يكمن جوهر التحدي الدستوري في الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس ترامب، والقاضي بتعليق برنامج اللاجئين الأمريكي ومنع دخول مواطني 7 دول مسلمة، في معرفة إن كان ينوي ترسيخ سياسية أمريكية جديدة في مجال الهجرة واللاجئين تقوم على تفضيل المسيحيين ضد المسلمين.
في 9 فبراير/شباط، قالت محكمة الاستئناف الأمريكية في الدائرة التاسعة إنه كان من اختصاصها النظر بين سطور الأمر التنفيذي لمعرفة إن كان الرئيس يحابي دينا على آخر. استشهدت المحكمة بحجج المدعين، إذ أشارت إلى "وجود أدلة تتمثل بتصريحات متعددة قالها الرئيس حول نيته تنفيذ ‘حظر على المسلمين‘ إضافة إلى أدلة [المدعين] والتي تشير إلى أنه يُقصد من هذا الأمر التنفيذي الحظر"، بما فيه الأقسام المتصلة بقبول اللاجئين.
تتضمن الأدلة المقدمة من الجهة المدعية، ولايتيّ واشنطن ومينيسوتا، مقابلة تلفزيونية مع رئيس بلدية نيويورك السابق ومستشار ترامب رودولف جولياني، يقول فيها إن ترامب طلب منه المساعدة في "حظر المسلمين" عبر إنشائهما لجنة لإظهار "كيفية القيام بذلك بشكل قانوني".
أشار المدّعون أيضا إلى مقابلة بتاريخ 27 يناير/كانون الثاني مع "شبكة البث المسيحية" قال فيها ترامب:
"هل تعرف أنه إذا كنت مسيحيا سوريا، سيكون من شبه المستحيل، أو على الأقل صعب للغاية، الوصول إلى الولايات المتحدة؟ إذا كنت مسلما، يمكنك القدوم، لكن لو كنت مسيحيا، سيكون من المستحيل ولسبب غير عادل أبدا. لنكن منصفين، كانوا يقطعون رؤوس الجميع هناك، لكن المسيحيين بدرجة أعلى. أعتقد أن ذلك غير عادل على الإطلاق. لذلك، سنساعدهم ".
لننظر إلى كل جزء من تصريحه على حدة:
"إذا كنت مسلما، يمكنك القدوم".
لو كان هذا حقيقيا، لكان لدينا في الولايات المتحدة الأغلبية من بين 5 ملايين لاجئ سوري فروا من بلادهم. في الواقع، لا يمكن للاجئين السوريين – مسلمين أو غير مسلمين – القدوم هكذا. منذ بدء النزاع السوري في أبريل/نيسان 2011 وحتى ديسمبر/كانون الأول عام 2016، قبلت الولايات المتحدة فقط 18,306 لاجئين سوريين بعد التدقيق الشديد وفترة انتظار طويلة.
" إذا كنت مسيحيا سوريا، سيكون من شبه المستحيل [أن تُقبل]".
بحسب إحصاءات وزارة الخارجية، تجاوز عدد المسيحيين (37,347) وأتباع الديانات الأخرى غير المسلمة (9,091)، ممن دخلوا الولايات المتحدة ضمن برنامج إعادة التوطين لكل الجنسيات في 2016، عدد اللاجئين المسلمين (38,605). صحيح أن نسبة ضئيلة منهم كانت مسيحيين سوريين جاؤوا العام الماضي (12,486 مسلمين و92 مسيحيا فقط، و33 إيزيديا أو غير مسلم)، لكنه يعكس جزئيا التركيبة السكانية السورية. بحسب أحدث الإحصاءات المتاحة، الصادرة في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، تركيبة السكان في سوريا: 87 بالمئة مسلمون و 10 بالمئة مسيحيون، و3 بالمئة دروز. أدت نسب الهجرة الأعلى بين المسيحيين وانخفاض معدلات المواليد لديهم على الأرجح إلى حصول تحول ديموغرافي كبير من وقتها. قد تعكس النسبة الضئيلة أيضا حقيقة أن إعادة التوطين مخصصة للاجئين لا يملكون خيارات أخرى. استُقبل العديد من اللاجئين المسيحيين السوريين بترحاب في أرمينيا والمجتمع المسيحي في لبنان، كما انتقلوا إلى اليونان ودول أوروبية أخرى، بالتالي ليسوا مؤهلين لبرنامج الولايات المتحدة.
كانوا يقطعون رؤوس الجميع هناك، لكن المسيحيين بدرجة أعلى".
صحيح أنه لا إحصاءات متوفرة حول ضحايا قطع الرؤوس من قبل "داعش" بحسب الدين، لكن الاستدلال المنطقي القائم على الأدلة المتوفرة يشير بقوة أن داعش قطع رؤوس مسلمين سوريين أكثر مقارنة بمسيحيين: يعيش معظم المسيحيين في سوريا ضمن مناطق سيطرة الحكومة أو الأكراد، كما فر مسبقا معظم من كانوا يعيشون في المناطق التي سيطر عليها داعش قبل قدومه. نظرا إلى أن المناطق الخاضعة لسيطرة داعش ذات غالبية مسلمة، ومع تنفيذ داعش هذا العمل الوحشي حتى لمخالفات بسيطة، من المحتمل جدا أن يكون معظم الضحايا من المسلمين.
بينما يسود العنف كامل سوريا ويتأثر به الغالبية، يتركز معظمه في المناطق ذات الغالبية السنية. كان المسيحيون السوريون بالفعل من بين ضحايا الحرب، لكن ليس مقارنة بالمسلمين السنة الذين يعانون من القوات الحكومية، أو العلويين الذين يعانون من بعض جماعات المعارضة المسلحة.
" أعتقد أن ذلك غير عادل على الإطلاق".
يتخذ مسؤولو "دائرة خدمات الهجرة والجنسية الأمريكية" و"مكتب السكان واللاجئين والهجرة" و"مكتب السكان التابع لوزارة الخارجية" يوميا قرارات صعبة فيما يتعلق بتحديد أحقية قدوم اللاجئين. لكن خلال أكثر من 30 عاما قضيتها مع "هيومن رايتس ووتش" ومنظمات غير حكومية مستقلة أخرى تعمل على قضايا اللاجئين، لم يسبق لي أن رأيت أدنى إشارة إلى تمييز مسؤولين أمريكيين ضد اللاجئين المسيحيين – أو أي أقلية دينية مضطهدة أخرى، بما في ذلك المسلمين. على العكس، أظهر مسؤولون أمريكيون تفضيلات للأقليات الدينية – اليهود السوفييت، البهائيون من إيران، والمسيحيون من أوكرانيا وإيران وفيتنام والعراق وبلدان أخرى كثيرة.
"لذلك، سنساعدهم".
اللاجئون، بموجب القانونين الدولي والأمريكي، هم أشخاص لديهم خوف مبرر من التعرض للاضطهاد بناء على إحدى الأسس الخمسة التالية: العرق، الدين، الجنسية، الانتماء إلى فئة اجتماعية معينة، أو الرأي السياسي. موقف الحكومة الولايات المتحدة بحماية الأقليات الدينية من الاضطهاد بالتأكيد محل ترحيب، لكن لا يوجد سبب لتفضيل المضطهدين بسبب دينهم عن أولئك المضطهدين بسبب عرقهم أو لكونهم مثليي الجنس أو متحولين جنسيا أو منشقين سياسيين.
مع أكثر من 24 مليون لاجئ وطالب لجوء في العالم، يجب ترك الأماكن القليلة الثمينة التي توفرها الولايات المتحدة للفئات الأكثر ضعفا. وفرت الولايات المتحدة هذا العام 50 ألف مكان تقريبا، وهو أقل من نصف العدد الذي تعهد بإعادة توطينهم الرئيس أوباما. يشمل ذلك اللاجئين ذوي الروابط الأقرب مع الولايات المتحدة، ومن تعرضوا للاضطهاد في بلادهم وغير قادرين على البقاء بأمان في أول بلد يصلون إليه. قد يكونون قد تعرضوا للاضطهاد بسبب دينهم، لكن لا ينبغي أن يكون هذا المبدأ الذي يحدد اتخاذ القرار بإنقاذهم.