(عمّان) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في "التقرير العالمي 2024" إن السلطات الأردنية في 2023 قيّدت الفضاء المدني وسنّت قانونا جديدا للجرائم الإلكترونية يزيد من تقويض حرية التعبير والخصوصية على الإنترنت. اعتقلت السلطات الأردنية معارضين سلميين وصحفيين وضايقتهم، واستخدمت قوانين غامضة وتعسفية لتقييد حرية التعبير والنشاط السلمي.
قال آدم كوغل، نائب مديرة الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "بين التهديد المستمر بالمضايقات والاعتقال والخطر الجديد المتمثل في الاختراق عبر المراقبة الرقمية، يواجه النشطاء الذين يعملون على تعزيز الديمقراطية ودفع إصلاحات حقوق الإنسان في الأردن مشهدا أكثر صعوبة. ينبغي للسلطات الأردنية عكس مسارها بشأن القيود على الفضاء المدني والسماح للأردنيين بالمشاركة في الشؤون العامة بينما تواجه البلاد تحديات كبيرة".
في التقرير العالمي 2024 بنسخته الـ 34، الصادر في 740 صفحة، تُراجع هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في نحو 100 بلد. في مقالتها الافتتاحية، تقول المديرة التنفيذية تيرانا حسن إن التبعات الكبيرة للعام 2023 لا تتعلق فقط بقمع حقوق الإنسان ووقوع فظائع حرب، ولكن أيضا بانتقائية الحكومات في التعبير عن الاستنكار والدبلوماسية المبنية على الصفقات، التي كانت لها ثمن باهظ دفعه المستبعدون منها. لكنها تقول إنه كانت هناك أيضا إشارات تبعث على الأمل، ما يظهر إمكانية إيجاد مسار آخر، وتدعو الحكومات إلى عدم الاستثناء في احترام التزاماتها الحقوقية.
يعاني الأردن من ارتفاع معدلات البطالة، خاصة بين الشباب والنساء، إلى جانب الارتفاع الحاد في معدلات الفقر في أعقاب الوباء. كما أن ارتفاع تكاليف المعيشة يجعل من الصعب على الكثير من الناس تحمل تكاليف الاحتياجات الأساسية.
أفادت هيومن رايتس ووتش في يونيو/حزيران أن برنامج التحويلات النقدية الآلي للعاملين من ذوي الدخل المنخفض في الأردن، والذي طُوِّر بتمويل كبير من "البنك الدولي"، تقوضه الأخطاء، والسياسات التمييزية، والقوالب النمطية حول الفقر. هذا البرنامج هو جزء من نظام الحماية الاجتماعية الذي لا يوفر الدعم للعديد من الأشخاص حتى وهم يعانون من الجوع، ويتخلفون عن دفع الإيجار، وتثقل الديون كاهلهم.
ما يزال الأردن أحد الدول القليلة التي تستمر في السماح بحبس الأشخاص بسبب الديون، وهو أمر محظور بموجب القانون الدولي. في 2023، رفعت السلطات حالة الطوارئ المرتبطة بالجائحة الناتجة عن فيروس "كورونا"، منهية بذلك وقف حبس المدين بمبالغ تتجاوز 5 آلاف دينار أردني (7 آلاف دولار أمريكي).
في أغسطس/آب، عدّل البرلمان الأردني على عجل قانون الجرائم الإلكترونية في البلاد، متحايلا على الخطاب والرأي العام. يستخدم القانون مصطلحات غير دقيقة، وغامضة، وغير محددة مثل "الأخبار الكاذبة"، و"التحريض على الدعارة والفجور"، و"اغتيال الشخصية" عبر الإنترنت. ولا تلبي هذه النصوص المعايير القانونية الدولية للتشريعات الواضحة والدقيقة، ما يجعل فهم القانون والالتزام به صعبا على الناس.
الجدير بالذكر أن السلطات زادت بشكل كبير العقوبة المفروضة على التشهير عبر الإنترنت أو "اغتيال الشخصية" إلى الحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر أو غرامة تصل إلى 20 ألف دينار أردني (28 ألف دولار أمريكي).
استهدفت السلطات الأردنية بشكل منهجي نشطاء حقوق المثليين/ات، ومزدوجي/ات التوجه الجنسي، وعابري/ات النوع الاجتماعي (مجتمع الميم-عين)، ونسقت حملة قمع غير قانونية على حرية التعبير والتجمع في المسائل المتعلقة بالنوع الاجتماعي والجنسانية، ما أجبر العديد من النشطاء على إغلاق منظماتهم، ووقف أنشطتهم، وفي بعض الحالات الهرب من البلاد.