Skip to main content
تبرعوا الآن

مصر: يجب التعهد بإجراء إصلاحات حقوقية جدّية

يجب النظر إلى مراجعة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان كفرصة للتقدم

(نيويورك) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن مراجعة مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان الأولى لسجل مصر الحقوقي في 17 فبراير/شباط 2010 هي فرصة للحكومة المصرية كي تُظهر استعدادها لمناقشة حقوق الإنسان بشفافية والتعهد بإنهاء انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.

ودعت هيومن رايتس ووتش في تقرير قدمته للمجلس ضمن آلية المراجعة، دعت مصر إلى رفع أنظمة الطوارئ المسيئة المعمول بها منذ فترة طويلة، وإلى محاسبة قوات الأمن عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان كالاعتقال التعسفي والاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، ووضع حد للتعذيب الممنهج والمحاكمات غير العادلة أمام محاكم أمن الدولة. المراجعة الدورية الشاملة هي الآلية التي تراجع من خلالها دول مجلس حقوق الإنسان الأعضاء سجل مصر الحقوقي وسجل جميع الدول الأخرى الحقوقي. المراجعة التي ستستغرق ثلاث ساعات في جنيف صباح الأربعاء هي جزء من هذه العملية.

وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "تقول مصر إنها تأخذ هذه المراجعة على محمل الجد، من ثم فهذا هو الوقت المثالي كي تُعلن وضع حد لحالة الطوارئ وعودة الإشراف القضائي على إجراءات الاعتقال والاحتجاز". وتابع: "وأصبح هذا مُلحّاً أكثر بما أن الانتخابات البرلمانية ستُعقد هذا العام".

وفي 10 فبراير/شباط اقتبست صحيفة الشروق اليومية المصرية قول مفيد شهاب، وزير شؤون مجلسي الشعب والشورى: "أي شخص يحب لمصر أن تتبع قانون العقوبات، لكن جميع المؤشرات تحدو بنا نحو تمديد حالة الطوارئ نظراً للتوترات الطائفية والعنف المحيط بنا من جميع الجوانب في العراق والسودان ولبنان وفلسطين".

لكن على الدول الأعضاء بمجلس حقوق الإنسان المشاركين في عملية المراجعة أن يُصرّوا على أن تضع مصر حداً لحالة الطوارئ، المعمول بها بلا توقف منذ 29 عاماً على الأقل، دون أي تأخير، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وفي الأسابيع الأخيرة، استخدمت مصر قانون الطوارئ في اعتقال قيادات من الإخوان المسلمين والعديد من أعضاء الجماعة، وهي الحملة التي يتكرر حدوثها في أعوام الانتخابات. جماعة الإخوان المحظورة منذ زمن طويل هي أكبر حركة معارضة في البلاد، وربح أعضاؤها 20 في المائة من مقاعد البرلمان في انتخابات عام 2005. ولم تؤكد الحكومة مطلقاً عدد المحتجزين تعسفاً بموجب أوامر قانون الطوارئ الصادرة من وزير الداخلية، لكن منظمات حقوق الإنسان المصرية تُقدر العدد بأنه يتراوح بين 5000 إلى 10000 شخص محتجزين دون نسب اتهامات إليهم.

وقال جو ستورك: "المراجعة الدورية هي المحفل التي يمكن فيه لمجلس حقوق الإنسان، بل وعليه، أن يصر على كشف مصر لعدد الأشخاص المحتجزين بموجب قانون الطوارئ".

وقالت هيومن رايتس ووتش إن استمرار الاعتماد على محاكم أمن الدولة، التي لا تفي إجراءاتها بالمعايير الدولية للمحاكمة النزيهة ولا تسمح بالطعن، هو بدوره من بواعث القلق الأساسية. وقد بدأت محاكمة 25 رجلاً متهمين بالعضوية في تنظيم إرهابي أمام محكمة أمن الدولة في 14 فبراير/شباط لكن سبقتها انتهاكات إجرائية جسيمة، منها الاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي، ومزاعم تعذيب، واقتصار القدرة على مقابلة المحامين. وتقارير التعذيب المتفشي والإخفاق في التحقيق على النحو الملائم ومقاضاة المسؤولين بل وإعادة ضباط الشرطة إلى العمل بعد محاكمتهم وتبين أنهم مذنبين، هي جميعاً مؤشرات على أن الحكومة لا تحاول بجدية منع التعذيب أو ردعه، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

كما دعت هيومن رايتس ووتش المجلس إلى دعوة مصر لوقف اعتقالها الممنهج ومضايقاتها للنشطاء السياسيين السلميين، وكذلك المدونين والصحفيين. في 15 يناير/كانون الثاني اعتقلت قوات الأمن مجموعة من المدونين والنشطاء السياسيين كانوا قد سافروا إلى بلدة نجع حمادي لتقديم التعازي لأسر الأقباط الستة الذين قُتلوا في 6 يناير/كانون الثاني، عشية عيد الميلاد القبطي. كريم عامر، مدون واسمه الحقيقي عبد الكريم نبيل سليمان، محتجز في سجن برج العرب بالإسكندرية منذ 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2006، لكتابته عن التوترات الطائفية في الإسكندرية وانتقاده الرئيس حسني مبارك ومؤسسة الأزهر الدينية. هاني نظير، مدون أبدى آراء انتقادية للمسيحية والإسلام، محتجز في برج العرب منذ 3 أكتوبر/تشرين الأول 2008، ومحروم من الزيارات.

وفي تقرير الحكومة المصرية لمجلس حقوق الإنسان، قالت إنها تحتفظ بعقوبات جنائية "في جرائم معينة بحق الدولة ومؤسساتها والأعمال المضرة بسمعة الأشخاص أو العائلات". ودعت هيومن رايتس ووتش الحكومات المشاركة في مراجعة حقوق الإنسان بمصر إلى دعوة مصر إلى وقف اعتقال المدونين والصحفيين والناشطين جراء التعبير عن آرائهم وإلى إلغاء أحكام قانون العقوبات التي تسمح للحكومة بحبس الصحفيين على ما يكتبون، بما في ذلك المادة 308 والمادة 179.

كما ينبغي على مجلس حقوق الإنسان أن يتصدى لسياسة استخدام القوة المميتة التي تلجأ إليها السلطات من أجل منع المهاجرين وملتمسي اللجوء الأفارقة من عبور الحدود في سيناء إلى إسرائيل، على حد قول هيومن رايتس ووتش. ومنذ يونيو/حزيران 2007 قتل حرس الحدود المصريون 59 مهاجراً أفريقياً على الأقل، بإطلاق النار عليهم، منهم خمسة منذ بدء هذا العام، وأصابوا العشرات ممن حاولوا العبور إلى إسرائيل. واعتقلت قوات الأمن المصرية المئات من المهاجرين، ومنهم أطفال، وتحرم مصر هؤلاء المهاجرين واللاجئين من حقهم في التقدم بطلبات التماس اللجوء، التي يجب بموجب القوانين المصرية تقديمها للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

كما يجب على مجلس حقوق الإنسان أن يضغط على السلطات المصرية من أجل أمر شرطة الحدود باستخدام القوة المميتة فقط كإجراء متناسب مع جسامة الموقف القائم وفي حالة الضرورة القصوى في وجود تهديد للحياة، وضمان قدرة مفوضية شؤون اللاجئين على مقابلة جميع ملتمسي اللجوء واللاجئين المحتجزين بلا عرقلة، على حد قول هيومن رايتس ووتش.

وقالت الحكومة المصرية إنها ترى مراجعة مجلس حقوق الإنسان "فرصة للمناقشة والحوار البناء بالتركيز على التنمية بمنظومة حقوق الإنسان في مصر". البيان الرسمي ذكر أيضاً أن في تقرير مصر للمجلس ورد أنه "من الضروري الاعتراف بالتحديات والمشكلات التي يستمر المواطنون في مواجهتها أثناء ممارسة حقوقهم، سواء كانت سياسية أو مدنية أو اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية، مع وجوب بذل المزيد من أجل مواجهة هذه التحديات وحل هذه المشكلات".

إسهامات الدول المشاركة في هذه المراجعة لن تكون مفيدة إلا إذا لم تخجل من تناول تحديات حقوق الإنسان الأساسية في مصر، على حد قول هيومن رايتس ووتش. وضمن عملية المراجعة، يمكن للحكومات أن تتعهد طوعاً بإحراز إصلاحات بمجال حقوق الإنسان. ووقالت هيومن رايتس ووتش إن تعهد مصر في تقريرها الحكومي بأنها "ستراجع تعريف التعذيب في القانون المصري من أجل ضمان اتساقه مع اتفاقية مناهضة التعذيب" وبـ "مراجعة عرض المجلس القومي لحقوق الإنسان بتحسين القانون الموحد لبناء دور العبادة"، هما تعهدان هامان بشكل خاص.

وقال جو ستورك: "التعهدات بتحسين القوانين المصرية هامة، لكنها ستكون بلا معنى ما لم تصحبها تعهدات بضمان احترام قوات الأمن لسيادة القانون ومساءلة من لا يحترمون هذه السيادة، مع ضمان تنفيذ الوعود المُبرمة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.