- اغتصبت "قوات الدعم السريع"، وهي قوة عسكرية مستقلة، وميليشيات متحالفة معها في السودان عشرات النساء والفتيات في عاصمة ولاية غرب دارفور، وهاربات من القتال في الأسابيع الأخيرة.
- يشكل العنف الجنسي المرتكب في سياق نزاع مسلح جريمة حرب، وإذا كان جزءا من هجوم واسع النطاق أو منهجي يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية.
- على "مجلس حقوق الإنسان" الأممي فتح تحقيق وإيجاد طريقة لحفظ أدلة الانتهاكات، وعلى الحكومات المعنية توفير مزيد من الموارد لضحايا من الاغتصاب.
(نيروبي) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن "قوات الدعم السريع"، وهي قوة عسكرية مستقلة، وميليشيات متحالفة معها في السودان اغتصبت عشرات النساء والفتيات في الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، وهاربات إلى تشاد بين أواخر أبريل/نيسان وأواخر يونيو/حزيران 2023. يبدو أن المهاجمين استهدفوهن بسبب انتمائهن إلى إثنية المساليت، وفي بعض الحالات، لأنهن كن ناشطات معروفات.
منذ بدء النزاع المسلح في السودان بين "القوات المسلحة السودانية" وقوات الدعم السريع في 15 أبريل/نيسان، شنت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة ذات الأغلبية العربية هجمات متكررة على البلدات والقرى في ولاية غرب دارفور. استهدفت هذه الهجمات بشكل أساسي مناطق يقطنها المساليت، إحدى المجموعات السكانية غير العربية الرئيسية.
بدأت الهجمات في مدينة الجنينة في 24 أبريل/نيسان واستمرت حتى أواخر يونيو/حزيران، وتسببت بقتل وإصابة العديد من المدنيين، وأجبرت أكثر من 366 ألف شخص على الفرار إلى تشاد المجاورة. على مجلس الأمن الدولي عقد إحاطة إعلامية عاجلة لـ "الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع".
قالت بلقيس والي، المديرة المساعدة في قسم الأزمات والنزاعات في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها مسؤولة عن عدد هائل من حالات الاغتصاب وغيرها من جرائم الحرب أثناء هجومهم على الجنينة. على مجلس الأمن الدولي أن يتخذ خطوات عاجلة لوقف هذه الفظائع ليُظهر للمسؤولين عن الانتهاكات أن العالم يراقبهم".
في أواخر يوليو/تموز، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات شخصية في تشاد مع تسع نساء وفتاة عمرها 15 عاما من الجنينة تعرضن للاغتصاب وأشكال أخرى من العنف الجنسي. تعرضت أربعة، من بينهن الفتاة، للاغتصاب من قبل عدة رجال. كما قابلت هيومن رايتس ووتش أربع نساء شهدن أعمال عنف جنسي أو نتائج الاغتصاب بعد حدوثه مباشرة، بالإضافة إلى خمس مقدمات للخدمات، بينهن عاملات طبيات دعمن ضحايا العنف الجنسي في الجنينة. بناء على التجارب الشخصية للضحايا والحوادث التي شهدنها أيضا، وكذلك المعلومات التي شاركنها مع مقدمات الخدمات، بما فيها المواقع التي وقعت فيها الاعتداءات، وثّقت هيومن رايتس ووتش 78 ضحية للاغتصاب بين 24 أبريل/نيسان و26 يونيو/حزيران.
قالت ضحايا تحدثن إلى هيومن رايتس ووتش إن ما بين مهاجم واحد وستة مهاجمين مسلحين ارتكبوا أعمال عنف جنسي. تضمنت معظم مجموعات المهاجمين رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع الكامل أو الجزئي، وبعضهم كانوا يرتدون ملابس مدنية. في كثير من الحالات، قدِموا في مركبات تحمل علامات قوات الدعم السريع. تعرفت امرأة على الشخص الذي اعتدى عليها على أنه من العرب المقيمين في الجنينة.
في جميع الحالات تقريبا التي أبلِغت بها هيومن رايتس ووتش، ارتكب المسؤولون عن الاغتصاب أيضا انتهاكات جسيمة أخرى، منها الضرب، والقتل، ونهب المنازل، والشركات، والمباني الحكومية أو حرقها.
قالت جميع الضحايا إن المهاجمين ذكروا صراحة هويتهم الإثنية واستخدموا شتائم عنصرية ضد المساليت أو غير العرب بشكل عام.
منذ العام 2019، تقاتل قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها بشكل متكرر جماعات المساليت المسلحة في غرب دارفور. كما أدت المظالم التاريخية القائمة على العرق، بما فيه تقاعس الحكومة السودانية عن معالجة مسألة استخدام الأراضي وملكيتها، إلى تأجيج التوترات. أدى غياب العدالة بشأن الانتهاكات الحقوقية السابقة وانتشار الأسلحة، بالإضافة إلى عدم إصلاح قطاع الأمن، إلى تفاقم المناخ المتوتر. خلال حملة التطهير العرقي التي شنها الرئيس عمر البشير في دارفور والتي بدأت في العام 2003، هاجمت القوات الحكومية والميليشيا المعروفة بـ "الجنجويد"، التي أصبحت فيما بعد قوات الدعم السريع، المجتمعات غير العربية، بما فيها المساليت.
في اليوم الأول للهجمات على الجنينة في 24 أبريل/نيسان، دخل خمسة رجال مسلحين عرب بملابس مدنية منزل طالبة جامعية عمرها 20 عاما وأربع نساء أخريات في حي الجبل. طالبوا بمعرفة قبيلة النساء. قالت: "كذبنا وقلنا برقو". "لكنهم قالوا: "لا، أنت من المساليت، أنت نوبية [مصطلح يستخدم في السودان بمعنى "متمردين" أو غير عرب]. "اغتصبني أحدهم بينما انتظر الآخرون في الخارج. ثم جاء آخر واغتصبني".
قالت إنه بعد أكثر من شهرين، ظل الهجوم يلازمها: "أبكي كثيرا، وعندما أبكي، حلقي يؤلمني. لا أستطيع النوم، لا أشعر أنني طبيعية. عندما أسير في الخارج، أتوه باستمرار. لا أستطيع أن أجد طريقي عندما أحاول الذهاب إلى أي مكان".
في أربع حالات ذكر المهاجمون صراحة عمل المرأة في حقوق الإنسان وفي إحدى الحالات ذكروا عمل زوجها، ما يشير إلى أنهم كانوا يعرفون من اعتدوا عليهن.
واحدة فقط من الضحايا اللواتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش تلقت بعض الرعاية الطارئة بعد الاغتصاب في الجنينة. خلال ذروة العنف، نهبت قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة، وأحرقت، المرافق الطبية ومكاتب المنظمات غير الحكومية التي كانت تقدم الرعاية العاطفية والنفسية إلى ضحايا العنف الجنسي.
أفادت "منظمة مستقبل النساء" الدارفورية أن 24 فقط من بين 103 ضحايا في حوادث اغتصاب سجلتها المنظمة تلقّين خدمات طبية لاحقة. وقعت 73 حادثة اعتداء في غرب دارفور.
يحظر القانون الإنساني الدولي، المعروف بقوانين الحرب، على أطراف النزاع المسلح تعمد إيذاء المدنيين. تحظر "المادة 3 المشتركة في اتفاقيات جنيف لعام 1949" والقانون الدولي الإنساني العرفي، وكلاهما ينطبق على جميع الأطراف المتحاربة في السودان، الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي. يمكن أن يشكل الاغتصاب الذي يرتكبه المقاتلون أحد أشكال التعذيب. يشكل الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي المرتكبة في سياق نزاع مسلح جريمة حرب، وإذا كان جزءا من هجوم واسع النطاق أو منهجي من قبل حكومة أو جماعة مسلحة على السكان المدنيين، يمكن أن يشكل جرائم ضد الإنسانية.
تدعو المعايير الدولية الحكومات إلى تخفيف مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي منذ بداية الاستجابة للأزمات، بما فيه بالمعالجة الإكلينكية للاغتصاب والخدمات الشاملة الأخرى لضحايا العنف.
أرسلت هيومن رايتس ووتش في 11 أغسطس/آب ملخص النتائج بالبريد الإلكتروني إلى قائد قوات الدعم السريع الفريق أول محمد حمدان دقلو للتعليق، لكنها لم تتلق أي رد حتى وقت النشر.
بعد دعوة الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالعنف الجنسي في حالات النزاع براميلا باتين في 1 أغسطس/آب لمنع العنف الجنسي والتصدي له، أقر نائب قائد قوات الدعم السريع الفريق عبد الرحيم دقلو بخطورة العنف الجنسي في سياق النزاع المسلح. أصدرت قوات الدعم السريع بيانا بعد الاجتماع "أكدت فيه تعاون قوات الدعم السريع الكامل مع الأمم المتحدة في التحقيق في أي مزاعم تتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان".
في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول، على جميع الدول دعم إنشاء لجنة تحقيق دولية للتحقيق بشكل مستقل وحفظ الأدلة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة في دارفور وأماكن أخرى في السودان، ما يساعد في ضمان محاسبة المسؤولين.
قالت والي: "على الحكومات المعنية تخصيص مزيد من الموارد لضحايا العنف الجنسي في دارفور. الشهادات الفظيعة عن الاغتصاب والعواقب الرهيبة لهذه الجرائم يجب أن تحشد المانحين لتلبية احتياجات الضحايا ودعم الخطوات لإحقاق العدالة".
الاغتصاب خلال النزاع في الجنينة منذ أبريل/نيسان
كان عدد سكان الجنينة قبل الحرب حوالي 538 ألف نسمة. ما بين 24 أبريل/نيسان و15 يونيو/حزيران، وقعت هجمات متعمدة متكررة على المدنيين في الجنينة، نفّذ معظمها قوات الدعم السريع والميليشيات العربية المتحالفة معها، واستهدفت بشكل أساسي السكان من إثنية المساليت.
من غير المعروف حجم وعدد حالات الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي ارتكبتها قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها خلال هجماتها على الجنينة منذ أواخر أبريل/نيسان. حُذِفت أسماء الأشخاص الذين قابلتهم هيومن رايتس ووتش لحماية هوياتهن.
قالت امرأة تقدم منظمتها في دارفور خدمات لضحايا العنف الجنسي، بما فيها الرعاية العاطفية والنفسية، إنه من أواخر أبريل/نيسان حتى منتصف مايو/أيار، سجلت المنظمة 13 ضحية اغتصاب. بعد ذلك، أجرت الامرأة وزميلاتها بحثا في الجنينة وحددوا 51 حالة أخرى حتى منتصف يونيو/حزيران، بالإضافة إلى أربع حالات أخرى في 15 يونيو/حزيران قرب قرية شكري التي عبرها الناس في طريقهم إلى تشاد.
وقعت معظم الحوادث التي أبلِغت بها هيومن رايتس ووتش في منازل الأشخاص أو المأوى المؤقت أو قربها. قالت ضحايا إن المهاجمين سألوا صراحة عن انتمائهن الإثني أو ذكروه، واستخدموا الشتائم الإثنية تجاه أصولهم من المساليت أو غير العربية. قالت امرأة إنها أقنعت مجموعة من الرجال المسلحين الذين أرادوا اغتصاب ابنة عمها (15 عاما) بأن ابنة عمها من عائلة عربية بارزة في الحي وأنهم سيُعاقبون إذا فعلوا ذلك، فغادروا دون أن يعتدوا عليها.
وقعت بعض أعمال العنف الجنسي أثناء محاولة المدنيين الفرار إلى تشاد. قالت امرأة (27 عاما) إنها أثناء فرارها من المدينة، صادفت زميلة سابقة (18 عاما) تحتضر جراء إصابتها برصاصة في كتفها الأيسر وملقاة على جانب الطريق. قالت الزميلة إنها اغتُصبت ثم أطلُق عليها الرصاص، وطلبت من المرأة أن تخبر عائلتها ألا تبحث عنها. فرت المرأة بسرعة من المنطقة خوفا من تعرضها للهجوم. انضمت إلى مجموعة من المدنيين الفارين إلى تشاد وقالت إنه في الطريق، حاول أفراد قوات الدعم السريع أخذ ثلاث فتيات مراهقات بالقوة من المجموعة، وعندما رفضت الفتيات، أطلقوا النار عليهن وقتلوهن.
قالت طالبة اقتصاد (28 عاما) إن ثمانية رجال مسلحين، بينهم اثنان يرتديان زي قوات الدعم السريع وستة في ملابس مدنية، دخلوا منزل أسرتها في حي التضامن بالجنينة في 8 يونيو/حزيران حوالي الساعة 4 مساء، قائلين إنهم كانوا يبحثون عن رجال وأسلحة. كان حوالي 20 شخصا من الأقارب والجيران يحتمون في المنزل في ذلك الوقت. ضرب المهاجمون الرجال الستة في المنزل بالعصي والأنابيب البلاستيكية. قالت إن أحد المهاجمين طالب الجميع بتسليم هواتفهم الخلوية. قالوا إنهم ليس لديهم هواتف، لكن أحد المهاجمين عثر على هاتف المرأة في غرفة نومها، وأمرها بالحضور إلى الغرفة لتريه المكان الذي كانت تخفي فيه هاتفا آخرا، قالت:
"فتش ثدييّ وفي الأسفل هناك، لكن لم يكن لدي هاتف آخر. قال: عليك أن تضحي بنفسك وإلا سنطلق النار على إخوتك، فقلت: لا، اقتلوني ودعوا إخوتي وعائلتي يعيشون، أطلقوا سراحهم. قلت إنني سأضحي بحياتي، لكنه قال: "نحن لا نقتل النساء"، ثم قال إنه عليّ أن أستلقي".
صرخت الطالبة لجذب انتباه أمها وعندما جاءت أمها راكضة أطلق أحد الرجال النار على الأم وأصابها في ساقها. أخطأت طلقة أخرى بصعوبة عمة المرأة التي كانت تحاول أيضا حمايتها. قالت: "كانت الرصاصة مدوية جدا. شعرت أنه لا أمل لدي. كانوا سيقتلونهم أمامي. صوّب البندقية إلى رأسي واغتصبني".
أذاها المهاجم، ونزفت بغزارة من أعضائها التناسلية. أخذتها عائلاتها إلى المستشفى حيث عالجتها الطبيبة وخاطت جراحها، ووصفت لها وسائل منع الحمل الطارئة والأدوية للوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا.
حتى أواخر يوليو/تموز، كان لديها التهابات في الجرح وكانت تعاني من ألم شديد. تأخر حيضها وخشيت أن تكون حاملا رغم الأدوية. قالت الطالبة: "بعد الهجوم، أخبرت أمي أنني لا أريد البقاء هنا. قلبي يرفض هذا المكان. قالت أمي: كيف يمكننا المغادرة؟ ليس لدينا أي مال".
استطاعت الطالبة فقط المغادرة، وبقيت والدتها التي لم يكن لدى أمها المال للرحيل إلى تشاد. منذ ذلك الحين، لم تتلق الفتاة أي أخبار عن أمها.
باكرا صباح 26 يونيو/حزيران، عادت امرأة (24 عاما) مع أمها إلى منزلها في حي التضامن الذي نهبه مقاتلو قوات الدعم السريع والميليشيات قبل أسابيع، أملا في استعادة بعض ملابس أطفالها الثلاثة. اقترب من النساء رجلان مسلحان بملابس مدنية وثالث يرتدي زي قوات الدعم السريع. قالت الشابة إنها تعرفت على الرجال الثلاثة الذين يعيشون في حي الجبل. طالبوا في البداية النساء بتسليم أي أسلحة يخفينها في المنزل. ثم أمر أحد الرجال المرأة الشابة بالنوم معه، وهددها بأنها إذا لم تفعل ذلك، فسوف يطلق النار على أمها. أطلق النار وكاد يصيب أمها. ثم أمسك الرجل الشابة وجرّها إلى المنزل المتضرر واغتصبها. قالت المرأة إنه بعد أن انتهى، جاء رجل آخر من المجموعة المكونة من ثلاثة رجال يريد أن يفعل الشيء نفسه، لكن الرجل الثالث أوقفه قائلا: "نريد أسلحة ورجالا، وليس نساء، لذا اتركوهن".
الاغتصاب من قِبل عدة مقاتلين
قالت أربع ضحايا إن عدد الرجال الذين اغتصبوهن تعرضن وصل إلى خمسة رجال.
قالت فتاة (15 عاما) إنها وعائلتها كانوا يحتمون مع أربع عائلات أخرى في منزل في حي المدارس بالجنينة عندما اقتحمت مجموعة من نحو 20 عنصر من قوات الدعم السريع المنزل ظهرا تقريبا في 7 أو 8 يونيو/حزيران. بدأوا بضرب الناس في الداخل بعصي معدنية. أظهرت الفتاة للباحثات ندبة كبيرة في أعلى ذراعها اليسرى وندبة أخرى على أذنها حيث قالت إنها أصيبت. قالت إن خمسة من الرجال طلبوا من كل من في المنزل المغادرة، ثم أخذوها إلى غرفة أخرى حيث اغتصبها كل واحد منهم على مدار ست ساعات. قالت: "عندما غادروا أخيرا، حاولت المغادرة لكنني سقطت على جانب الطريق. وجدني رجل في النهاية وحملني على ظهر حمار إلى مركز الشرطة الاحتياطية المركزي. مكثت هناك لمدة 10 أيام قبل أن أتمكن من الفرار".
كانت معلمة لغة إنغليزية (29 عاما) في المنزل مع أطفالها الثلاثة الصغار في حي الجبل في وقت مبكر من النزاع، عندما دخل رجلان عربيان مسلحان يرتديان ملابس مدنية غرفتها في منتصف الليل. قالت: استيقظت وسألني أحدهم: هل أنت نوبية أم عربية؟ فقلت إنني عربية... قال: إذا كنت من النوبة سأغتصبك حتى الموت، إذا كنت عربية، فهذه ليست مشكلة، لكن يجب أن تتزوجيني. ثم قال: إذا لم تنامي معي، سأغتصب أطفالك وسأقتلك".
ثم نادى الرجل الثاني الذي جاء ووثبتها على الأرض واضعا حذاءه على رقبتها بينما اغتصبها الرجل الأول. قالت إن الرجل الأول عاد ثلاث مرات أخرى خلال الأيام التالية، وفي كل مرة أحضر معه رجلا مختلفا. في إحدى الحالات، قالت إن الرجلين اغتصباها. قالت إن الرجل الذي استمر في العودة قال عدة مرات: "أريدك أن تحملي وتلدي طفلنا". قالت إنها كانت مذعورة ولم تستطع النوم، خوفا من عودتهم، وهربت في النهاية.
في 13 يونيو/حزيران، قالت طالبة (20 عاما) إنها ذهبت بمفردها إلى منزلها في حي الجمارك لاستعادة بعض الأغراض التي تركتها بعد أن فرت إلى حي آخر في وقت سابق من النزاع. عند وصولها إلى منزلها المحترق جزئيا، رآها ثلاثة من أفراد قوات الدعم السريع يرتدون الزي الرسمي، وتبعوها إلى الداخل وبدأوا في تفتيش المنزل بحثا عن أي رجال يختبئون هناك، وكذلك عن أسلحة أو أزياء رسمية للشرطة أو القوات المسلحة. قالت الطالبة:
"لم يجدوا أي شيء، لكنهم سألوا بعد ذلك عن قبيلتي. أجبت: المساليت. ثم اغتصبني الثلاثة. بعد أن غادروا، استلقيت هناك. لم أكن أعتقد أنني أستطيع المشي. عادوا بعد أربع ساعات وأخذوني وتركوني على الطريق قائلين، "إذا لم تغادري هذه المنطقة، سنقتلك".
اغتصاب يبدو محدد الهدف
يبدو أن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها استهدفت بعض النساء بسبب دورهن أو دور أفراد عائلاتهن كناشطات في مجتمع المساليت.
قالت صحفية وناشطة حقوقية (28 عاما)، نشرت فيديوهات حول الانتهاكات ضد سكان المساليت في الجنينة، في 12 مايو/أيار ظهرا تقريبا، إن أربعة رجال، أحدهم يرتدي سترة رسمية من قوات الدعم السريع، اختطفوها وهي تغادر بيتها. قالت إن الرجال عصبوا عينيها واقتادوها "إلى مكان ما خارج المدينة"، حيث اعتقدت أنها محتجزة داخل مجمع محاط بجدران. كان هناك أشخص آخرون محتَجزين أيضا في المكان نفسه، لكنها لم تستطع تحديد عددهم لأنها كانت معصوبة العينين. أخبرتها امرأة معها رضيع أن الرجال المسلحين اغتصبوها. قالت الناشطة إنه اتضح أنهم يعرفون من هي:
"كان [أحد الرجال] يقول: "من دفع لك المال لتعملي وتقولي هذه الأمور في الإنترنت؟ أنت من المساليت، أنت لا تعرفين شيئا، ينبغي ألا تبقي في الجنينة". طلب مني آخرون أن أغادر المدينة، وقالوا: أنت عبدة. ثم قال أحدهم: علينا اغتصاب نساء النوبة حتى يلدن أطفالنا. ثم اغتصبني اثنان منهم. فقدت الوعي واستيقظت مرة أخرى لأجد نفسي خارج منزلي في الساعة 5 صباحا في اليوم التالي".
فرّت الصحفية من المدينة لاحقا ذلك اليوم.
قالت عاملة اجتماعية وناشطة حقوقية (25 عاما) إنه في 27 أبريل/نيسان اقتحم حوالي 15 عنصرا من قوات الدعم السريع منزل عائلتها وأطلقوا النار، فقتلوا شقيقها (16 عاما)، وأصابوا أباها. في ذلك الوقت كانت في المنزل المجاور، منزل خالتها. قالت إن قوات الدعم السريع أخذت أختها من المنزل إلى الشارع، ويصرخون قائلين إنهم يبحثون عنها وسيحتجزون أختها حتى تخرج. خرجت، وسحبها رجلان إلى منزل أحد الجيران واغتصباها.
قالت الناشطة: "أثناء قيامهم بذلك، كانوا يقولون: أنتن الناشطات وقادتكم يجب أن تتوقفوا عن نشر الأخبار عنا. بعد ذلك سمحوا لي بالذهاب".
قالت امرأة (27 عاما) وجدت زميلة لها في الشارع، إنها اغتُصِبت من قبل عدة أعضاء قوات الدعم السريع في 2019 ولا تزال تعاني من عواقب طبية طويلة الأمد، بما فيها العقم. في 15 يونيو/حزيران 2023، كانت هي وأفراد عائلتها يحتمون في منزل أقاربهم في حي المدارس عندما اقتحمت مجموعة من 16 عنصرا من قوات الدعم السريع المنزل بحثا عن زوجها، وهو ناشط حقوقي معروف من المساليت. قالت إن أربعة رجال بدأوا في ضربها، وطالبوها بإخبارهم بمكانه.
ركلها أحدهم في بطنها وعندما سقطت على الأرض، ثبّتها اثنان على الأرض، كل رجل يمسك إحدى ذراعيها، والثالث ادخل شيئا في فمها لإسكاتها. تناوب ثلاثة منهم على اغتصابها. فقدت الوعي لكنها عادت بعد عدة ساعات لتجد أنها الوحيدة التي لا تزال على قيد الحياة في المنزل. كانت جثث أربعة رجال وثلاث نساء وطفلين ملقاة على الأرض، وكان كل منهم مصابا بعدة أعيرة نارية. قالت:
"عندما حاولت المشي، لم أستطع، بدأت بالتقيؤ. أخيرا في الليل، استعدت بعض قوتي واستطعت المشي. لم أكن أعرف أين كنت أسير لكنني كنت أمشي وأمشي فقط. قضيت يومين أحاول العثور على عائلتي لكني لم أستطع. ولم أجد أي طعام أو ماء". قالت إنها كانت تنزف منذ الهجوم لكنها لم تتمكن من الحصول على رعاية طبية.
قالت امرأة (26 عاما) إنها تلقت تهديدا على وسائل التواصل الاجتماعي من مصدر غير معروف حتى قبل أحداث العنف الأخيرة في الجنينة. في 15 يونيو/حزيران، بينما كان هجوم قوات الدعم السريع والميليشيات جاريا، لجأت هي ومدنيون آخرون إلى منزل في حي المدارس. قالت إن سبعة عناصر من قوات الدعم السريع اقتحموا المنزل بحثا عن رجال وأسلحة. أجبرها رجل، قال إنه تعرف عليها من مكان عملها، على الذهاب إلى غرفة أخرى معه. بمجرد أن دخلت الغرفة، أطلق النار في الهواء. قالت:
"ثم بدأ بلمس ثدييّ، وسألني: هل أنت متزوجة؟ قلت: نعم، وتوسلتُ إليه ألا يهاجمني. قلت، أنا مثل أختك. بدأت في البكاء لكنه بدأ بصفعي وقال، اليوم ستجلسين هنا. حاولت الابتعاد عنه، لكنه هددني بإطلاق النار علي. دفعني أرضا وبندقيته موجهة نحوي وأجبرني على الاستلقاء. حاولت المقاومة لكنني لم أستطع".
قالت إن الرجل اغتصبها ثلاث مرات. بعد أن غادر مع المسلحين الآخرين، دخلت امرأة مسنة وواستها المواساة. قالت: بكينا معا. جلبت لي الماء وأخذتني إلى الحمام لأنظف نفسي. لم أستطع التوقف عن البكاء ... آمل أن أحصل على العدالة يوما ما. أريد الأمان، هذا كل ما أريده. لا أستطيع النوم، لا أستطيع الاسترخاء، أرى كوابيس بأنني سأتعرض للاغتصاب كثيرا. أنا أبحث فقط عن مكان آمن".
الحصول على الرعاية الطارئة بعد الاغتصاب
تلقت إحدى الضحايا اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش رعاية طارئة بعد الاغتصاب في الجنينة. قالت عاملات طبيات من عيادتين أخريين في الجنينة إن خمس نساء حضرن بعد تعرضهن للاغتصاب لكن لم يتلقين رعاية طارئة بعد الاغتصاب إما لعدم توفرها أو لأنهن لم يكشفن في البداية للموظفات عن العنف الجنسي. قالت المرأة التي تقدم منظمتها الخدمات إنه بسبب وصمة العار المرتبطة بالعنف الجنسي، من المرجح أن يكون عدد الضحايا أكبر بكثير من عدد النساء اللواتي طلبن الخدمات الطبية وغيرها.
أدى إغلاق شبكات الاتصالات في الجنينة في منتصف مايو/أيار من هذا العام إلى عرقلة قدرة الضحايا على الوصول إلى الخدمات.
رغم أن الإجهاض قانوني في تشاد في حالات الاغتصاب أو سفاح القربى أو تهديد صحة أو حياة المرأة الحامل أو قابلية الجنين للحياة، يقول العاملون في المجال الطبي أنه من الصعب جدا الحصول على رعاية الإجهاض الآمن عمليا. يجب أن تسمح وزارة الصحة بالإجهاض بناء على شهادة طبيب بأن الحالة تقع ضمن القيود القانونية. يؤدي خلق حواجز كبيرة وضعف البنية التحتية الصحية إلى ترك مقدمي الخدمة في كثير من الأحيان بقدرة محدودة على معالجة العنف الجندري أو تقديم رعاية متخصصة في مجال الصحة الجنسية والإنجابية.
أكدت إحدى الضحايا اللاتي قابلتهن هيومن رايتس ووتش أنها حامل بعد تعرضها للاغتصاب. قالت اثنتان أخريان إنهما تشتبهان في أنهما حاملان لأن الحيض لم يأت وتعانيان من الغثيان.
"خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين في السودان"، التي تسعى إلى دعم اللاجئين والعائدين والمجتمعات المضيفة في جمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان، مُوّلت بنسبة 15% فقط حتى أواخر يونيو/حزيران 2023. على الحكومات والأمم المتحدة والوكالات الإنسانية إعطاء الأولوية لضمان حصول جميع ضحايا العنف الجنسي على خدمات في الوقت المناسب ومنقذة للحياة وسريّة في السودان وفي مواقع النزوح واللاجئين، بما يتماشى مع المعايير الدولية.
يجب أن تُعالج إدارة حالات ما بعد الاغتصاب النطاق الكامل لاحتياجات الصحة البدنية (العلاج الوقائي بعد التعرض للوقاية من فيروس نقص المناعة البشرية وغيره من الأمراض المنقولة جنسيا، وعلاج الجروح أو الإصابات والأمراض المنقولة جنسيا، ووسائل منع الحمل الطارئة، والحصول على الإجهاض، وغيره من أشكال رعاية أمراض النساء) والدعم الفوري والطويل الأمد للصحة العاطفية أو العقلية.
وجد تقرير الأمين العام للأمم المتحدة لعام 2022 حول العنف الجنسي المرتبط بالنزاع أن "الوصول إلى الخدمات يمثل تحديا في جميع أنحاء [السودان]، مع توفر التدبير السريري للاغتصاب والمساعدة القانونية والدعم النفسي والاجتماعي في 39% فقط محليا".
الإفلات الطويل من العقاب على العنف الجنسي في دارفور
كان العنف الجنسي سمة محورية للنزاع منذ 2003، حيث نفذت القوات المسلحة السودانية عمليات اغتصاب واسعة النطاق وأنواع أخرى من العنف الجنسي في دارفور. رغم التحقيقات العديدة التي أجرتها الحكومة السودانية في الانتهاكات المزعومة لقوات الأمن في دارفور، ليست هيومن رايتس ووتش على علم بأي تحقيقات أحرزت تقدما ملموسا نحو المساءلة.
في 2008، أشار المدعي العام لـ "المحكمة الجنائية الدولية" إلى أن "الاغتصاب جزء لا يتجزأ من نمط التدمير الذي تلحقه حكومة السودان بالجماعات المستهدفة في دارفور"، ووجه المدعي بالفعل تهما بالاغتصاب في قضايا دارفور الحالية.
في 2022، أبلغ مكتب "باتين" عن 96 حالة عنف جنسي متصل بالنزاع ارتكبتها قوات الأمن السودانية، ودعا القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، التي كانت آنذاك جزء من قوات الأمن الحكومية، إلى الالتزام بسياسة عدم التسامح إطلاقا وإلى تنشيط التعاون مع مكتبها. مع ذلك، لا تعلم هيومن رايتس ووتش بأي إجراءات اتخذتها قوات الدعم السريع لمعالجة وإنهاء العنف الجنسي من قبل أفرادها.
التوصيات
على قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها الالتزام التام بـ "القانون الإنساني الدولي"، بما فيه باعتماد تدابير لإنهاء الاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسي التي ترتكبها قواتها. يجب معاقبة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة بشكل مناسب، بمن فيهم كبار القادة. على الحكومات والأطراف الأخرى التي لها تأثير على الأطراف المتحاربة أن تعمل على تعزيز الالتزام بالقانون الدولي.
على الدول الأعضاء في "مجلس الأمن" تحديد وإدانة الحكومات التي لا تلتزم بحظر الأسلحة الحالي المفروض على دارفور، وفرض عقوبات محددة الهدف ضد المسؤولين والقادة المسؤولين عن الانتهاكات الجسيمة، بما فيها العنف الجنسي. على مجلس الأمن أيضا دعوة أفراد المجتمعات المتضررة من الحرب في دارفور، بمن فيهم الناجيات من العنف الجنسي، للإحاطة المجلس.
على أعضاء مجلس الأمن والدول الأخرى أن تدعم بنشاط تحقيقات المحكمة الجنائية الدولية في دارفور، لا سيما بعد إعلان المدعي العام أن مكتبه يحقق في الفظائع الأخيرة. سهّلت عرقلة تحقيقات المحكمة من قبل الحكومة السودانية وسلبية مجلس الأمن في مواجهة هذا العرقلة الإفلات من العقاب، وارتكاب جرائم جديدة.
على مجلس الأمن توجيه "الأمانة العامة للأمم المتحدة" لإعداد ورقة خلال 45 يوما تضم خيارات لاتخاذ إجراءات إضافية لحماية المدنيين في السودان مع التركيز على دارفور، وتدرس بدائل لـ "بعثة الأمم المتحدة المتكاملة للمساعدة الانتقالية في السودان" (يونيتامس)، بما فيه دعم قوة إقليمية أفريقية.
على "الاتحاد الأفريقي" و "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية" دعم استجابة منسقة للأزمة من قبل مجلس الأمن "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة".
على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جلسة سبتمبر/أيلول إنشاء آلية مستقلة لها ولاية التحقيق، وجمع وحفظ الأدلة المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة التي تُرتكب في دارفور وأماكن أخرى في السودان لتحديد المسؤولين وتقديم توصيات للمساءلة.
يجب أن تحظى هذه الآلية بالموارد والخبرة لضمان إجراء تحقيقات رصينة في العنف الجنسي المرتبط بالنزاع بما يتماشى مع المعايير الدولية من قبل محترفين مدربين وذوي خبرة باستخدام نهج يضع احتياجات الضحايا في المقام الأول ويحصل على أدلة الطب الشرعي وغيرها، مع التخفيف من مخاطر الإضافة إلى الصدمة التي تعرضوا لها. يشمل هذا عدم إخضاع الضحايا لتكرار غير ضروري للفحوصات الجسدية أو المقابلات حول الحوادث أو لاختبارات من قبل أولئك الذين قد لا يكون لديهم خبرة في الاستجابة للعنف الجنسي وجمع الأدلة. كما يشمل ضمان حصول الناجيات على الخدمات الطبية والنفسية والاجتماعية والقانونية والاجتماعية والاقتصادية.
على "الاتحاد الأوروبي" والحكومات المعنية الأخرى، بما فيها الولايات المتحدة، أن تفرض بشكل عاجل عقوبات محددة الهدف على قادة قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية والجماعات المسلحة المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد المدنيين.