Skip to main content

تونس

أحداث 2022

متظاهرة تونسية تقف أمام عناصر شرطة يطلقون خراطيم المياه خلال الاحتجاجات ضد الرئيس قيس سعيّد في الذكرى 11 للثورة التونسية، تونس العاصمة، 14 يناير/كانون الثاني 2022. 

© فتحي بلعيد/أ ف ب عبر غيتي إيمجز

في 2022، استمرت الانتهاكات الحقوقية الجسيمة، وشملت القيود على حرية التعبير والعنف ضد النساء والقيود التعسفية بموجب قانون حالة الطوارئ التونسي. اتخذت السلطات مجموعة من الإجراءات القمعية ضد المعارضين والمنتقدين والشخصيات السياسية، بما يشمل إجبارهم على عدم تغيير إقامتهم، وإخضاعهم لمنع السفر ومحاكمتهم - أحيانا في محاكم عسكرية - لانتقادهم العلني للرئيس أو القوات الأمنية أو مسؤولين آخرين. استحواذ الرئيس قيس سعيّد على السلطة في يوليو/تموز2021 أضعف المؤسسات الحكومية المصمَّمة لتشكل ضوابط على السلطات الرئاسية وأعاقت التحول الديمقراطي في البلاد.

في سبتمبر/أيلول 2021، علق الرئيس سعيّد معظم دستور 2014 ومنح نفسه سلطة تكاد تكون مطلقة للحكم بموجب مراسيم. استخدم سعيّد هذه السلطة لتوطيد حكمه في 2022 من خلال إدخال سلسلة من الإصلاحات الرجعية وتقويض استقلال القضاء. بعد تعليق عمل البرلمان في يوليو/تموز 2021، حله سعيد تماما في مارس/آذار 2022 بعد أن حاول نواب البرلمان الاجتماع عبر الإنترنت للاحتجاج على إجراءاته الاستثنائية.

تابع الرئيس سعيد العمل بخارطة الطريق السياسية التي أعلنها عبر إجراء استفتاء دستوري في 25 يوليو/تموز وانتخابات تشريعية مبكرة في 17 ديسمبر/كانون الأول. إلا أن عملية الإصلاح الدستوري كانت غير شفافة وقاطعها جزء كبير من المعارضة والمجتمع المدني. الدستور الجديد، الذي نال الموافقة في 26 يوليو/تموز، منح الرئيس سلطات شبه مطلقة دون حماية قوية لحقوق الإنسان.

الإصلاحات الدستورية

أمر الرئيس سعيّد بإجراء استفتاء وطني يوم 25 يوليو/تموز على مشروع دستور جديد ليحلّ محلّ دستور 2014. الدستور الذي اقترحه سعيّد صاغته لجنة تتكون من أعضاء عيّنهم الرئيس، وعملوا خلف أبواب مغلقة ودون الأخذ بأي أراء أخرى تقريبا. نُشرت المسودّة قبل ثلاثة أسابيع فقط من الاستفتاء، ما لم يترك أي فرصة للنقاش العام تقريبا.

اعتُمد الدستور الجديد في 26 يوليو/تموز بـ94.6⁒ من أصوات الناخبين المؤهلين، بنسبة مشاركة لم تتجاوز 30.5⁒، ودخل حيز النفاذ في 17 أغسطس/آب بعد إعلان النتائج النهائية.

نصّ الدستور الجديد على نظام رئاسي شبيه لما كانت عليه تونس قبل انتفاضة 2011، وركّز السلطات في يد الرئيس. كما أنشأ غرفة برلمانية ثانية إلى جانب "مجلس نواب الشعب"، تتكون من أعضاء منتخبين من قبل مجالس الجهات والأقاليم بدلا من الاقتراع العام. قلّص النصّ بشكل كبير من دور البرلمان مقارنة بدستور ما بعد الثورة.

يعدد الدستور الجديد العديد من الحقوق، لكنّه قضى على الضوابط والتوازنات اللازمة لحمايتها. وهو لا يضمن بالكامل استقلالية القضاء و"المحكمة الدستورية" التي لم تر النور بعد.

في 22 سبتمبر/أيلول، أصدرت "المحكمة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب" حُكما هاما نصّ على أنّ الاجراءات التي اتخذها سعيّد كانت غير متناسبة، وأمرت بإلغاء العديد من المراسيم، بما في ذلك المرسوم الذي عطّل العمل بالجزء الأكبر من دستور 2014، وأمرت بإنشاء المحكمة الدستورية في غضون عامين.   

استقلال القضاء

في 12 فبراير/شباط، حلّ سعيّد "المجلس الأعلى للقضاء"، في خطوة قوّضت استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية. كان هذا المجلس أعلى هيئة قضائية في البلاد، ومهمته الإشراف على تعيين القضاة وتأديبهم وترقيتهم. استبدله الرئيس سعيّد بهيئة مؤقتة عيّن هو جزءا من أعضائها، ومنح لنفسه سلطة التدخل في تعيين القضاة ووكلاء الجمهورية وفي مساراتهم المهنية وإقالتهم.

دخل القضاة التونسيون في اضراب لمدة أربعة أسابيع رفضا للمرسوم الذي حلّ المجلس الأعلى للقضاء. حرم الدستور الجديد، الذي دخل حيز النفاذ في أغسطس/آب، القضاة من حق الإضراب.

في 1 يونيو/حزيران، أصدر سعيّد مرسوما قوّض استقلالية القضاء بشكل أكبر ومنحه سلطة عزل القضاة بإجراءات موجزة. وبموجب المرسوم نفسه، أقال 57 قاضيا بتهمة الفساد وعرقلة التحقيقات.

في 10 أغسطس/آب، علّقت المحكمة الإدارية بتونس العاصمة قرار الرئيس بشأن 49 من أصل 57 قاضيا، وأمرت بإعادتهم إلى مناصبهم. لم تنفذ السلطات هذا القرار بعد.   

الانتخابات

فكّك الرئيس سعيّد عددا من المؤسسات الوطنية، بما في ذلك هيئة الانتخابات المستقلة ("الهيئة العليا المستقلة للانتخابات") التي أعاد هيكلتها ثلاثة أشهر فقط قبل الاستفتاء. في 21 أبريل/نيسان، أصدر سعيّد مرسوما غيّر بموجبه تركيبة الهيئة، ومنح لنفسه صلاحية التدخل في تسمية كل أعضائها.

قبل الانتخابات التشريعية بثلاثة أشهر، عدّل سعيّد القانون الانتخابي دون أي مشاورات أو نقاشات عامة. يقلّص "المرسوم عدد 55-2022"، الصادر في 15 سبتمبر/أيلول، عدد أعضاء البرلمان من 217 إلى 161، ويسمح للمقترعين بالتصويت على المترشحين الأفراد بدلا من القوائم الحزبية، وهو تغيير يهدف إلى تقليص تأثير الأحزاب السياسية، بحسب مراقبين. ألغى القانون الجديد أيضا مبدأ التناصف الجندري لضمان مشاركة متساوية للمرأة.

التراجع عن الحريات

شهدت تونس تراجعا كبيرا في حرية التعبير والصحافة، حيث عمدت السلطات إلى مضايقة واعتقال ومحاكمة النشطاء والمعارضين السياسيين ومستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي بتهم تتعلق بالتعبير، بما في ذلك انتقاد الرئيس سعيّد وقوات الأمن والجيش. بعضهم حوكم في محاكم عسكريّة.

في 2 مارس/آذار، سُجن المحامي عبد الرزاق الكيلاني، وهو وزير سابق والعميد السابق للمحامين، وحُوكم في محكمة عسكريّة بتهم "الإخلال بالراحة العامة" و"هضم جانب موظف عمومي" على خلفية مشادة كلامية بينه وبين قوات الأمن أثناء محاولته زيارة أحد موكّليه.

في 11 يونيو/حزيران، اعتُقل الصحفي صالح عطيّة ثم حوكم في محكمة عسكرية بتهم "نسبة أمور غير قانونية لموظف عمومي دون الإدلاء بما يُثبت صحة ذلك"، و"المسّ من كرامة الجيش"، و"الإساءة للغير عبر الشبكة العمومية للاتصالات". تمّت هذه المحاكمة على خلفية تعليقات أدلى بها على "قناة الجزيرة" بشأن الرئيس سعيّد والجيش التونسي. في 16 أغسطس/آب، حُكم على عطيّة بالسجن ثلاث أشهر.

وفقا "للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين"، شهد العام الماضي ارتفاعا في مضايقة الصحفيين واحتجازهم بسبب عملهم، وصار الوصول إلى المعلومات أكثر صعوبة. في 2022، تراجعت تونس في مؤشر حرية الصحافة لـ "مراسلون بلا حدود" من المرتبة 73 إلى المرتبة 94.

في 16 سبتمبر/أيلول، أصدر الرئيس سعيّد مرسوما جديدا يتعلق بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال يُمكن أن يقيّد بشدّة حريّة التعبير والصحافة والحق في الخصوصية. صار الفصل 24 من هذا المرسوم يُعاقب إنتاج أو ترويج أو نشر "أخبار أو بيانات أو إشاعات كاذبة" بالسجن لمدة تصل إلى خمس سنوات، أو إلى عشر سنوات إذا كان ذلك يستهدف موظفين عموميين.

منعت قوات الأمن بشكل متكرر المظاهرات من خلال منع الوصول إلى أماكن معيّنة، واستخدمت القوة المفرطة لتفريق المتظاهرين، بما في ذلك يوم 14 يناير/كانون الثاني، في ذكرى ثورة 2011، لما منعت السلطات التجمعات العامة لأسباب صحيّة، وفي 22 يوليو/تموز، أثناء مظاهرة ضدّ الاستفتاء الدستوري.

منذ استحواذ سعيّد على السلطة، فرضت السلطات العشرات من قرارات حظر السفر التعسفي دون إشراف قضائي، مما قيّد حرية تنقل الناس. في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، مُنعت النائبتان السابقتان سيدة الونيسي وجميلة كسيكسي من مغادرة تونس.

حقوق المرأة

لم يفعل الرئيس سعيّد شيئا يُذكر للنهوض بحقوق المرأة. رغم أنّ تعيينه لنجلاء بودن كرئيسة حكومة في 2021 يُعتبر سابقة في شمال أفريقيا، إلا أنه لم يمنحها أي استقلالية سياسية تُذكر.

يستمر القانون التونسي في التمييز ضدّ المرأة في حقوق الميراث. في 2018، عرض الرئيس الأسبق الباجي قايد السبسي مشروع قانون على البرلمان يعتبر المساواة في حقوق الميراث هي الأصل، لكن لم يتم اعتماده. عبّر الرئيس سعيّد عن معارضته الشديدة لإصلاح قوانين الميراث.

تفتقر تونس إلى سياسة تحمي حق الفتيات الحوامل في التعليم، مما يتسبب في إنفاذ غير منتظم لحقوقهن في التعليم عندما يفرض عليهنّ مسؤولو المدارس قيودا تعسفية.

رغم اعتماد قانون مكافحة العنف ضدّ المرأة في 2017، الذي نصّ على خدمات دعم جديدة وآليات وقاية وحماية للضحايا، إلا أنّ هناك العديد من أوجه القصور في تنفيذه، لا سيما في الطريقة التي تعالج بها الشرطة والسلطة القضائية شكاوى العنف الأسري. يظل نقص التمويل الحكومي لإنفاذ القانون ثغرة كبيرة، وكذلك قلّة مراكز الإيواء التي تأوي النساء اللاتي لا يجدن مكانا يلجأن إليه.

تسبّب حلّ الرئيس سعيّد للبرلمان في منعه من مناقشة أو اعتماد أي تشريع من شأنه تعزيز حقوق المرأة.

أبقى دستور 2022 على بعض أحكام دستور 2014، ونصّ على أن النساء والرجال "متساوون في الحقوق والواجبات وهم سواء أمام القانون دون أيّ تمييز"، وألزم الدولة باتخاذ إجراءات للقضاء على العنف ضدّ المرأة. إلاّ أنّ هذا الدستور الجديد تضمّن بندا جديدا نصّ على أنّ "تونس جزء من الأمة الإسلامية" وأنّ الدولة مسؤولة على تحقيق مقاصد الإسلام (الفصل 5). قد تُستخدم هذه الأحكام لتبرير فرض قيود على الحقوق، وخاصة حقوق المرأة، بناءً على تأويلات الشريعة، كما فعلت دول أخرى في المنطقة.     

التوجه الجنسي والهوية الجندرية

يعاقب الفصل 230 من "المجلة الجزائية" (قانون العقوبات) السلوك الجنسي المثلي بالتراضي بين الرجال والنساء بالسَّجن حتى ثلاث سنوات.

قوضت الأطراف التابعة للدولة في تونس حق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، ومتغيري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم) في الخصوصية من خلال الاستهداف الرقمي، وتحديدا التحرش عبر الإنترنت وكشف الهوية الجندرية والتوجه الجنسي بدون إذن الأشخاص، ومراقبة وسائل التواصل الاجتماعي. تعتمد السلطات في بعض الأحيان في الملاحقات القضائية على الأدلة الرقمية التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة. وثقت "هيومن رايتس ووتش" حالات أدى فيها الاستهداف الرقمي الحكومي إلى قمع تنظيم مجتمع الميم، فضلا عن الاعتقالات التعسفية. نتيجة للمضايقات على الإنترنت، أفاد أفراد من مجتمع الميم أنهم أُجبروا على تغيير أماكن إقامتهم وأرقام هواتفهم، وحذف حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، والفرار من البلاد بسبب خطر الاضطهاد، وخضوعهم لعواقب وخيمة على الصحة النفسية.

Correction

3/2/2023: تم تعديل هذا الفصل لإيراد التاريخ الصحيح الذي علّقت فيه المحكمة الإدارية التونسية مرسوم الرئيس بعزل القضاة بدون اتباع الإجراءات الواجبة.