(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إنه ينبغي أن تمتنع سلطات الإمارات العربية المتحدة عن ترحيل 19 لاجئا من التاميل إلى سريلانكا؛ لأنهم سيصبحون في خطر داهم بالتعرض للتعذيب والاضطهاد في حال عودتهم. أقرّت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن الـ19 جميعاً لاجئين، ولكن السلطات الإماراتية قالت للمجموعة إنه يجب أن يُرحّلوا عن البلاد في موعد غايته 11 أبريل/نيسان 2013.
وقال بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "إن إعادة الإمارات لاجئي التاميل المعترف بهم؛ كي يواجهوا خطر التعذيب الداهم في سيريلانكا، هو بادرة على التجاهل التام لسلامة اللاجئين، وأهم المباديء الأساسية للقانون الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الانسان. معاملة سريلانكا للتاميل الذين تعتبرهم مشبوهين سياسيا هي معاملة بائسة، ويجب على الإمارات ألا ترحل تلك المجموعة إلى هناك تحت أي ظرف من الظروف".
وكان الـ19، بما فيهم السيدات الست، ضمن مجموعة ضمت 46 سريلانكياً من طالبي اللجوء التاميل، الذين فروا من سريلانكا في أكتوبر/تشرين الأول 2012، وحاولوا الوصول إلى أستراليا باستخدام قارب، وبعدما واجه قاربهم المشاكل، وتم إنقاذهم بواسطة سفينة سنغافورية في 14 أكتوبر/تشرين الأول، تم نقل الـ46 لاجئاً إلى ميناء جبل علي في جنوب دبي بالإمارات العربية المتحدة.
في نوفمبر/تشرين الثاني، اعترفت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بـ39 من أصل 46 شخصاً بأنهم لاجئين. على الرغم من ذلك ظلت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين تسعى لإعادة توطينهم في بلد ثالث، وهي لم تتمكن بعد من توفير عروض إعادة توطين لـ19 لاجئاً منهم. هؤلاء هم اللاجئون المهددون بالترحيل، وفقا لمصدر سريلانكي، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة الإماراتية أبلغت اللاجئين بأنهم يجب أن يعودوا إلى سريلانكا، وقيل للبعض إنهم سيرحلون في موعد أقصاه 11 أبريل/نيسان.
لم تصدق الإمارات على اتفاقية عام 1951 المتعلقة باللاجئين. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الإمارات رغم ذلك ملتزمة بالقانون الدولي العرفي، ومن ثم يجب ألا تعيدهم إلى الاضطهاد أو غيره من ضروب سوء المعاملة. تمنع اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، التي صدقت عليها دولة الإمارات في يوليو/تموز 2012، إعادة الفرد إلى بلد "إذا توافرت لديها أسباب حقيقية تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش تعذيب السلطات السريلانكية لأشخاص يشتبه في صلتهم بجبهة نمور تاميل إيلام الانفصالية (التاميل)، بما في ذلك أشخاص عادوا من بلدان مثل المملكة المتحدة بعد أن فشلوا في الحصول على وضع اللاجئ. تعد إعادة اللاجئين المعترف بهم إلى بلدهم الأصلية انتهاكاً للقانون الدولي للاجئين والقانون الدولي لحقوق الانسان، إذ يحظران إرسال أي شخص إلى مكان تتعرض فيه حياته أو حريته للتهديد أو يمكن أن يخضع فيه لخطر حقيقي بالتعرض للتعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة.
من بين السيدات الست اللاجئات امرأة تبلغ من العمر 66 عاما، وفتاة تبلغ 4 أعوام، وثلاثة أعضاء في مجموعة الـ19 لاجئاً يزعمون أن السلطات السريلانكية عذبتهم في 2011.
تستخدم قوات الأمن السريلانكية التعذيب منذ فترة طويلة ضد من تعتبرهم مرتبطين بجبهة نمور تاميل إيلام الانفصالية، وتشير أدلة متزايدة إلى أن التاميل الذين كانوا نشطاء سياسيين من الخارج في صفوف المعارضة السلمية قد يكونوا عرضة للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.
وثقت هيومن رايتس ووتش شهادات تفصيلية لـ75 حالة اغتصاب واعتداء جنسي من 2006 حتى 2012 في مراكز الاعتقال الرسمية والسرية على حد سواء في شتى أنحاء سريلانكا. في الحالات التي وثقتها هيومن رايتس ووتش، ذكر الرجال والنساء تعرضهم للاغتصاب مرات عديدة، وغالبا من قبل أشخاص عدة، مع مشاركة كل من عناصر في الجيش والشرطة والجماعات شبه العسكرية الموالية للحكومة في أحيان كثيرة.
كما وصف الضحايا أنهم تعرضوا للضرب، وعلقوا من أذرعهم، وتعرضوا للخنق بصورة جزئية، وللحرق بالسجائر، وغيرها من صنوف المعاملة السيئة الأخرى، ولم يتمكن أي ممن تحدثت معهم هيومن رايتس ووتش من التواصل مع محام أو مع أفراد أسرته أو الأطباء خلال فترة الاعتقال، وقال معظمهم إنهم وقعوا على اعترافات على أمل أن تتوقف الإساءة، وعلى الرغم من ذلك استمر التعذيب في أغلب الحالات، بما في ذلك الاغتصاب.
اكتشفت هيومن رايتس ووتش من خلال تحقيقات سابقة، أن بعض طالبي اللجوء التاميل في المملكة المتحدة، وبلدان أخرى، تعرضوا للاعتقال التعسفي، والتعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة لدى وصولهم إلى سريلانكا.
وقال بيل فريليك: "مبدأ (عدم الإعادة) الذي يمنع الإعادة القسرية للاجئين، هو ركن من أركان حماية اللاجئين في جميع أنحاء العالم". وأضاف "إذا أعادت الإمارات هؤلاء اللاجئين قسرا، فإنها تعرّض حياتهم للخطر، وتعمل على تقويض ركائز حماية اللاجئين في كل مكان".