(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الكويتية أعادت 8 معارضين مصريين إلى بلدهم في 15 يوليو/تموز 2019 ، رغم المخاطر الجسيمة القائمة بالتعرض للتعذيب والاضطهاد في مصر. يبدو أن ترحيل المذكورين ينتهك التزامات الكويت بموجب القانون الدولي.
في 12 يوليو/تموز، أعلنت الحكومة الكويتية أنها ألقت القبض على المعارضين الثمانية – كل على حدة – بدعوى أن السلطات المصرية طلبتهم جراء جرائم يُزعم ارتكابهم إياها في مصر، كأعضاء في جماعة "الإخوان المسلمين". على السلطات الكويتية أن توقف أية ترحيلات أخرى مزمعة إلى مصر بحق أي شخص يواجه خطر المعاملة السيئة حال عودته، وأن تحاسب المسؤولين عن الترحيلات الأخيرة.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "عرضت السلطات الكويتية للخطر الجسيم 8 رجال فرّوا من الاضطهاد الشامل في مصر وظنّوا أنهم وجدوا الملاذ الآمن في الكويت. من المروع أن تتحرك الكويت بهذه الطريقة لصالح أجهزة الأمن المصرية ذات السُمعة المروعة، وتعيد المعارضين إلى حيث هم عرضة للتعذيب والاضطهاد".
في 15 يوليو/تموز، نقلت "كونا"، وكالة الأنباء الرسمية الكويتية، أن الحكومة رحّلت مصريين "مطلوبين" ذكرت أنهم حسام إبراهيم العدل، وعبد الرحمن محمد أحمد، وأبو بكر عاطف الفيومي، وعبد الرحمن إبراهيم عبد المنعم، ووليد سليمان، وناجح عوض، وفالح حسن، ومؤمن أبو الوفا. كانوا جميعا يعيشون في الكويت منذ عدّة سنوات. لا يوجد ما يشير إلى القيام بأية مراجعة قضائية لأوامر التسليم أو مراجعة قضائية للمخاطر التي تواجه هؤلاء الرجال مع عودتهم إلى مصر.
أصدرت وزارة الداخلية الكويتية بيانا ادّعت فيه أن الرجال الثمانية كانوا أعضاءً في "خلية إرهابية" هي جزء من الإخوان المسلمين، وأنهم أدينوا في محاكم مصرية. قالت الوزارة إن المُرحّلين كانوا تحت المراقبة قبل توقيفهم. ونشرت مقطع فيديو يُظهر أسماءهم ووجوههم مخبأة مع الزعم أنهم "أقروا بقيامهم بعمليات إرهابية... في أماكن مختلفة داخل الأراضي المصرية".
وقال نائب وزير الخارجية خالد الجار الله إن التسليمات تمت بناء على "تعاون" مع السلطات المصرية وأن "هذا التعاون سوف يستمر". وقال إن "التنسيق والتعاون الأمني الكويتي-المصري كبير جدا ونشعر معه بالارتياح".
قالت منّة العدل ابنة حسام إبراهيم العدل لـ هيومن رايتس ووتش إن رجالا في ثياب مدنية اعتقلوا والدها في 10 يوليو/تموز لدى الصيدلية التي يعمل بها. العدل (57 عاما) كان يقيم في الكويت بصورة قانونية منذ أكتوبر/تشرين الأول 2013، على حد قول ابنته. وقدمت عائلتها مقطعيّ فيديو من كاميرات أمن الصيدلية يُظهران لحظة القبض على العدل.
قالت منّة العدل إن والدها لم يتعرض للتوقيف من قبل قطّ، لا في مصر ولا الكويت. راجعت هيومن رايتس ووتش وثائق المحاكم التي أظهر تبرئة المحاكم المصرية لحسام إبراهيم العدل من 3 قضايا بها ادعاءات بتورطه في التظاهر والعنف السياسي بين 2014 و2016. وقالت الإبنة إن المحاكم المصرية حكمت عليه بالسجن 5 سنوات في 2016 بدعوى مشاركته في مظاهرة في 2016، رغم أنه لم يزر مصر منذ أن خرج منها في أكتوبر/تشرين الأول 2013.
وقالت إن مسؤولي أمن الدولة في الكويت أكدوا احتجازهم العدل، لكن رفضوا السماح لأسرته بزيارته. وأضافت عائلة العدل: "كل محام نكلمه يقول إنه لا يمكنه عمل أي شيء. قالوا إن السبب هو كونها قضية أمن دولة، من ثم لا يمكنهم التدخل"، وقالت أنهم لا يعرفون أيا من الرجال الآخرين الذين تعرضوا للترحيل.
الكويت، بصفتها دولة طرف في اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، عليها التزام بألا تسلم أحدا إلى دولة يواجه فيها الشخص خطرا حقيقيا بالتعذيب أو المعاملة السيئة. وبموجب قواعد القانون الدولي العرفي، فالكويت ملزمة أيضا بضمان ألا تعيد أحد قسرا إلى مكان يتعرض فيه لخطر الاضطهاد. فضلا عن المذكور، انتهكت الكويت أيضا الحقوق في سلامة إجراءات التقاضي إذ حرمت الرجال من فرصة الطعن بشكل منصف في قرارات توقيفهم وترحيلهم، مع حرمانها إياهم من مقابلة المحامين والأهل.
لم تعلق السلطات المصرية رسميا على ترحيل المعارضين. في يناير/كانون الثاني ومارس/آذار كان شخص مُرحّل إلى مصر من تركيا و5 من ماليزيا قد أصبحوا في عداد المفقودين إثر إعادتهم إلى بلدهم مصر. الرجل المُرحل من تركيا ظهر بعد أسابيع في جلسة بالمحكمة وقد ظهرت عليه علامات التعرض "للتعذيب الشديد" على حد قول المحامين.
منذ يوليو/تموز 2013، لجأت السلطات المصرية إلى ممارسات الاحتجاز التعسفي والملاحقة القضائية بحق عشرات آلاف المعارضين لأسباب سياسية. وأدت الملاحقات القضائية إلى تعرض الآلاف للحبس الاحتياطي لفترات مطولة دون سند قانوني. كما قام قضاة باحتجاز المئات بصفة غير قانونية على ذمة المحاكمة، بما يتجاوز مدة الحبس الاحتياطي المحددة بعامين في القانون المصري. وكان قد ُقبض على الكثيرين من هؤلاء لمجرد ممارستهم حقوقهم في التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتنظيم وحرية التعبير، بما يشمل العضوية في الإخوان المسلمين، التي حظرتها الحكومة في 2013.
السجون المصرية معروفة بظروف الاحتجاز غير القانونية، بما يشمل تكدس السجناء وعدم كفاية الرعاية الطبية. كما أن التعذيب بمواقع الاحتجاز غير الرسمية منتشر ويمر دون عقاب. تعذب قوات الأمن المعتقلين على مدار فترات طويلة من الاختفاء القسري لانتزاع الاعترافات.
قالت ويتسن: "التعذيب في مصر، لأنه ممنهج ومنتشر وتوجد مؤشرات على كونه سياسة تتبعها الدولة، قد يشكل جرائم ضد الإنسانية".