(تونس) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات التونسية أن تتبنى تشريعات تستند إلى الاقتراحات الرائدة التي قدمتها لجنة عينها الرئيس وتهدف إلى حماية الحريات الفردية والقضاء على التمييز ضد المرأة. كما أصدرت فيديو يحث الرئيس التونسي على تبني الإصلاحات التشريعية المقترحة.
أوصت "لجنة الحريات الفردية والمساواة"، في تقريرها الصادر في 12 يونيو/حزيران 2018، بإلغاء تجريم المثلية الجنسية وضمان المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وإزالة قوانين "الأخلاق الحميدة"، وإلغاء عقوبة الإعدام.
قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس: "هذا حدث بالغ الأهمية. على الرئيس الباجي قائد السبسي أن ينتهز هذه الفرصة لإدخال تشريعات من شأنها أن تجعل القانون السائد في البلاد مرتكزا على التقدم الحقوقي الذي أوصت به لجنته".
شكل السبسي اللجنة في 13 أغسطس/آب 2017، العيد الوطني للمرأة، وكلفها بالتوصية بـ "الإصلاحات المرتبطة بالحريات الفردية والمساواة استنادا إلى مقتضيات دستور 27 جانفي 2014، والمعايير الدولية لحقوق الإنسان والتوجهات المعاصرة في مجالات الحريات والمساواة". ترأس اللجنة المكونة من 9 أعضاء بشرى بلحاج حميدة، نائبة في البرلمان.
حددت اللجنة أحكام القانون التونسي التي تنتهك أو تقوض الحريات الفردية والمساواة، وأوصت بإصلاح شامل للتشريعات التونسية من خلال اعتماد قانونين جديدين يحلان محل القوانين الرجعية: "قانون الحقوق الفردية والحريات" و"قانون أساسي يتعلق بالقضاء على التمييز ضد النساء وبين الأطفال".
وصفت اللجنة عقوبة الإعدام بانتهاك لحق الفرد في السلامة الجسدية. قالت هيومن رايتس ووتش إن على الرئيس التونسي و"مجلس نواب الشعب" أن ينتهزوا هذه الفرصة لإنهاء عقوبة الإعدام كليا.
أوصت اللجنة بإلغاء المادة 230 من "المجلة الجزائية" (قانون العقوبات) التي تجرّم المثلية الجنسية أو، كحد أدنى، استبدال عقوبة السجن لمدة 3 سنوات في القانون الحالي بغرامة لا تتجاوز 500 دينار (192 دولار). كما أوصت بمنع إجراء الفحوصات الشرجية، وهو أسلوب مشكوك فيه استخدم في الطب الشرعي في تونس للتحقق من المثلية الجنسية.
أوصت اللجنة بإزالة المخالفات المتعلقة بـ "التجاهر بالفحش" و الفعل "المنافي للحياء"، واستبدالها بالقوانين لمعاقبة الشخص الذي "يأتي على مرأى الغير عملا جنسيا أو يعمد إلى كشف المواطن الحميمة من بدنه بقصد إيذاء الغير". لاحظت اللجنة أن مفهوم الفحش غامض وعرضة للتفسيرات القمعية.
كما اقترحت إلغاء قرار من وزارة الداخلية يرجع إلى عام 1971 يحظر فتح المقاهي والمطاعم خلال ساعات الصيام في شهر رمضان، باعتباره انتهاك لحرية الضمير.
فيما يتعلق بالتمييز بين المرأة والرجل، حثت على إلغاء الحكم الوارد في "مجلة الأحوال الشخصية"، المستوحى من الشريعة، والذي ينص على نصيب مزدوج من الميراث للورثة الذكور. كما أوصت بإنهاء التمييز في منح الجنسية للأجانب الذين يتزوجون من تونسيات. بموجب القانون الحالي، فإن الزوجة الأجنبية مؤهلة للحصول على الجنسية بعد الإقامة في تونس لمدة عامين، في حين أن الزوج الأجنبي لا يستطيع الحصول على الجنسية عن طريق الزواج من امرأة تونسية.
حثت اللجنة على إلغاء حكم قانون الأحوال الشخصية الذي ينص على أن الزوج هو "رئيس العائلة"، وهو ما يمنحه مزايا قانونية في المنازعات المتعلقة بالإدارة المنزلية.
عبّر بعض التونسيين عن غضبهم من المقترحات بدعوى أنها تهدد القيم الإسلامية. في إشارة إلى رئيسة اللجنة، كتب أحد الدعاة السلفيين المعروفين على صفحته على "فيسبوك" أن على السلطات "أن تأتي بفريق بشرى الشؤم جميعا في مكان عام وتقوم برجمهم حتى الموت. لتطهرهم وتطهر البلاد من نجسهم تطهيرا".
أصدرت مجموعة من الأساتذة في "جامعة الزيتونة"، الجامعة الإسلامية الرائدة في البلاد، بيانا مشتركا تحذر فيه من أن التقرير يمثل تعديا على المقدسات الدينية ويقوم بـ "نشر الإباحية وإشاعة الفاحشة". ومع ذلك، اعتبر زعماء دينيون آخرون من جمعية "نقابة الأئمة" أن المقترحات لا تتعارض مع القرآن ومبادئ الشريعة، وأيدوا التقرير.
شكر السبسي اللجنة، لكنه لم يعلن بعد أي خطوات تالية حول توصياتها.
قالت قلالي: "خطت تونس خطوات كبيرة منذ الإطاحة بدكتاتورها عام 2011. باعتماد مقترحات اللجنة، ستقود تونس العالم العربي مرة أخرى بجعل حقوق الفرد تتصدر المكانة الاولى في نظامها القانوني".