(نيروبي) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن انتهاء حكم عمر البشير الذي دام 30 عاما يوفر فرصة هامة للسودان لوضع احترام حقوق الإنسان وسيادة القانون في صلب المرحلة الانتقالية. على السلطات السودانية الاستجابة للمتظاهرين السلميين الذين يدعون منذ شهور إلى "الحرية، السلام، والعدالة"، وإجراء إصلاحات فورية للمساعدة في إنهاء عقود من الانتهاكات وحماية حقوق الإنسان وسيادة القانون.
في 11 أبريل/نيسان 2019، حلّ نائب الرئيس السوداني ووزير الدفاع عوض بن عوف الحكومة السودانية وعلّق دستور البلاد، وأعلن أن مجلسا عسكريا سيتولى فترة انتقالية مدتها سنتان. كما أعلن أنه سيُطلق سراح جميع "المعتقلين السياسيين"، وأن السودان سيظل ملتزما بجميع الاتفاقيات الإقليمية والدولية.
قالت جيهان هنري، المديرة المشاركة لقسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "هذا التطور الهام يعزز واجب السلطات معالجة الانتهاكات الحقوقية الفظيعة التي عانى منها كثير من السودانيين خلال العقود الثلاثة الماضية. الإطاحة بالبشير هي شهادة على صمود المتظاهرين، الذين ظلوا في الشوارع رغم القمع الحكومي العنيف".
لم يُكشف عن مكان البشير الحالي، لكن ابن عوف قال إن البشير قيد الاعتقال وفي مكان آمن. على السلطات أيضا تنفيذ مذكرتَيْ توقيف "المحكمة الجنائية الدولية" لعام 2009 ضد البشير بسبب ارتكاب جرائم خطيرة في دارفور، وكذلك توقيف القائم بأعمال رئيس حزب "المؤتمر الوطني" أحمد هارون، الذي حكم خلال فترة طويلة، والمطلوب أيضا من قبل المحكمة الجنائية الدولية بشأن جرائم في دارفور.
منذ 6 أبريل/نيسان، اعتصم آلاف المتظاهرين أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم. قمعت القوات الحكومية المتظاهرين وقتلت العشرات. قالت "لجنة أطباء السودان المركزية" المعارضة إن 26 متظاهرا على الأقل قتلوا. نقلت تقارير إعلامية أن اشتباكات وقعت بين جنود من القوات المسلحة وقوات الأمن الأخرى، حيث سعى بعض جنود الجيش إلى حماية المحتجين.
في صباح 11 أبريل/نيسان، نُشرت المركبات العسكرية والقوات في مواقع متعددة في جميع أنحاء المدينة، بما فيه في مكاتب حزب المؤتمر الوطني، ومنازل كبار المسؤولين الحكوميين وعائلة البشير. تصرّ جماعات المعارضة، بما فيها "تجمع المهنيين السودانيين"، التي كانت في طليعة الاحتجاجات، على أن يسلم الجيش السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية.
قال شهود في الخرطوم لـ هيومن رايتس ووتش إنهم رأوا في 11 أبريل/نيسان متظاهرين يحيطون بمجمع الأمن الوطني في الخرطوم بحري، وشاهدوا إطلاق سراح محتجزين. العدد الإجمالي للمحتجزين المفرج عنهم لا يزال مجهولا.
ابن عوف من بين المسؤولين السودانيين الخاضعين لعقوبات أمريكية لدوره كرئيس للمخابرات العسكرية في قيادة الهجمات على المدنيين في دارفور. مع استمرار تدهور الوضع والتوتر الشديد، على الحكومات والكيانات الدولية الأخرى بما فيها "الأمم المتحدة" و"الاتحاد الأفريقي"، الضغط من أجل الاحترام الكامل للحقوق الأساسية للشعب السوداني.
اندلعت الاحتجاجات في المدن السودانية الكبرى منذ ديسمبر/كانون الأول 2018، وذلك ردا على تدهور اقتصاد السودان، ولإنهاء حكم البشير. شنّت قوات الأمن السودانية حملة صارمة على تلك الاحتجاجات، فقتلت عشرات المتظاهرين واعتقلت مئات، وربما آلاف. وثّقت هيومن رايتس ووتش انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وجرائم حرب محتملة في دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق، فضلا عن أنماط القمع في جميع أنحاء البلاد، بما فيه قتل المتظاهرين.
يواجه البشير تهم الإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب في المحكمة الجنائية الدولية بناء على الهجمات ضد المدنيين في دارفور بدأت عام 2002. في 31 مارس/آذار 2005، كلف مجلس الأمن الدولي المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بإجراء تحقيق هناك.
قالت هنري: "إطلاق سراح المعتقلين في الخرطوم بداية ضرورية، لكن على قادة السودان ضمان إطلاق سراح جميع المعتقلين ظلما، واحترام حقوق الشعب السوداني في الاحتجاج سلميا. عليهم أيضا تسليم البشير والآخرين الذين يواجهون أوامر اعتقال دولية من المحكمة الجنائية الدولية إلى المحكمة فورا، لأن ضحايا أخطر الجرائم في دارفور يجب ألا ينتظروا العدالة أكثر".