Skip to main content

انتشار الانتهاكات بسبب قانون المخدرات في تونس

مشروع قانون يخفف العقوبات، لكن يحتوي على عيوب مقلقة

ظُهر الصورة لافتة رفعت في مظاهرة ضد القانون رقم 52 ،المتعلق بالمخدرات، في 28 ديسمبر/كانون الأول 2015 أمام مقر البرلمان التونسي في باردو. © نواة

(تونس) ـ قالت "هيومن رايتس ووتش" في تقرير أصدرته اليوم إن مشروع القانون الذي سيخفف العقوبات على تعاطي المخدرات قد لا ينجح في معالجة الإشكاليات الحقوقية في القانون الحالي. على السلطات التونسية مراجعة القانون وإلغاء جميع العقوبات السجنية المتعلقة بتعاطي أو حيازة مخدرات لغايات ترفيهية.

تقرير "كل هذا بسبب سيجارة حشيش: قانون المخدرات التونسي القمعي وخارطة طريق لإصلاحه"، الصادر في 28 صفحة، يوثق انتهاكات حقوق الإنسان والثمن الاجتماعي لتطبيق قانون المخدرات القاسي، الذي يتسبب في سجن آلاف الأشخاص سنويا، فقط بسبب استهلاك أو حيازة كميات صغيرة من الحشيش (الزطلة في تونس) للاستهلاك الشخصي. في 30 ديسمبر/كانون الأول 2015، تبنت الحكومة مشروع قانون جديد لمراجعة قانون المخدرات، وأرسلته إلى البرلمان الذي مازال لم يعلن عن جدول زمني لمناقشته والتصويت عليه.
 

قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب هيومن رايتس ووتش في تونس: "إن دخنت سيجارة حشيش في تونس، فأنت معرض للاعتقال والضرب من قبل الشرطة، والخضوع لاختبار تحليل البول، ثم السجن لمدة سنة في زنزانات مكتظة تتقاسمها مع أخطر المجرمين. إذا نجحت تونس في إصلاح قانون المخدرات كما يجب، ستكون نموذجا في المنطقة".

إن دخنت سيجارة حشيش في تونس، فأنت معرض للاعتقال والضرب من قبل الشرطة، والخضوع لاختبار تحليل البول، ثم السجن لمدة سنة في زنزانات مكتظة تتقاسمها مع أخطر المجرمين. إذا نجحت تونس في إصلاح قانون المخدرات كما يجب، ستكون نموذجا في المنطقة.

قالت آمنة القلالي، مديرة مكتب تونس.

قابلت هيومن رايتس ووتش 47 شخصا سُجنوا بموجب قانون المخدرات، منهم شباب من أحياء مهمشة في عدة مدن، وطلاب وفنانون ومدونون. كما قابلت مسؤولين حكوميين ومحامين ترافعوا عن أشخاص ملاحقين بموجب قانون المخدرات، وراجعت ملفات 20 قضية مخدرات، بما شمل محاضر شرطة وقرارات صادرة عن محاكم.

القانون رقم 52ـ92 المتعلق بالمخدرات (القانون 52)، الذي تم تبنيه في 1992، يفرض عقوبة إلزامية بالسجن لمدة سنة على كل من يُدان باستهلاك أو حيازة كمية صغيرة من أي مادة مخدرة محظورة، بما في ذلك الزطلة. كما يواجه المعاود عقوبة بالسجن لمدة 5 سنوات على الأقل. حتى في الحالات التي يُدان فيه الشخص بحيازة سيجارة حشيش واحدة، لا يتمتع القضاة بسلطة تقديرية تسمح لهم بفرض عقوبات بديلة عن السجن، مثل الخدمة الاجتماعية وغيرها من العقوبات الإدارية.

بحسب الإدارة العامة للسجون والإصلاح التابعة لوزارة العدل، بلغ عدد السجناء المدانين في جرائم تتعلق بالمخدرات حتى منتصف ديسمبر/كانون الأول 2015 في تونس 7451 شخصا: منهم 7306 رجال و145 امرأة. أدين تقريبا 70 بالمئة من هؤلاء ـ حوالي 5200 شخص ـ باستهلاك او حيازة مادة الزطلة. كما تبلغ نسبة المُدانين في قضايا مخدرات 28 بالمئة من مجموع السجناء في تونس.

قال س. ت. (28 سنة)، إنه شعر "بالانكسار" لما غادر السجن في إطار عفو رئاسي بعد أن أمضى فيه 5 أشهر في سنة 2014 بسبب استهلاك  الزطلة. وأضاف: "لما خرجت، كان الناس ينظرون إليّ وكأنني مجرم. كل من يُسجن فهو مجرم".

وثقت هيومن رايتس ووتش كيف يتسبب تنفيذ قانون المخدرات في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان. تحدث الأشخاص الذين قابلناهم عن التعرض للضرب والإهانات أثناء الإيقاف والاستجواب، وسوء المعاملة اثناء اختبارات تحليل البول، وتفتيش المنازل دون تصاريح قضائية. تتمتع الشرطة بسلطة تقديرية لإيقاف الأشخاص دون أساس قوي لذلك، وكثيرا ما تجبرهم على الخضوع لاختبار البول للتأكد من الاستهلاك.

بعد الإدانة، يجد الشخص الذي ارتكب "جريمة" تدخين سيجارة حشيش نفسه مسجونا مع أخطر المجرمين في ظروف مزرية في زنزانة مكتظة يضطر فيها السجناء إلى النوم بالتناوب أو تقاسم الفراش مع شخص آخر. وبعد السجن، يصبح هؤلاء مثقلين بسجل جنائي، في سوق عمل تندر فيها الفرص أصلا.

يُلغي مشروع القانون عقوبات السجن في جميع القضايا المتعلقة بحيازة مخدرات للاستهلاك الشخصي للمرة الأولى والثانية، وعقوبات السجن الإلزامي للمعاودين. كما يمنح للقضاة سلطة تقديرية لفرض عقوبات بديلة، ويركز بشكل أكبر على خدمات العلاج.

غير أن المشروع يحتوي أيضا على أحكام قد تنتهك الحق في حرية التعبير والخصوصية. فقد أضاف جريمة التشجيع العلني على ارتكاب جرائم تتعلق بالمخدرات. هذا الحكم، في صياغته الحالية، ربما يُستخدم لملاحقة أعضاء المنظمات الداعية إلى إلغاء تجريم المخدرات، وكذلك مغنيي الراب والفنانين الذين يغنون عن المخدرات، والمنظمات التي تقدم خدمات لتقليص الأضرار الناتجة عن المخدرات، وغيرهم ممن يعبر عن رأيه حول المخدرات بشكل سلمي.

إضافة إلى ذلك، يتجاهل هذا المشروع ـ من خلال الابقاء على عقوبات السجن لمدة تصل إلى سنة بسبب معاودة استهلاك أو حيازة مخدرات محظورة ـ دعوات خبراء دوليين في مجال حقوق الإنسان والصحة بإلغاء العقوبات السجنية بسبب تعاطي أو حيازة مخدرات. رغم أن الحكومات لها مصلحة مشروعة في الوقاية من الأضرار الاجتماعية الناتجة عن المخدرات، إلا أن تجريم الاستهلاك الشخصي للمخدرات هو انتهاك للحق في الخصوصية.

قالت القلالي: "يعترف مشروع القانون ضمنيا بالعبء الثقيل الذي يُشكله القانون الحالي على التونسيين، وخاصة الشباب. على البرلمان وضع حد لذلك بإلغاء جميع العقوبات السجنية في ما يتعلق باستهلاك المخدرات، أو حيازتها للاستهلاك الشخصي".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة