Skip to main content

سوريا: السكان ممنوعون من العودة

الحكومة تهدم المنازل وتنقض حقوق الملكية

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحكومة السورية تمنع بصورة غير مشروعة السكان النازحين من المناطق التي كانت تحت سيطرة جماعات مناهضة للحكومة من العودة إلى ممتلكاتهم. 

قال سكان إحدى البلدات، القابون، إن الحكومة تقوم أيضا بهدم ممتلكاتهم دون سابق إنذار ودون توفير سكن بديل أو تعويض. حلّلت هيومن رايتس ووتش صور الأقمار الصناعية لأحياء القابون، والتي تظهر عمليات هدم واسعة النطاق بدأت في أواخر مايو/أيار 2017، بعد انتهاء القتال هناك. تؤكد الصور أن عمليات الهدم ما زالت مستمرة.

© DigitalGlobe 2018

قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تدعو روسيا وسوريا الناس إلى العودة لجذب التمويل لإعادة الإعمار، لكن كما هو الحال دائما مع الحكومة السورية، فإن الواقع مختلف تماما. تحت ستار قانون حقوق الملكية سيئ السمعة، تمنع الحكومة السورية في الواقع السكان من العودة".

حدد مجلس الوزراء السوري والسلطات المحلية أجزاء من داريا لإعادة الإعمار في أبريل/نيسان 2018 والقابون في يوليو/تموز. ارتبط اسم البلدتين بالثورة السورية، واستعادت الحكومة السيطرة على كليهما من الجماعات المناهضة للحكومة. ولكن، حسب تحليل هيومن رايتس ووتش، يمكن للحكومة بموجب القانون رقم 10 لعام 2018، الذي أقرّ في أبريل/نيسان، وضع يدها على الملكيات الخاصة دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة أو التعويض المناسب في مناطق إعادة الإعمار.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 7 سوريين حاولوا العودة إلى منازلهم في داريا والقابون، أو حاول أقرباؤهم العودة في مايو/أيار ويوليو/تموز. قال السكان إنهم أو أقاربهم لم يتمكنوا من الوصول إلى ممتلكاتهم السكنية أو التجارية. في داريا، قالوا إن الحكومة تفرض قيودا على التنقل في كامل المدينة. وفي القابون، قالوا إن الحكومة كانت إما تقيد الوصول إلى أحيائهم أو هدمت ممتلكاتهم. 

استعادت الحكومة السورية سيطرتها على البلدات بعد هجمات واسعة شملت هجمات عشوائية على المدنيين، واستخدام أسلحة محظورة. تسببت الهجمات بأضرار واسعة النطاق، وأدت إلى النزوح الجماعي لآلاف السكان.

استنادا إلى الإعلام وبيانات حكومية صادرة بين مايو/أيار 2017 وأكتوبر/تشرين الأول 2018، أعلنت الحكومة السورية أنها كانت تدمر أنفاقا أنشأتها الجماعات المناهضة للحكومة، بالإضافة إلى بقايا متفجرات من الجماعات المسلحة التي تركتها في القابون. لكن صور الأقمار الصناعية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش خلال هذه الفترة أظهرت أن الحكومة هدمت المنازل بآليات ثقيلة تتحرك على الأرض، مثل الجرافات والحفارات، بالإضافة إلى التفجير غير المنضبط لمتفجرات شديدة الانفجار، وهو أمر لا يتسق مع إغلاق الأنفاق تحت الأرض.

صورة من الأقمار الصناعية لسحابة انفجار ضخمة ناتجة عن تدمير مبنى سكني بمتفجرات شديدة. تتسق السحابة مع تفجير قنبلة تقليدية ضخمة. © DigitalGlobe 2018

قارنت هيومن رايتس ووتش أيضا مواقع الارتطام الناتجة عن الغارات الجوية بعمليات الهدم، فوجدت أنه على الرغم من أن العديد من المباني قد تضررت على الأرجح في الغارات الجوية أو القتال البري، إلا أنه كان من الواضح أن العديد من المباني التي تم هدمها كانت أيضا سليمة بشكل واضح، ومن المحتمل أن تكون مسكونة ولم يتم هدمها لأنها تضررت من جراء الغارات الجوية.

كما قال أحد اللاجئين: "لقد أخذوا أطفالنا ودمنا ويأخذون ممتلكاتنا الآن - ما الذي تبقى لنا حتى نعود إليه؟"

قالت هيومن رايتس ووتش إن منع السكان النازحين من الوصول إلى منازلهم والعودة إليها بدون سبب أمني حقيقي أو تقديم بدائل للأشخاص المشردين يجعل هذه القيود تعسفية، ومن المرجح أنها ترتقي إلى التهجير القسري.

يضمن القانون الدولي حرية الحركة للأشخاص الموجودين في دولة ما بشكل قانوني. يجب فرض القيود فقط إذا كانت بموجب القانون، أو كانت ضرورية لتحقيق أهداف مشروعة، وكان الفرض غير تمييزي ومتناسب - أي متوازن بعناية مع السبب المحدد للتقييد.

تنتهك الحكومة التزاماتها بضمان حرية الحركة عندما تفرض قيودا على الدخول والخروج من القابون ومنع العودة إلى داريا بالكامل دون تقديم سبب مشروع، أو القيام بفحص أمني ​​فردي للمقيمين الساعين للدخول أو المغادرة. وبالنظر إلى الوقت الذي انقضى منذ الاستيلاء على هذه المناطق، وحجم تأثير هذه القيود، فهي تبدو غير متناسبة.

كما يحظر القانون الإنساني الدولي "التدمير العشوائي" للممتلكات والهجمات المتعمدة والعشوائية وغير المتناسبة ضد المدنيين والأهداف المدنية. يشير حجم عمليات الهدم، واستعادة الحكومة للمنطقة لمدة عام على الأقل، إلى أن عمليات الهدم هذه قد تكون غير متناسبة، وربما تكون جرائم حرب.

قالت هيومن رايتس ووتش إن القيود المفروضة على الوصول، الهدم، ومصادرة الممتلكات تؤثر أيضا على قدرة الأشخاص النازحين واستعدادهم للعودة إلى مناطقهم الأصلية. أشار اللاجئون إلى أن أسباب عدم عودتهم تكمن في عدم قدرتهم على العودة إلى مناطقهم الأصلية وعدم وجود ضمانات بأن الأمن سيستتب هناك. قال آخرون إن هذه ليست سوى أحدث ما قامت به الحكومة السورية في سلسلة من الإجراءات ضد السكان المدنيين.

8 يوليو/تموز 201711 سبتمبر/أيلول 2018

Before: © DigitalGlobe 2018 After: © DigitalGlobe 2018

على روسيا، والدول الأخرى التي تدعو إلى عودة اللاجئين، استخدام نفوذها لدى الحكومة السورية لضمان حماية حقوق الملكية الخاصة بالنازحين الذين يسعون إلى العودة، وألا تصادر الحكومة أو تدمر ممتلكاتهم بشكل تعسفي دون تزويدهم بالبدائل.

على الدول المانحة والمستثمرين والوكالات الإنسانية العاملة في المناطق التي تستعيدها الحكومة ضمان أن أي أموال تقدمها إلى البرامج التي تهدف إلى إعادة البناء وإعادة التأهيل في المناطق التي تستعيدها الحكومة تلبي معايير معينة. عليها أيضا التأكد من أن أموالها لا تساهم في الإساءة لحقوق الملكية للسكان أو النازحين وأن الأموال لا تذهب إلى الكيانات أو الأشخاص المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي.

على الأمم المتحدة أن تكفل ألا تساهم برامج وكالاتها، بما فيها إيصال المساعدات الإنسانية، وإعادة تأهيل  البنى التحتية  وتقديم الخدمات على نطاق صغير، في انتهاك حقوق الملكية للسكان أو النازحين وألا تطبق بطريقة تمييزية. 

قالت فقيه: "عبر هدم المنازل وتقييد الوصول إلى الممتلكات، تؤكد الحكومة السورية أنه على الرغم من الخطاب الرسمي الذي يدعو السوريين إلى العودة إلى ديارهم، إلا أنها لا تريد عودة اللاجئين أو النازحين. على المانحين الذين يفكرون في تمويل إعادة الإعمار لتسهيل العودة أن يلاحظوا ذلك".

القيود الحكومية

قال السكان إن المسؤولين المحليين لم يقدموا سببا لمنعهم من العودة إلى داريا أو القابون أو سببا للقيود الأخرى المفروضة على الوصول. واجهت مناطق أخرى، بما في ذلك وادي بردى والتضامن، قيودا مماثلة.

في 25 سبتمبر/أيلول، أفادت وسائل إعلام بأن تقرير "لجنة محافظة دمشق" بشأن تطبيق القانون رقم 10 في التضامن، وهو حي في دمشق، وجد أن 690 منزلا فقط صالح للسكن، أي حوالي 10 بالمئة من مجموع المساكن، وفقا لما ذكره أحد الناشطين في التقرير - وأن السكان لن يسمح لهم بالعودة إلى منازل تعتبر غير صالحة للسكن. أكد سكان التضامن أن التقرير كان غير موضوعي وغير عادل. ولم يوضح التقرير الإخباري ما إذا كان سيتم تقديم تعويض أو سكن بديل للمقيمين.

وفي مناطق أخرى، منها الزبداني والمعضمية، القريبة من داريا والقابون، قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إنهم يعودون ويمتلكون حق الوصول إلى ممتلكاتهم.

داريا

تقع داريا في ضواحي دمشق، على بعد 8 كيلومترات من العاصمة. كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة من عام 2012 حتى عام 2016. في أغسطس/أب 2016، استعادت الحكومة المنطقة بعد حصار دام 4 سنوات، وانتهى باستسلام الجماعات المسلحة المناهضة للحكومة وإخلاء كافة السكان.

البلدة معروفة على نطاق واسع بأنها كانت مركزية في الانتفاضة السورية، وهي مرتبطة بشدة بالمعارضة السياسية، حيث أخرجت نشطاء سياسيين بارزين. منذ عام 2012، اعتقلت الحكومة السورية وعذبت العشرات في سجون غير رسمية، وانتقمت بهجمات واسعة النطاق على البلدة.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 3 من سكان المنطقة، حاولوا العودة أو حاول أقرباؤهم المباشرون العودة في عام 2018. قال جميعهم إن داريا أغلقت بالكامل أمام السكان لمدة عامين بنقاط تفتيش وحواجز أقامتها القوات الحكومية. ليتمكن الشخص من الدخول، عليه أن يكون له قريب في الجيش السوري أو يدفع رشوة، وحتى حينها، لم يتمكن السكان من البقاء في البلدة، حسب قولهم.

"هناك حاجز من الصلب كبير، والعديد من نقاط التفتيش"، قال سامر، وهو مقيم سابق في داريا. "لا يسمحون لأحد بالدخول. منزلنا على بعد 300 متر من نقطة التفتيش". قال أحد السكان إن جاره دفع ما يزيد عن مليون ليرة سورية ليتمكن من الدخول وتفقد منزله.

قال اثنان من السكان الذين حاولوا العودة إن المسؤولين الذين تحدثوا معهم في السجلات المدنية والبلديات لم يقدموا سببا لمنع الوصول إلى داريا.

قالت امرأة حاولت العودة إلى منزلها في داريا في مايو/أيار إن الحكومة السورية لم تسمح لها بالدخول. قالت إنها عادت خشية أن تتم مصادرة ممتلكات الأسرة بموجب القانون رقم 10. عندما ذهبت إلى مكتب البلدية، لم يسمح لها الموظفون بزيارة ممتلكاتها ولم يقدموا أي سبب لذلك، قائلين "ممنوع يعني ممنوع. نحن لا نجادل في هذه الأشياء في سوريا".

كما حاولت شابة توفي والدها في الآونة الأخيرة العودة للتحقق من قضايا الأراضي والميراث. قالت إنه لم يُسمح لها بالوصول إلى ممتلكاتها، وإنه بسبب عدم الشفافية حول السياسات وتسجيل الممتلكات، لم تتمكن من حل أو حتى فهم الخطوات اللازمة لضمان أن ترث ممتلكات والدها في داريا.

في 27 أغسطس/آب، أعلنت صفحة "فيسبوك" الخاصة بـ "المكتب التنفيذي لبلدية داريا"، التابع للحكومة السورية، أن بإمكان الأشخاص دخول داريا في 28 أغسطس/آب. سمح القرار للسكان الذين سجلوا أسماءهم بالدخول من نقطة واحدة في البلدة، ولتفقد منازلهم فقط. كان عليهم أن يغادروا في نفس اليوم ولم يتمكنوا من العودة أو البقاء في داريا.

قال أحد السكان السابقين: "الحكومة تمنعنا من الدخول عند نقاط التفتيش. في البداية، قالوا إن ذلك كان لأسباب أمنية، وتفهمنا ذلك، لكن بعد مرور عامين، تم فتح العشرات من المناطق الأخرى، لماذا لا تزال داريا مغلقة؟"

في سبتمبر/أيلول، نشر المكتب التنفيذي قوائم أسماء وأعلن أن الأشخاص في هذه القوائم يمكنهم التسجيل والحصول على بطاقة تصريح تسمح لهم بدخول داريا في أي وقت. مع ذلك، لم تسمح الحكومة لأي شخص بالبقاء أو العودة إلى المنازل، بناء على تعليقات من السكان على صفحة فيسبوك، وعلى السكان المغادرة في اليوم نفسه.

أشارت التقارير الإعلامية ضمنا إلى أن السكان لم يتمكنوا من العودة إلى داريا بسبب الأضرار الكبيرة اللاحقة بالمباني، والانقطاع عن البنى التحتية الأساسية ومنها المياه والكهرباء. إلا أن أبحاث هيومن رايتس ووتش تُظهر أنه في مناطق أخرى تم استرجاعها من قبل الحكومة بعد استرجاع داريا، ومنها الزبداني والمعضمية، سُمح للسكان على ما يبدو بالعودة من دون وجود هذه الشروط المسبقة.    

قالت امرأة حاولت العودة إلى داريا في مايو/أيار 2018 بعد أن صنّفتها السلطات المحلية ضمن إعادة الإعمار لـ هيومن رايتس ووتش إن البلدية منعتها من زيارة ممتلكاتها. وقالت إنها سمحت لها بتقديم نسخ من سندات الملكية الخاصة بها وعدد الممتلكات لإثبات ملكية العقار، كما هو مطلوب بموجب القانون 10 حتى لا تجرد من ممتلكاتها في مناطق إعادة التطوير، لكن مسؤولي البلدية قالوا إن ملكيتها لن يتم الاعتراف بها إلا بعد تصريح أمني دون شرح ما يعنيه ذلك. "سيحصل بعض الناس على موافقة وآخرون لن يفعلوا. نأمل أن يوضع اسمنا على القائمة وأن يسمحوا لنا بالعودة. لم نحصل على أي وعود. نحن نأمل فقط".

القابون

تقع القابون في ريف دمشق على بعد 6 كيلومترات من العاصمة. كانت تحت سيطرة الجماعات المناهضة للحكومة حتى عام 2017، ثم استعادت الحكومة السيطرة عليها. بين عامي 2014 و2017، كان هناك وقف لإطلاق النار بين أطراف النزاع.

مع ذلك، في مارس/آذار 2017، قامت الحكومة السورية، بدعم من الجيش الروسي، بشن هجوم لاستعادة القابون. تظهر صور الأقمار الصناعية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش أن التحالف العسكري السوري الروسي قصف حي تشرين بالمدفعية الثقيلة والذخائر الكبيرة التي أسقطت جوا بين أوائل فبراير/شباط ومنتصف أبريل/نيسان 2017. تبع ذلك هجوم بري كبير على طول الحواف الجنوبية والشرقية للقابون بين منتصف أبريل/نيسان وأواخر مايو/أيار 2017. تظهر صور الأقمار الصناعية المسجلة خلال هذه الفترة وجود حركة للمركبات العسكرية، بما في ذلك ناقلات الأفراد المدرعة والدبابات، ولكن معظم القتال البري تركّز شمال منطقة الهدم. استعادت الحكومة السورية القابون في مايو/أيار 2017. 

في القابون، التي أعيدت السيطرة عليها في مايو/أيار 2017، قال سكان سابقون إن المسؤولين في الدولة جعلوا بعض الأحياء محظورة على السكان بينما يسمحون بدخول أحياء أخرى. ولكن حتى في الأحياء التي يستطيع السكان دخولها، فرضت الحكومة قيودا على الدخول والخروج، مما تطلب من الأشخاص الذين يريدون الذهاب إلى دمشق دفع 500 ليرة سورية [حوالي دولار أمريكي واحد] وفرض عليهم العودة في نفس اليوم. على هؤلاء الذين يدخلون إلى الحي ترك بطاقات هويتهم عند نقطة تفتيش في طريقهم.

تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 4 أشخاص من القابون قالوا إن الوصول إلى أحياء معينة ما زال مقيَدا وأن عمليات الهدم التي بدأت في 2018 جارية في أحياء على طول الأوتوستراد الدولي (إم 5).

"ليلى"، التي لا يزال أقاربها في دمشق وريف دمشق، والتي طلبت عدم الكشف عن هويتها لحماية أسرتها، قالت إن منزلها كان لا يزال قائما عندما غادرت عائلتها في مايو/أيار 2017 كجزء من النزوح الجماعي إلى إدلب بعد استسلام القوات المناهضة للحكومة في القابون. لم تعد منذ ذلك الحين:

غادرت في نزوح القابون [بعد أن استعادت الحكومة المنطقة]، وفي غضون بضعة أشهر، طلبت من أحد أبناء عمومتي زيارة المنزل. تركنا سيارة هناك، وأردت التأكد من أن كل شيء كان هناك. رفضوا السماح له بالدخول ولم يعطوا سببا. أصررت على زيارته، فدفع لهم رشوة وسمحوا له بالدخول. كان المنزل قد تعرض للضرب أثناء القتال - كنا لا نزال هناك - وتم إحراقه لكنه كان لا يزال قائما في ذلك الوقت.

زار ابن عمها الممتلكات مرة أخرى في أغسطس/آب أو سبتمبر/أيلول 2018، ووجد أن المنزل قد هدم. قالت ليلى وسكان آخرون إنه لا يُسمح إلا للمسؤولين الحكوميين بالعمل والهدم في المنطقة. وقالت إن منزلها ليس جزءا من مستوطنة غير رسمية وأن الأضرار التي لحقت بالمنزل لا تبرر تدميره. وقالت إن أسرتها لم تتلق أي إشعار أو تعويض أو دعم للعثور على مساكن بديلة.

كانت الحكومة قد استخدمت في السابق ذريعة تصفية المستوطنات العشوائية لهدم المنازل.

قال شخص آخر، وهو "عمر"، إن منزله قد هُدم بعد وقت قصير من استعادة القابون. قال إنه غادر القابون في مايو/أيار 2017 وزوده صديق داخل القابون بصور في يونيو/حزيران أظهرت الدمار. قال إن منزله مسجل رسميا وليس جزءا من المستوطنات غير الرسمية. كما لم تتلق أسرته أي إشعار أو تعويض أو سكن بديل. قال عمر: "هذه هي الممارسة المعتادة للحكومة. لقد هدموا أحد ممتلكاتنا في عام 2012، وبشكل مماثل لم يقدموا أي تحذير ولا مال. إنهم لا يريدوننا أن نعود".

قالت ليلى وعمر أيضا إن الحكومة تمنع الوصول إلى العديد من الأحياء الأخرى بما في ذلك الفلوجة، العارضية، مزرعة الحمام، مشروع علوان، مؤسسة الكهرباء، وجامع الحسين. وفي حي آخر، حيث تمتلك ليلى منزلا ثانيا، لم يتم إعطاء أي سبب لتقييد الوصول: "في العيد الماضي [يونيو/حزيران 2018] استطاعت بناتي زيارة المنزل والتحرك بحرية نسبية. هذا العيد [أغسطس/آب 2018]، حاولن مرة أخرى وقيل لهن إنهن لا يستطعن الوصول إلى المنطقة".

حللت هيومن رايتس ووتش صور أقمار صناعية متسلسلة زمنيا وحددت المئات من المباني السكنية التي هدمت في القابون في الفترة ما بين 22 مايو/أيار 2017 و29 سبتمبر/أيلول 2018. حصلت عمليات الهدم بآلات ثقيلة تتحرك على الأرض مثل الجرافات والحفارات وتفجير المواد شديدة الانفجار. تركزت عمليات الهدم في الطرف الجنوبي من المدينة على طول الأوتوستراد الدولي، على مساحة تزيد على 35 هكتار.

في الفترة ما بين 22 مايو/أيلول و2 يوليو/تموز 2017 تم هدم عشرات المباني في الطرف الجنوبي للقابون على طول الأوتوستراد الدولي. كان هناك عدد محدود من الغارات الجوية في هذا الجزء من المدينة، وبدت غالبية المباني التي هُدمت خلال هذه الفترة سليمة وصالحة للسكن قبل هدمها. استؤنفت عمليات الهدم بين 13 سبتمبر/أيلول و22 أكتوبر/تشرين الأول 2017، هذه المرة إلى الشمال من الأوتوستراد الدولي.

بدأت جولة ثالثة من عمليات الهدم في الفترة ما بين 27 مارس/آذار و13 أبريل/نيسان 2018 واستمرت حتى أوائل سبتمبر/أيلول. وبالتوازي مع ذلك، أظهرت صور الأقمار الصناعية عشرات شاحنات التفريغ التي تم اقتيادها إلى المنطقة لإزالة الحطام من المباني المدمرة، مما خلق مناطق واسعة من التربة على طول الجانب الشمالي من الأوتوستراد الدولي.

احدى الصورة التي التقطتها الأقمار الصناعية في 11 مايو/أيار صوّرت سحابة كبيرة من الدخان وسحابة الحطام مباشرة بعد التفجير المحتمل للعديد من المباني السكنية بمتفجرات شديدة الانفجار.

في عام 2014، وثقت هيومن رايتس ووتش عمليات هدم واسعة النطاق في أحياء القابون، على ما يبدو ردا على الانتماء إلى المعارضة السياسية. في جميع الحالات، تمت عمليات الهدم دون تحذير أو إخطار، ولم توفر الحكومة مساكن بديلة أو أي تعويض، على حد قول السكان لـ هيومن رايتس ووتش.

قال 3 من السكان لـ هيومن رايتس ووتش إن أقاربهم الذين بقوا داخل سوريا وزاروا القابون أخبروهم بأن منازلهم قد هدمت في الفترة ما بين مايو/أيار 2017 ومارس/آذار 2018. شارك اثنان من السكان صور المنازل مع هيومن رايتس ووتش، والتي أظهرت كمية كبيرة من الأنقاض والهياكل المدمرة وقالا إن المنازل ليست جزءا من المستوطنات غير الرسمية. لم تقابل هيومن رايتس ووتش أي شهود على عمليات الهدم في عامي 2017 و2018، لكن السكان قالوا باستمرار إنهم يعتقدون أن الحكومة كانت مسؤولة عن عمليات الهدم لأنها كانت تسيطر على المنطقة في ذلك الوقت.

قال أحد السكان إن الحكومة هدمت ممتلكاته في 2012 و2013 و2017:

كان لدينا 3 منازل في القابون. في عام 2012، هدمت الحكومة المنزل الأول. وفي عام 2013، سيطر النظام على المنطقة، ولم يسمح بدخول شخص واحد. لم تتضرر المباني في الغارات الجوية، لكنهم هدموها على أي حال وسووها بالأرض. ثم في نهاية العام الماضي [2017]، بعد أن أجبرونا على الخروج، هدموا منزلنا الأخير. لم يبقى شيء.

القانون رقم 10

يمنح القانون، الذي أقرته الحكومة السورية في 2 أبريل/نيسان 2018، الحكومة الحق في إنشاء مناطق تنظيمية في جميع أنحاء سوريا بمرسوم، مع متطلبات واسعة، وفي بعض الحالات صعبة، ليتمكن أصحاب الأملاك أو المستأجرين من البقاء أو الحصول على تعويض عندما يطلب منهم الانتقال من أجل إعادة الإعمار.

بعد ضغوط دولية، أكد وزير الخارجية السوري أنه "بالفعل المدة الزمنية عدلت وأصبحت سنة". قال دبلوماسيون ومحامون لـ هيومن رايتس ووتش إن الحكومة السورية ستعيد القانون إلى البرلمان لإعادة النظر فيه. مع ذلك، في وقت كتابة هذا التقرير، لم يتم تمرير أي تعديل تشريعي للقانون 10 من قبل البرلمان.

يحل القانون رقم 10 محل المرسوم 66 لعام 2012، للسماح بإعادة تطوير المناطق في ريف دمشق. بعد إقرار المرسوم 66، تم إنشاء "شركة دمشق الشام القابضة"، وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص بين الحكومة السورية والمستثمرين من القطاع الخاص. في 27 مارس/آذار، ذكرت تقارير إخبارية أن مجلس محافظة دمشق قد وافق على خطط تطوير لـ "باسيليا سيتي"، المشروع التطويري الثاني، و"ماروتا سيتي"، المشروع التطويري الأول، بموجب المرسوم 66 الذي تم الإعلان عنه في عام 2016. هذان المشروعان يشملان أجزاء من داريا، كفر سوسة، والمزة، وهي بلدات في ريف دمشق. في أبريل/نيسان 2018، بعد إقرار القانون 10، أعلنت "وكالة الأنباء السورية" (سانا) أن أجزاء إضافية من داريا سيتم تضمينها في خطط إعادة البناء.

القانون الدولي

يحمي القانون الدولي حق السكان في المسكن وفي السكن واللائق. وجدت الهيئة المكلفة بتفسير "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" أن هذا يجب أن يشمل ضمانات الحماية القانونية من الإخلاء القسري، ومنها (أ) فرصة للتشاور الحقيقي مع المتضررين؛ (ب) إشعار كافٍ ومتوقع لجميع الأشخاص المتأثرين قبل الموعد المقرر للإخلاء؛ (ز) توفير سبل الانتصاف القانونية؛ وغيرها.

يضمن "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان" و"الميثاق العربي لحقوق الإنسان" الحق في الملكية. ينص الميثاق العربي على أنه لا يجوز في أي حال من الأحوال "مصادرة (الأموال) كلها أو بعضها بصورة تعسفية أو غير قانونية". قالت هيومن رايتس ووتش إن الحكومة السورية لم تلتزم بمتطلباتها عبر هدم المنازل الخاصة ومنع وصول السكان إلى ممتلكاتهم دون سابق إنذار أو التشاور الحقيقي أو تقديم تعويضات مناسبة.

بموجب "مبادئ بينهيرو" الأممية، يحظى اللاجئون والمشردون داخليا بالحماية أيضا من قوانين التمييز في السكن والأرض واستعادة الحقوق. يجب أن تتسم هذه الحقوق بالشفافية والاتساق. عندما يُحرم اللاجئ أو النازح من ملكيته بصورة غير قانونية أو تعسفية، يحق له تقديم ادعاء لاستردادها من هيئة مستقلة ومحايدة.

فرض العقاب الجماعي عبر فرض قيود تعسفية على الحركة أو حرمان الأشخاص من ممتلكاتهم بصورة غير قانونية ينتهك أيضا حقوق الإنسان والقانون الإنساني. إذا قامت الحكومة السورية بمنع الوصول إلى هذه المناطق بسبب انتماء بعض أفراد المجتمع المحلي للمعارضة، فقد يشكل ذلك عقابا جماعيا.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة