(برلين) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على السلطات الأوكرانية التوقف عن نشر فيديوهات للجنود الروس الأسرى تجعلهم مادة لفضول الجمهور، لا سيما تلك التي تُظهر تعرضهم للإذلال أو الترهيب، على وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات المراسلة. تنتهك معاملة أسرى الحرب بهذه الطريقة تدابير الحماية المنصوص عليها في اتفاقيات جنيف، والهادفة إلى ضمان أن يعامل جميعُ الأطراف المقاتلين الأسرى معاملة كريمة.
لدى "جهاز الأمن الأوكراني"، الذراع الأمني الرئيسي للحكومة الأوكرانية، حساب "تيليغرام" مع حوالي 868 ألف متابع يعرض فيه فيديوهات للجنود الروس الأسرى يظهرون وهم خاضعون للإكراه أو يكشفون عن أسمائهم وأرقام هوياتهم ومعلومات شخصية أخرى مثل أسماء وعناوين آبائهم وأمهاتهم. ينشر الجهاز مقاطع الفيديو هذه على صفحاته على "فيبسوك" و"يوتيوب" و"إنستاغرام"، والتي لديها مجتمعة قرابة 978 ألف متابع ومشترك. قناة تيليغرام التي تديرها وزارة الداخلية على ما يبدو، ولديها أكثر من 847 ألف مشترك، تفعل الشيء نفسه ولديها موقع إنترنت وقناة على يوتيوب.
قالت آشلينغ ريدي، مستشارة قانونية أولى في هيومن رايتس ووتش: "واجب حماية أسرى الحرب من فضول الجمهور، وحمايتهم من التخويف أو الإذلال، هو جزء من الواجب الأوسع لضمان معاملتهم الإنسانية وحماية عائلاتهم من الأذى. على السلطات الأوكرانية التوقف عن نشر هذه الفيديوهات على الإنترنت".
قالت هيومن رايتس ووتش إن على منصات وسائل التواصل الاجتماعي أن توضح أيضا ما إذا كانت سياساتها الحالة تعالج نشر فيديوهات لأسرى الحرب بشكل غير متوافق مع اتفاقيات جنيف وكيف تعالج ذلك. إذا لزم الأمر، عليها وضع سياسات جديدة لتحديد ومنع انتشار مثل هذا المحتوى، بحسب هيومن رايتس ووتش.
كتبت هيومن رايتس ووتش إلى جهاز الأمن ووزارة الداخلية في 10 مارس/آذار 2022 للتعبير عن قلقها بشأن نشر قنوات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية التي تديرها الدولة صور وفيديوهات، وسألت عن الخطوات التي ستتخذها السلطات لضمان معاملة أسرى الحرب وفقا لاتفاقيات جنيف. حتى 16 مارس/آذار، لم تكن قد تلقّت أي رد.
نشرت حسابات جهاز الأمن المختلفة عشرات الفيديوهات للجنود الروس الأسرى، يُظهر بعضها استجوابهم وهم مقيدون. معظم الفيديوهات تُظهر وجه السجين بوضوح، أو يذكر الجنود فيها أسماءهم وباقي معلوماتهم الشخصية، مثل تاريخ ميلادهم وأسماء أمهاتهم وآبائهم.
يُظهر فيديو واحد حصد 2.2 مليون مشاهدة على قناة تيليغرام التابعة لجهاز الأمن الأوكراني جنديا روسيا أسيرا على الهاتف مع والدته، ثم أسير حرب آخر يقدم خلال الاستجواب اسمه، وتاريخ ميلاده، وتفاصيل عن وحدته العسكرية. يُظهر فيديو على صفحة جهاز الأمن على فيسبوك، حصد أكثر من 5.4 مليون مشاهدة، أسير حرب يحمل وجهه آثار عنف وساقه مضمدة، يقول إنه ذهب عبر بيلاروسيا إلى تشيرنوبيل، على بعد 90 كيلومتر شمال كييف.
تحتوي قناتا تيليغرام ويوتيوب والموقع الإلكتروني الذي تديره على ما يبدو وزارة الداخلية، وجميعها أُنشئت في 26 فبراير/شباط، على قاعدة بيانات بأسماء الجنود الروس الذين تم أسرهم أو قتلهم في الحرب. ذكر مستشار وزارة الداخلية، فيكتور أندروسيف، أنه مدير الموقع الإلكتروني والقنوات التابعة للموقع، وقال إن الهدف يتمثل في مساعدة الأقارب في التعرف على الجنود الروس الأسرى أو القتلى.
نشرت الوزارة على هذه المنصات مئات الصور والفيديوهات للجنود الروس الأسرى، غالبا مع جوازات سفرهم ووثائق هويتهم؛ بعضهم معصوب العينين أو مكمّم أو ملثم. في بعض الحالات، يتم تصوير أسرى الحرب أثناء اتصالهم بأُسَرهم في أوطانهم. وفي فيديو نُشر على تيليغرام في 6 مارس/آذار ولديه 785 ألف مشاهدة، يتم استجواب أسيرَي حرب ذكرا اسمَيْهما ووحدتَيْهما العسكرية تحت تهديد السلاح وهما معصوبا العينين وجاثيان على رُكَبِهما.
تعرض المنصات أيضا صورا قاسية لجنود روس قتلى. لا يمكن التحقق من صحة جميع هذه الصور والفيديوهات.
في فيديو نُشر على قناة يوتيوب التي تديرها الوزارة، علق أندروسيف على احترام أوكرانيا لقوانين الحرب. قال: "نحن ملتزمون بالوفاء باتفاقيات جنيف ووجّهنا جميع الوحدات بوجوب معاملة جميع السجناء باحترام. وجّه القائد العام ووزير الداخلية تعليمات لجميع الجنود ورجال الشرطة تستند إلى اتفاقيات جنيف، وسنراقب الالتزام بهذه التعليمات بشكل دائم".
تتناول اتفاقية جنيف الثالثة والبروتوكول الإضافي الأول حماية أسرى الحرب. تنص بوضوح على وجوب معاملة أسرى الحرب معاملةً إنسانية في جميع الظروف وحمايتهم من أي عمل من أعمال العنف، وكذلك من التخويف، والإهانات، وفضول الجمهور. يتضمن ذلك كشف الصور أو الفيديوهات، وتسجيلات الاستجوابات، والمحادثات الخاصة أو المراسلات الشخصية، وأي بيانات خاصة أخرى.
أوضحت "اللجنة الدولية للصليب الأحمر" عدم وجوب نقل أو نشر أو بث أي مادة تسمح للمشاهدين أو القرّاء بالتعرف على السجناء. أشارت إلى أن ثمة استثناءات من الحظر، لكنها تحصل في حالات خاصة ويُسمح بها فقط في حالة وجود مصلحة عامة قاهرة، أو إذا كان الكشف عن المواد في مصلحة السجين الحيوية، وعندئذٍ يكون ذلك فقط بقدر احترام كرامة أسير الحرب.
على الحكومة الأوكرانية ضمان وصول اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى جميع أسرى الحرب والعمل مع اللجنة لضمان التعامل مع جميع المعلومات والبيانات الشخصية الخاصة بأسرى الحرب وفقا لاتفاقيات جنيف.
على جميع السلطات المسؤولة عن أسرى الحرب ضمان عدم قيام موظفيها الرسميين بالتقاط صور أو فيديوهات للسجناء إلا للأغراض الرسمية، وتخزين الصور الرسمية أو المعلومات الشخصية الأخرى للسجناء بشكل آمن. يجب السماح فقط للأفراد المشاركين مباشرةً في الواجبات ذات الصلة بالوصول إلى هذه المواد، ويمنع بشدة استخدامها لأية أغراض أخرى.
على السلطات بذل جميع الجهود الممكنة لتحديد ومحاسبة أي شخص نشر صورا ومقاطع فيديو لأسرى الحرب على مواقع التواصل الاجتماعي، لا سيما إذا شارك أيضا في التقاط أو إنشاء الصور لأغراض أخرى بخلاف الأغراض الرسمية، أو إساءة استخدام الصور التي كانت التُقطت لأغراض رسمية.
قالت هيومن رايتس ووتش إنه من المهم أيضا لوسائل الإعلام الامتناع عن بث أو إعادة نشر مواد تظهر أسرى الحرب بشكل ينتهك قوانين الحرب. يجب أن تتخذ منصات وسائل التواصل الاجتماعي خطوات لتحديد المواد التي تنتهك حق أسرى الحرب في المعاملة الإنسانية، بما في ذلك الحماية من فضول الجمهور، ومنع الوصول إلى
وثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا انتهاكات واسعة النطاق لقوانين الحرب وما يبدو أنها جرائم حرب من جانب القوات الروسية، بما في ذلك الهجمات العشوائية على المدنيين بالذخائر العنقودية وغيرها من الأسلحة ومنع المدنيين من الفرار من مناطق القتال.
قالت ريدي: "الانتهاكات التي ترتكبها القوات الروسية متفشية وواسعة النطاق، وتلحق أضرارا جسيمة بالمدنيين. في الوقت نفسه، تتحمّل أوكرانيا التزامات واضحة عليها التقيد بها، منها المعاملة القانونية لأسرى الحرب".