(نيويورك) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على مجلس الأمن فرض حظر أسلحة وعقوبات أخرى محددة الهدف تشمل تجميد الأصول وحظر السفر على القيادة السورية رداً على عمليات القتل المتفشية وغيرها من الانتهاكات بحق الأطفال في سوريا. صدر في 11 يونيو/حزيران 2012 تقرير عن الأمين العام للأمم المتحدة قدمه لمجلس الأمن، بشأن الأطفال والنزاع المسلح، ويلقي التقرير الضوء على الانتهاكات بحق الأطفال من قبل القوات المسلحة السورية وقوات المخابرات والميليشيات الموالية للحكومة. الانتهاكات التي تقع في مناخ من الإفلات من العقاب، تشمل الاستهداف بالقتل وتعذيب الأطفال رهن الاحتجاز واستخدام الأطفال دروعاً بشرية وهجمات على المدارس واستخدام المدارس في عمليات عسكرية.
كما ورد في التقرير مزاعم قابلة للتصديق بقيام جماعات معارضة مسلحة – منها الجيش السوري الحر – باستخدام الأطفال في صفوفها كجنود. دعت هيومن رايتس ووتش قادة الجماعات المعارضة السورية – ومنها الجيش السوري الحر – إلى الكف فوراً عن أي تجنيد للأطفال أو استخدامهم كجنود، وفرض إجراءات تأديبية على جميع المسؤولين عن هذا الأمر، ومنهم القادة، والتعاون الكامل مع أي تحقيق في استخدام الجنود الأطفال.
وقالت جو بيكر، مسؤولة الدعوة لحقوق الطفل في هيومن رايتس ووتش: "يدفع الأطفال ثمناً باهظاً للغاية في المواجهات العسكرية في سوريا. تقرير الأمين العام يلقي مزيداً من الضوء على الحاجة لأن يفرض مجلس الأمن عقوبات من أجل وقف الانتهاكات المتفشية ضد الأطفال".
يقع الأطفال ضحايا للنزاع في سوريا بشكل متزايد. فطبقاً لمركز توثيق الانتهاكات السوري – وهو شبكة من النشطاء – هناك 1176 طفلاً قُتلوا منذ فبراير/شباط 2011. أفاد مركز توثيق الانتهاكات أنه في 6 يونيو/حزيران قُتل تسعة أطفال على الأقل في قرية القبير بمنطقة حماة، وأنه في 9 يونيو/حزيران قُتل 10 أطفال بالقرب من بلدة الحفة، رغم عدم التعرف بشكل مؤكد على هوية الجناة. كما أفادت الأمم المتحدة مقتل 49 طفلاً في مذبحة 25 مايو/أيار في الحولة، أي نصف ضحايا المذبحة تقريباً، البالغ عددهم 108 أشخاص.
قال لـ هيومن رايتس ووتش ثلاثة أشخاص نجوا من أعمال القتل في الحولة إن القتلة هم من القوات الموالية للحكومة، وربما كانوا من ميليشيا موالية للحكومة. وقال هيرف لادسوس – نائب الأمين العام للأمم المتحدة وقائد مهمات حفظ السلام – إن الحكومة مسؤولة عن الخسائر البشرية في يوم 25 مايو/أيار التي نجمت عن القصف، وأن الأفراد الذين قُتلوا بشكل فردي ربما قُتلوا على يد ميليشيات موالية للحكومة، المعروفة في سوريا بمسمى "الشبيحة".
منذ عام 2004 تبنى مجلس الأمن عدة قرارات ورد فيها إن المجلس سيتبنى منهج العقوبات المحددة الهدف، وتشمل حظر الأسلحة على الأطراف المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال. وفرض مجلس الأمن حظر سفر وتجميد أصول على من يستخدمون الأطفال كجنود في الكونغو وساحل العاج. يعتبر مجلس الأمن أن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال تشمل أعمال القتل والتشويه، وتجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، والهجمات على المدارس والمستشفيات، ومنع الوصول إلى المساعدات الإنسانية، والاختطاف، والعنف الجنسي.
تقرير الأمين العام الجديد ذكر القوات الحكومية السورية – وتشمل القوات المسلحة وقوات المخابرات والشبيحة – على قائمة الجناة الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات؛ لا سيما أعمال قتل وتشويه الأطفال ومهاجمة المدارس والمستشفيات. هذه هي المرة الأولى التي تظهر فيها سوريا في التقرير السنوي.
كما تحدث الأمين العام عن تقارير بقيام جماعات معارضة – منها الجيش السوري الحر – بتجنيد الأطفال، لكن لم يرد فيها ذكر مجموعات بعينها ضمن قائمة الجناة. دعت هيومن رايتس ووتش لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في سوريا، المُعينة في 12 سبتمبر/أيلول 2011، إلى فتح المزيد من التحقيقات في هذه المزاعم ونشر نتائجها. وإذا تبين بالدليل الواضح تجنيد الجيش السوري الحر للأطفال؛ فعلى الدول التحقيق ومقاضاة أي جناة مزعومين على أراضيها، وعلى مجلس الأمن البحث في أمر فرض عقوبات محددة الهدف ضد من يتبين تجنيدهم للأطفال.
وثقت هيومن رايتس ووتش أعمال قتل وانتهاكات أخرى بحق الأطفال من قبل القوات الحكومية السورية والشبيحة على مدار النزاع السوري. ومن بين الانتهاكات التي وصفها الشهود عمليات إعدام خارج نطاق القضاء مؤخراً ضد أطفال في الحولة وتفتناز. كما قُتل أطفال بنيران القناصة في مناطق سكنية، وتعرض بعضهم لإصابات جسيمة وهم مختبئون في بيوتهم. وقال ضباط تركوا الجيش لـ هيومن رايتس ووتش أنه قد وُجت إليهم الأوامر بمهاجمة المتظاهرين بغض النظر عن أعمارهم.
لجأت قوات الأمن السورية إلى احتجاز صبية تصل أعمار بعضهم إلى 13 عاماً في أوضاع مزرية مع تعرضهم للتعذيب. قابلت هيومن رايتس ووتش أطفالاً قالوا إن ضباط الأمن ضربوا الأطفال ضرباً مبرحاً وصعقوهم بالكهرباء وأحرقوهم بالسجائر وتركوهم معلقين من أصفاد معدنية لساعات وساعات. كما تم وضع أطفال في الحبس الانفرادي وحُرموا من العلاج الطبي والطعام الكافي والمياه، وتعرض بعض الصبية للاغتصاب.
وقال ضابط من الأمن لصبي يبلغ من العمر 13 عاماً من تلكلخ، طبقاً لشهادة الطفل عن احتجازه: "نحن نأخذ الأطفال والكبار، ونقتل الأطفال والكبار".
قامت قوات الأمن بالقبض على أطفال من المدارس، واستخدمت المدارس في شتى أنحاء سوريا لأغراض عسكرية، وشمل ذلك استخدامها كمراكز احتجاز، ونقاط تمركز للقناصة، وقواعد عسكرية وثكنات للجنود. ورد في تقرير الأمين العام إنه يجري مداهمة المدارس بشكل دائم وتُستخدم كقواعد لعمليات عسكرية و"مراكز تعذيب". كما ورد في التقرير إنه قد تم نصب أسلحة وبنادق على أسطح المدارس فيما يدرس الأطفال في فصولهم، وأنه قد تم قتل أطفال مدارس أثناء عمليات عسكرية داخل المدارس.
وقالت جو بيكر: "يجب أن يمتنع جميع الأطراف عن الاعتداء على الأطفال وعن استخدام المدارس بأي شكل في العمليات العسكرية".
كما تؤكد هيومن رايتس ووتش على دعوتها لمجلس الأمن، بإحالة الوضع في سوريا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وتدعو الدول الأخرى إلى الانضمام إلى دعوات المحاسبة عن طريق دعم طلب الإحالة للجنائية الدولية كونها الهيئة الأكثر قدرة على التحقيق الفعال والملاحقة القضائية لمن يتحملون أكبر المسؤولية عن الانتهاكات في سوريا. ويتعين على الحكومة السورية أيضاً أن تمنح بعثة الأمم المتحدة للمراقبة في سوريا – المكلفة بمراقبة تنفيذ خطة عنان – حق الوصول إلى جميع أماكن الاحتجاز؛ لمراقبة الانتهاكات الممارسة ضد الأطفال.
لم يفرض مجلس الأمن حظر أسلحة على سوريا، وطبقاً لوحدة بحوث الكونغرس، فإن سوريا هي سابع دولة في العالم حصلت على أسلحة تقليدية في عام 2010، إذ وقعت صفقات بقيمة 1 مليار دولار. روسيا هي حالياً مورد الأسلحة الأول إلى سوريا، من خلال شركة روزوبورون-إكسبورت لتصدير الأسلحة. وثقت هيومن رايتس ووتش عدة شهادات شهود على أن القوات الحكومية السورية استخدمت بنادق آلية ذات أعيرة كبيرة، ودبابات وقذائف هاون وأسلحة انفجارية أخرى لإطلاق النار عشوائياً على المباني والناس في الشوارع، مما أدى إلى مقتل مدنيين بينهم أطفال.
وقالت جو بيكر: "يُظهر تقرير الأمين العام أن الأطفال السوريين يحتاجون إلى اهتمام العالم وحمايته لهم". وتابعت: "يجب ألا تتجاهل دول العالم الأخرى ما يحدث، مع قيام القوات المسلحة وجماعات أخرى في سوريا بتعذيب وقتل الأطفال واستخدامهم دروعاً بشرية وتسليحهم كجنود".