Read a text description of this video
أم أيمن، اختُطِف ابنها من قبل "داعش": لا يمر يوم من دون أن أتذكره وأبكي. ترك فراغا كبيرا في قلبي. هذا ابني الكبير.
الآلاف الذين اختفوا تحت حكم داعش ما زالوا مفقودين، بينما تتلاشى الفرصة لمعرفة مصيرهم.
أم أيمن، اختُطِف ابنها من قبل "داعش": هذه صورته. قبل خمسة أيام من اختطافه. أُخذت هذه الصورة ثم اختفى. خطفوه.
تميّز توسع تنظيم "الدولة الإسلامية" في العراق وسوريا بانتهاكات مروِّعة. لكن عمليات الاحتجاز والاختطاف التي استخدمها التنظيم لتمويل عملياته وزرع الخوف بالكاد كانت مرئية.
سجين سابق، اختُطِف جاره من قبل داعش: عرفنا أنه موجود لدى داعش. لكن أين، في أي مكان، لم نعرف. قال البعض إنه في الطبقة، في السد؛ آخرون قالوا في الباب.
إمام محمد إمام، اختُطِف ابنه من قبل داعش: سمعنا أنهم ذهبوا للعمل على جرّارهم وفي اليوم التالي تلقينا أخبارا عن أنهم اختفوا مع جرّارهم.
في مارس/آذار العام الماضي، أعلن التحالف الدولي ضد داعش أخيرا إنهاء سيطرة الخلافة المزعومة على الأراضي السورية. مع ذلك، ما زال الآلاف الذين اختطفهم التنظيم مفقودين حتى اليوم. سواء في المناطق التي تسيطر عليها الآن الحكومة السورية، أو "التحالف الدولي لهزيمة داعش"، أو السلطات التي يقودها الأكراد، أو تركيا والفصائل التي تدعمها، ما يزال هناك مفقودون. من بين المفقودين عمال إغاثة، ونشطاء سياسيون، وصحفيون، بالإضافة إلى سكان المناطق التي كانت يسيطر عليها تنظيم داعش، منهم النساء والأطفال.
أم ايمن، اختُطِف ابنها من قبل داعش: أربع سنوات من الحزن. أبكي طوال الوقت، أنا حزينة جدا عليه. لا خبر، لا علم، لا شيء عنه. لا أعرف ما إذا كان حيا أم ميتا. هذا ما يغضبني.
قالت بعض العائلات لـ هيومن رايتس ووتش أنها كانت تأمل في أن تؤدي هزيمة داعش إلى حصولها بسرعة على معلومات عن أحبتها. لكن مختلف سلطات الأمر الواقع في المنطقة لم تُعطِ الأولوية لهذه الأزمة.
شعبان مصطفى، اختُطِف ابنه من قبل داعش: نناشد جميع السلطات، المحلية هنا، الاستخبارات، جهاز أمن "الأسايش"، "قوات سوريا الديمقراطية"، أن يكشفوا عن مصير واحد من الذين حرروهم من سجون داعش. حتى الآن، يقولون إنهم لا يعرفون شيئا.
إمام محمد إمام، اختُطِف ابنه من قبل داعش: ذهبنا حتى إلى حلب لدى الحكومة السورية، في حال كان لدى الحكومة، قالوا لم نرَ أي شيء. أرسلنا [أشخاص] إلى دمشق، إلى سجن، للبحث بين كل المساجين، قالوا لم نرَ أي شيء.
ينبغي لسلطات الأمر الواقع إنشاء هيئة مدنية بشكل عاجل مفوضة بجمع المعلومات حول المفقودين تحت حكم داعش. عليها أن تعطي الأولوية للتواصل مع العائلات. سواء كانوا من بين المئات الذين أعدمهم داعش ودفنهم في مقابر جماعية، أو في السجون التي سوّتها الغارات الجوية للتحالف، أحياء كانوا أو أموات، تستحق عائلاتهم إجابات.
(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن على السلطات في سوريا أن تعالج كأولوية ما حدث للأشخاص الذين اختفوا أثناء احتجازهم لدى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش") عندما كانت الجماعة تُسيطر على أجزاء من سوريا. على السلطات التي تُسيطر بحكم الأمر الواقع على المناطق التي كانت خاضعة سابقا لسيطرة داعش أن تجعل مشاركة المعلومات مع العائلات أولوية، وأن تساعد في إنشاء نظام رسمي لمعالجة قضية المفقودين والسماح للعائلات بتسجيل قضاياهم.
يُسلّط تقرير "’مخطوفو داعش‘: التقاعس عن كشف مصير المفقودين في سوريا"، الصادر في 65 صفحة، الضوء على 27 حالة لأفراد أو مجموعات اعتقلهم التنظيم. آخر المعلومات عنهم كانت أثناء احتجازهم لدى داعش، قبل الهزيمة العسكرية للتنظيم. من بينهم نشطاء، وعمال إغاثة، وصحفيون، ومقاتلون مناهضون لداعش من مجموعات مختلفة حكومية ومناهضة للحكومة، فضلا عن سكان كانوا يعيشون تحت سيطرة داعش. مع أن عدد المفقودين غير مؤكد، وثّقت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" 8,143 حالة لأشخاص محتجزين لدى داعش ولا يزال مصيرهم مجهولا.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تشمل الجرائم العديدة لداعش اختطاف وإخفاء آلاف النشطاء، والصحفيين، والعاملين في المجال الإنساني، وكذلك الخصوم. تفاقمت معاناة أُسَرهم بسبب تقاعس السلطات عن إيلاء الأولوية للكشف عن المعلومات حول ما حدث لهم، بعد عام تقريبا من هزيمة داعش".
في مارس/آذار 2019، أعلن التحالف ضد داعش الذي تقوده الولايات المتحدة و"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، وهو تحالف يقوده الأكراد، أن سيطرة مقاتلي داعش على الأراضي السورية قد انتهت. قالت عائلات المفقودين لـ هيومن رايتس ووتش إنها كانت تأمل في أن تؤدي الهزيمة بسرعة إلى معلومات عن أحبائها، لكن السلطات في معظم الحالات لم تمنح الأولوية للحصول على المعلومات أو الكشف عنها للعائلات.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى أفراد الأسر الذين وصفوا معانتهم بسبب متابعة الشائعات دون جدوى، وتلقيهم وعودا بمعلومات مقابل مدفوعات لوسطاء مشكوك فيهم، وزيارة مراكز احتجاز سابقة على أمل العثور على أدلة حول أقاربهم المفقودين. قال أشخاص يعيشون في شمال شرق سوريا إنهم طلبوا معلومات من مراكز الأمن التي تعمل فيها قوات الأمن الكردية، "الأسايش"، والمجالس المدنية المحلية، وأفراد في مواقع السلطة، والمستشفيات، وأول المستجيبين الذين حفروا مقابر جماعية، لكنهم نادرا ما تلقوا ردا.
الأشخاص الذين كان أقاربهم في المناطق الخاضعة الآن لسيطرة قوات الحكومة السورية قالوا أيضا إنهم لم يحصلوا إلا على تكهنات بأن داعش قتل جميع أسراه، أو إنكار شامل لأي معلومات عن المسألة. قالت العائلات لـ هيومن رايتس ووتش إنه إذا كان أقاربهم قد قُتِلوا، فهم يريدون دفنهم بشكل لائق لطيّ الصفحة.
أدى سحب الولايات المتحدة قواتها في أكتوبر/تشرين الأول 2019 والهجوم اللاحق الذي شنّته تركيا والجماعات المسلحة السورية غير الحكومية المدعومة من تركيا على شمال شرق سوريا الخاضع للسيطرة الكردية إلى تغيير في السلطات المسيطرة على المناطق التي كانت خاضعة سابقا لـ داعش، بالإضافة إلى نزوح واسع النطاق وانتهاكات لحقوق الانسان. ردت السلطات التي يقودها الأكراد بعد ذلك على الهجوم التركي بدعوة الحكومة السورية وروسيا إلى دخول الأراضي الخاضعة لسيطرتها.
لا يزال من غير الواضح مدى سيطرة القوات الحكومية السورية، والقوات التركية، وقوات التحالف الذي يقوده الأكراد، وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة في المناطق التي كانت تحت سيطرة داعش، ما يزيد من تعقيد الوضع. بموجب القانون الدولي، جميع السلطات مُلزَمة باتخاذ جميع التدابير الممكنة لمعرفة مصير الأشخاص الذين أُبلِغ عن اختفائهم نتيجة النزاع المسلح في المناطق التي يسيطرون عليها فعليا، وبتزويد الأسر بمعلومات حول ما حدث لهم. قالت هيومن رايتس ووتش إن هذه التغييرات الميدانية تُبيّن الحاجة المُلحة إلى أن تعمل للسلطات على أي خيوط متاحة بشأن ما حدث للمفقودين.
راجعت هيومن رايتس ووتش سبل الكشف عن معلومات عن المفقودين. زار الباحثون مواقع المقابر الجماعية التي عُثِر عليها في محافظتي الرقة ودير الزور، حيث تكافح السلطات المحلية لمواجهة تحديات جمع وحماية المعلومات بشكل صحيح عن الجُثث المُستخرجة، وتحتاج إلى دعم كبير.
قال أشخاص كانوا محتجزين لدى داعش لـ هيومن رايتس ووتش إن داعش سجنهم في مرافق قصفها لاحقا التحالف بقيادة الولايات المتحدة أو التحالف العسكري السوري الروسي. قال محتجز سابق إن قسد احتجزته بعد هروبه من داعش، ظنا منهم أنه عضو في التنظيم.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لجميع سلطات الأمر الواقع في شمال شرق سوريا أن تُشكّل جهة تنسيق أو هيئة مدنية مركزية مكلّفة بجمع المعلومات في مناطق سيطرة كل منها عن الذين اختفوا تحت حكم داعش. ينبغي أن تتواصل هذه الهيئة مع العائلات داخل سوريا وخارجها. في حال وجود هيئات مماثلة، ينبغي أن تدعمها السلطات المحلية، وأن يُسمَح لها بالعمل بما يتماشى مع المعايير الدولية. على السلطات أيضا تخصيص موارد لحماية المقابر الجماعية بما يتماشى مع أفضل ممارسات الطب الشرعي وإعطاء الأولوية للحصول على معلومات من المشتبه بكونهم من داعش المحتجزين لديها عن الأشخاص المعتقلين من قبل داعش، دون استخدام أساليب استجواب غير قانونية. على الحلفاء، بما في ذلك التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، الالتزام بتوفير الدعم المالي والتقني الضروري.
ساهم العديد من أطراف النزاع السوري، لا سيما الحكومة السورية، في الاحتجاز التعسفي المطوّل أو الاختفاء القسري لعشرات الآلاف من الأشخاص.
قال ستورك: "انتهاء سيطرة داعش على الأرض توفّر فرصة لتقديم إجابات للعائلات التي فُقد أقاربها في سوريا واحترام حقهم في معرفة ما حدث لأحبائهم".