(جنيف) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم بمناسبة إصدار تقرير "مرصد الذخائر العنقودية" لعام 2018، إن أي دولة طرف في معاهدة 2008 التي تحظر الذخائر العنقودية، لم تخرق المحظورات الأساسية على استخدام هذه الأسلحة وإنتاجها ونقلها وتخزينها، مما يعني وجود سجل امتثال لا تشوبه شائبة.
تقرير مرصد الذخائر العنقودية لعام 2018 هو التقرير السنوي التاسع لـ"تحالف الذخائر العنقودية"، وهو ائتلاف عالمي لمنظمات غير حكومية شاركت في تأسيسه هيومن رايتس ووتش وتتولى رئاسته. تعمل المجموعة على ضمان انضمام كافة الدول إلى معاهدة عام 2008 التي تحظر الذخائر العنقودية وتفرض تطهيرها ومساعدة الضحايا. يوضح التقرير كيفية قيام بعض الدول غير الموقعة، ولا سيما إسرائيل وروسيا والولايات المتحدة، بتعزيز دفاعها عن الذخائر العنقودية خلال العام الماضي.
قالت ماري ويرهام، مديرة المرافعة في قسم الأسلحة في هيومن رايتس ووتش ومحررة التقرير: "الامتثال الكامل ضروري لضمان أن تمنع المعاهدة، التي تحظر الذخائر العنقودية، المعاناة البشرية الناتجة عن هذه الأسلحة المشكوك فيها على نطاق واسع. تظهر الدول الأعضاء في المعاهدة للرافضين بأنهم لن يخسروا شيئا، بل على العكس سيكسبون كثيرا إذا ما تخلوا عن الذخائر العنقودية وانضموا إلى المعاهدة دون تأخير".
في الولايات المتحدة، صدرت مذكرة سياسة عن وزارة الدفاع بتاريخ 30 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، تتخلى فيها عن سياسة قديمة تتطلب من الولايات المتحدة عدم استخدام الذخائر العنقودية التي ينتج عنها أكثر من 1 بالمئة من الذخائر غير المنفجرة بعد عام 2018. أدانت هيومن رايتس ووتش السياسة لإيقافها خطوة قديمة تبتعد فيها الولايات المتحدة عن الذخائر العنقودية غير الدقيقة. تزعم الولايات المتحدة أن الذخائر العنقودية لها فائدة عسكرية، ولكنها استخدمتها آخر مرة خلال غزو العراق عام 2003، باستثناء هجوم واحد عام 2009 في اليمن. لا يوجد دليل على أن الولايات المتحدة أو شركائها في التحالف قد استخدموا الذخائر العنقودية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا باسم "داعش") في سوريا والعراق.
يمكن إطلاق الذخائر العنقودية من الأرض بواسطة منظومات مدفعية وصواريخ وقذائف، أو يتم إسقاطها من الطائرات. تُفتح عادة في الهواء، مطلقة عدة قنيبلات أو ذخائر صغيرة فوق منطقة واسعة. لا تنفجر العديد من الذخائر الصغيرة عند ارتطامها، مخلفة ذخائر خطرة يمكن أن تشوه وتقتل لسنوات مثل الألغام الأرضية.
هناك 103 دول طرف في اتفاقية الذخائر العنقودية، في حين وقعت عليها 17 دولة ولم تصادق عليها بعد. لم يكن هناك أي استخدام أو إنتاج أو نقل جديد للذخائر العنقودية من قبل أي دولة طرف منذ اعتماد الاتفاقية في 30 مايو/أيار 2008. جميع الدول الأطراف التي كان موعدها النهائي لتدمير مخزون الأسلحة بعد 8 سنوات على الانضمام – في 1 أغسطس/آب 2018 – دمرت بنجاح مخزونها قبل الموعد النهائي، بما في ذلك إسبانيا وسلوفينيا وكرواتيا في العام الماضي. كما أكملت كوبا، وهي دولة طرف جديدة، تدمير مخزونها من الأسلحة، بينما من المتوقع أن تعلن سويسرا عن الانتهاء قريبا.
دمّر ما مجموعه 1.4 مليون ذخيرة عنقودية وما يزيد عن 177 مليون ذخيرة فرعية عنقودية حتى الآن، مما يعني أن 99 بالمئة من مجموع المخزونات العالمية المبلغ عنها لدى الدول الأطراف قد تم تدميرها الآن. خلال عام 2017، دمرت 7 دول ما مجموعه 33,551 من الذخائر العنقودية و1.7 مليون ذخيرة فرعية.
مع ذلك، استمر استخدام القنابل العنقودية من قبل القوات الحكومية السورية في المناطق التي لا تخضع لسيطرتها، والذي بدأ في 2012، واستمر طوال 2017 وفي النصف الأول من 2018. انخفض عدد الهجمات بالذخيرة العنقودية المسجلة خلال العام الماضي، جزئيا بسبب تناقص عدد المناطق التي لا تزال خارج سيطرة الحكومة. في اليمن، تم الإبلاغ عن عدد أقل بكثير من الهجمات بالذخائر العنقودية خلال العام الماضي من قبل التحالف بقيادة السعودية الذي يشن عملية عسكرية ضد الحوثيين في اليمن منذ مارس/آذار 2015. يأتي هذا الانخفاض بعد احتجاج شعبي قوي، تغطية إعلامية عالمية، وإدانة واسعة النطاق. هناك أدلة على أن الذخائر العنقودية قد تكون استخدمت في مصر وليبيا، ولكن لم يتسن التأكد من هذه الادعاءات بشكل مستقل. لا يوجد أي من هذه الدول طرف في اتفاقية الذخائر العنقودية.
وفقا لمرصد الذخائر العنقودية، كان هناك 289 ضحية جديدة في 2017 و99 بالمئة من الحالات التي تم الإبلاغ فيها عن الضحايا كانوا مدنيين. شمل ذلك 187 ضحية في سوريا و54 في اليمن من الهجمات الجديدة والمخلفات المتفجرة. كان هناك 32 ضحية جديدة في لاوس، كلهم من الذخائر الفرعية غير المنفجرة التي استخدمتها الولايات المتحدة في الستينيات والسبعينيات. انخفض عدد الضحايا الجدد في عام 2017 بشكل حاد عن الرقم الذي تم الإبلاغ عنه في 2016 والبالغ 971، ولكن العديد من الضحايا لا يسجلون أو يفتقرون إلى الوثائق الكافية.
منذ نشر تقرير العام الماضي، سريلانكا هي الدولة الوحيدة التي صادقت على الاتفاقية أو انضمت إليها، في 1 مارس/آذار.
للسنة الثالثة على التوالي، صوتت روسيا مع زيمبابوي في ديسمبر/كانون الأول 2017 ضد قرار "الجمعية العامة للأمم المتحدة" الذي يروج للاتفاقية، رغم أن 32 دولة غير موقعة عليها صوتت لصالح القرار. شاركت روسيا في عملية عسكرية مشتركة مع القوات السورية منذ 30 سبتمبر/أيلول 2015، تسببت فيها الذخائر العنقودية بإلحاق أضرار واسعة النطاق بالمدنيين.
وفقا لمرصد الذخائر العنقودية، فإن 26 دولة، بما في ذلك 12 دولة طرف ودولتين موقعتين، ملوثة بمخلفات الذخائر العنقودية. في جميع أنحاء العالم، تم تدمير 153 ألف قنبلة صغيرة على الأقل في 2017 في عمليات إزالة الألغام. بموجب الاتفاقية، أكملت 8 دول أطراف تطهير أراضيها الملوثة.
أعلنت معظم الدول الأطراف رسميا أنها لا تحتفظ بأي ذخائر عنقودية للتدريب أو البحث العلمي، كما تسمح المعاهدة، رغم قيام 12 دولة عضو بذلك. سنّت 30 دولة عضو قوانين وطنية لتنفيذ الاتفاقية، وهناك 20 دولة أخرى بصدد القيام بذلك.
قالت ويرهام: "لا يزال هناك العديد من الدول الأطراف التي لديها عمل كبير للقيام به لتطهير المناطق الملوثة، مساعدة الضحايا، تقديم تقارير حول تنفيذ المعاهدة، وضمان وجود قوانين وغيرها من التدابير لمعاقبة أي انتهاكات. على الدول التي تحتاج إلى مساعدة ألا تتردد في طلب المساعدة، لأن الامتثال التعاوني هو أساس هذه المعاهدة".
سيُعرض تقرير مرصد الذخائر العنقودية لعام 2018 في الاجتماع الثامن للدول الأطراف باتفاقية الذخائر العنقودية، الذي تُفتتح أعماله بالأمم المتحدة في جنيف يوم 3 سبتمبر/أيلول.