(بيروت) - ينبغي لسلطات السجون الإماراتية النظر في الإفراج المشروط والمُلائم عن السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية الذين حُرموا من الحصول بانتظام على الأدوية المُنقذة للحياة، مع زيادة عدد حالات مرض "كوفيد-19" الذي يسببه فيروس "كورونا" في البلاد. قد تكون مناعة هؤلاء السجناء ضعيفة، ما يعرّضهم للعدوى السارية ومزيد من تطور المرض. ينبغي للسلطات أيضا الإفراج غير المشروط عن المُحتجزين بشكل غير قانوني، بمن فيهم المسجونين بسبب معارضتهم السلمية.
ينبغي للسلطات أيضا النظر في الإفراج المؤقت المناسب عن السجناء الآخرين المُعرّضين للخطر إذا لم يتمكن مسؤولو السجن من حماية السجناء من انتقال فيروس كورونا. يشكل كوفيد-19، مثل الأمراض المعدية الأخرى، خطرا بشكل خاص على الأشخاص الذين يعيشون على مقربة من بعضهم البعض، كما هو الحال في السجون، ومراكز الاعتقال، ومراكز احتجاز المهاجرين. في الإمارات، وُجد أن هذه المؤسسات في كثير من الأحيان تحتجز المعتقلين في ظروف مزرية وغير صحية، حيث ينتشر الاكتظاظ، ونقص التجهيزات الصحية، والحرمان من الرعاية الطبية.
قال مايكل بَيج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "السجناء حاملو فيروس نقص المناعة البشرية والذين حُرموا من الأدوية مناعتهم ضعيفة أصلا، وهم مُعرضون لخطر كبير إذا أُصيبوا بفيروس كورونا. ينبغي للسلطات الإماراتية النظر فورا في الإفراج المناسب عن السجناء الأكثر ضعفا، وكذلك السجناء المحتجزين ظلما، الذين لم يكن ينبغي سجنهم في المقام الأول".
كشفت الأبحاث الأخيرة لـ هيومن رايتس ووتش أن سلطات السجون الإماراتية تمنع السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية من الحصول بشكل منتظم ودون انقطاع على العلاج المضاد للفيروسات الارتجاعية ((retroviruses. يُمكن أن يؤدي تقطّع العلاج إلى زيادة خطر تطوير قدرة الفيروسات على المقاومة، ما يؤدي إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى السارية القاتلة بشكل كبير. كما أن كبار السن والمصابين بأمراض مُزمنة معرضون أيضا لخطر الإصابة بالمرض، والموت إذا أصيبوا. حتى 17 مارس/آذار 2020، ثبتت إصابة 113 شخصا في الإمارات بالفيروس، وفقا لـ "وزارة الصحة ووقاية المجتمع" الإماراتية.
يُفصل المحتجزون حاملو فيروس نقص المناعة البشرية في الإمارات عن بقية نزلاء السجون بطريقة تمييزية تعزلهم، ويُحرمون من ولوج مرافق السجن. لكن مصادر قريبة من المعتقلين في أحد السجون قالت لـ هيومن رايتس ووتش إن موظفي السجن يدخلون بشكل متقطع إلى أقسامهم لإجراء تدقيق أمني وتوفير الطعام والمواد أخرى، ما أقلق بعض السجناء الذين لديهم ضعف مناعة من الإصابة بالفيروس. قالت المصادر أيضا إن السجناء المعزولين يخضع دخولهم عيادة السجن إلى قيود، وعليهم الانتظار حتى يزور الطاقم الطبي أقسامهم ليتمكنوا من الإبلاغ عن أي تدهور في الظروف الصحية.
تنص التوجيهات الدولية لمعايير حقوق الإنسان في السجون على حق السجناء في الخدمات الطبية دون تمييز، على الأقل بما يعادل الخدمات المتاحة للأشخاص في المجتمع، بما يشمل من لديهم فيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المعدية الأخرى. وبموجب القانون الدولي، فإن سلطات السجن ملزمة أيضا بضمان النظافة اللازمة لمنع انتقال الأمراض، وتوفير الرعاية الطبية الأساسية لجميع المعتقلين. في الحالات التي يُشتبه فيها أن السجناء لديهم أمراض مُعدية، تكون السلطات ملزمة بتوفير عزلهم السريري والعلاج المناسب.
الحرمان من الرعاية الطبية الملائمة في السجون ومرافق الاحتجاز في الإمارات يتخطى السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية والأمراض المعدية الأخرى، وهو أكثر شيوعا في مرافق أمن الدولة، حيث التعذيب منهجي. كما تلقت هيومن رايتس ووتش تقارير متسقة عن ظروف غير إنسانية، ومتدهورة، ومكتظة، وغير صحية في السجون في جميع أنحاء الإمارات، ما يزيد خطر تعرض السجناء وموظفي السجون للإصابة بالفيروس. في 17 مارس/آذار، دعا خبراء حقوق الإنسان في "الأمم المتحدة" السلطات الإماراتية إلى الإصلاح العاجل لـ "ظروف الاحتجاز المهينة" في سجون الإمارات.
خلال العام الماضي، تزايدت المخاوف بشأن تدهور صحة الناشطَين الحقوقيَّين المسجونَين ظلما أحمد منصور وناصر بن غيث، المحتجزَين في ظروف مزرية ومحرومَين من الرعاية الصحية في سجنَي الصدر والرزين، على التوالي. يقضي مئات النشطاء والأكاديميين والمحامين الآخرين عقوبات طويلة في سجون الإمارات في ظروف مماثلة وبتهم غامضة وفضفاضة يبدو أنها تنتهك حقوقهم في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
السلطات الإماراتية مُلزمة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان بضمان حماية السجناء وموظفي السجون من العدوى وحصولهم على العلاج في حالة المرض. ينبغي لسلطات الإمارات أيضا إنهاء الاستخدام المفرط للحبس الاحتياطي، والذي يجب أن يكون الاستثناء وليس القاعدة، والإفراج عن المعتقلين لشهور دون محاكمة أو عرضهم على وجه السرعة أمام قاض. على السلطات النظر في الإفراج عن السجناء الذين قضوا مُعظم مدة عقوبتهم، وإطلاق سراح من لديهم أمراض خطيرة أو قاتلة وغير قابل للشفاء. قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات أيضا السماح فورا للمراقبين الدوليين المستقلين بدخول البلاد، ومراقبة السجون ومراكز الاحتجاز بانتظام.
قال بَيج: "الدعوات المتكررة للسلطات الإماراتية بفتح السجون ومراكز الاعتقال للتفتيش من قبل مراقبين دوليين ومستقلين لم تلقَ استجابة. في ظل الأزمة العالمية التي سبّبها تفشي فيروس كورونا، ينبغي للحكومة أن تعمل فورا على تحسين ظروف الاحتجاز وتوفير الرعاية الطبية".