Skip to main content

مصر

أحداث 2024

رجل يمر أمام مكتب صرافة في القاهرة بمصر، في 6 مارس/آذار 2024. 

© 2024 أسوشيتد برس فوتو/عمرو نبيل

دخلت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي عقدها الثاني في السلطة بمواصلة القمع الشامل، حيث واصلت اعتقال ومعاقبة المنتقدين والنشطاء السلميين بشكل ممنهج، وتجريم المعارضة السلمية عمليا. اعتقلت السلطات وحاكمت عشرات المتظاهرين والنشطاء في أحداث شملت مظاهرات التضامن مع فلسطين. وظل آلاف المحتجزين في ظروف قاسية في الحبس الاحتياطي المطول أو بموجب أحكام صدرت بحقهم إثر محاكمات جائرة. 

ولأول مرة منذ 2016، سُمح لحقوقيين بارزين عدة بالسفر خارج مصر. ومع ذلك، ظل الحيز المدني مقيدا بشدة حيث واجهت المنظمات المستقلة التي تعمل بموجب قوانين صارمة مضايقات قضائية وأمنية مستمرة. ومنذ يناير/كانون الثاني، وقّعت مصر على صفقات إنقاذ بحوالي 57 مليار دولار أمريكي، إلا أن الأزمة الاقتصادية واستجابة الحكومة لها أعاقتا حقوق الناس الاقتصادية والاجتماعية، بما في ذلك الحق فيكلّ من الغذاء والصحة والكهرباء.

سلوك قوات الأمن

استمر عناصر الشرطة و"قطاع الأمن الوطني" (الأمن الوطني) التابعين لوزارة الداخلية في ممارسة الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب بحق المعارضين والمنتقدين في أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.

ففي يوليو/تموز، احتجز أفراد الأمن الوطني رسام الكاريكاتير السياسي أشرف عمر والصحفي خالد ممدوح تعسفا وبمعزل عن العالم الخارجي. وقالت عائلة عمر إن عناصر الأمن الوطني عذبوه وهددوه بالصعق بالكهرباء أثناء احتجازه في مكان سري.

يبدو أن السلطات المصرية قد عقدت في السنوات الأخيرة صفقات عفو تنقصها الشفافية مع المشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ داعش") في شمال سيناء، دون الإفصاح عن المعايير. ورغم أن قوانين الحرب الدولية تحث على توسيع نطاق العفو في نهاية النزاعات المسلحة غير الدولية قدر الإمكان، إلا أن ذلك يستثني أي مشتبه به أو متهم أو مدان بارتكاب جرائم حرب أو جرائم دولية خطيرة أخرى. ولم توضح السلطات ما إذا كانت تنوي محاكمة المشتبه في ارتكابهم انتهاكات خطيرة مثل القتل الجماعي للمدنيين والإعدام خارج نطاق القضاء.

وعلى الرغم من الهدوء النسبي للوضع، إلا أن السلطات واصلت التعامل مع منطقة شمال سيناء كمنطقة عسكرية مغلقة بحكم الأمر الواقع، وحظرت التغطية الإعلامية المستقلة. وواصلالجيش منع عشرات آلاف  السكان، الذين تم إجلاؤهم قسرا منذ 2013، من العودة إلى أراضيهم.

الولاية القضائية العسكرية

في يناير/كانون الثاني، وافق البرلمان سريعا على القوانين الجديدة التي اقترحتها الحكومة والتي منحت الجيش سلطة جديدة كاسحة لتحل كليا أو جزئيا محل مهام الشرطة والقضاء المدني والسلطات المدنية الأخرى، وتوسيع اختصاص المحاكم العسكرية لمحاكمة المدنيين. 

ويمنح القانون رقم 3 لسنة 2024 العسكريين المشاركين في عمليات معينة الصلاحيات القضائية نفسها التي تتمتع بها الشرطة في التوقيف والاحتجاز. وينص أيضا على أن جميع الجرائم المرتكبة ضد المنشآت والمباني العامة التي تمت الإشارة إليها بشكل فضفاض بـ "الحيوية" أو المتعلقة بها يجب أن تخضع للمحاكمة أمام المحاكم العسكرية. وقد استُخدمت القوانين التعسفية في السنوات الأخيرة لمحاكمة آلاف المدنيين، بمن فيهم الأطفال، في المحاكم العسكرية.

حرية التعبير والتجمع

"نيابة أمن الدولة العليا"، وهي فرع منتهِك من النيابة العامة المصرية، مسؤولة عن إبقاء آلاف النشطاء السلميين والصحفيين محبوسين احتياطيا لشهور أو سنوات دون دليل على ارتكابهم تجاوزات. وقد احتجزت العديد من الصحفيين بتهم زائفة غالبا ما تتعلق بعملهم. فعلى سبيل المثال، تحتجز النيابة العامة رسام الكاريكاتير السياسي أشرف عمر والصحفي خالد ممدوح رهن الحبس الاحتياطي منذ يوليو/تموز دون دليل على ارتكاب مخالفات. وقال محامون إنهما يواجهان تهم "نشر أخبار كاذبة" و"الانضمام إلى جماعة إرهابية" و"إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي".

في أوائل يوليو/تموز، أحالت نيابة أمن الدولة العليا عبد الرحمن محمود عبده، وهو باحث وصحفي معروف أيضا باسم عبد الرحمن عيّاش، إلى محكمة الجنايات. ووجهت لائحة الاتهام إلى عياش وأربعة آخرين تهمة "قيادة جماعة إرهابية"، بينما اتُهم 41 آخرون بالانضمام إلى الجماعة، التي لم تُسَمَّ، أو تمويلها. وقال عيّاش، الذي يعيش في المنفى، إنه لم يتلق إخطارا رسميا بالتهم الموجهة إليه. 

في 16 يوليو/تموز، قالتوزارة الداخلية إنها اعتقلت رجلا زعمت أنه مسؤول عن عرض انتقادات للرئيس السيسي على شاشة لوحة إعلانية في الجيزة، انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي. مثل هذا الانتقاد هو تعبير حر محمي، ينبغي ألا يعاقَب. 

في يوليو/تموز، اعتقلت السلطات أكثر من 100 شخص تعسفا وسط دعوات على الإنترنت إلى التظاهر ردا على ارتفاع الأسعار وانقطاع الكهرباء. لم تحدث الاحتجاجات، وقبضت السلطات على أشخاص استباقيا بناء على منشورات على الإنترنت. كما واصلت السلطات أيضا تجديد الحبس الاحتياطي للمتظاهرين بمن فيهم أولئك الذين قبض عليهم في احتجاجات التضامن مع فلسطين في 2023.

الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان وحرية تكوين الجمعيات

سمحت السلطات لمدافعين بارزين عن حقوق الإنسان، مثل جمال عيد وحسام بهجت وغيرهما، بالسفر إلى الخارج للمرة الأولى منذ 2016، عندما تمتمقاضاتهم إلى جانب عشرات الحقوقيين والمنظمات الحقوقية الأخرى في القضية 173 المعروفة بقضية "التمويل الأجنبي". وفي مارس/آذار، قال قاضي التحقيق إن التحقيقات قد أغلقت وأسقطت التهم لعدم كفاية الأدلة. وفي نوفمبر/تشرين الثاني، رفع القاضي أيضا أوامر تجميد الأصول التي استمرت ثماني سنوات وفرضت على أربعة حقوقيين بارزين على الأقل. ومع ذلك، ما يزال العديد من المتهمين السابقين يواجهون عواقب قاسية منها تجميد الأصول. وما يزال ناصر أمين وهدى عبد الوهاب، وهما حقوقيان بارزان، ممنوعَيْن تعسفا من السفر إلى الخارج وما يزالان يواجهان تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا.

وما تزال المنظمات المستقلة وأعمال المناصرة مقيّدة بشدة في ظل القيود الصارمة التي يفرضها "قانون تنظيم ممارسة العمل الأهلي" المصري لسنة 2019.وما يزال النشطاء البارزون الذين حوكموا في قضايا تعسفية أخرى، مثل جاسر عبد الرازق، يواجهون منع السفر وتجميد الأصول دون محاكمة. 

في منتصف فبراير/شباط 2024، انخرطت شخصيات وجهات عدة حكومية وموالية للحكومة في حملة تشويه شرسة على شاشات التلفزيون وفي الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي ضد "مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان"، وهي منظمة مستقلة، ومديرِها أحمد سالم. قال سالم، وهو ناشط حقوقي مصري مقيم في بريطانيا، إنه تلقى تهديدات عبر وسطاء مقربين من السلطات المصرية بأنه "سيُعاد إلى مصر" ما لم يتخلَّ عن عمله. ومن بين هذه التهديدات ما جاء على لسان أحد زعماء عشائر سيناء المحليين المعينين من قبل الحكومة بأن سالم "ليس بعيد المنال حتى في الخارج".

وواصلت السلطات احتجاز الناقد والمدون البارز علاء عبد الفتاح، الذي حُكم عليه ظلما بالحبس خمس سنوات كان من المفترض أن تنتهي في أكتوبر/تشرين الأول 2024. وقال محاميه إن السلطات رفضت احتساب العامين اللذين قضاهما في الحبس الاحتياطي قبل صدور الحكم، وتعتزم احتجازه حتى يناير/كانون الثاني 2027. وقد حُكم عليه سابقا في 2015 بالسَّجن خمس سنوات منفصلة لمشاركته في احتجاجات.

كما استمرت السلطات أيضا في احتجاز المحامية هدى عبد المنعم،العضوة السابقة في "المجلس القومي لحقوق الإنسان"، رغم انتهاء مدة عقوبتها الجائرة بالسَّجن خمس سنوات في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وبدلا من إطلاق سراحها، وجهت نيابة أمن الدولة العليا اتهامات ضدها في قضية جديدة مطابقة تقريبا للقضية السابقة ضدها، وهي مرتبطة بالعمل السلمي لـ "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات". تُستخدم هذه الممارسة المعروفة باسم "التدوير" على نطاق واسع لإبقاء المنتقدين رهن الاحتجاز.

معارضة الحكومة

في فبراير/شباط، حكمت محكمة مصرية على السياسي البارز أحمد الطنطاوي ومستشار حملته الانتخابية و21 من أنصاره المحتجزين بالحبس عاما بتهمة ارتكاب جرائم مزعومة مرتبطة بتحديه الرئاسي للرئيس السيسي في انتخابات ديسمبر/كانون الأول 2023. كما منعت المحكمة الطنطاوي من الترشح للانتخابات النيابية لمدة خمس سنوات. استند حكم المحكمة بالكامل إلى النشاط السياسي السلمي للطنطاوي وجهود حملته لجمع التوكيلات قبل الانتخابات.

وفي 27 مايو/أيار، قضت السلطات بسجن الطنطاوي بعد أن أيدت محكمة الاستئناف الحكم الصادر بسجنه  لمدة عام واحد هو ونحو 20 من أنصاره وأكدت منعه من الترشح للانتخابات النيابية.

نظام العدالة

واصلت السلطات استخدام نظام الاتصال عبر الفيديو (الفيديوكونفرنس) التعسفي لإجراء جلسات استماع عن بُعد لتجديد الحبس الاحتياطي، دون عرض المحتجزين على قاضٍ. هذا النظام يقوّض بشدة الإجراءات القانونية الواجبة، ويمنع القاضي من تقييم مدى شرعية الاحتجاز وظروفه، فضلا عن سلامة المحتجزين. كما أنه ينتهك العديد من ضمانات المحاكمة العادلة، بما فيها الحق في الاستعانة بمحامٍ.

وقد وافقت اللجنة الفرعية للشؤون الدستورية والتشريعية في "مجلس النواب" على مشروع قانون من شأنه أن يحل محل "قانون الإجراءات الجنائية" لسنة 1950، وهو ما من شأنه أن يقوّض حقوق المحاكمة العادلة الضعيفة أصلا ويزيد صلاحيات المسؤولين المتعسفين. ولا يتصدى مشروع القانون لاستخدام السلطات المصرية واسع النطاق للحبس الاحتياطي التعسفي والاختفاء القسري قبل المحاكمة، ويكرس إفلات موظفي  إنفاذ القانون الذين ينتهكون حقوق الإنسان من العقاب، ويوسع صلاحيات أعضاء النيابة العامة وعناصر الأمن على نحو قد يسهّل المزيد من انتهاكات حقوق المتهمين. كما يوسع نطاق استخدام الفيديوكونفرنس لعقد الجلسات عن بُعد لتشمل جميع أنواع جلسات ما قبل المحاكمة وجلسات المحاكمة.

الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية

ما يزال النهج الاقتصادي للحكومة، الذي يعطي الأولوية للإنفاق على مشاريع البنية التحتية الضخمة، بما فيها تلك التي يقودها الجيش، يقوّض الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للشعب، لا سيما في ظل الأزمات الاقتصادية المتكررة التي تشهدها البلاد، بما في ذلك الارتفاع الكبير في أسعار السلع الأساسية، وتزايد الفقر، وتراجع الحصول على الغذاء والكهرباء.

ومنذ فبراير/شباط 2024 قدمت الجهات المانحة، بما فيهاالإمارات و"صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي" وبريطانيا و"الاتحاد الأوروبي"، إلى مصر أو تعهدت بتقديم نحو 57 مليار دولار أمريكي في شكل منح وقروض. لكن لم يكن لذلك تأثير مهم في مساعدة الناس في بلد يعيش ما يقارب ثلثي سكانه الذين يزيد عددهم عن 100 مليون نسمة في فقر أو قريبا منه، ولا يوفر نظام الضمان الاجتماعي سوى تحويلات نقدية صغيرة لحوالي 21 مليون شخص.

كما ساهمت الإصلاحات التي أجريت في سياق برامج صندوق النقد الدولي المختلفة في زيادة الأسعار وانخفاض قيمة المساعدات النقدية. وفي أعقاب برنامج مصر الأول لصندوق النقد الدولي في العام 2016، وصلمعدل الفقر الوطني إلى ما يقارب 30% في العام 2019، ووصل متوسط التضخم الاستهلاكي إلى 33.3% في 2024، ما قوّض الحق في الغذاء ومستوى معيشي لائق. واجه المصريون انقطاع الكهرباء المتكرر هذا العام وسط أزمة الطاقة. كما رفعت الحكومة الدعم عن العديد من المواد الغذائية والمحروقات دون اتخاذ تدابير كافية لتوسيع نطاق نظام الضمان الاجتماعي المصري وتخفيف الضرر. وما تزال مستويات إنفاقها على الحماية الاجتماعية والصحة والتعليم غير كافية.

حقوق اللاجئين والمهاجرين

حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024، استضافت مصر أكثر من 841,922 لاجئا وطالب لجوء مسجلين من 659 دولة، منهم حوالي 565 ألف شخص فروا من النزاع المسلح الدائر في السودان منذ أبريل/نيسان 2023. ووفقا لـ"المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" (المفوضية)، قالتالحكومة المصرية إنها استقبلت 1.2 مليون سوداني منذ أبريل/نيسان 2023، وقد يشمل ذلك طالبي اللجوء غير المسجلين وآخرين غادروا مصر إلى بلدان أخرى. بين أواخر 2023 ومارس/آذار 2024، اعتقلت السلطات المصرية تعسفا آلاف طالبي اللجوء السودانيين وطردتهم بشكل غير قانوني رغم مخاطر تعرضهم لأذى جسيم في السودان، منتهكة بذلك مبدأ عدم الإعادة القسرية، وفقا لتقارير "منظمة العفو الدوليةوغيرها. ووفقا للمفوضية، فإن التحاق الأطفال اللاجئين بالمدارس الحكومية "على قدم المساواة مع المصريين" متاح فقطلمواطني السودان، وجنوب السودان، واليمن، وسوريا. ومع ذلك، حتى الأطفال من تلك الجنسيات يواجهون عقبات بيروقراطية وعقبات أخرى تحرمهممن التعليم.