطت الهيئة موافقتها الصريحة وبعد الحصول على ترخيص منها. يتطلب القانون أيضا موافقة الهيئة على إنتاج أو حيازة أو توفير أو توزيع أو تسويق أو تصنيع أو استيراد أو تصدير أدوات التشفير أو الأدوات ذات الصلة.

ينص القانون على أن "كل من بث إشاعة أو نشر بيانات أو معلومات تهدد الأمن والسلامة العامة في الدولة أو أي دولة أخرى من خلال شبكة المعلومات الدولية أو استعمال أي وسيلة إلكترونية أخرى" في ليبيا أو أي بلد آخر، يواجه عقوبة سجن طويلة. عبارات مثل "تهديد الأمن والسلامة العامة"، والتي تظهر أيضا في التشريعات الليبية الأخرى، فضفاضة بشكل غير مقبول في أي قانون يحكم أفعال التعبير.

يمنح القانون أيضا السلطات الليبية سلطات واسعة للملاحقة القضائية على الأفعال المرتكبة في الخارج، طالما امتدت تداعياتها إلى داخل ليبيا. يشمل ذلك الأشخاص في البلدان التي  لا تعتبر هذه الأفعال غير قانونية.

بسبب التعريفات الفضفاضة للجرائم، ينتهك قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" الذي صادقت عليه ليبيا عام 1970.

في "التعليق العام رقم 34"، تقول "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة"، المكونة من خبراء مستقلين يفسرون "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" ويراقبون التزام الدول به، إن القيود المفروضة على حرية التعبير يجب أن تُبنى وتفسر بشكل ضيق، و "لا يجوز أن تعرض هذه القيود الحق نفسه للخطر". تقول اللجنة إنه لا يجوز للحكومة فرض قيود إلا إذا كانت محددة بنص القانون وكانت تفي بمعايير كونها "ضرورية في مجتمع ديمقراطي"، ومتناسبة وليست مفرطة. أيضا، القيود المفروضة لحماية الأمن القومي "مسموحة فقط في الحالات الخطيرة للتهديد السياسي أو العسكري للأمة بأكملها"، وأن "مضايقة شخص بسبب الآراء التي يعتنقها أو تخويفه أو وصمه، بما في ذلك توقيفه أو احتجازه أو محاكمته أو سجنه" تنتهك العهد.

قالت صلاح: "يُضاف قانون مكافحة الجرائم الإلكترونية إلى عدد كبير من القوانين في ليبيا التي تنتهك الحقوق والحريات الأساسية والتي ينبغي إصلاحها، بما في ذلك القوانين المتعلقة بحرية التعبير والتجمع وتكوين الجمعيات، وما يسمى بالجرائم ضد الدولة ".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع