قالت هيومن رايتس ووتش في تقريرٍ اعلنت عنه اليوم أن مئات آلاف العراقيين الذين يعيشون في الأردن يواجهون خطراً يومياً يتمثل في الاعتقال والغرامة والترحيل لأن الحكومة الأردنية تعاملهم معاملة مهاجرين غير شرعيين بدلاً من معاملتهم كلاجئين.
فمنذ بدء الحرب في العراق عام 2003، نزح عن البلاد أكثر من مليون عراقي. لكن أياً من البلدان المجاورة لا يعترف بهم كلاجئين رغم أن المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة دعت هذه البلدان إلى توفير الحماية المؤقتة لهم. وكانت الحكومة الأردنية تبدي تسامحاً إزاء أكثر من 500000 عراقي يعيشون في الأردن حتى تفجيرات الفنادق في عمان في نوفمبر/تشرين الثاني 2005. لكنها بعد ذلك بدأت تعتقل العراقيين الذين لا يتمتعون بإقامةٍ قانونية وتقوم بترحيلهم. وهي الآن ترفض دخول كثير من العراقيين عند الحدود.
قال بيل فريليك، مدير قسم سياسات اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "ليس إرغام الناس على العودة إلى حيث يواجهون الاضطهاد والتعذيب والموت أمراً خاطئاً فحسب، بل هو غير قانوني أيضاً. يحظر قانون اللاجئين الدولي على الحكومات إعادة الأشخاص إلى أماكن يمكن أن يواجهوا فيها خطر الاضطهاد أو التعذيب أو الأذى الجدي الناتج عن العنف المسلح المعمم".
ويستند التقرير الواقع في 112 صفحات وعنوانه "معاملةٌ يلفها الصمت: نزحوا عن العراق ويعيشون في الأردن" إلى مقابلاتٍ متعمقة مع عراقيين فروا من الاضطهاد والعنف في العراق لكنهم لا يحملون تصاريح إقامةٍ في الأردن. وبعد انتهاء أجل تأشيراتهم السياحية بزمنٍ طويل، يخشى هؤلاء العراقيون من إمكانية ترحيلهم عند ضبطهم؛ وهذا ما يجعلهم يمتنعون في معظم الأحوال عن إرسال أولادهم إلى المدارس، ويقلل فرصة استفادتهم من الرعاية الصحية. ولأن هؤلاء الأشخاص لا يحملون تصاريح عمل فقد يُضطرون إلى العمل في وظائف يتعرضون فيها إلى الاستغلال أو إلى العمل في وظائف هامشية.
وقالت لنا امرأةٌ من النجف أن زوجها يحمل شهادةً جامعية، لكنه لم يتمكن من العثور على عملٍ له إلا في مجال البناء بصفة عاملٍ مياوم غير شرعي. وتقول المرأة: "كثيراً ما يطلبون منه الانصراف بعد انتهاء العمل ولا يسددون له أجره، فهو لا يستطيع الذهاب إلى الشرطة". ومع أن الزوج يحمل وثيقةً صادرة عن المفوضية العليا للاجئين، فقد اعتقلته الشرطة في مكان عمله وقامت بترحيله إلى العراق مباشرةً حيث جُرح في تفجيرٍ إرهابي ثم أصيب بنوبةٍ قلبية.
ويورد التقرير أيضاً تفاصيل الرحلة الخطيرة من العراق إلى الأردن، كما يتحدث عن تزايد عدد حالات رفض دخول العراقيين عند الحدود. ومازال بضع مئاتٍ من الفلسطينيين والأكراد الإيرانيين ممن دخلوا الأردن عند بداية الحرب عام 2003 موجودين في مخيمٍ معزول قرب الرويشد. لكن مجموعةً أخرى من الأكراد الإيرانيين تقيم في مخيمٍ ضمن المنطقة العازلة بين نقطتي الحدود العراقية والأردنية بسبب رفض الحكومة الآن السماح لهم بدخول البلاد. كما تجري إعادة جميع الفلسطينيين الذين يحاولون النزوح عن العراق.
ورغم تركيز التقرير على محنة اللاجئين العراقيين في الأردن، فليس المقصود منه إفراد الأردن بوصفه البلد الوحيد الذي يسيء معاملتهم. قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "على العكس تماماً؛ فالأردن وسوريا أكثر بلدان المنطقة تسامحاً تجاه العراقيين" وأضافت تقول: "نأمل أن يدفع هذا التقرير بالمجتمع الدولي إلى المشاركة في تحمل مسئولية هؤلاء اللاجئين".
وقالت هيومن رايتس ووتش أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، وهما من قاد غزو العراق، لا تكادان تعيران انتباهاً إلى العواقب الإنسانية في المنطقة التي نجمت عن ذلك الغزو. ولم يقم أيٌّ من البلدين بإعادة توطين ما يتجاوز حفنةً من اللاجئين العراقيين الموجودين في الأردن وسوريا.
وقالت ويتسن: "إن من شأن اعتراف الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بوجود مليون لاجئ أن يعني إقرارهما بالفشل في إرساء السلام والأمن في العراق".
ويدعو التقرير الحكومة الأردنية إلى اتخاذ خطوات عاجلة لحماية اللاجئين العراقيين من خلال توفير الحماية المؤقتة لهم كما تطالب المفوضية العليا للاجئين، وذلك كحدٍّ أدنى. وعليها أن تعلق ترحيل جميع العراقيين ممن يسجلون أنفسهم للحصول على الحماية المؤقتة، وأن تسمح بدخول طالبي اللجوء عند الحدود، وذلك ريثما يجري البت في طلباتهم. وعليها كذلك إصدار تصاريح عمل للمسجلين في الحماية المؤقتة، وإسقاط الغرامات عن العراقيين الذين تجاوزوا مدد تأشيراتهم إذا سجلوا أنفسهم في الحماية المؤقتة. وعلى الحكومة أيضاً احترام وإنفاذ حق الأطفال المقيمين في الأردن في التعليم الابتدائي الإلزامي المجاني بصرف النظر عن وضعهم القانوني في البلاد.
قال فريليك: "إن للأردن تاريخاً طويلاً من حسن وفادة اللاجئين". وتابع قائلاً: "وعليه ألا يتوقف عن ذلك الآن؛ فسلامة مئات ألوف الأشخاص موضوعةٌ على المحك الآن".
لمزيد من المعلومات عن اللاجئين العراقيين، يرجى الإطلاع على تقارير هيومن رايتس ووتش:
"أين المفر؟ الوضع الخطير للفلسطينيين في العراق"، المجلد 18، رقم 4 (ج)، سبتمبر/أيلول 2006،
https://www.hrw.org/reports/2006/iraq0706
"وجهٌ واسم: ضحايا الجماعات المتمردة من المدنيين في العراق"، المجلد 17، رقم 9 (ج)، أكتوبر/تشرين الأول 2005،
https://www.hrw.org/reports/2005/iraq1005
"النزوح عن العراق: الهجمات ضد اللاجئين وغيرهم من الأجانب، ومعاملتهم في الأردن"، المجلد 15، رقم 4 (ج)، مايو/أيار 2003،
https://www.hrw.org/reports/2003/iraqjordan
يمكن الإطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش "معاملةٌ يلفها الصمت: ينزحون عن العراق ويعيشون في الأردن" بالعربية على الرابط:
https://www.hrw.org/arabic/reports/2006/jordan1106
وبالإنجليزية على الرابط:
https://www.hrw.org/reports/2006/jordan1106