(بيروت) قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن ضباط أمن عراقيين يرفضون تقديم تصريح أمني لأقارب مباشرين لمشتبه بانتمائهم لتنظيم "الدولة الإسلامية" المسمى أيضا بـ "داعش"، لاستعادة المنازل التي سيطروا عليها، أو التماس التعويض. كما دمرت قوات الأمن أو صادرت بعض الممتلكات. تُعتبر هذه الأفعال المستندة إلى العلاقات الأسرية مع المشتبه بانتمائهم لداعش، بدلا من القرارات الأمنية بناء على الحالة، أحد أشكال العقاب الجماعي.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تستحق هذه العائلات الحماية نفسها التي توفرها المحاكم العراقية لجميع المواطنين. على المحاكم أن تضمن عدم التمييز الذي لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانقسامات الطائفية في البلاد وتأخير المصالحة المرجوة."
سبق أن نشرت هيومن رايتس ووتش تقارير عن العقبات التي تواجه عائلات أفراد المشتبه بانتمائهم لداعش، في الحصول على الوثائق المدنية اللازمة للمقاضاة أو التقدم بطلب للحصول على تعويض. يتطلب "جهاز الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية إجراء فحص أمني للحصول على هذه المستندات، لكن العائلات لا تتخطى الفحص الأمني تلقائيا إذا كان أقاربها مدرجين في قائمة الأشخاص المطلوبين بسبب الانتماء لداعش.
قال حميد الزيرجاوي، نائب رئيس جهاز الأمن الوطني، لـ هيومن رايتس ووتش في 17 أبريل/نيسان 2018، إن عائلات المشتبه بهم لا ينبغي أن يواجهوا مشكلة في الحصول على تصريح أمني بناء على وضع أقاربهم، لكنه لم ينكر أن ذلك قد يحدث على المستوى المحلي.
قال 5 محامين وقائد الشرطة السابق في الموصل وقاض رفيع في محكمة الموصل لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن العراقية أو عائلات أخرى استولوا على ممتلكات أقارب أفراد يشتبه بانتمائهم لداعش منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016، عندما بدأت القوات الحكومية باستعادة المدينة من داعش، رغم أنه لم يستطع أي منهم توفير إحصاءات على مستوى المدينة. قال المحامون أنهم يعرفون ما لا يقل عن 16 حالة احتلت فيها قوات الأمن الفيدرالية والمحلية منازل عائلات أقارب يشتبه بانتمائهم لداعش، فروا مؤقتا خلال القتال في 2016، مما منع العائلات من العودة. في 5 حالات أخرى، أجبرت قوات الأمن العائلات على الخروج من منازلها واحتلالها. في حالتين، رفضت العائلات التي استولت على المنازل في وقت لاحق الخروج أو دفع الإيجار.
قال أحد قادة المجتمع المحلي في حي الحدباء شرق الموصل في فبراير/شباط 2018 إنه حاول في نيسان/أبريل 2017 مساعدة امرأة عجوز احتلت شقتها عائلات نازحة من غرب الموصل لحملهم على دفع الإيجار. لكن جهاز الأمن الوطني وضباط مخابرات الشرطة المحلية تدخلوا وقالوا لها إنها لا تستطيع طلب الإيجار، لأن ابنها انضم إلى داعش وحذروها من العودة. قال قائد المجتمع المحلي إنه لم يستطع مساعدتها.
تعيش نوفة هادي حسين (54 عاما) في مخيم جنوب الموصل. قالت في 8 مارس/آذار إنها تملك منزلا في حي سومر غرب الموصل، كانت عائلتها تؤجره منذ سنوات. لكنها قالت إن في ديسمبر/كانون الأول، رفض المستأجرون الدفع، ظنا منهم على ما يبدو أنهم يستطيعون الإفلات لأن 2 من أبنائها انضموا لداعش. قالت إنها حاولت الذهاب إلى المحكمة ولكن أخبرها ضابط مخابرات: "أنت من عوائل داعش، وليس لديك حقوق. قال القاضي إنه إذا لم تغادري الآن سنكسر ساقيك". لم تصدق أن القاضي قال ذلك، لكنها لم تستطع دخول قاعة المحكمة.
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع 7 أشخاص آخرين لديهم معلومات حول مصادرة المنازل في الموصل. استشهدوا بحالات في أحياء الزهراء، الخضراء، الطيران، الوحدة والحدباء، حيث شاركت مختلف القوات في المصادرة، بما فيها الشرطة المحلية والشرطة الاتحادية وقوات الحشد الشعبي. قالوا إنهم يعرفون حوالي 16 مصادرة لمنازل مسجلة لمشتبهين من داعش أو أقاربهم. في كل حالة، لم يتمكن أصحابها أو أقاربهم من استعادة ممتلكاتهم، حتى عندما طلبوا تعويضا قضائيا.
تحدثت هيومن رايتس ووتش أيضا إلى عائلتين لهما أقارب انضموا إلى داعش، وقالوا إنه عندما عادوا إلى ديارهم، وجدوا أن جميع ممتلكاتهم منهوبة. عادت وتد عبيد (42 عاما) من حي تل الرمان غرب الموصل، في مايو/أيار 2017 بعد فرارها لمدة 3 أشهر عندما أخبرها أقاربها أن المنزل يتعرض للنهب. قالت إنها وجدت كلمة "داعش" مكتوبة على الجدران، وأخبرها أحد عمال توصيل المياه أنه لن يعطها إلا غالونين لأن ابنها انضم إلى داعش. قالت: "غادرتُ بعد بضعة أيام لأنني لم أشعر بالراحة هناك"، ورفض الجيش السماح لأقاربها بالانتقال إلى المنزل لحمايته.
قالت أم ناصر (65 عاما) من حي التنك غرب الموصل، إنها هربت من منزلها إلى مخيم في مارس/آذار 2017، لكنها عادت في يونيو/حزيران بعد أن أخبرها الجيران بأن المنزل قد أحرق، وكُتب "داعش" على جداره. عاشت مع ابنتها وحفيدتها في غرفة جانبية صغيرة لم تُدمر. في سبتمبر/أيلول جاءت الشرطة الاتحادية إلى المنزل، وقالت إن الجيران كانوا يشتكون من وجودهم، باعتبارهم "عائلة من الدواعش".
قالت: "قلت لهم إن واحدا فقط من أبنائي كان مع داعش، لكن ابنتي وحفيدتي، وكلنا لم نقم بشيء. غضبوا عندما قلت ذلك واقتحموا المنزل وبدأوا بتدمير أنابيب المياه وخزان المياه والأطباق والأثاث وكل شيء. غادرتُ في وقت مبكر من صباح اليوم التالي، ومنذ ذلك الحين أخبرنا أقاربنا أننا لا نستطيع العودة إلى منزلنا".
أقر عبد الستار الحبو، مدير بلدية الموصل، أن بعض قوات الأمن احتلت بشكل غير قانوني منازل عائلات أعضاء داعش، لكنه قال إن القضاة قادرون على معالجة هذه الحالات. إلا أنه لا يمكن النظر في حالاتهم دون تقديمهم تصريح أمني.
تحظر المادة 23 من دستور العراق (2005) مصادرة الممتلكات، "إلا لأغراض المنفعة العامة مقابل تعويض عادل". يحدد "القانون المدني لعام 1951" الآلية القانونية الرئيسية للحماية القانونية والإجراءات الرامية إلى استعادة العقار من الذين "انتزعوا الحيازة" (المادة 1150) و"الغاصبين" (المواد 192-201).
لكن قائد الشرطة السابق في الموصل، واثق الحمداني، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه إذا كان المنزل مسجلا باسم عضو من داعش، يمكن للقاضي أن يستولي على المنزل قانونا باسم الدولة، بل ويعطي البيت لمالك آخر. قال إنه يعرف حالات تم فيها مصادرة الممتلكات.
قال قاض في محكمة الاستئناف في نينوى في 4 أبريل/نيسان إن هذا الأمر مبرر بموجب "قانون مكافحة الإرهاب"، المادة 6(2): "تُصادر كافة الأموال والمواد المضبوطة والمبرزات الجرمية أو المهيئة لتنفيذ العمل الإجرامي". لم يوافق رئيس المحكمة على ذلك، قائلا إنه يتجاوز حدود النص، لكنه أقر بأن بعض القوات في الموصل، بما فيها الشرطة، تشغل منازل بشكل غير قانوني بهذه الطريقة.
أنشا "قانون تعويض المتضررين جراء العمليات الحربية والأخطاء العسكرية والعمليات الإرهابية رقم (20) لسنة 2009" لجانا حكومية لتعويض العراقيين المتأثرين بالإرهاب والعمليات العسكرية والأخطاء العسكرية، بما فيه للحصول على شقة أو أرض أو دعم مالي لبناء منزل. انكرت "لجنة تعويض المتضررين" في الموصل في 4 أبريل/نيسان لـ هيومن رايتس ووتش منع عائلات أفراد داعش من الحصول على تعويضات، قائلين إنه ينبغي أن يتمكنوا من الحصول على تصريح أمني من الأمن الوطني للقيام بذلك.
لكن أحد عمال الإغاثة ومحام خبير في الحصول على التصاريح الأمنية قال إن جميع عائلات من يشتبه أنهم من داعش حرموا من التصريح. نتيجة لذلك، قالت كل عائلة تمت مقابلتها، ولها أقارب انضموا إلى داعش إنها لا ترى جدوى من محاولة تقديم طلب للحصول على تعويض.
من القواعد الأساسية بموجب القانون الدولي أنه لا يجوز فرض عقوبة على الجرائم إلا على الأشخاص المسؤولين عن الجرائم، بعد محاكمة عادلة لتحديد الذنب الفردي. يحظر فرض العقاب الجماعي على العائلات أو القرى أو المجتمعات بأكملها تماما، ويمكن أن يشكل جريمة بحد ذاته، خاصة إذا كان يؤدي إلى النزوح القسري. كما يجب على السلطات العراقية احترام حقوق الإنسان الأساسية لكل شخص في البلد بما في ذلك الحق في احترام الممتلكات والمنازل، وتجنب عمليات الإخلاء القسري.
قالت فقيه: "على رئيس الوزراء أن يظهر أن مكتبه يتخذ موقفا واضحا ضد هذا الشكل من العقاب الجماعي وأنه سيكافحه من جذوره. عليه أن يأمر أجهزة المخابرات بإعطاء هذه العائلات التصاريح الأمنية، وأن يوضح أن الأشخاص الذين يرتكبون جرائم يجب محاكمتهم ومعاقبتهم بشكل عادل، ولكن ليس عائلات بأكملها".