Skip to main content

مصر

أحداث عام 2020

القوى الأمنية المصرية تفرض طوقا أمنيا على الطرقات خلال ساعات حظر التجول كتدبير وقائي بسبب تفشي فيروس "كورونا"، القاهرة، مصر، 29 مارس/آذار 2020.

"أيه بي فوتو" / ناريمان المفتي

بقي المصريون في 2020 يعيشون في القبضة الاستبدادية القاسية لحكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي. لا يزال عشرات الآلاف من منتقدي الحكومة، منهم صحفيون ومدافعون حقوقيون، مسجونين بتهم ذات دوافع سياسية، حيث يقبع العديد منهم في الحبس الاحتياطي المطوّل. كثيرا ما استخدمت السلطات تهم الإرهاب ضد النشطاء السلميين وضايقت أقارب المعارضين في الخارج واحتجزتهم.

استخدمت السلطات تهم "الآداب" الفضفاضة لمقاضاة نساء مؤثرات (انفلوينسرز) على وسائل التواصل الاجتماعي على منشوراتهن، وكذلك شهود اغتصاب جماعي بعدما أبلغوا عن حالات اعتداء جنسي على الإنترنت. وسائل الإعلام المقربة من الحكومة شوّهت سمعة شهود الاغتصاب عبر نشر صور ومقاطع فيديو على الإنترنت دون موافقتهم.

أدى تفشي فيروس "كورونا" إلى تفاقم ظروف الاحتجاز السيئة ووفاة العشرات ممن اعتُقلوا لأسباب سياسية في الاحتجاز، بما في ذلك 14 شخصا على الأقل، ماتوا على الأرجح بسبب مضاعفات فيروس كورونا بين مارس/آذار ويوليو/تموز. اعتقلت السلطات العاملين في قطاع الصحة الذين انتقدوا استجابة الحكومة لتفشي كورونا.

واصلت قوات الأمن عملياتها في شمال سيناء التي مزقتها الحرب دون حسيب ولا رقيب.

أغلقت الحكومة المدارس في جميع أنحاء البلاد من منتصف مارس/آذار إلى أن أعيد فتحها بدوام مخفّض في منتصف أكتوبر/تشرين الأول، مما أثر على تعليم حوالي 20 مليون طالب.

انتهاكات الشرطة وقوات الأمن

قامت قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية و"جهاز الأمن الوطني" بإخفاء معارضين قسرا واعتقالهم تعسفا وتعذيبهم، ومن بينهم أطفال. في أبريل/نيسان، أخفت السلطات امرأتين لأيام، وهما مروة عرفة وخلود سعيد اللتان احتُجزتا لتهم لا أساس لها تتعلق بالانضمام إلى جماعة إرهابية ونشر أخبار كاذبة. اعتقل جهاز الأمن الوطني 10 عاملين في قطاع الصحة على الأقل لانتقادهم استجابة الحكومة لفيروس كورونا، بما في ذلك غياب معدات الحماية والفحص. في أواخر مايو/أيار، اعتقلت السلطات الصحفية شيماء سامي واحتجزتها بمعزل عن العالم الخارجي بتهمة "نشر أخبار كاذبة".

في يونيو/حزيران، اعتقل جهاز الأمن الوطني سناء سيف عندما حاولت الإبلاغ عن تعرضها لاعتداء بدني خارج سجن طرة حيث كان يُحتجز شقيقها الناشط علاء عبد الفتاح.

أوقعت وزارة الداخلية عقابا جماعيا بأهالي المعارضين في الخارج، بما في ذلك الاعتقال والملاحقة القضائية. في يونيو/حزيران، اعتقلت قوات الأمن خمسة من أقارب محمد سلطان، مدافع حقوقي يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية. يبدو أن تلك المداهمات كانت انتقاما من سلطان لرفعه دعوى قضائية أمام محكمة أمريكية في يونيو/حزيران ضد رئيس الوزراء السابق حازم الببلاوي بموجب "قانون حماية ضحايا التعذيب"، بشأن تعرض سلطان للاعتقال عام 2013 وتعذيبه في الاحتجاز الذي استمر قرابة عامين.

في شمال سيناء، دخل النزاع المسلح بين القوات الحكومية، لا سيما الجيش، وجماعة "ولاية سيناء" التابعة لـ"تنظيم الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ"داعش") عامه الثامن. منع الجيش دخول الصحفيين وغيرهم من المراقبين إلى المنطقة وحظر التغطية المستقلة للأحداث الدائرة فيها. استمر الجيش في هدم المنازل وتهجير آلاف السكان قسرا، دون تقديم تعويض أو سكن بديل في كثير من الأحيان.

أوضاع السجون والوفيات في الاحتجاز

أدى تفشي فيروس كورونا الذي بدأ في مصر في فبراير/شباط إلى تفاقم ظروف الاحتجاز التي كانت سيئة أصلا. فرضت السلطات تعتيما شاملا على المعلومات بشأن أماكن الاحتجاز ومنعت الزيارات، بما في ذلك زيارات المحامين، من 10 مارس/آذار إلى أواخر أغسطس/آب، دون تقديم بدائل مثل مكالمات الفيديو أو الهاتف. منذ أواخر أغسطس/آب، صار بإمكان العائلات الحجز المسبق للزيارات هاتفيا لكن الأمر اقتصر على قريب واحد ومرة واحدة في الشهر، لمدة 20 دقيقة.

وفقا لتقارير حقوقية وإعلامية موثوقة، توفي عشرات السجناء في قضايا سياسية أثناء الاحتجاز في 2020، بسبب نقص الرعاية الطبية على ما يبدو. في ديسمبر/كانون الأول 2019، توفيت مريم سالم (32 عاما) في سجن القناطر بعد أن حرمتها السلطات من العلاج الطبي المنقذ للحياة، بما في ذلك علاج مرض في الكبد. في 14 يناير/كانون الثاني، توفي مصطفى قاسم (54 عاما)، الذي يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية والذي كان لديها سكري ومرض في القلب في سجن ليمان طرة. كان قاسم قد أضرب عن الطعام منذ أوائل يناير/كانون الثاني احتجاجا على الحكم بسجنه 15 عاما بعد محاكمة جماعية جائرة لأكثر من 700 متهم. في مايو/أيار، توفي المخرج السينمائي شادي حبش عن عمر 24 عاما بعدما سُجن لإخراجه مقطع فيديو موسيقي يسخر من السيسي في سجن طرة تحقيق بعد حرمانه من أي علاج حقيقي للتسمم بالكحول. في أغسطس/آب، توفي عصام العريان (66 عاما)، وهو قيادي بارز في جماعة الإخوان المسلمين في سجن العقرب في طرة بعد أن أمضى سبع سنوات في عزلة شبه تامة. في الأسبوع الأول من سبتمبر/أيلول، توفي خمسة محتجزين في سجون مختلفة، منهم عمرو أبو خليل وأحمد عبد النبي محمود، بعد أن أمضيا عدة أشهر رهن الاحتجاز دون محاكمة. حرمت السلطات كليهما من الرعاية الطبية المناسبة.

قالت "كوميتي فور جستس"، وهي جماعة حقوقية مقرها في جنيف، إن عدد المحتجزين الذين توفوا في الحجز بين يونيو/حزيران 2013 وديسمبر/كانون الأول 2019 قد يبلغ 958. وثقت "هيومن رايتس ووتش" العديد من حالات تفشي فيروس كورونا المشتبهة في السجون ومراكز الشرطة المصرية بين مارس/آذار ويوليو/تموز. 14 سجينا على الأقل قد يكونوا توفوا خلال تلك الفترة بسبب مضاعفات فيروس كورونا. نُقِل منهم تسعة فقط إلى المستشفيات، قبل ساعات من وفاتهم في بعض الحالات.

منشآت الاحتجاز المصرية المكتظة تجعل التباعد الاجتماعي مستحيلا. قالت الحكومة إنها أطلقت سراح 19,615 سجينا بين مارس/آذار وأواخر يوليو/تموز. لم تشمل عمليات الإفراج المحتجزين الذين حوكموا لمعارضتهم السياسية، ولم تكن كافية لتخفيف الاكتظاظ.

المحاكمات العادلة والإجراءات القانونية الواجبة وعقوبة الإعدام

أبقى القضاة ووكلاء النيابة آلاف الأشخاص في الحبس الاحتياطي، في كثير من الأحيان لمجرد ممارستهم حقهم في التجمع السلمي وحرية التعبير، حيث أُبقِي كثير منهم رهن الاحتجاز أطول من السنتين التي ينص عليهما القانون المصري. أعيد "تدوير" قضية المرشح الرئاسي السابق عبد المنعم أبو الفتوح، الذي اعتُقل في فبراير/شباط 2018 قبل الانتخابات الرئاسية في ذلك العام، في قضية جديدة قبل أيام فقط من إتمامه الحد الأقصى للحبس الاحتياطي (عامين) في فبراير/شباط 2020.

بين منتصف مارس/آذار ومنتصف أغسطس/آب، اتخذت السلطات الأمنية والقضائية تفشي فيروس كورونا ذريعة لمنع جلسات ولو صورية لمراجعة الاحتجاز، في انتهاك للقانون المصري والمعاهدات الإقليمية الأفريقية والدولية لحقوق الإنسان. احتجزت السلطات المئات، والآلاف على الأغلب، دون مراجعة قضائية ولو صورية لاحتجازهم. كثيرا ما كان القضاة ووكلاء النيابة من قبل يحرمون المحامين والمحتجزين من فرصة حقيقية لتقديم دفاعاتهم أو مراجعة أي أدلة مزعومة.

واصلت المحاكم المصرية فرض عقوبة الإعدام على مجموعة واسعة من الجرائم، بما في ذلك قضايا العنف السياسي والإرهاب المزعومين، حيث لم يحقق القضاة  في أغلب الأحيان تقريبا في مزاعم المتهمين فيها بالتعرض للاختفاء القسري والتعذيب. قالت "الجبهة المصرية لحقوق الإنسان"،  منظمة مستقلة مقرها في جمهورية التشيك، إن المحاكم العسكرية والمدنية المصرية أصدرت خلال النصف الأول من 2020 ما مجموعه 171 حكما بالإعدام وأيدت 10 أحكام أخرى، منها سبعة في قضية سياسية. أعدمت السلطات 83 شخصا على الأقل، 25 منهم متهمون في قضايا تتعلق بالعنف السياسي، بين يناير/كانون الثاني وأواخر أكتوبر/تشرين الأول، حسب أرقام جمعتها هيومن رايتس ووتش والجبهة المصرية لحقوق الإنسان.

حرية تكوين الجمعيات والاعتداءات على المدافعين الحقوقيين

واصلت السلطات تقليص المساحة المتاحة لمنظمات المجتمع المدني بشدة واستهداف المدافعين الحقوقيين.

حتى كتابة هذا التقرير، لم تصدر الحكومة اللوائح التنفيذية الخاصة بقانون المنظمات غير الحكومية الصارم الذي وافق عليه السيسي في أغسطس/آب 2019 رغم كونها مطالبة بذلك في غضون ستة أشهر من إقرار القانون، ورغم كون القانون الجديد ينص على أنه ينبغي أن تقوم المنظمات الموجودة بإعادة التسجيل في غضون عام واحد. يحظر القانون الجديد مجموعة واسعة من الأنشطة، منها مثلا "إجراء استطلاعات الرأي أو نشر أو إتاحة نتائجها أو إجراء البحوث الميدانية أو عرض نتائجها" دون موافقة الحكومة. يسمح القانون للسلطات بحل المنظمات بسبب مجموعة واسعة من "الانتهاكات" ويفرض غرامات تصل إلى مليون جنيه مصري (60 ألف دولار أمريكي) على المنظمات التي تعمل بدون ترخيص أو ترسل أموالا أو تتلقاها دون موافقة الحكومة.

في ديسمبر/كانون الأول 2019، اعتدى أشخاص يُعتقد أنهم يعملون تحت إشراف جهاز الأمن الوطني جسديا على المحامي الحقوقي جمال عيد للمرة الثانية خلال شهرين. لم تُحاسِب السلطات أحدا بشأن الحادث.

في 7 فبراير/شباط، اعتقلت السلطات المصرية باتريك جورج زكي، الباحث في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، واحتجزته بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 24 ساعة، زُعم أنه تعرض خلالها للتعذيب، بما في ذلك صعقا بالكهرباء. زكي محتجز  منذ ذلك الحين على ذمة التحقيق بتُهم منها "التحريض على التظاهر دون الحصول على إذن" و"إشاعة أخبار كاذبة" و"الترويج لارتكاب جريمة إرهابية والترويج لاستخدام العنف".

مدد وكلاء النيابة والقضاة مرارا الحبس الاحتياطي لإبراهيم عز الدين، الباحث في حقوق السكن لدى "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019. كانت الأجهزة الأمنية قد أخفت عز الدين قسرا لأكثر من خمسة أشهر قبل أن تُصدِر نيابة أمن الدولة العليا الأمر الرسمي باعتقاله. قال محامو المفوضية المصرية للحقوق والحريات لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر الأمن عذبوه جسديا ونفسيا أثناء استجوابه حول نشاطه، بما في ذلك صعقا بالكهرباء.

في أغسطس/آب، حكمت محكمة مصرية غيابيا على الحقوقي المخضرم بهي الدين حسن بالسجن 15 عاما بسبب تغريدات انتقد فيها الحكومة. كانت محكمة قد حكمت عليه في سبتمبر/أيلول 2019 غيابيا بالسجن ثلاث سنوات لانتقاده النيابة العامة المصرية.

واصلت السلطات الاحتجاز التعسفي دون محاكمة لمحامين ومدافعين حقوقيين آخرين، بمن فيهم ماهينور المصري ومحمد الباقر، اللذين اعتقلتهما قوات الأمن في سبتمبر/أيلول 2019 عند تواجدهما في مكتب النيابة في القاهرة للدفاع عن محتجزين آخرين.

في يوليو/تموز، رفضت محكمة جنايات القاهرة طلبا برفع حظر السفر المفروض على 14 من المدافعين الحقوقيين البارزين منذ خمس سنوات، بمن فيهم محمد زارع وحسام بهجت ومزن حسن الحائزة على "جائزة هرانت دينك" لعام 2020. المدافعون الحقوقيون الـ14 هم من بين أكثر من 30 آخرين ظلوا ممنوعين من مغادرة البلاد، معظمهم على صلة بـ"القضية 173" المطولة لعام 2011 المعروفة باسم "قضية التمويل الأجنبي"، والتي جمدت فيها السلطات أيضا أصول منظمات وحقوقيين رائدين بارزين.

في نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقل ضباط من جهاز الأمن الوطني ثلاثة مديرين من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية هم جاسر عبد الرازق، وكريم عنارة ومحمد بشير. تحت الضغط الدولي، أفرجت عنهم السلطات في أوائل ديسمبر/كانون الأول لكن لم تُسقِط التُهَم، ومن ضمنها تهما مزعومة متصلة الإرهاب، وأمرت محكمة إرهاب بتجميد أصولهم الشخصية.

حرية التجمع والتعبير

واصلت الحكومة تجريم التجمع السلمي ومعاقبة منتقديها السلميين. في أواخر سبتمبر/أيلول وأوائل أكتوبر/تشرين الأول، اعتقلت السلطات قرابة ألف من المتظاهرين والمارة قبل وبعد احتجاجات متفرقة مناهضة للحكومة في بلدات وقرى مختلفة في 21 محافظة، بحسب المفوضية المصرية للحقوق والحريات. شملت الاعتقالات 71 طفلا على الأقل، لا تزيد أعمار بعضهم عن 13 عاما. في مارس/آذار، اعتقلت السلطات الأكاديمية والناشطة ليلى سويف وشقيقتها الروائية أهداف سويف وابنتها الناشطة البارزة منى سيف وأستاذة العلوم السياسية رباب المهدي على خلفية احتجاجهن للمطالبة بالإفراج عن السجناء المحتجزين ظلما بسبب مخاوف من فيروس كورونا.

واصلت مصر اعتقال عشرات السياسيين والنشطاء، من بينهم زياد العليمي وحسام مؤنس، على خلفية تخطيطهم لتشكيل تحالف انتخابي جديد لخوض الانتخابات البرلمانية لعام 2020.

في أواخر يونيو/حزيران، حاصرت قوات وزارة الداخلية مبنى نقابة الأطباء وأجبرت أعضاء مجلسها على إلغاء مؤتمر صحفي لمعالجة مضايقات الحكومة للأطباء فيما يتعلق بفيروس كورونا. اعتقلت السلطات ما لا يقل عن 10 اختصاصيين في الرعاية الصحية طعنوا في الرواية الرسمية عن تفشي الفيروس أو انتقدوا نقص المعدات في عملهم.

واصلت السلطات إسكات الصحفيين والمدوّنين والمنتقدين على وسائل التواصل الاجتماعي مع زيادة في استخدام قانون الجرائم الإلكترونية القمعي لعام 2018، وحجبت مئات المواقع الإخبارية والحقوقية دون إذن قضائي منذ 2017.

لا يزال الصحفيون سلافة مجدي وحسام السيد ومحمد صلاح رهن الحبس الاحتياطي بتهمتي "الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"نشر أخبار كاذبة" منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2019. بحسب جماعات دولية ترصد حرية الصحافة، مثل "لجنة حماية الصحفيين" و"المعهد الدولي للصحافة"، كان عدد الصحفيين وراء القضبان في مصر في وقت معين من  2020 يتراوح بين 30 و60، وهو من أعلى المعدلات في العالم.

حرية المعتقد والدين

في 21 يونيو/حزيران، أيدت محكمة الاستئناف بالإسكندرية حكما بالسجن ثلاث سنوات وغرامة قدرها 300 ألف جنيه (19 ألف دولار) على المدوّن والناشط أنس حسن بتهمة "الإساءة للأديان" و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي". بحسب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، حوكم حسن بسبب إدارته لصفحة على فيسبوك بعنوان "الملحدين المصريين" قالت السلطات إنها نشرت "أفكارا إلحادية" و"انتقادات للأديان السماوية".

بعد أسبوع من ذلك، حكمت محكمة جنح أمن الدولة بمحافظة الشرقية على شابين بالسجن لمدة عام بتهمة ترويج أفكار تنتمي إلى المذهب الشيعي. يذكر أن قرارات محكمة أمن الدولة غير قابلة للاستئناف.

لا تزال القيود على إنشاء الكنائس سارية إلى حد كبير. بعد أربع سنوات من صدور القانون رقم 80 لعام 2016 بشأن بناء الكنائس، قامت الحكومة بإضفاء الشرعية على 1638 كنيسة فقط كانت تعمل دون تصاريح رسمية، أي قرابة 25 في المائة من مباني الكنائس التي تقدمت بطلبات للحصول على وضع قانوني.

حقوق المرأة والهوية الجندرية والتوجه الجنسي

نفذت السلطات المصرية حملة واسعة من الاعتقالات والملاحقات القضائية ضد نساء مؤثرات (إنفلوينسرز) على وسائل التواصل الاجتماعي في انتهاك لحقوقهن في الخصوصية وحرية التعبير وعدم التمييز. اعتقلت السلطات من أبريل/نيسان إلى وقت كتابة هذا التقرير 15 شخصا على الأقل، منهم 11 امرأة، وفتاة عمرها 17 عاما، بتهم فضفاضة تتعلق بالإخلال بـ"الآداب العامة" و"الاعتداء على القِيم الأسرية". حكمت المحاكم على خمسة منهم بالسجن سنتين وست سنوات. تستند الملاحقات القضائية إلى مقاطع فيديو وصور نشرنها على تطبيقات التواصل الاجتماعي يظهرن فيها وهن يرقصن ويغنين. اعتقلت قوات الأمن الفتاة (17 عاما) بعد أن نشرت مقطع فيديو تقول فيه إنها تعرضت للاغتصاب والاعتداء من قبل مجموعة من الرجال.

ألقت جهاز الأمن الوطني في أغسطس/آب 2020 القبض على أربعة شهود في قضية اغتصاب جماعي بارزة حدثت عام 2014 (المعروفة باسم "قضية اغتصاب فتاة الفيرمونت") واثنين من معارفهم، بعد أسابيع من كشف نشطاء مستقلين في حقوق المرأة عن القضية على الإنترنت. أٌفرِج عن ثلاثة شهود بعد فترة وجيزة لكنهم ظلوا يواجهون المحاكمة. شجعت السلطات الشهود على جريمة الاغتصاب على الإدلاء بشهاداتهم، لكنها اتهمتهم بعد ذلك بممارسة الجنس المثلي بالتراضي و"التحريض على الفجور" وتعاطي المخدرات و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي". بحسب مصادر، حاولت السلطات إجبار الشهود على تغيير شهاداتهم وأساءت معاملتهم في الحجز. بحسب تقارير، أُجبِرت الفتاة على الخضوع "لاختبار عذرية"، وأجبِر رجلين ممن اعتقلوا في القضية على الخضوع لفحوصات شرجية، وهي ممارسات قاسية ومهينة قد ترقى إلى مستوى التعذيب. شنّت وسائل الإعلام الموالية للحكومة حملة تشهير منسقة ضدهم.

عادت حركة "أنا_كمان" #MeToo المصرية إلى نشاطها في 2020، حيث نشرت ضحايا العنف الجنسي رواياتهن على الإنترنت، مما أدى إلى بضع اعتقالات من قبل السلطات.

في 5 سبتمبر/أيلول، أقر السيسي تعديلات على قانون الإجراءات الجنائية لضمان عدم الكشف عن هوية الضحايا وحمايتها، لكن محامين أعربوا عن قلقهم من كون التعديلات لا توفر الحماية للشهود. لا تزال هناك ثغرات خطيرة في القوانين المصرية المتعلقة بالعنف الجنسي ومعاملة الضحايا، من بينها تعريف ضعيف للاغتصاب وعدم وجود قانون شامل للعنف ضد المرأة.

واصلت مصر اعتقال الأشخاص على أساس التوجه الجنسي أو الهوية الجندرية واحتجازهم تعسفا، وأخضعتهم للتعذيب وسوء المعاملة أثناء الاحتجاز، بما في ذلك بإخضاعهم للفحوصات الشرجية القسرية.

في يونيو/حزيران، انتحرت سارة حجازي، الناشطة النسوية وفي مجال حقوق مجتمع الميم في مصر، في المنفى في كندا. غادرت حجازي مصر خوفا على حياتها بعد أن احتجزتها السلطات وأساءت معاملتها في السجن ثلاثة أشهر في 2017.

في مارس/آذار، أثناء المراجعة الدورية الشاملة الثالثة في "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة"، رفضت مصر توصيات عدة دول بوضع حد للاعتقالات والتمييز على أساس التوجه الجنسي والهوية الجندرية. ردّت مصر بأنها "لا تعترف بالشروط المذكورة في هذه التوصية".

واجه المصريون الذين يعيشون مع فيروس نقص المناعة البشرية، ومنهم رجال مثليون، عقبات لعدة أشهر في الوصول إلى علاج فيروس نقص المناعة البشرية لأنهم خافوا من الذهاب إلى مستشفيات الحميات للحصول على أدويتهم، وهي المراكز الوحيدة التي يمكن فيها للمصابين بفيروس نقص المناعة البشرية الحصول على الأدوية المنقذة للحياة بعد أن خصصتها الحكومة كمراكز لعلاج فيروس كورونا.

الأطراف الدولية الرئيسية

رغم سجل مصر الحقوقي الكارثي، إلا أن شركاءها الإقليميين والدوليين لم يتجاوزوا التعبير العرضي والضعيف عن القلق، وتقاعسوا إلى حد كبير عن ربط المساعدة الأمنية بالمساءلة أو تحسين الوضع الحقوقي.

في 2020، أعاد الكونغرس الأمريكي تخصيص 1.3 مليار دولار من التمويل العسكري الأجنبي لمصر. في مايو/أيار، أخطرت "وكالة التعاون الأمني الدفاعي" الكونغرس بالموافقة على بيع مصر مروحيات هجومية من طراز "آيه اتش-64 إي أباتشي" (AH-64E Apache)، بقيمة 2.3 مليار دولار. بعد وفاة المواطن المصري الأمريكي مصطفى قاسم رهن الاحتجاز في مصر في يناير/كانون الثاني، أرسل أعضاء الكونغرس رسائل متعددة أعربوا فيها عن قلقهم بشأن الاعتقال التعسفي واستهداف المواطنين الأمريكيين أو عائلاتهم وزيادة مخاطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد في السجون المكتظة.

آثرت المملكة المتحدة في علاقتها بمصر التعاون الأمني ​​والتجاري والبيئي وغيرها من أشكال التعاون على الضغط على القاهرة لمعالجة سجلها الخطير في مجال انتهاكات الحقوق.

منعت انقسامات بين دول "الاتحاد الأوروبي" الكتلة من اتخاذ تدابير فعالة لمعالجة الأزمة الحقوقية في مصر. أعطى الاتحاد الأوروبي وفرنسا وإيطاليا الأولوية للتعاون مع مصر في قضايا من بينها الأزمة الليبية وإدارة الهجرة، واقتصرت في انتقادها العلني على تصريحات في مجلس حقوق الإنسان الأممي، كانت أقوى من السنوات السابقة.

واصلت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تصدير الأسلحة وتكنولوجيا المراقبة إلى مصر، متجاهلة دعوات "البرلمان الأوروبي" ومخالِفة تعهد الاتحاد الأوروبي في 2013 والموقف المشترك للاتحاد بشأن الصادرات العسكرية. في يونيو/حزيران، أعلنت إيطاليا أنها تتفاوض بشأن صفقة أسلحة بقيمة 11 مليار يورو (13 مليار دولار) مع القاهرة، وهي أكبر صفقة أسلحة على الإطلاق لكلي البلدين، رغم عدم إحراز تقدم في التحقيقات بشأن تعذيب الطالب الإيطالي جوليو ريجيني وقتله الوحشي في القاهرة في 2016، على الأرجح على يد قوات الأمن المصرية.

وافق "صندوق النقد الدولي" على قرضين بقيمة 8 مليارات دولار بشروط حوكمة ضعيفة لا تعالج المخاوف الحقوقية ولا الشفافية، مثل استقلالية "الجهاز المركزي للمحاسبات"، مؤسسة مكافحة الفساد الرئيسية في مصر.  وافق البنك الدولي أيضا على مشروع صحي بقيمة 50 مليون دولار متعلق بفيروس كورونا لم يأخذ في الاعتبار ما يتعرض له العاملون في مجال الصحة من إجراءات انتقامية.